فصل: تفسير الآيات (10- 20):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أنوار التنزيل وأسرار التأويل المشهور بـ «تفسير البيضاوي»



.تفسير الآيات (10- 20):

{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)}
{وهديناه النجدين} طريقي الخير والشر، أو الثديين وأصله المكان المرتفع.
{فَلاَ اقتحم العقبة} أي فلم يشكر تلك الأيادي باقتحام العقبة وهو الدخول في أمر شديد، و{العقبة} الطريق في الجبل استعارها بما فسرها عزَّ وجلّ به من الفك والإطعام في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا العقبة فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ في يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} لما فيهما من مجاهدة النفس ولتعدد المراد بها حسن وقوع لا موقع لم فإنها لا تكاد تقع إلا مكررة، إذ المعنى: فَلاَ فَكَ رَقَبةً ولا أَطْعَمَ يَتيماً أو مسكيناً. والمسغبة والمقربة والمتربة مفعلات من سغب إذا جاع وقرب في النسب وترب إذا افتقر، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي {فَكُّ رَقَبَةٍ أو أطعم}على الإِبدال من {اقتحم} وقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا العقبة} اعتراض معناه إنك لم تدر كنه صعوبتها وثوابها.
{ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين ءامَنُواْ} عطفه على {اقتحم}، أو {فَكُّ} ب {ثُمَّ} لتباعد الإيمان عن العتق والإطعام في الرتبة لاستقلاله واشتراط سائر الطاعات به. {وَتَوَاصَوْاْ} وأوصى بعضهم بعضاً. {بالصبر} على طاعة الله تعالى. {وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة} بالرحمة على عباده، أو بموجبات رحمة الله تعالى.
{أولئك أصحاب الميمنة} اليمين أو اليمن.
{والذين كَفَرُواْ بئاياتنا} بما نصبناه دليلاً على الحق من كتاب وحجة أو بالقرآن. {هُمْ أصحاب المشئمة} الشمال أو الشؤم، ولتكرير ذكر المؤمنين باسم الإِشارة والكفار بالضمير شأن لا يخفى.
{عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةُ} مطبقة من أوصدت الباب إذا أطبقته وأغلقته. وقرأ أبو عمرو وحمزة وحفص بالهمزة من آصدته.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ لا أقسم بهذا البلد أعطاه الله سبحانه وتعالى الأمان من غضبه يوم القيامة».

.سورة الشمس:

مكية وآيها خمس عشرة آية.

.تفسير الآيات (1- 8):

{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)}
{والشمس وضحاها} وضوئها إذا أشرقت، وقيل الضحوة ارتفاع النهار والضحى فوق ذلك، والضحاء بالفتح والمد إذا امتد النهار وكاد ينتصف.
{والقمر إِذَا تلاها} تلا طلوعه طلوع الشمس أول الشهر أو غروبها ليلة البدر، أو في الاستدارة وكمال النور.
{والنهار إِذَا جلاها} جلى الشمس فإنها تتجلى إذا انبسط النهار أو الظلمة، أو الدنيا أو الأرض وإن لم يجر ذكرها للعلم بها.
{واليل إِذَا يغشاها} يغشى الشمس فيغطي ضوءها أو الآفاق، أو الأرض. ولما كانت واوات العطف نوائب للواو الأولى القسيمة الجارة بنفسها النائبة مناب فعل القسم من حيث استلزمت طرحه معها، ربطن المجرورات والظرف بالمجرور والظرف المتقدمين ربط الواو لما بعدها في قولك: ضرب زيد عمراً وبكر خالداً على الفاعل والمفعول من غير عطف على عاملين مختلفين.
{والسماء وَمَا بناها} ومن بناها وإنما أوثرت على من لإرادة معنى الوصفية كأنه قيل: والشيء القادر الذي بناها ودل على وجوده وكمال قدرته بناؤها، ولذلك أفرد ذكره وكذا الكلام في قوله: {والأرض وَمَا طحاها وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} وجعل الماءات مصدرية يجرد الفعل عن الفاعل ويخل بنظم قوله: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} بقوله: {وَمَا سَوَّاهَا} إلا أن يضمر فيه اسم الله للعلم به وتنكير {نَفْسٌ} للتكثير كما في قوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} أو للتعظيم والمراد نفس آدم وإلهام الفجور والتقوى إفهامهما وتعريف حالهما أو التمكين من الإِتيان بهما.

.تفسير الآيات (9- 15):

{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)}
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها} أنماها بالعلم والعمل جواب القسم، وحذف اللام للطول كأنه لما أراد به الحث على تكميل النفس والمبالغة فيه أقسم عليه بما يدلهم على العلم بوجود الصانع ووجوب ذاته وكمال صفاته الذي هو أقصى درجات القوة النظرية، ويذكرهم عظائم آلائه ليحملهم على الاستغراق في شكر نعمائه الذي هو منتهى كمالات القوة العملية. وقيل هو استطراد بذكر بعض أحوال النفس، والجواب محذوف تقديره لَيُدَمْدِمَنَّ الله، على كفار مكة لتكذيبهم رسوله صلى الله عليه وسلم كما دمدم على ثمود لتكذيبهم صالحاً عليه الصلاة والسلام.
{وَقَدْ خَابَ مَن دساها} نقصها وأخفاها بالجهالة والفسوق، وأصل دسى دسس كتقضي وتقضض.
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} بسبب طغيانها، أو بما أوعدت به من عذابها ذي الطغوى كقوله تعالى: {فَأُهْلِكُواْ بالطاغية} وأصله طغياها وإنما قلبت ياؤه واواً تفرقة بين الإسم والصفة، وقرئ بالضم كـ {الرجعى}.
{إِذِ انبعث} حين قام ظرف ل {كَذَّبَتْ} أو طغوى. {أشقاها} أشقى ثمود وهو قدار بن سالف، أو هو ومن مالأه على قتل الناقة فإن أفعل التفضيل إذا أضفته صلح للواحد والجمع وفضل شقاوتهم لتوليهم العقر.
{فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله نَاقَةَ الله} أي ذروا ناقة الله واحذروا عقرها. {وسقياها} وسقيها فلا تذودوها عنها. {فَكَذَّبُوهُ} فيما حذرهم منه من حلول العذاب إن فعلوا. {فَعَقَرُوهَا فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} فأطبق عليهم العذاب وهو من تكرير قولهم ناقة مدمومة إذا ألبسها الشحم. {بِذَنبِهِمْ} بسببه. {فَسَوَّاهَا} فسوى الدمدمة بينهم أو عليهم فلم يفلت منهم صغير ولا كبير، أو ثمود بالإِهلاك.
{وَلاَ يَخَافُ عقباها} أي عاقبة الدمدمة أو عاقبة هلاك ثمود وتبعتها فيبقي بعض الإِبقاء، والواو للحال وقرأ نافع وابن عامر{فَلا} على العطف.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة والشمس فكأنما تصدق بكل شيء طلعت عليه الشمس والقمر».

.سورة الليل:

مكية. وآيها إحدى وعشرون آية.

.تفسير الآيات (1- 12):

{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)}
{واليل إِذَا يغشى} أي يغشى الشمس أو النهار أو كل ما يواريه بظلامه.
{والنهار إِذَا تجلى} ظهر بزوال ظلمة الليل، أو تبين بطلوع الشمس.
{وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى} والقادر الذي خلق صنفي الذكر والأنثى من كل نوع له توالد، أو آدم وحواء وقيل: {مَا} مصدرية.
{إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى} إن مساعيكم لأشتات مختلفة جمع شتيت.
{فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى وَصَدَّقَ بالحسنى} تفصيل مبين لتشتت المساعي. والمعنى من أعطى الطاعة واتقى المعصية وصدق بالكلمة الحسنى وهي ما دلت على حق ككلمة التوحيد.
{فَسَنُيَسّرُهُ لليسرى} فسنهيئه للخلة التي تؤدي إلى يسر وراحة كدخول الجنة، من يسر الفرس إذا هيأه للركوب بالسرج واللجام.
{وَأَمَّا مَن بَخِلَ} بما أمر به. {واستغنى} بشهوات الدنيا عن نعيم العقبى.
{وَكَذَّبَ بالحسنى} وبإنكار مدلولها.
{فَسَنُيَسّرُهُ للعسرى} للخلة المؤدية إلى العسر والشدة كدخول النار.
{وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ} نفي أو استفهام إنكار. {إِذَا تردى} هلك تفعل من الردى، أو تردى في حفرة القبر أو قعر جهنم.
{إِنَّ عَلَيْنَا للهدى} للإرشاد إلى الحق بموجب قضائنا أو بمقتضى حكمتنا، أو {إِنَّ عَلَيْنَا} طريقة الهدى كقوله سبحانه وتعالى: {وَعَلَى الله قَصْدُ السبيل}

.تفسير الآيات (13- 21):

{وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)}
{وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأولى} فنعطي في الدارين ما نشاء لمن نشاء، أو ثواب الهداية للمهتدين، أو فلا يضرنا ترككم الاهتداء.
{فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى} تتلهب.
{لاَ يصلاها} لا يلزمها مقاسياً شدتها. {إِلاَّ الأشقى} إلا الكافر فإن الفاسق وإن دخلها لا يلزمها ولذلك سماه أشقى ووصفه بقوله: {الذى كَذَّبَ وتولى} أي كذب الحق وأعرض عن الطاعة.
{وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى الذى} اتقى الشرك والمعاصي فإنه لا يدخلها فضلاً عن أن يدخلها ويصلاها، ومفهوم ذلك أن من اتقى الشرك دون المعصية لا يجنبها ولا يلزم ذلك صليها فلا يخالف الحصر السابق. {يُؤْتِي مَالَهُ} يصرفه في مصارف الخير لقوله: {يتزكى} فإنه بدل من {يُؤْتَي} أو حال من فاعله.
{وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نّعْمَةٍ تجزى} فيقصد بإيتائه مجازاتها.
{إِلاَّ ابتغاء وَجْهِ رَبّهِ الأعلى} استثناء منقطع أو متصل عن محذوف مثل لا يؤتى إلا ابتغاء وجه ربه لا لمكافأة نعمة.
{وَلَسَوْفَ يرضى} وعد بالثواب الذي يرضيه. والآيات نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه حين اشترى بلالاً في جماعة تولاهم المشركون فأعتقهم، ولذلك قيل: المراد بالأشقى أبو جهل أو أمية بن خلف.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة والليل أعطاه الله سبحانه وتعالى حتى يرضى وعافاه من العسر ويسر له اليسر».

.سورة الضحى:

مكية. وآيها إحدى عشرة آية.

.تفسير الآيات (1- 11):

{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)}
{والضحى} ووقت ارتفاع الشمس وتخصيصه لأن النهار يقوى فيه، أو لأن فيه كلم موسى عليه الصلاة والسلام ربه وألقى السحرة سجداً، أو النهار ويؤيده قوله تعالى: {أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى} في مقابلة {بَيَاتًا} {واليل إِذَا سجى} سكن أهله أو ركد ظلامه من سجا البحر سجواً إذا سكنت أمواجه، وتقديم {اليل} في السورة المتقدمة باعتبار الأصل، وتقديم النهار هاهنا باعتبار الشرف.
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} ما قطعك قطع المودع، وقرئ بالتخفيف بمعنى ما تركك وهو جواب القسم. {وَمَا قلى} وما أبغضك، وحذف المفعول استغناء بذكره من قبل ومراعاة للفواصل. روي أن الوحي تأخر عنه أياماً لتركه الاستثناء كما مر في سورة (الكهف)، أو لزجره سائلاً ملحاً، أو لأن جرواً ميتاً كان تحت سريره أو لغيره فقال المشركون: إن محمداً ودعه ربه وقلاه فنزلت رداً عليهم.
{وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى} فإنها باقية خالصة عن الشوائب وهذه فانية مشوبة بالمضار، كأنه لما بين أنه سبحانه وتعالى لا يزال يواصله بالوحي والكرامة في الدنيا وعد له ما هو أعلى وأجل من ذلك في الآخرة، أو لنهاية أمرك خير من بدايته، فإنه صلى الله عليه وسلم لا يزال يتصاعد في الرفعة والكمال.
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى} وعد شامل لما أعطاه من كمال النفس وظهور الأمر وإعلاء الدين، ولما ادخر له مما لا يعرف كنهه سواء، واللام للابتلاء دخل الخبر بعد حذف المبتدأ والتقدير: ولأنت سوف يعطيك لا للقسم فإنها لا تدخل على المضارع إلا مع النون المؤكدة، وجمعها مع سوف للدلالة على أن الإِعطاء كائن لا محالة وإن تأخر لحكمه.
{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فاوى} تعديد لما أنعم عليه تنبيهاً على أنه كما أحسن إليه فيما مضى يحسن إليه فيما يستقبل وأن تأخر. و{يَجِدْكَ} من الوجود بمعنى العلم و{يَتِيماً} مفعولك الثاني أو المصادقة و{يَتِيماً} حال.
{وَوَجَدَكَ ضَالاًّ} عن علم الحكم والأحكام. {فهدى} فعلمك بالوحي والإِلهام والتوفيق للنظر. وقيل وجدك ضالاً في الطريق حين خرج بك أبو طالب إلى الشام أو حين فطمتك حليمة وجاءت بك لتردك إلى جدك، فأزال ضلالك عن عمك أو جدك.
{وَوَجَدَكَ عَائِلاً} فقيراً ذا عيال. {فأغنى} بما حصل لك من ربح التجارة.
{فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ} فلا تغلبه على ماله لضعفه، وقرئ فلا تكهر أي فلا تعبس في وجهه.
{وَأَمَّا السائل فَلاَ تَنْهَرْ} فلا تزجره.
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ} فإن التحدث بها شكرها. وقيل المراد بالنعمة النبوة والتحديث بها تبليغها.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة والضحى جعله الله سبحانه وتعالى فيمن يرضى لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يشفع له وعشر حسنات، يكتبها الله سبحانه وتعالى بعدد كل يتيم وسائل».