فصل: تفسير الآية رقم (40):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (40):

{وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40)}
(40)- وَمِنْ هَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ مَنْ سَيُؤْمِنُ بِالقُرْآنِ حِينَ يَفْهَمُ مَا جَاءَ فِيهِ، وَيَتَنَبَّهُ لِمَعَانِيهِ، بَعْدَ أَنْ سَعَوْا فِي مُعَارَضَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُصِرُّ عَلَى الكُفْرِ وَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ، بِالشِّرْكِ وَالظُّلْمِ وَالبَغْيِ لِفَقْدِهِمُ الاسْتِعْدَادَ لِلإِيمَانِ، وَهَؤُلاءِ سَيُعَذِّبُهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا، وَيُخْزِيهُمْ وَيَنْصُرُكُمْ عَلَيْهِمْ، وَفِي الآخِرَةِ يُصْلِيهِمْ نَارَ جَهَنَّمَ، وَيَبْقَوْنَ فِيهَا خَالِدِينَ أَبداً.

.تفسير الآية رقم (41):

{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41)}
{بريائون}
(41)- وَإِنْ أَصَرُّوا عَلَى تَكْذِيبِكَ، مَعَ وُضُوحِ الأَدِلَّةِ عَلَى صِدْقِكَ فِيمَا دَعَوْتَهُمْ إِلَيهِ، فَقُلْ لَهُمْ: إِنَّ لِي جَزَاءَ عَمَلِي، وَلَكُمْ أَنْتُمْ جَزَاءَ أَعْمَالِكُمْ، وَلَنْ يَحْمِلَ أَحَدٌ شَيْئاً مِنْ وِزْرِ أَحَدٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ بَرِيءٌ مِنْ عَمَلِ الآخَرِ، وَلا يُؤَاخِذُ أَحَدٌ بِعَمَلِ غَيْرِهِ.

.تفسير الآية رقم (42):

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42)}
(42)- وَمِنَ المُكَذِبِينَ أُنَاسٌ يُصِيخُونَ إِليكَ سَمْعَهُمْ إِذا قَرَأْتَ القُرْآنَ، وَبَيَّنْتَ مَا فِيهِ، وَلَكِنَّهُمْ لا يُدْرِكُونَ مَعْنَى مَا يَسْمَعُونَ، فَهُمْ لا يَتَدَبَّرُونَ القَوْلَ، وَلا يَفْقَهُونَ مَا يُرَادُ مِنْهُ، بَلْ هَمُّهُمْ أَنْ يَسْتَمِعُوا إِلَى غَرَابَةِ نُظْمِهِ، وَإِلَى جَرْسِ صَوْتِكَ بِتَرْتِيلِهِ. وَالسَّمَاعُ النَّافِعُ لِلْمُسْتَمِعِ هُوَ الذِي يَعْقِلُ بِهِ مَا يَسْمَعُهُ، وَيَفْقَهُهُ، وَيَعْمَلُ بِهِ، وَإِنْ فَقَدَ هَذا كَانَ كَالأَصَمِّ الذِي لا يَسْمَعُ.
وَكَمَا أَنَّكَ، أَيُّهَا الرَّسُولُ، لَمْ تُؤْتَ القُدْرَةِ عَلَى إِسْمَاعِ الصُّمِّ الذِينَ فَقَدُوا حَاسَّةَ السَّمْعِ، فَكَذَلِكَ لا تَسْتَطِيعُ أَنْتَ أَنْ تُسْمِعَ إِسْمَاعاً نَافِعاً، مَنْ هُمْ فِي حُكْمِهِمْ، وَهُمُ الذِينَ لا يَعْقِلُونَ.

.تفسير الآية رقم (43):

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (43)}
(43)- وَمِنْهُمْ مَنْ يُوَجِّهُ إِلَيْكَ نَظَرَهُ، وَلَكِنَّهُ لا يُبْصِرُ مَا آتَاكَ اللهُ مِنْ نُورِ الإِيمَانِ، وَالخُلُقِ العَظِيمِ، وَالدَّلالَةِ القَاطِعَةِ عَلَى نُبُوَّتِكَ. وَكَمَا أَنَّكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ لا تَقْدِرُ عَلَى هِدَايَةِ العُمْيِ بِدَلائِلَ البَصَرِ الحِسِّيَّةِ، كَذَلِكَ فِإِنَّكَ لا تَقْدِرُ عَلَى هِدَايَتِهِمْ بِالدَّلائِلِ العَقْلِيَّةِ، إِذَا كَانُوا فَاقِدِينَ لِنِعْمَةِ البَصِيرَةِ التِي تُدْرِكُها.
يَنْظُرُ إِلَيْكَ- يُعَايِنُ دَلائِلَ نُبُوَّتِكَ.

.تفسير الآية رقم (44):

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44)}
(44)- وَلَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَنِ اللهِ فِي خَلْقِهِ، أَنْ يُنْقِصَهُمْ شَيْئاً مِنَ الأَسْبَابِ التِي يَهْتَدُونَ بِاسْتِعْمَالِهَا إِلَى مَا فِيه خَيْرُهُمْ، مِنْ إِدْرَاكٍ وَإِرْشَادٍ إِلَى الحَقِّ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَنَصْبِ الأَدْلَّةِ التِي تُوصِلُهُمْ إِلَى سَعَادَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. وَلَكِنَّ النَّاسَ يَتَنَكَّبُونَ عَنْ طَرِيقِ الهِدَايَةِ وَالحَقِّ، وَيُصِرُّونَ عَلَى الكُفْرِ بِاللهِ، وَالإِشْرَاكِ بِهِ، فَيَظْلِمُونَ بِذَلِكَ أَنْفُسَهُمْ، لأَنَّ كُفْرَهُمْ سَيُؤَدِّي بِهِمْ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاللهُ تَعَالَى قَدْ أَعْذَرَ إِلَيْهِمْ، وَبَيَّنَ لَهُمُ الدَّلائِلَ وَالحُجَجَ، وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ لِهِدَايَتِهِمْ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ تَعَالَى لا يَكُونُ قَدْ ظَلَمَ النَّاسَ شَيْئاً.

.تفسير الآية رقم (45):

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45)}
(45)- يُذَكِّرُ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ بِتَفَاهَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيا، وَبِقِصَرِ مُدَّتِهَا، وَبِسُرْعَةِ زَوَالِهَا، وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهُ يُخْرِجُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَمْوَاتَ مِنْ قُبُورِهِمْ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ لَمْ يَلْبَثُوا فِي قُبُورِهِمْ إلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ (أَوْ أَنَّ حَيَاتَهُمْ فِي الدُّنْيا لَمْ تَكُنْ إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ)، وَيَتَعَارَفُ النَّاسُ فيمَا بَيْنَهُمْ، فَيَعْرِفُ الأَبْنَاءُ الآبَاءَ، وَيَعْرِفُ الآبَاءُ الأَبْنَاءَ، وَيَعْرِفُ الأَقْرِبَاءُ بَعْضَهُمْ بَعْضاً، كَمَا كَانُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا، وَلَكِنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ. وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُدْرِكُ الذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَلِقَائِهِ، وَآثَرُوا الحَيَاةَ الدُّنْيا، القَصِيرَةَ المُنَغَّصَةَ بِالأَكْدَارِ، عَلَى الحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِمَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ الدَّائِمِ، أَنَّهُمْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ حِينَ يَرَوْنَ مَا صَارَتْ إِلَيْهِ أُمُورُهُمْ فِي جَهَنَّمَ، وَأَنَّهُمْ خَسِرُوا أَهْلِيهِمْ، إِذْ فُرِّقَ بَيْنَهُمْ.

.تفسير الآية رقم (46):

{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46)}
(46)- إِنْ أَرَاكَ اللهُ تَعَالَى بَعْضَ مَا يَعِدُهُمْ مِنَ العِقَابِ وَالخُذْلانِ فِي الدُّنْيا، فَذَلِكَ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ، وَهُمْ لَهُ أَهْلٌ، (وَقَدْ أَرَى اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فِي بَدْرٍ قَتْلَ رُؤُوسِ الكُفْرِ، وَأَسْرَهُمْ وَهَزِيمَتَهُم) وَإِنْ تَوَفَّاكَ اللهُ قَبْلَ أَنْ تَرَى فِيهِمْ ذَلِكَ فَمَصِيرُهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلَى اللهِ، وَسَيَلْقَوْنَ فِي الآخِرَةِ مِنْ صِدْقِ الجَزَاءِ مَا يَعْلَمُونَ بِهِ صِدْقَ وَعِيدِهِ، وَاللهُ شَاهِدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ، فَيَجْزِيهِمْ عَلَيْهِ عَلَى عِلْمٍ، وَشَهَادَةِ حَقٍّ.

.تفسير الآية رقم (47):

{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (47)}
(47)- مِنْ فَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى كُلِّ جَمَاعَةٍ مِنَ الأُمَمِ السَّالِفَةِ رَسُولاً مِنْهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ: مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ، وَمِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ الذِي يُنْجِيهِمْ مِنَ العِقَابِ فِي الآخِرَةِ، فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ وَبَلَّغَهُمْ مَا أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي مُخَالَفَتِهِ، وَيَوْمَ الحِسَابِ فِي الآخِرَةِ يَأْتِي كُلُّ رَسُولٍ لِيَشْهَدَ عَلَى مَنْ كَذَّبَهُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَعَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَ رِسَالَتَهُ، فَيَحْكُمُ اللهُ بَيْنَهُمْ بِالعَدْلِ التَّامِّ، فَلا يَظْلِمُ أَحَداً شَيْئاً مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ.
بِالقِسْطِ- بِالعَدْلِ.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)}
{صَادِقِينَ}
(48)- وَيُمْعِنُ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ فِي تَكْذِيبِهِمْ بِاليَوْمِ الآخِرِ، فَيَسْتَعْجِلُونَ بِهِ سَاخِرِينَ مُتَهَكِّمِينَ، وَيَقُولُونَ: مَتَى يَكُونُ هَذا الَّذِي تَعِدُنَا بِهِ مِنَ العَذَابِ، إِنْ كُنْتَ يِا مُحَمَّدُ وَأَصْحَابُكَ صَادِقِينَ فِيمَا تَعِدُونَنَا بِهِ مِنْ حَشْرٍ وَحِسَابٍ وَجَزَاءٍ؟

.تفسير الآية رقم (49):

{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49)}
{يَسْتَأْخِرُونَ}
(49)- قُلْ لِهَؤُلاءِ المُسْتَعْجِلِينَ بِالعَذَابِ: إِنِّي بَشَرٌ مِثْلُكُمْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلا نَفْعاً، وَلا أَمْلِكُ إِنْزَالَ العَذَابِ بِالكُفَّارِ المُعَانِدِينَ، وَلا تَحْقِيقِ النَّصْرِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ اللهُ وَحْدَهُ، يُحَقِّقُهُ مَتَى شَاءَ، وَلِكُلِّ أَمَّةٍ أَجَلٌ، فَإَذَا جَاءَ الأَجَلُ فَلا يَمْلِكُ أَحَدٌ أَنْ يُقَدِّمَهُ أَوْ يُؤَخِّرَهُ سَاعَةً عَنِ الوَقْتِ الذِي حَدَّدَهُ اللهُ لَهَا.

.تفسير الآية رقم (50):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50)}
{أَرَأَيْتُمْ} {أَتَاكُمْ} {بَيَاتاً}
(50)- قُلْ أَيُّهَا الرَّسُولُ الكَرِيمُ لِهَؤُلاءِ المُسْتَعْجِلِينَ بِالعَذَابِ: أَخْبِرُونِي عَنْ حَالِكُمْ، وَمَا يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَفْعَلُوهُ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ الذِي تَسْتَعْجِلُونَهُ، فِي وَقْتِ مَبِيتِكُمْ بِاللَّيْلِ، أَوْ وَقتِ اشْتِغَالِكُمْ بِلَهْوِكُمْ وَلَعِبِكُمْ وَأُمُورِ مَعَايِشِكُمْ نَهَاراً؟ وَأَيَّ عَذَابٍ يَسْتَعْجِلُ بِهِ هَؤُلاءِ المُجْرِمُونَ المُكَذِّبُونَ؟ أَهُوَ عَذَابُ الدُّنْيَا أَمْ عَذَابُ يَوْمِ القِيَامَةِ؟ وَاسْتِعْجَالِهِمْ بِالعَذَابِ أَيّاً كَانَ فَهُو جَهَالَةٌ.
أَرَأَيْتُمْ- أَخْبِرُونِي عَنْ حَالِكُمْ أَوْ عَنْ عَذَابِ اللهِ.
بَيَاتاً- وَقْتَ البَيَاتِ أَيْ لَيْلاً؟

.تفسير الآية رقم (51):

{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51)}
{آمَنْتُمْ} {الآنَ}
(51)- وَحِينَ يَقَعُ العَذَابُ يُعْلِنُونَ إِيمَانَهُمْ، وَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا، كَمَا جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى.
وَيُقَرِّعُهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَسْلَكِهِمْ هَذَا فَيَقُولُ لَهُمْ: أآمَنْتُمْ بِهِ الآنَ حِينَمَا وَقَعَ، وَكُنْتُمْ قَبْلاً تُكَذِّبُونَ بِهِ، وَتَسْخَرُونَ مِنْهُ، وَتَسْتَعْجِلُونَ بِهِ؟
الآنَ- الآنَ تُؤْمِنُونَ بِوُقُوعِ العَذَابِ.

.تفسير الآية رقم (52):

{ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52)}
(52)- وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُقَالُ لِهَؤُلاءِ الذِينَ رَأَوا العَذَابَ فَآمَنُوا: ذُوقُوا عَذَاباً تَخْلُدُونَ فِيهِ، وَهُوَ جَزَاءٌ وِفَاقٌ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرونَ، وَتَكْسِبُونَ مِنْ ظُلْمٍ، وَفَسَادٍ فِي الأَرْضِ.

.تفسير الآية رقم (53):

{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (53)}
(53)- وَيَسْتَخْبِرُكَ الكَافِرُونَ الذِينَ تَعِدُهُمْ بِالعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَنَّ اللهَ سَيَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ مِنَ الأَمْوَاتِ لِيُحَاسِبَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، أَحَقّاً سَيَقَعُ ذَلِكَ، أَمْ أَنَّهُ إِرْهَابٌ وَتَخْوِيفٌ؟ وَهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الإِنْكَارِ وَالاسْتِهْزَاءِ، فَقُلْ لَهُمْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ، وَلَيْسَ فِي صَيْرُورَتِكُمْ تُرَاباً مَا يُعْجِزُ اللهُ عَنْ إِعَادَتِكُمْ كَمَا بَدَأَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ مِنَ العَدَمِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ البَعْثِ مَا يُعْجِزُ اللهَ.
وَيَسْتَنْبِونَكَ- وَيَسْتَخْبِرُونَكَ مُسْتَهْزِئِينَ عَنِ العَذَابِ.
إِي وَرَبِّي- نَعَمْ وَرَبِّي.
وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ- وَمَا أَنْتُمْ فَائِتِينَ مِنْ عَذَابِ اللهِ بِالْهَرَبِ.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54)}
(54)- وَحِينَ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَيُحْشَرُ الكَافِرُونَ إِلَى اللهِ، يُدْرِكُونَ، حِينَ يَرَوْنَ العَذَابَ، أَنَّهُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ لا مَحَالَةَ، حِينَئِذٍ تَتَمَنَّى كُلُّ نَفْسٍ ظَالِمَةٍ لَوْ أَنَّهَا تَمْلِكُ جَمِيعَ مَا فِي الأَرْضِ لِتُقَدِّمَهُ فِدَاءً لَهَا مِنَ العَذَابِ، وَلَكِنْ أَنَّى لَهَا ذَلِكَ.
وَحِينَئِذٍ تَتَرَدَّدُ النَّدَامَةَ وَالحَسْرَةَ فِي سَرَائِرِ المُجْرِمِينَ الظَّالِمِينَ، عَلَى مَا فَرَّطُوا فِي جَنْبِ اللهِ، وَمَا كَفَرُوا بِآيَاتِهِ، وَيَقْضِي اللهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ بَيْنَ العِبَادِ، بِالعَدْلِ وَالقِسْطِ وَلا يَظْلِمُ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ شَيْئاً.
أَسَرُّوا النَّدَامَةَ- أَخْفَوا الغَمَّ وَالحَسْرَةَ.

.تفسير الآية رقم (55):

{أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55)}
{السماوات}
(55)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ مَالِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا، وَأَنَّ وَعْدَهُ حَقٌّ كَائِنٌ لا مَحَالَةً، وَأَنَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيهِ يَرْجِعُ النَّاسُ جَمِيعاً، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الكَافِرِينَ الظَّالِمِينَ لا يَمْلِكُونَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ شَيْئاً يَفْتَدُونَ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللهِ.

.تفسير الآية رقم (56):

{هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56)}
{يُحْيِي}
(56) وَأَنَّهُ القَادِرُ عَلَى خَلْقِ الحَيَاةِ، وَعَلَى إِعْدَامِهَا، وَهُوَ العَلِيمُ بِمَا تَفَرَّقَ مِنَ الأَجْسَامِ، وَتَمَزَّقَ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ وَالبِحَارِ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ الخَلْقُ حِينَ يَبْعَثُهُمْ وَيَحْشُرُهُمْ لِلْحِسَابِ.

.تفسير الآية رقم (57):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)}
{ياأيها}
(57)- يَمْتَنُّ اللهُ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ بِإِنْزَالِهِ القُرْآنَ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدُ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ زَاجِرٌ عَنِ الغَيِّ، وَعَنِ الفَوَاحِشِ، وَفِيهِ شِفَاءٌ لِلصُّدُورِ مِنَ الشُّكُوكِ وَالرِّيَبِ، وَالقُرْآنُ يَهْدِي المُؤْمِنِينَ الذِينَ يَأْخُذُونَ بِهِ، وَيُؤَدِّي بِهُمْ إِلَى إِدْخَالِهِمْ فِي رَحْمَةِ اللهِ.