فصل: تفسير الآية رقم (24):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (24):

{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (24)}
(24)- وَضَرََبَ اللهُ تَعَالَى مَثَلاً لِحَالِ المُؤْمِنِينَ، أَهْلِ السَّعَادَةِ وَالجَنَّةِ، وَلِحَالِ الكَافِرِينَ، أَهْلِ الشَّقَاءِ وَالعَذَابِ فَقَالَ: إِنَّ الكَافِرِينَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ وَالعَذَابِ مَثَلُهُمْ مَثَلُ الأَعْمَى وَالأَصَمِّ الذِي لا يُبْصِرُ وَلا يَسْمَعُ، وَلا يَهْتَدِي إِلَى خَيْرٍ. وَمَثَلُ المُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ النَّعِيمِ كَمَثَلِ البَصِيرِ السَّمِيعِ الذِي يَتْبَعُ الخَيْرَ، وَيَتْرُكُ الشَّرَّ، وَهُوَ سَمِيعٌ لِلْحُجَّةِ فَلا يَرُوجُ عَلَيْهِ البَاطِلُ. فَهَلْ يَسْتَوِي هَذَانِ حَالاً؟ كَلا إِنَّهُمَا لا يَسْتَوِيَانِ، أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَ الهُدَى وَالضَّلالِ مِنَ التَّبَايُنِ، وَفِيمَا بَيْنَ البَاطِلِ وَالحَقِّ مِنَ الاخْتِلافِ وَالتَّمَايُزِ فَتَعْتَبِرُوا وَتَسِيرُوا فِي طَرِيقِ الهُدَى وَالإِيمَانِ، وَتَبْتَعِدُوا عَنْ طَرِيقِ الكُفْرِ وَالضَّلالِ.؟

.تفسير الآية رقم (25):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25)}
(25)- كَانَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ مِمَّنْ أََشْرَكُوا، وَعَبَدُوا الأَصْنَامَ وَالأَوْثَانَ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّنِي لَكُمْ نَذِيرٌ مِنَ اللهِ أُبَيِّنُ لَكُمْ طَرِيقَ النَّجَاةِ، فَآمِنُوا بِهِ وَأَطِيعُوا أَمْرَهُ.

.تفسير الآية رقم (26):

{أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26)}
(26)- وَلا تَعْبُدُوا إِلا اللهَ وَحْدَهُ، لا شَرِيكَ لَهُ، لأَنَّنِي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمِ القِيَامَةِ، إِذَا أَقَمْتُمْ عَلَى شِرْكِكُمْ وَكُفْرِكُمْ بِرَبِّكُمْ، وَعِبَادَةِ غَيْرِهِ تَعَالَى.

.تفسير الآية رقم (27):

{فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27)}
{نَرَاكَ} {كَاذِبِينَ}
(27)- فَرَدَّ السَّادَةُ الكُبَرَاءُ (المَلأُ) عَلَيْهِ قَائِلِينَ: إِنَّهُمْ لا يَرَوْنَهُ إِلا بَشَراً مِثْلَهُمْ، وَلَيْسَ مَلكاً مُنْزَلاً مِنَ السَّمَاءِ، فَكَيْفَ أَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ لِلرِّسَالَةِ مِنْ بَيْنِهِمْ؟ ثُمَّ إِنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْهُ إِلا الأَرْاذِلُ الأَخِسَّاءُ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَتْبَعْهُ أَحَدٌ مِنَ الأَشْرَافِ وَالرُّؤَسَاءِ، ثُمَّ إِنَّ هَؤُلاءِ الذِينَ اتَّبَعُوهُ لَمْ يَتَّبِعُوهُ عَنْ فِكْرٍ وَنَظَرٍ وَتَمْحِيصٍ، وَإِنَّمَا أَجَابُوهُ فَوْرَ دَعْوَتِهِ إِيَّاهُمْ (بَادِيَ الرَّأْيِ- أَيْ فِي أَوَّلِ بَادِيءٍ).
وَقَالُوا لَهُ أَخيراً: إِنَّهُمْ لا يَرَوْنَ لِنُوحٍ وَأَصْحَابِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ فَضْلٍ وَلا مِيزَةٍ، فِي الخَلْقِ وَلا فِي الخُلُقِ، وَلا فِي الحَالِ وَلا فِي القُوَّةِ، وَلا فِي العِلْمِ لِيَتَّبِعُوهُ فِيمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، وَأَغْلَبُ الظَّنِّ أَنَّ نُوحاً كَاذِبٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ نُبُوَّةٍ، وَأَنَّ أَصْحَابَهُ كَاذِبُونَ فِيمَا يَدَّعُونَهُ لأَنْفُسِهِمْ مِنَ البِرِّ وَالصَّلاحِ وَالعِبَادَةِ.
المَلأُ- السَّادَةُ وَالكُبَرَاءُ.
بَادِيَ الرَّأْيِ- ظَاهِرَهُ دُونَ تَعَمُّقٍ وَلا تَثَبُّتٍ.

.تفسير الآية رقم (28):

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)}
{ياقوم} {أَرَأَيْتُمْ} {وَآتَانِي} {كَارِهُونَ}
(28)- فَرَدَّ عَلَيْهِمْ نُوحٌ قَائِلاً: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى يَقِينٍ وَأَمْرٍ جَلِيٍّ وَنُبُوَّةٍ صَادِقَةِ، وَهِيَ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ آتَأنِي إِيَّاهَا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ خَفِيَتْ عَلَيْكُمْ أَنْتُمْ، فَلَمْ تَهْتَدُوا إِلَيهَا، وَلا عَرَفْتُمْ قَدْرَها، بَلْ بَادَرْتُمْ إلى تَكْذِيبِها وَرَدِّهَا، أَفَنُجْبِرُكُمْ عَلَى قَبُولِهَا وَالأّخْذِ بِهَا وَأَنْتُمْ كَارِهُونَ.
أَرَأَيْتُمْ- أَخْبِرُونِي.
عَميَتْ عَلَيْكُمْ- أُخفِيَتْ عَلَيْكُمْ.

.تفسير الآية رقم (29):

{وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29)}
{ياقوم} {أَسْأَلُكُمْ} {آمنوا} {مُّلاقُو} {أَرَاكُمْ}
(29)- وَأَنَا لا أَسْأَلُكُمْ عَلَى نُصْحِي لَكُمْ، وَدَعْوَتِي إِيَّاكُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، مَالاً آخُذُهُ مِنْكُمْ أُجْرَةً عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللهِ وَحْدَهُ، وَأَنَا لا أَسْتَطِيعُ طَرْدَ المُؤْمِنِينَ كَمَا طَلَبْتُمْ مِنِّي، اسْتِعْلاءَ مِنْكُمْ عَلَيْهِمْ، وَتَحَاشِياً مِنَ الجُلُوسِ مَعَهُمْ، لأَنَّهُمْ سَيُلاقُونَ رَبَّهُمْ، وَسَيَسْأَلُنِي اللهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَإِنِّي لأَرَاكُمْ قَوْماً تَتَجَاوَزُونَ فِي طَلَبِكُمُ الحَقَّ وَالصَّوابَ، إِلَى الجَهْلِ وَالبَاطِلِ، وَلا تًدْرِكُونَ أَنَّ مَا يَصِحُّ أَنْ يَتَفَاضَلَ فِيهِ الخَلْقُ عِنْدَ اللهِ هُوَ الإِيمَانُ، وَالعَمَلُ الصَّالِحُ، لا المَالُ، وَلا الحَسَبُ وَلا الجَاهُ.

.تفسير الآية رقم (30):

{وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30)}
{ياقوم}
(30)- إِنَّ اللهَ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ فَإِذَا طَرَدْتُ أَنَا هَؤُلاءِ المُؤْمِنِينَ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَاتِّبَاعِهِمْ إِيَّايَ فِيمَا بِلَّغْتُهُمْ، أَكُونُ قَدْ ارْتَكَبْتُ جُرْماً عَظِيماً، فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ مَوْلاهُمْ؟ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ أَنَّ اللهَ رَبُّ النَّاسِ جَمِيعاً، وَأَنَّهُ لا فَضْلَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَهُ إِلا بِالإِيمَانِ وَالتَّقْوى وَالعَمَلِ الصَّالِحِ؟

.تفسير الآية رقم (31):

{وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31)}
{خَزَآئِنُ} {الظالمين}
(31) يُخْبِرُهُمْ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَأَنَّهُ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى عِبَادَتِهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَلا يَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ أَجْراً، وَهُوَ مُكَلَّفٌ بِدَعْوَةِ النَّاسِ جَمِيعاً، الشَّرِيفِ وَالوَضِيعِ، فَمَنِ اسْتَجَابَ لَهُ فَقَدْ أَفْلَحَ وَنَجَا وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ لا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي خَزَائِنِ اللهِ، وَأَنَّهُ لا يَعْلَمُ الغَيْبَ، إِلاّ مَا أَطْلَعَهُ اللهُ عَلَيهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَلكٍ مِنَ المَلائِكَةِ، بَلْ هُوَ بَشَرٌ مِثْلُهُمْ وَمِنْهُمْ، مُرْسَلٌ إِلَيْهِمْ مِنَ اللهِ رَبِّهِمْ، وَمُؤَيَّدٌ بِمُعْجِزَاتِهِ، وَأَنَّهُ لا يَقُولُ عَنِ المُؤْمِنِينَ، الذِي يَحْتَقِرُونَهُمْ وَيَزْدَرُونَهُمْ: إِنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ عِنْدَ اللهِ ثَوَابٌ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَأَعْمَالِهِم الصَّالِحَةِ، وَاللهَ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، حَقّاً وَصِدْقاً فَلَهُمْ عِنْدَ اللهِ جَزَاءُ الحُسْنَى، وَإِنَّهُ إِنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ مِنَ الظَّالِمِينَ.
خَزَائِنُ اللهِ- خَزَائِنُ رِزْقِهِ وَمَالِهِ.
تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ- تَسْتَحْقِرُهُمْ وَتَسْتَهزِئُ بِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (32):

{قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32)}
{يانوح} {جَادَلْتَنَا} {جِدَالَنَا} {الصادقين}
(32)- قَالَ المَلأُ مِنْ قَوْمِ نُوْحٍ يَرُدُّونَ عَلَى مَقَالَتِهِ هَذِهِ: لَقَدْ جَادَلْتَنَا يَا نُوحُ وَحَاجَجْتَنَا، فَأَكْثَرْتَ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى أَمْلَلْتَنا، وَلَمْ يَعُدْ لَدَيْنَا شَيءٌ نَقُولُهُ، وَنَحْنُ لَنْ نَتْبَعَكَ، فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا مِنَ النَّقْمَةِ وَالعَذَابِ، وَادْعُ عَلَيْنَا بِمَا شِئْتَ، وَلْيَأْتِنَا العَذَابُ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَدَّعِيهِ مِنْ أَنَّ اللهَ يُعَاقِبُنا عَلَى عِصْيَانِهِ فِي الدُّنيا قَبْلَ عِقَابِ الآخِرَةِ.

.تفسير الآية رقم (33):

{قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (33)}
(33)- قَالَ لَهُمْ نُوحٌ: أَنَا لا أَمْلِكُ العَذَابَ الذِي تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ، إِنَّمَا الذِي سَيَأْتِيكُمْ بِهِ، وَيُعَجِّلُ العِقَابَ لَكُمْ، هُوَ اللهُ الذِي لا يُعْجِزُهُ شَيءٌ.
مَا أَنْتُمْ بِمُعِجزِينَ- بِفَائِتِينَ مِنْ عَذَابِ اللهِ بِالهَرَبِ.

.تفسير الآية رقم (34):

{وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34)}
(34)- وَأَيُّ شَيءٍ يُفِيدُكُمْ نُصْحِي وَإِبْلاغِي إِيَّاكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي إِنْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُضِلَّكُمْ وَيَغْوِيكُمْ؟ فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَالِكُ أَزِمَّةِ الأُمُورِ، المُتَصَرِّفُ المُطْلَقُ، العَادِلُ الذِي لا يَجُورُ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ النَّاسُ، يَوْمَ الحِسَابِ، لِيَجْزِيَ كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، وَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ اللهِ فِي خَلْقِهِ أَنَّ النُّصْحَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُهُ المُسْتَعِدُّ لِلرَّشَادِ، وَيَرْفُضُهُ مَنْ غَلَبَ عَلَيهِ الغَيُّ وَالفَسَادُ.
أَنْ يُغْوِيَكُمْ- أَنْ يُضِلَّكُمْ.

.تفسير الآية رقم (35):

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35)}
{افتراه}
(35)- أَمْ يَقُولُ مُشْرِكُو مَكَّةَ: إِنَّ مُحَمَّداً افْتَرَى خَبْرَ نُوحٍ، وَجَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ؟ فَقُلْ لَهُمْ: إِنْ أَنَا افْتَرَيْتُهُ عَلَى اللهِ فَإِنَّ إِثْمَ ذَلِكَ وَعِقَابَهُ عَلَيَّ، وَاللهُ تَعَالَى لا يَغْفُلُ عَنْ عُقُوبَةِ مَنْ يَفْتَرِي عَلَيْهِ الكَذِبَ، وَأَنْتُمْ لا تَتَحَمَّلُونَ مَعِي شَيْئاً مِنْ ذَنْبِي هذا، كَمَا أَنَّنِي بَرِيءٌ مِنَ الإِجْرَامِ المُتَمَثِّلِ بِكُفْرِكُمْ، وَتَجَاوُزِكُمُ الحَقَّ.
فَعَلَيَّ إِجْرَامِي- فَعَلَيَّ عِقَابُ مَا اكْتَسَبْتُهُ مِنْ ذَنْبٍ.

.تفسير الآية رقم (36):

{وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)}
{آمَنَ} {تَبْتَئِسْ}
(36)- لَمَّا اسْتَعْجَلَ قَوْمُ نُوحٍ عَذَابَ رَبِّهِمْ، وَنَقْمَتِهِ، وَقَالُوا لَهُ ائْتِنا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، دَعَا نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرِينَ دِيَّاراً. فَأَوْحَى تَعَالَى إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ كَانَ آمَنَ مِنْ قَبْلُ، فَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ لِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي السِّنِينِ الخَوَالِي، مِنَ التَّ: ذِيبِ وَالعِنَادِ وَالايذاءِ، وَلا يَهُمُّكَ أَمْرُهُمْ.
فَلا تَبْتِئِسْ- فَلا تَحْزَنْ.

.تفسير الآية رقم (37):

{وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)}
{تُخَاطِبْنِي}
(37)- وَأَمَرَ اللهُ تَعَالَى عَبْدَهُ نُوحاً أَنْ يَصْنَعَ سَفِينَةً (فُلْكاً) حَسَبَ التَّعْلِيمَاتِ التِي يَتَلَقَّاهَا، وَحْياً مِنْ رَبِّهِ لِيُنْجِيَهُ هُوَ وَالمُؤْمِنِينَ بِهَا. وَيُخْبِرُ اللهُ رَسُولَهُ أَنَّهُ مَشْمُولٌ بِالعِنَايَةِ الإِلهِيَّةِ وَالرِّعَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَأَنَّهُ سَيُغْرِقُ الذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ.
بِأَعْيُنِنا- بِحِفْظِنَا وَرِعَايَتِنَا الكَامِلَتَيْنِ.

.تفسير الآية رقم (38):

{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)}
(38) وَأَخَذَ نُوحٌ يَصْنَعُ السَّفِينَةَ، فَكَانَ كُبَرَاءُ قَوْمِهِ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ، وَيَرَوْنَ مَا يَصْنَعُ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُ، وَيُكَذّبُونَهُ فِيمَا يَتَوَعَّدُهُمْ بِهِ مِنَ الغَرَقِ، فَكَانَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا لِرُؤْيَتِكُمْ مَا لا تَتَصَوَّرُونَهُ مُفِيداً اليَوْمَ، فَإِنَّنَا سَنَسْخَرُ مِنْكُمْ غَداً، حِينَمَا يَأْتِي وَعْدُ اللهِ، وَيَحِلَّ بِكُمْ مَا أَنْذَرَكُمْ بِهِ مِنْ عَذَابِهِ.

.تفسير الآية رقم (39):

{فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39)}
(39)- وَحِينَ يَجِيءُ أَمْرُ اللهِ حَامِلاً إِلَيْكُمْ عَذَابَهُ المَوْعُودَ، فَفِي ذلِكَ اليَوْمِ فَقَطْ تَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ الذِي سَيَحِلُّ بِهِ عَذَابُ اللهِ الذِي سَيُخْزِيهِ، وَيُذِلُّهُ، بِالغَرَقِ فِي الدُّنْيا، وَيَوْمَ القِيَامَةِ لَهُ عَذَابٌ دَائِمٌ سَرْمَدِيٌّ (مُقِيمٌ).
يُخْزِيهِ- يُذِلُّهُ وَيُهِينُهُ.
يَحِلُّ عَلَيْهِ- يَجِبُ عَلَيْهِ وَيَنْزِلُ بِهِ.