فصل: تفسير الآية رقم (38):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (38):

{إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)}
(38)- وَقَالَ هَؤُلاءِ المُكَذِّبُونَ عَنْ رَسُولِهم: إِنَّهُ يَخْتَلِقُ الأَكَاذِيبَ عَلَى اللهِ، وَيَدَّعِي أَنَّ الله أَوْحَى إِلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ، وَنَحْنُ لا نُصَدِّقُ شَيْئاً مِمَّا عَنْ رِسَالَتِهِ، وَعَنِ البَعْثِ والنُّشُورِ، وَالحَيَاةِ بَعْدَ المَوْتِ.. وَلَنْ نُؤْمِنَ لَهُ، وَلَنْ نَتَّبِعَهُ.

.تفسير الآية رقم (39):

{قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39)}
(39)- وَلَمَّا يَئِسَ الرَّسُولُ مِنْ إِيْمَانِهِمْ بَعْدَ قَوْلِهم (وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤمِنِينَ)، دَعَا رَبَّهُ مُسْتَنْصِراً بِهِ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَنْصُرَهُ إِلَى هَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ، وَأَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُم.

.تفسير الآية رقم (40):

{قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40)}
{نَادِمِينَ}
(40)- فَأَجَابَ اللهُ تَعَالَى دُعَاءَهُ، وَقَالَ لَهُ، إِنَّ قَوْمَهُ سَيُصْبِحُونَ، خِلالَ وَقْتٍ قَصِيرٍ، نَادِمِينَ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَتَكْذِيبِهِم رَسُولَ رَبِّهِم، حِيْنَما يَحِلُّ بِهِم العَذَابُ.

.تفسير الآية رقم (41):

{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}
{فَجَعَلْنَاهُمْ} {الظالمين} (41)- فَأَخَذَتْهُمُ صَيْحَةُ العَذَابِ، وَقَدْ كَانُوا لِمِثْلِهَا مُسْتَحِقِّينَ، بِسَبَب كُفْرِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ (بالحَقِّ)، فَأَصْبَحُوا هَلْكَى لا غَنَاءَ فِيهِمْ، وَلا فَائِدَةَ تُرْجَى مِنْهُم، كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَظَلَمُوا أَنْفَسَهم. وَفِي هَذَا مِنَ المَذَلَّةِ والمَهَانَةِ والاسْتِخْفَافَ بِهِمْ مَا لا يَخْفَى، وَإِنَّ الذي يَنْزِلُ بِهِمْ فِي الآخِرَةِ مِنَ العِقَابِ والمَهَانَةِ لأَعْظَمُ مِمَّا حَلَّ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَفِيهِ عَظِيمُ العِبْرَةِ لِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ.
الغُثُاءُ- الشيءُ الحَقِيرُ الذي لا يُنْتَفَعُ بِهِ الذي يَحْمِلُهُ السَّيْلُ مَعَهُ، أيْ إِنَّى هَؤُلاءِ الكُّفَارَ أصْبَحُوا هَالِكِينَ لا قِيمَةَ لَهُمْ.
الصَّيْحَةُ- العَذَابُ الشَّدِيدُ- أَوْ هِيَ صَوْتُ الزِّلْزَالِ.
فَبُعْداً- فَهَلاكاً، أو بُعْداً مِنَ الرَّحْمَةِ.

.تفسير الآية رقم (42):

{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (42)}
{آخَرِينَ}
(42)- ثُمَّ أَنْشَأَ اللهُ أُمَماً وَأَجْيَالاً آخَرِينَ بَعْدَ إِهْلاكِهِ عَاداً، مِنْهُم ثَمُودُ قَوْمُ صَالِحٍ، وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ قَوْمُ شُعَيْبٍ، وَقَوْمُ لُوطٍ.
قُرُوناً آخرِين- أُمَماً أُخْرَى.

.تفسير الآية رقم (43):

{مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43)}
{يَسْتَأْخِرُونَ}
(43)- وَلا تَتقَدَّمُ أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ المُهْلَكَةِ الوَقْتَ الذي قَدَّرَهُ اللهُ تَعَالى لِهَلاكِهَا، وَلا تَسْتَأَخِرُ عَنْهُ، فَلِكُلِّ شَيء مِيقَاتٌ يَتِمُّ فِيهِ، وَلا يَتَعَدَّاهُ.

.تفسير الآية رقم (44):

{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)}
{تَتْرَى} {وَجَعَلْنَاهُمْ} {كُلَّ مَا}
(44)- ثُمَّ أَوْجَدَ اللهُ بَعْدَ هَؤُلاءِ المُهْلَكِينَ أُمَماً (قُرُوناً) أُخْرَى، وأَرْسَلَ إلَى كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً يَدْعُوهُم إِلى اللهِ، وَيُبَلِّغُهُمْ رِسَالاتِهِ، وأَتْبَعَ الله الرُّسُلَ بَعْضَهُمْ بَعْضاً (تَتْرَى)، وَكُلَّمَا جَاءَ رَسُولٌ إِلَى القَوْمِ الذينَ أرْسِلَ إِلَيْهِمْ، كَذَّبَهُ جُمْهُورُ الكُبَرَاءِ والقَادَةِ، فَأَهْلَكَهُم اللهُ، وألْحَقَهُمْ بِمَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ المُهْلَكينَ، وَجَعَلَهُمْ أَخْبَاراً وأَحَادِيثَ يَتَحَدَّثُ بِهَا النَّاسُ، فَأبْعَدَ اللهُ مِنْ رَحْمَتِهِ القَوْمَ الذينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالله، وَلا يُصَدِّقُونَ رُسُلَهُ.
تَتْرَى- مُتَتَابِعِينَ عَلَى فَتَرَاتٍ.
جَعَلْنَاهُم أحادِيثَ- مُجَرِّدَ أَخْبَارٍ للتَّعَجُبِ والتَّلَهِّي.

.تفسير الآية رقم (45):

{ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45)}
{هَارُونَ} {بِآيَاتِنَا} {وَسُلْطَانٍ}
(45)- ثُمَّ بَعَثَ اللهُ تَعَالَى، بَعْدَ الرُّسُلِ الذينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ، مُوسَى وَهَارُونَ بالآيَاتِ، والحُجَجِ الدَّامِغَاتِ، والبَرَاهِينِ القَاطِعَاتِ.
سُلْطَانٍ مُبِينٍ- بُرْهَانٍ مُبِينٍ مُظْهرٍ لِلْحَقِّ.

.تفسير الآية رقم (46):

{إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46)}
{وَمَلَئِهِ}
(46)- أَرْسَلَ اللهُ تَعَالَى مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَنْ حَوْلَهُ مِنَ القَادَةِ والكُبَراءِ (مَلَئِهِ)، فَاسْتَكْبَرُوا عَنِ اتِّبَاعِها والإِيْمَانِ بِهَا، وَبِمَا جَاءَهُم بِهِ رَسُولاً رَبِّهِمْ، من الإِيمَانِ بِاللهِ وَحْدَهُ، وَتَرْكِ تَعْذِيبِ بَني إِسْرِائِيلَ (كَما جَاءَ فِي آيةٍ أُخْرَى)، وَكَانُوا قَوْماً مُتَعَالِينَ، دَأْبُهُم العُتُوُّ وَالبَغْيُ عَلَى الناسِ.
قَوْماً عَالِينَ- مُتَكَبِّرِينَ، أو مُتَطَاوِلِينَ بالظُّلْمِ.
{عَابِدُونَ}

.تفسير الآية رقم (47):

{فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47)}
(47)- وَقَالَ فِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ: كَيْفَ نُؤْمِنُ لِرَجُلَيْنِ مِنِ البَشَر مِثْلِنَا، وَقَوْمُهُمَا، بَنُو إِسْرَائِيلَ المَوْجُودُونَ فِي مِصْرَ، مُسَخَّرُونَ مُسْتَذَلُّونَ، يَخْضَعُونَ لَنَا وَيَعْبُدُونَ فِرعَونَ؟
(وَهَذَا فِي رَأيَ فِرْعَوْنَ أدْعَى إِلَى الاسْتِهَانَةِ بِمُوسَى وَهَارُونَ، وإِلَى عَدَمِ التَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَا بِهِ)

.تفسير الآية رقم (48):

{فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48)}
(48)- فَكَذَّبَ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ، مُوسَى وَهَارُونَ، فَأَهْلَكَهُمْ اللهُ تَعَالَى أَجْمَعِينَ وَأُغْرَقَهُمْ فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَخَذَهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدرٍ.

.تفسير الآية رقم (49):

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49)}
{آتَيْنَا} {الكتاب}
(49)- وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى التَّوْرَاةََ عَلَى مُوسَى (الكِتَابَ)، وَفِيهَا أَحْكَامٌ، وَأَوَامِرُ، وَنَواهٍ مِنَ اللهِ، لِيَسْتَهْدِيَ بَنُو إِسْرِائِيلَ بِمَا جَاءَ فِيهَا مِنَ الحَقِّ، وَيَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا مِنَ الشَّرائِعِ.

.تفسير الآية رقم (50):

{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)}
{آيَةً} {وَآوَيْنَاهُمَآ}
(50)- يَقُولُ تَعَالَى إِنَّهُ جَعَلَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمرَان عَلَيْهِمَا السَّلامُ، آيةً للنَّاسِ، وَبُرْهَاناً قَاطِعاً عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى مَا يَشَاءُ، فَقَدْ أَوْجَدَ عِيسَى مِنْ غَيْرِ أب، خِلافاً لِمَا جَرَتْ بِهِ العَادَةُ، وَأَنْطَقَهُ وَهُوَ فِي المَهْدِ، وَأَبْرأَ عَلَى يَدَيْهِ الأَكْمَه والأَبْرَصَ، وَأَحْيَا المَوْتَى بِإِذْنِ رَبِّهِ، وَجَعَلَهُ وأُمَّهُ يَنْزِلانِ فِي مَكَانٍ مِنَ الأَرْضِ (رَبْوَةٍ) تَطِيبُ فِيهِ الإِقَامَةُ وَيَحْستُ فِيهِ النَّبَاتُ، فِيهِ المَاءُ والخُضْرَةُ.
المَعِين- المَاءُ الجَاري.
ذَاتِ قَرَار- ذَاتِ خِصْب.
آوَيْنَاهَما- صَيَّرْنَاهُمَا وَأَوْصَلْنَاهُمَا.

.تفسير الآية رقم (51):

{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)}
{ياأيها} {الطيبات} {صَالِحاً}
(51)- يَأْمُرُ اللهُ عِبَادَهُ المُرْسَلِينَ بالأَكْلِ مِنَ الحَلالِ الطَّيِّبِ، والقِيَامِ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ شُكْراً للهِ عَلَى نِعَمِهٍ عَلَيْهِمْ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الحَلالَ عَوْنٌ عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ، والرُّسلُ كَانُوا يَأْكُلُونَ مِن كَسْبِ أَيْدِيِهِمْ، وَقَالَ لَهُم اللهُ تَعَالَى: إِنَّهُ عَالِمٌ بِمَا يَعْمَلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ وَقَدْ قَامَ الرُّسُلُ عَلَيْهِم السَّلامُ بِأَمْرِ اللهِ أَتَمَّ قِيَامٍ وَجَمَعُوا بَيْنَ كُلِّ خَيْرٍ قَوْلاً وَعَمَلاً وَدَلالَةً وَنُصْحاً.

.تفسير الآية رقم (52):

{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)}
(52)- إِنَّ دِينَكُم، يَا مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ، دِينٌ وَاحِدٌ، وَمِلَّتَكُمْ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَدِينَكُمْ هُوَ الدَّعْوَةُ إِلى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ. ثُمَّ قَالَ لَهُم اللهُ تَعَالَى إِنَّهُ رَبُّهُمْ فَعَلَيْهِم أَنْ يَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ، وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً. وَيَتَّقُوهُ حَقَّ تُقَاتِهِ.
أُمَّتُكُمْ- مِلَّتُكُمْ وَشَرِيعَتُكُم.

.تفسير الآية رقم (53):

{فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)}
(53)- لَقَدْ مَضَى الرُّسُلُ عَلَيْهِم السَّلامُ أُمَّةً وَاحِدَةً، أَصْحَابَ عِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا بالنَّاسِ مِنْ بَعْدِهِمْ أحْزَابٌ وَفِرَقٌ وجَمَاعَاتٌ مُتَنَازِعَةٌ لا تَلْتَقِي عَلَى مَنْهِجٍ وَلا طَرِيقٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُم يَحْسِبُ نَفْسَهُ مِنَ المُهْتَدِينَ فَيَفْرَحُ بِذَلِكَ، وَيُعْجَبُ بِهِ.
(والمَعْنَى أَنَّهُمْ تَنَازَعُوا الأََمْرَ وَتَجَاذَبُوهُ حَتَّى مَزَّقُوهُ بَيْنَهُمْ مِزَقاً، وَقَطَّعُوهُ فِي أَيْدِيهِمْ قِطعاً، ثُمَّ مَضَى كُلُّ حِزْبٍ بِالمزْقَةِ التي خَرَجَتْ بِيَدِهِ فَرِحاً وَهُوَ لا يُفَكِّرُ فِي شَيْءٍ آخَرَ).
فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ- تَفَرَّقُوا فِي أَمْرِ دِينِهِمْ.
زُبُراً- قِطَعاً ومِزَقاً وَأَحْزَاباً مُخْتَلِفَةً.

.تفسير الآية رقم (54):

{فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)}
(54)- وَبَعْدَ أَنْ أَدَّيْتَ يَا مَحَمَّدُ الرِّسَالَةَ، وأَبْلَغْتَها إِلَى النَّاسِ، دَعِ الكَافِرينَ فِي جَهَالَتِهِمْ وَضَلالهم (غَمْرَتِهِمْ)، فَرِحِينَ مَشْغُولِينَ، حَتى يَفْجأهُمْ المَصِيرُ حِينَ يَحِينُ مَوْعِدُهُ.
الغَمْرَةُ- أصْلاً هِيَ المَاءُ الذي يَغْمُرُ القَامَةَ وَيَسْتُرُهَا وَيُرَادُ بِهَا هُنَا الجَهَالَةُ والضَلالَةُ.

.تفسير الآية رقم (55):

{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55)}
(55)- أَيَظُنُّ هَؤُلاءِ المَغْرُورُونَ أَنْ مَا نُعْطِيهِمْ مِنَ الأَمْوَالِ، والأَوْلادِ هُوَ كَرَامَةٌ لَهُمْ عَلَيْنَا، وَإِجْلالٌ لأَقْدَارِهِمْ لَدَيِنَا، كَلا. إِنَّ مَا نُعْطِيهِمْ هُوَ إِمْهَالٌ وَاسْتِدْرَاجٌ لَهُمْ فِي المَعَاصِي لِيَزْدادُوا إثْماً وَطُغْيَاناً.
مَا نُمِدَّهُم بِهِ- مَا نَجْعَلُهُ مَدَداً لَهُمْ.

.تفسير الآية رقم (56):

{نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56)}
{الخيرات}
(56)- هَلْ يَظُنُّ هَؤُلاءِ أَنَّنَا نُعْطِيهِمْ ذَلِكَ لِكَرَامَتِهِمْ عَلَيْنَا، وَلِمَنْزِلَتِهِم عِنْدَنَا، وَأَنَّ هَذَا الإِمْدَادَ بالأَمْوَالِ والأََوْلادِ مَقْصُودٌ بِهِ المُسَارَعَةُ لَهُمْ بِالخَيْرَاتِ، وَإِيثَارُهُمْ بِالنعْمَةِ والعَطَاءِ؟
إِنَّ الأَم لَيْسَ كَمَا يَتَوَهَّمُونَ، إِنَّنَا فِي الحَقِيقَةِ نَبْتَلِهِم وَنَفْتِنُهم، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بِمَا يَنْتَظِرُهُمْ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ سوءِ المَصِيرِ، وَمِنْ شَرٍّ مُسْتَطِير.
وَفِي الحَدِيثِ: «إِنَّ اللهَ قَسَمَ بَيْنَكُم أَخْلاقَكُم كَمَا قَسَمَ بَيْنَكم أَرْزَاقَكُمْ، وإِنَّ الله يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لا يُحِبُّ، وَلا يُعْطِي الدِّينَ إِلا لِمَنْ أَحَبَّهُ، فَمَنْ أَعْطَاهُ اللهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدِ بِيَدِهِ لا يُسْلِمُ عَبْدُ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ، وَلا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ». أَخْرَجَهُ أحْمَدُ.