فصل: تفسير الآية رقم (13):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (13):

{لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)}
{جَآءُوا} {فأولئك} {الكاذبون}
(13)- هَلا جَاءَ الخَائِضُونَ فِي الإِفْكِ بِأَرْبَعَةَ شُهُودٍ عَلَى ثُبُوتِ مَا قَالُوا، وَمَا رَمَوْها بِهِ، فَإِذا لَمْ يَأْتِ هَؤُلاءِ المُفْسِدُونَ بالشُّهَدَاءِ لإِثبَاتِ مَا قَالُوا فَهُمْ كَاذِبُونَ فِي حُكْمِ اللهِ تَعَالَى وَشَرْعِهِ.

.تفسير الآية رقم (14):

{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14)}
{الآخرة}
(14)- وَلَوْلا تَفَضُّلُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْكُم بِبَيَانِ الأَحْكَامِ، وَلَوْلا رَحْمَتُهُ بِكُمْ فِي الدُّنْيَا بِعَدَمِ التَّعْجِيلِ بِالعُقُوَبَةِ، وَفِي الآخِرَةِ بِالمَغْفِرَةِ، لَنَزَلَ بِكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ بِسَبَبَ الخَوْضِ فِي هَذِهِ التُّهْمَةِ أَفَضْتُمِ فِيهِ- خُضْتُمْ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ الإِفْكِ.

.تفسير الآية رقم (15):

{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)}
(15)- فَقَدْ تَنَاقَلْتُمْ الخَبَرَ بِأَلْسِنَتِكُمْ، وَأَشَعْتُمُوه بَيْنَكُمْ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَكُمْ عِلْمٌ بِصِحَّتِهِ، وَتَظُنَّونَ أَنَّ هَذَا العَمَلَ هَيِّنٌ، لا يُعَاقِبُ اللهُ عَلَيْهِ، أَوْ أَنَّ عِقَابَه يَسِيرٌ، مَعَ أَنَّه خَطِيرٌ يُعاقِبُ اللهُ عَلَيْهِ عِقَاباً شَدِيداً.
وَفِي الحَدِيثِ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيَتَكَلَّمُ بِالكَلمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ لا يَدْرِي مَا تَبْلُغُ يَهْوِي بِهََا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بِيْنَ السَّماءِ والأَرْضِ». رواهُ مسلمٌ والبخاري.
تَحْسَبُونه هَيِّناً- تَظُنُّونَهُ سَهْلاً لا تَبِعَةَ فِيهِ.

.تفسير الآية رقم (16):

{وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)}
{سُبْحَانَكَ} {بُهْتَانٌ}
(16)- وَكَانَ يَنْبَغِي عَلَيْكُمْ عِنْدَ سَمَاعِ مَا أَشَاعَهُ المُنَافِقُونَ مِنْ حَدِيثِ الإِفْكِ والكَذِب والافْتِرَاءِ عَلَى أَمِّ المُؤْمِنِينَ الطَاهِرَةِ، أَنْ تَنْصحُوا بِعَدَمِ الخَوْضِ فِيهِ لأَنَّهُ غَيْرُ لائِق بِكُمْ، وأَنْ تَتَعَجَّبُوا مِنْ اخْتِرَاعِ هَذَا النَّوْعِ، مِنْ الكَذِبِ والبُهْتَانِ، وأَنْ تَقُولُوا: لا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَفَوَّهَ بِهَذَا الكَلامِ، وَلا أَنْ نَذْكُرَهُ لأَحَد تَنَزَّهَ اللهُ رَبُّنَا أَنْ يَقَالَ هَذَا الكَلام، عَلَى ابنةِ الصِّدِّيقِ زَوْجَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا هُوَ إِلا كَذِبٌ وَبُهَتَانٌ، وَإِنَّنا لَنَبْرَأُ إِلَى اللهِ رَبِّنَا مِنْهُ، وَمِنْ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُه أَنْ يَكُونَ الوَسِيلةَ فِي انْتِشَارِ هَذَا القَوْلِ الكَاذِبِ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ.
سُبْحَانَكَ- تَعَجُّبٌ مِن شَنَاعَةِ هَذَا الإِفْكِ.
بُهَتَانٌ- كَذِبٌ يُحَيِّرُ سَامِعَهُ لِفَظَاعَتِهِ.

.تفسير الآية رقم (17):

{يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17)}
(17)- وَيَنْهَاكُمُ اللهُ تَعَالَى، وَيَعْظُمُ بِهَذِهِ المَوَاعِظِ التي تَغْرِفُونَ بِهَا عظَمَ الذَّنِبِ، كَيْلا يَقَعَ مِثْلُ هَذَا مِنْكُمْ فِيمَا يَسْتَقْبَلُ مِنْ الزَّمَانِ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ باللهِ وشَرْعِهِ، وَمِمَّنْ يُعَظِّمُونَ رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ صِفَةَ الإِيْمَانِ تَتَنَافَى مَعَ مِثلِ هَذِهِ المَعْصِيَةِ.

.تفسير الآية رقم (18):

{وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)}
{الآيات}
(18)- وَيُنَزِّلُ اللهُ تَعَالَى لَكُمُ الآيَاتِ الدَّالَةَ عَلَى الأَحْكَامِ وَاضِحَةً جَلِيَّةَ، واللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُ عِبَادَه، حَكِيمٌ فِي شَرْعِهِ وَقَدَرِهِ.

.تفسير الآية رقم (19):

{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)}
{الفاحشة} {آمَنُواْ} {والآخرة}
(19)- إِنَّ الذين يَرْمُونَ المُحْصنَاتِ، وَبِخَاصَّةِ أُوْلَئِكَ الذين يَتَجِرَّؤوُنَ عَلَى رَمِي بَيْتِ النُّبُوَّةِ الكَرِيمِ، إِنَّمَا يَعْمَلُونَ عَلَى زَعْزَعَةِ ثِقَةِ الجَمَاعَةِ المُسْلِمَةِ بالخَيْرِ والعِفَّةِ، وَعَلَى إِزَالَةِ التَّحَرُّجِ مِنْ ارْتِكَابِ الفَاحِشَةِ، وَذَلِكَ، عَنْ طَرِيقِ الإِيْحَاءِ بأَنَّ الفَاحِشَةَ شَائِعَةٌ فِيهَا، وَبِذَلِكَ تَشِيعٌ الفَاحِشَةُ فِي النُّفُوسِ، ثُمَّ تَشِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الوَاقِعِ، فَهَؤُلاءِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ عَنْدَ اللهِ: فِي الدُّنْيَا بِإِقَامَةِ الحَدِّ عَلَيْهِم، واللَّعْنِ والذَّمِّ مِنَ النَّاسِ، وَفِي الآخِرَةِ بِعَذَابِ النَّارِ. وَمَنْ ذا الذي يَرَى الظَّاهِرَ والبَاطِنَ، وَلا يَخْفَى عَلَيْه شَيءٌ غَيْرُ اللهِ تَعَالَى العَلِيمِ الخَبِيرِ؟ فَرُدُّوا الأُمُورَ إِلَى الله تَرْشُدُوا، وَلا تروُوا مَا لا علْمَ لَكُمْ بِهِ.

.تفسير الآية رقم (20):

{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)}
(20)- فَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُم، وَلَوْلا رَحْمَتُهُ بِكُمْ بَعْدَ الذي قِيلَ، لأَهْلَكَكُم، وَلِكنَّهُ تَعَالَى رَؤُوف بِعِبَادِهِ، رَحِيمٌ بِهِمْ، فَتَابَ عَلَى مَنْ تَابَ إِلَيهِ مِنْ هَذِهِ القَضِيَّةِ، وَطَهَّرَ بِالحدِّ الذِي أُقِيمَ عَلَيْهِ.

.تفسير الآية رقم (21):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)}
{ياأيها الذين} {آمَنُواْ} {خُطُوَاتِ} {الشيطان}
(21)- يَأْمُرُ اللهُ المُؤْمِنِينَ بِأَلا يَتَّبعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَسَالِكَهِ، وَمَا يَأْمُرُ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ، والشَّيْطَانُ إِنَّمَا يَأْمُرُ أَوْلِيَاءَهُ بِفِعْلِ الفَاحِشَةِ وإِشَاعَتِهَا وارْتِكَابِ المُنْكَرَاتِ، فَمَنْ اتَّبَعَ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ جَرَّهُ إِلى ارْتِكَابِ هَذِهِ المُوبقَاتِ. وَلَوْلا أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَرْزقُ مَنْ يَشَاءُ التَّوْبَةَ، والرُّجُوعَ إِلَيْهِ، وَيُزَكِّي بِهَا النُّفُوسَ وَيُطَهِّرُهَا مِنْ شِرْكِهَا وَفُجُورِهَا وَدَنسِها، لَمَ تَطَهَّر مِنْكُم أَحَدٌ مِنْ ذَنْبِهِ، وَلَكَانَتْ عَاقِبَتُهُ النَّكَالَ والوَبَالَ، وَلَعَاجَلَكُم بالعُقُوبَةِ، وَلَكِنَّ الله تَعَالَى يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ، واللهُ سَمِيعٌ لأَقْوَالِ العِبَادِ، عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ مِنْهُم الهِدَايَةَ فَيَهْدِيِهِ.
خُطُوَات الشَّيْطَانِ- طُرُقهُ وَمَذَاهِبُهُ وَآثَارُهُ.
الفَحْشَاءُ- ما عَظُمَ قُبْحُهُ مِنَ الذُّنُوبِ.
المُنْكَرُ- مَا يُنْكِرُهُ الشَّرْعُ.
مَا زَكَى- مَا تَطَهَّرَ مِنْ دَنَسِ الذُّنُوبِ.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)}
{أُوْلُواْ} {والمساكين} {المهاجرين}
(22)- وَلا يَحْلِفِ القَادِرُونَ مِنْكُم عَلَى الإِنْفَاقِ والإِحْسَانِ (أُولُوا الفَضْلِ)، والذينَ يَجِدُونَ سَعَةً فِي الرِّزْقِ، عَلَى أَنْ لا يَصِلُوا أَقْرَبَاءَهُمْ المَسَاكِينَ والمَهَاجِرِينَ، وَلَيَصْفَحُوا عَنْهُم، وَلْيَعْفُوا عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْهُمْ مِنْ الإِسَاءَةِ والأَذَى، فَاللهُ تَعَالَى يَجْزِيهِمْ بِصَفْحِهِمْ عَنْ أَذَى ذَوِي قُرْبَاهُمْ المَسَاكِينَ، وَعَلَى إِحْسَانِهِمْ إِلَيْهِمْ، بالعَفُوِ والمَغْفِرَةِ. فَإِذَا كُنْتُمْ تُحِبُّونَ أَنْ يَعَفُو رَبُّكُم عَنْ سَيِّئَاتِكُم، فَافْعَلُوا مَعَ المُسِيءِ إِلَيْكُم مِثْلَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَفْعَلَ بِكُمْ رَبُّكُم، وَتَأَدَّبُوا بِأَدَبِهِ تَعَالَى، فَهُوَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ.
نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حِينَمَا أَقْسَمَ عَلَى أَنْ لا يُنْفِقَ عَلَى ابنِ خَالَتِهِ مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ، وَهُوَ مِنْ فُقَرَاءِ المُهاجِرِينَ لِمَا خَاضَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ الإِفْكِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: (بَلَى وَاللهِ إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا يَا رَبّ). ثُمَّ عَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِنْفَاقِ عَلَى مِسْطَحٍ.
أوْلُوا الفَضْلِ- أَصْحَابُ الزِّيَادَةِ فِي الدِّينِ.
السعَةِ- الغَنِى.

.تفسير الآية رقم (23):

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)}
{المحصنات} {الغافلات} {المؤمنات} {والآخرة}
(23)- يَتَوَعَّدُ اللهُ تَعَالَى الذينَ يَتَّهِمُونَ بِالفَاحِشَةِ النِّسَاءَ العَفِيفَاتِ (المُحْصَنَاتِ) الغَافِلاتِ عَنْهَا، المُؤْمِنَاتِ (وَمِنْ بَابِ أوْلَى أُمَهَاتِ المُؤْمِنِينَ)، وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهُمْ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، وَإِنَّهُ تَعَالَى أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً عَظِيماً يَوْمَ القِيَامَةِ إِذَا لَمْ يَتُوبُوا فَإِذَا تَابُوا قُبِلَتْ تَوْبَتُهمْ.
المُحْصَناتُ- العَفِيفَاتُ.

.تفسير الآية رقم (24):

{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)}
(24)- وَيُنْزِلُ اللهُ تَعَالَى بالفَاسِقِينَ، الذينَ يَقْذِفُونَ المُحْصَناتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ، العَذَابَ الأَلِيمَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهُوَ يَوْمٌ لا سَبِيلَ فِيهِ للإِنْكَارِ، لأَنَّهُمْ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ بِمَا نَطَقَتْ، كَمَا تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَيْدِيهِمْ وأَرْجُلُهُم بِجَمِيعِ ما ارْتَكَبُوهُ مِنْ آثامٍ إِذْ يُنْطِقُها اللهُ تَعَالى الذي أَنْطَقَ كُلَّ شَيءٍ.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ فِي تَفَسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: إِنَّ المُشْرِكِينَ حِينَ يَرَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَّهُ لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلا أَهْلُ الإِيْمَانِ والصَّلاةِ، يَقُولُونَ: تَعَالوا نَجْحَدْ، وَنُنْكِرْ مَا كَانَ مِنَّا، فَيْجْحَدُونَ، فَيَخْتِمُ اللهُ عَلَى أَفْوَاهِهِم وَتَشْهِدُ عَلَيْهِمْ أَيْدِيهم وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَجْتَرِحُونَ مِنَ السَّيِّئَاتِ، وَلا يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً.

.تفسير الآية رقم (25):

{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)}
{يَوْمَئِذٍ}
(25)- وَفِي ذَلِكَ اليَوْمٍ يُوَفِّيهمُ اللهُ تَعَالَى جَزَاءَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ بالتَّمَامِ والكَمَالِ (دِينَهُمُ الحَقَّ)، وَحِينَئذٍ يَعْلَمُونَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ، وَوَعِيدَهُ حَقٌّ، وَحِسَابَه هُوَ العَدْلُ الذي لا جَوْرَ فِيهِ، وَيَزُولُ عَنْهُمْ كُلُّ شَكٍّ وَرَيْبٍ أَلَمَّ بِهِمْ فِي الدًارِ الدُّنْيَا.
دينَهُمُ الحَقَّ- جَزَاءَهُمُ الثَّابِتَ لَهُمْ بالعَدْلِ.

.تفسير الآية رقم (26):

{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)}
{الخبيثات} {والطيبات} {أولئك}
(26)- النِّسَاءُ الخَبِيثَاتُ يَكُنَّ للرِّجَالِ الخَبِيِثِينَ، والخَبِيثُونَ مِنَ الرِّجَالِ يَكُونُونُ لِلخَبِيثَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، والطَّيِّبُونَ مِنَ الرِّجَالِ يَكُونُونَ للطِّيِّبَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، والطَّيِّبَاتُ مِنَ النِّسَاءِ يَكُنَّ للطِّيِّبِينَ مِنَ الرِّجَالِ، لأَنَّ المُجَانِسَةَ مِنْ دَوَاعِي الالْفَةِ، فَمَا كَانَ اللهُ تَعَالَى لِيَجْعَلَ عَائِشَةَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا، إِلا وَهِيَ طَيِّبَةٌ، لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَطْيَبُ خَلْقِ اللهِ، وَلَوْ كَانَتْ خَبِيثَةً لمَا صَلَحَتْ لَهُ شَرْعاً وَلا قَدَراً.
والطَّيِّبُونَ والطَّيِّبَاتُ بِعِيدُونَ عَمَّا يَقُولُه أَهْلُ الإِفْكِ، مُبَرَّؤونَ مِنَ التُّهَمِ التي يَصِفُهُمْ بِهَا الخَبِيثُونَ، وَلَهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ بِسَبَبِ مَا قِيلَ فِيهِمْ مِنَ الكَذِبِ، وَلَهُمْ عِنْدَ اللهِ جَنَّاتُ النَّعِيمِ، والرِّزْقُ الكَرِيمُ.
(وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الخَبِيثَاتِ مِنَ الكَلِمَاتِ والأًقْوَالِ لائِقَاتٌ بالخَبِيثينَ مِنَ الرِّجَالِ الذينَ يَتَفَوَّهُونَ بِهَا).

.تفسير الآية رقم (27):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)}
{ياأيها} {آمَنُواْ}
(27)- يُؤَدِّبُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ فَيَأْمُرُهُم بِأَلا يَدْخُلُوا بُيوتاً غَيْرَ بُيُوتِهِمْ حَتَّى يَسْتَأْذِنُوا قَبْلَ الدُّخُولِ (يَسْتَأنِسُوا)، وَيُسَلِّمُوا بَعْدَ الاسْتِئْذَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأَذِنُوا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا أُذِنَ لَهُمْ دَخُلُوا وَإِلا انْصَرَفُوا، فَالاسْتِئْذَانُ خَيْرٌ لِلمُسْتَأذِنِ وَلأَهْلِ البَيْتِ، فالبيْتُ سَكَنٌ يَفِي إِلَيْهِ النَّاسُ فَتَسْكُنُ أَرْوَاحُهُمْ، وَيَطْمَئِنُّونَ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ وَحُرَمَاتِهِم، وَيُلْقُونَ عَنْهُمْ أَعْبَاءَ الحِرْصِ والحَذَرِ المُرْهِقَةِ للنُّفُوسِ والأَعْصَابِ، والبُيُوتُ لا تَكُونُ كَذَلِكَ إِلا تَكُونُ حَرَمَاً آمِناً لا يَسْتَبِيحُهُ أَحَدٌ إِلا بِعِلمِ أَهْلِهِ وإِذْنِهِمْ فِي الوَقتِ الذي يُرِيدُونَ هُمْ.
وَكَانُوا فِي الجَاهِليَّةِ يَدْخُلُونَ بِدُونِ اسْتِئْذَان ثُمَّ يَقُولُونَ لَقَدْ دَخَلْنَا.