فصل: تفسير الآية رقم (46):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (46):

{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46)}
{سَاجِدِينَ}
(46)- وعَلِمَ السَّحَرَةُ أنَّ مَا أتَى بهِ مُوسَى لَيْسَ سِحْراً، لأنَّهُ لوَ كانَ سِحْراً لَما غَلَبَهُمْ، وهُمْ جُمُوعٌ من السَّحَرةِ، لهمْ بالسحْرِ علمٌ وَمَعْرِفَةٌ، وأيْقَنُوا أَنَّ أتَى بهِ مُوسى هوَ الحَقُّ من عندِ اللهِ تَعالى فَخَرُّوا على وُجُوهِهِمْ سَاجِدينَ للهِ ربِّ العالَمينَ، تَائِبينَ مُسْتَغفرينَ رَبَّهُمْ على مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ سِحرٍ وكُفْرٍ، ورَغْبَةٍ في مُعَارَضَةِ الحَقِّ مِنْ عندِ اللهِ بِسْحْرِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (47):

{قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47)}
{العالمين}
(47)- وقالُوا: آمَنَّا بربِّ العالِمين الذيْ دَعا موسَى فِرعَونَ إلى عبادَتِهِ حينَما جاءَهُ، وأعْلَنُوا إيْمَانَهُمْ أمامَ فرعونَ ومَلئِهِ.

.تفسير الآية رقم (48):

{رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48)}
{هَارُونَ}
(48)- ثمَّ بَيَّنُوا أنَّ ربَّ العالمينَ الذيْ آمنُوا بهِ هوَ ربُّ مُوسَى وهَارُونَ، ومؤيِّدُهُما بنصْرِهِ.

.تفسير الآية رقم (49):

{قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49)}
{آمَنتُمْ} {آذَنَ} {خِلافٍ}
(49)- فشعَرَ فرعَونُ أنُه غُلِبَ عَلَى أمْرِه غَلْباً كَبيراً أمامَ شَعْبِهِ ومَلَئِهِ وسَحَرَتِهِ، فَعَدَلَ إلى المُكَابَرَة والعِنَادِ، ودَعْوَى الباطِلِ، فشرَعَ يَتَهَدَّدُ السحرةَ وَيَتَوَعَّدُهُمْ، ويقولُ لَهُمْ: إنَّ مُوسى هو كبيرُهُم، وهو الذي عَلَّمَهُمُ السِّحْرَ، وإنهُمْ تَوَاطُؤوا معهُ ليظْهَرَ عليهمْ أمامَ النَّاسِ فيتَّبِعُوه.
وقالَ لَهُمْ فرعونُ: كيفَ تؤمنونَ لهُ قبلَ أن تسْتَأذنُونِي في ذلكَ؟ وقبلَ أنْ أسْمَحَ لكُمْ بهِ؟ ثمّ تَوَعَّدَهمْ بقطعِ أيدِيهمْ وأَرجُلهمْ بصُورةٍ مُتَخَالِفةٍ فإِذا قَطَعَ اليدَ اليُمنى قطعَ الرجلَ اليسرى، وبأَنَّهُ سَيَصْلِبُهُم جَميعاً على جُذوع النَّخلِ.

.تفسير الآية رقم (50):

{قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (50)}
(50)- فقالُوا لهُ: لا حَرَجَ علينا ولا بأسَ في ذلك، وهوَ لا يَضُرُّنا ولا نُبالي بِهِ، فإنَّنا راجِعُون إلى ربِّنا، وهو تَعالى لا يُضيعُ أجرَ المُحْسنين، لا ضَيْرَ علينا- لا ضَرَرَ علينا فيما يُصِيبُنا.

.تفسير الآية رقم (51):

{إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51)}
{خَطَايَانَآ}
(51)- وإنَّنا نَطمعُ في أَنْ يَغفِرَ لنا رَبُّنا ذنُوبَنَا وما اقْتَرفْنَاه في حياتِنَا الماضيةِ من الخَطَايا، وما أكْرَهْتَنَا عليه من السِّحرِ، إذْ كُنَّا أولَ من آمنَ من قومِك بمُوسى ورسالَتِه انْقِياداً للحقِّ، وإعْرَاضاً عن زُخْرُفِ الدُّنيا وزينَتِها.

.تفسير الآية رقم (52):

{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52)}
(52)- ولَمَّا طالَ مُقَامُ موسى في مصرَ، وأقامَ بها حُجَجَ اللهِ وبراهينَهُ على فرعونَ ومَلَئهِ، وهُمْ في ذلكَ يُكَابِرُون ويُعَانِدُون، لمْ يَبْقَ إلا العذابُ والنَّكالُ، فأمرَ اللهُ تعالى مُوسى بأَنْ يخرجَ ببني إسرائيلَ ليلاً من مِصْرَ، وأعْلَمَهُ أنَّ فرعونَ سيتْبَعُهُم، وأمَرَهُ بأنْ يتوجَّهَ حيثُ يُؤْمَرُ، فَفَعَلَ موسى ما أمَرَهُ بهِ ربُّهُ.
مُتَّبعُون- يَتْبَعُكُمْ فرعونُ وجنودُهُ.
السُّرى- السَّيْرُ ليلاً.

.تفسير الآية رقم (53):

{فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53)}
{المدآئن} {حَاشِرِينَ}
(53)- وَلمَّا عَلِمَ فِرعَونُ بارتحالِ بني إسْرائيلَ مَعَ مُوسى ليخرُجُوا من أَرْضِ مصرَ اغْتَاظَ وأرسلَ رسُلاً (حاشرينَ) يَجْمَعونَ له الجنودَ من أطرافِ مملكتِهِ، لِتَبْعَهُمْ ويَردَّهمْ إلى أرضِ مصرَ، ويمنَعُهم من الخروجِ منها.
حَاشرينَ- أُنَاساً يَجْمعُون لهُ الجُندَ.

.تفسير الآية رقم (54):

{إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54)}
(54)- وَنَادَى فِرعَوْنُ في قومهِ: إنَّ بني إسرائيلَ (هؤلاءِ) طَائفةٌ خَسِيسةٌ في شأنِها، قليلةٌ في عَدَدها (لشِرْذِمةٌ)، ومنَ السَّهْلِ قهرُهُم والسَّيطَرةُ على مُقَاوَمَتِهِمْ في وقتٍ قصيرٍ.
شِرْذمة- طائفة قليلة الأهميَّةِ.

.تفسير الآية رقم (55):

{وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55)}
{لَغَآئِظُونَ}
(55)- وقد أقَدَمُوا على عَمَلِ ما يُثِيرُ غَيْظَنَا بمُخَالَفَةِ أمْرِنا، ومُحَاوَلةِ الخروجِ من أرضِ مصرَ بغيرِ إِذْنِنا، وبذهابِهِم بالحُلِيِّ الرتي استعَارُوها من القِبْطِ.

.تفسير الآية رقم (56):

{وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56)}
{حَاذِرُونَ}
(56)- وَإنَّ علينَا أن نحذَرهم قبلَ أن يستفْحِلَ شرُّهُمْ. ونحنُ قومٌ من عادَتِنا الحَذَرُ والتَّيَقُّظُ، واسْتِعْمَالُ الحَزْمِ فِي الأمور.
حاذِرُون- محُتَرِزُون أو مُتَأَهِّبُون بالسلاحِ.

.تفسير الآية رقم (57):

{فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57)}
{فَأَخْرَجْنَاهُمْ} {جَنَّاتٍ}
(57)- فَأَخْرَجَ اللهُ تَعالى فرعونَ وقومَهُ وجنودَه من نعيمِ الحَياة التي كَانوا يَعِيشُونها، فَتركُوا المَنَازِلَ العَالِيةَ، والبَسَاتينَ النَّضِرَةَ والمِيَاهَ الوَفِيرةَ، لِيُهْلِكَهُمُ اللهُ جَميعاً في البَحْرِ غَرَقاً.

.تفسير الآية رقم (58):

{وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58)}
(58)- وتَرَكُوا الكُنوزَ والأَمْوالَ والأرْزَاقَ والجَاهَ الوافِرَ في الدُّنيا.

.تفسير الآية رقم (59):

{كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59)}
{وَأَوْرَثْنَاهَا} {إِسْرَائِيلَ}
(59)- وهكَذا أخرَجَ اللهُ تعالى فرعَونَ وقومَهُ وجنُودَهُ من أرْضِهِم، التي كانُوا مُقيمينَ لِيُهْلِكَهُم في البَحْرِ غَرَقاً، وجَعَلَ بني إِسرائيلَ يَرثُون الأرضَ المُقَدَّسَةَ، وفيها جَنَّاتٌ وعُيونٌ ونَعِيمٌ يُمَاثِلُ ما تَرَكَهُ فِرْعَونُ وقومَه في مصرَ فتحَوَّلَ حالُ بني إسرائيلَ من الرِّقِّ والعُبوديَّةِ والذُّلِّ، إلى الحُرِّيَّةِ والترفِ والنعيم.

.تفسير الآية رقم (60):

{فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60)}
(60)- فَاتَّبعَ فِرْعَونُ وقومُه بني إسْرائيلَ، وأدركُوهُمْ عِندَ شُروقِ الشَّمسِ.
مُشرِقين- دَاخِلين في وقْتِ الشُّروقِ.

.تفسير الآية رقم (61):

{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)}
{تَرَاءَى} {أَصْحَابُ}
(61)- فلمَّا رأَى كُلُّ فريقٍ الفَريقَ الآخَرَ، قالَ أصْحَابُ موسى: إنَّ فرعونَ وقَوْمَهُ قدْ أدركُوهُمْ وَإِنَّهُمْ سيقتُلُونَهُمْ، وذلكَ لأنهمْ وَصَلُوا إلى سَاحِلِ البحرِ، ولمْ يَعُدْ بإِمكانِهِمْ مُتَابَعَةُ السَّيرِ للتَّخَلُّصِ مِنْ مُطَارَدَةِ فرعَونَ وجُنودِهِ.
تَرَاءى الجَمْعَانِ- رَأَى كلٌّ منهُما الآخَرَ.

.تفسير الآية رقم (62):

{قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)}
(62)- فقالَ مُوسى لِقَوْمِه: كَلا. إنَّ فرعونَ وقومَهُ لَنْ يَصِلُوا إليكُمْ، فإنَّ اللهَ تَعالى هُوَ الذي أمَرَنِي بأنْ أَسيرَ بكُمْ إِلى هُنا، وهُو تَعالى لا يُخْلِفُ المِيعَادَ، وإنهُ سيهدينِي سواءَ السَّبيلِ، إلى ما يَجبُ أن أفعَلَهُ لنَنْجُوَ.

.تفسير الآية رقم (63):

{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63)}
(63)- فأمرَ اللهُ تَعالى مُوسى بأنْ يَضربَ البحرَ بِعَصَاهُ فَضَرَبَهُ فانْفَلَقَ البحرُ بإذنِ اللهِ تَعالى، فكانَ كلُّ جَانِبٍ منَ الماءِ كالجَبَلِ العَظيمِ.
(وقال ابنُ عَبَّاسٍ: أصْبَحَتِ الفَتْحَةُ التي انشَقَّ عنها الماءُ كالفَجِّ العَظِيم بينَ جَبَلَيْنِ).
فانْفَلَقَ- انْشَقَّ اثْنَيْ عَشَرَ فِرْقاً.
فِرقٍ- قِطْعَةٍ منَ البَحرِ مُرْتَفِعَةٍ.
كَالطَّودِ العَظيمِ- كَالجَبلِ المرتفعِ في السَّماءِ.

.تفسير الآية رقم (64):

{وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64)}
{الآخرين}
(64)- وَقَرَّبَ اللهُ فرعونَ وجُنودَهُ من البحرِ، وأدْنَاهُمْ منهُ.
أزْلَفْنَا- قرَّبْنَاهُمْ منَ البَحرِ (أي جَمَاعةَ فرعَونَ).

.تفسير الآية رقم (65):

{وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65)}
(65)- فَسَارَ موسى وَقومُهُ في المَكَانِ الذِي انْفَتَحَ في البَحرِ وأصْبَحَ يابِساً، وبَلَغُوا الطرفَ الآخَرَ من البحرِ، فَنَجَوْا جَمِيعاً.

.تفسير الآية رقم (66):

{ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66)}
{الآخرين}
(66)- وتَبِعَهُمْ فِرعونُ وجنودُهُ في المَكَان الذي انْفَتَحَ في البَحْرِ، فَلمَّا أصْبَحُوا جَمِيعاً بينَ فِرْقَتَي الماءِ، أطْبَقَ عليهِمُ البحرُ فأغْرَقَهُمْ أجْمَعينِ.

.تفسير الآية رقم (67):

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67)}
{لآيَةً}
(67)- وفي هذه القصَّةِ، وما فيها منَ العَجائبِ، والنَّصْرِ، والتَأْييدِ لِعِبَادِ اللهِ المؤمنينَ، لدَلالَةٌ واضحةٌ وحُجَّةٌ قاطعةٌ على قُدرةِ اللهِ تَعالى، وعلى صِدْقِ مُوسى، ولكنَّ أكْثَرَهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا مَعَ أنهُمْ رَأَوْا بِأَعْيُنِهِمْ هذه الآياتِ العِظامَ الباهرة.