فصل: تفسير الآية رقم (8):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (8):

{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8)}
{آلُ} {هَامَانَ} {خَاطِئِينَ}
(8)- فَالتَقَطَتْهُ الجَوَارِي، وَحَمَلْنَهُ إِلى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، وَكَأَنَّهُ لُقَطَةٌ، فَأَوْقَعَ اللهُ مَحَبَّتَهُ فِي قَلْبِها، وَقَدْ قَدَّرَ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَتَربَّى مُوسَى في دَارِ فِرْعَوْنَ، وَعَلَى فِراشِهِ، لِيكُونَ عُدُوّاً لفرعَونَ وقَومِهِ، وِلتَحِلَّ بِهِم المُصِيبةُ عللا يديهِ، فَقَد كَانَ فِرعَونُ، وَوَزيرُهُ هَامَانُ، وجُنُودُهُما الذينَ لاحَقُوا بني إِسْرائيلَ، والذِينَ كَانُوا أَداةَ الظُّلْمِ والإِرْهَابِ في يَدِ فِرْعَونَ، جَميعاً مِنْ مُرتكِبي الخَطَايا.
خَاطِئينَ- مُذنِبينَ، آثِمِينَ.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9)}
{امرأة} {قُرَّةُ}
(9)- فَلَمّا رَآهُ فِرعَونُ هَمَّ بِقَتلِهِ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَني إِسْرائيلَ، فَأَخَذَتِ امرأَتُهُ تَسْتَعْطِفُهُ، فَقَالَتْ لَهُ: لا تَقْتُلْهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ قُرَّةَ عَيْن لي وَلَكَ، وَقَدْ يَنْفَعُنا أو نَتَّخِذُهُ وَلَداً وَنَتَبَنّاهُ، لأَنَّها لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ. فَقالَ فِرعَونَ إِنَّهُ قُرَّةُ عَيْنِ لَكِ لا لِي. فَكَانَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَكُونُوا يَدْرُونَ مَا أَرَادَهُ اللهُ مِنِ التِقاطِهِمْ إِيَّاهُ مِنَ الحِكْمَةِ العَظِيمَةِ البَالِغَةِ الدَّالةِ عَلى قَدْرَتِهِ تَعَالَى، وَلُفْهِهِ فِي تَهْيِئَةِ الأَسْبَابِ لِمَا يُرِيدُ (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).
قُرَّةُ عَيْنٍ- مَسَرَّةٌ وَفَرَحٌ.

.تفسير الآية رقم (10):

{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10)}
{فَارِغاً}
(10)- يُخبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ أُمَّ مُوسَى لَمَّا ذَهَبَ وَلَدُهَا مَعَ المَاءِ أَصْبَحَ قَلْبُهَا خَالياً مِنْ كُلِّ أَمر مِنْ أُمُورِ الدُّنيا إِلاّ مِنَ التَّفْكِير فِيهِ، وَكَادَتْ مِنْ شِدَّةِ وَجْدها وحُزْنِهَا أَنْ تُعْلِنَ أَنَّ وَلَدَهَا ذَهَبَ مَعَ المَاءِ وَأن تُخبِرَ بَحَالِها، لولا أَنَّ اللهَ تَعالى ثَبَّتَها، وَصَبَّرَهَا، وَرَبَطَ عَلَى قَلْبِهَا، لِتكُونَ مِنَ المُوقِنينَ المُصَدِّقِينَ بأَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ، وَأَنَّهُ سَيَرُدُّهُ عَلَيهَا.
فَارِغاً- خَالياً مِنْ كُلِّ مَا سِوَى مُوسَى.
لَتُبْدِي بِهِ- لَتُصَرِّح بأَنَّ ابنَها ذَهَبَ مَعَ المَاءِ لِشِدَّةِ وَجْدِها عَلَيه.
رَبَطْنَا- بِالعِصْمَةِ والصَّبْلاِ والتَّثْبِيتِ.

.تفسير الآية رقم (11):

{وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)}
(11)- فَقَالَتْ لاْبْنَتَها: قُصِّي أَثَر أَخيكِ، وَتَتَبَّعِي خَبَرَهُ، فَخَرَجَتْ لِذَلِكَ، فَبَصُرَتْ بهِ عَنْ بُعدٍ بينَ يَدي جَواري آل فِرْعَون، وَهي تَتَجَنَّبُ ظُهُور أَمرِها، وَكَانَتْ تَنْظُر إِليه وَكَأَنَّهَا لا تُريدُ ذَلِكَ (عَنْ جُنُبٍ)، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بِأَنَّها أُخْتُهُ، وَأَنَّها كانَتْ تَقُصّهُ وَتَتَعَرَّفُ حَالَهُ.
قُصَّيهِ- اتْبَعِي أَثَرَهُ وَتَعَرِّفي خَبَرَهُ.
عَنْ جُنُبٍ- مِنْ طَرَفٍ خفِيٍّ- أَوْ مِنْ مَكَانٍ بعيد.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12)}
{نَاصِحُونَ}
(12)- وَلَمَّا اسْتَقَرَّ مُوسَى في دَارِ آلِ فِرْعَونَ، عَرَضُوا عَليهِ المَراضِعَ فَلَمْ يَقْبَلْ أَنْ يَرْضَعَ مِنْ ثَدْيِ امرَأَةٍ مِنْهُنَّ، فَخَرجُوا بِهِ إِلى السُّوقِ لَعَلَّهُمْ يَجِدُونَ امرَأَةً تَصْلُحُ لإِرضَاعِهِ، فَلَمَّا رَاته أُختُهُ في أيدِيهِمْ عَرَفَتْهُ وَلم تُظْهِرْ ذَلِكَ، وَلَم يَشْعُرُوا بِها، فَقَالَتْ لَهُمْ: هَلْ تُريدُونَ أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلى أََهلِ بَيتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ حَافِظُونَ؟ فَذَهَبُوا مَعَهَا إِلى أَمِّهَا، فَأعْطَتْهُ ثَدْيَهَا فَالتَقَمَهُ، فَفرحُوا بذلك، وَبَشَّرُوا امْرَأَةَ فِرْعُونَ، فَاسْتَدعَتْ أُمَّ مُوسَ، وأَحْسَنَتْ إِليها، وَهِيَ لا تَعرِفُ أَنَّها أُمُّهُ، ثُمَّ سَلأَلَتْها أَنْ تُقِيمَ عِندَهَا لتُرِضِعَهُ فَأَبتْ عَليها، وَقَالَتْ لَها إِنَّ لَهَا زَوْجاً وَأَولاداً، فَسَمَحَتْ لَها امرَأَةُ فِرعَونَ بأَنْ تَأْخُذَهُ، إِلى بَيِتِها لِتُرْضِعَهُ، وَأَجْزَلَتْ لَهَا العَطَاءَ.

.تفسير الآية رقم (13):

{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13)}
{فَرَدَدْنَاهُ}
(13)- فَرَجَعَتْ أُمُّ مُوسَى بِولَدِهَا رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، قَدْ أَبدَلَهَا اللهُ بِخَوْفِها عَلَيهِ أَمْناً، وَأَقَرَّ عَيْنَها فَلا تَحْزَنُ لِفِرَاقِهِ، ولِتَزْدَادَ عِلْماً بأَنَّ مَا وَعَدَهَا بِهِ رَبُّها، مِنْ رَدِّ وَلَدِها إليها، هُوَ وَعْدُ حَقٍّ، وَاللهُ لا يُخْلِفُ وَعْدَهُ، وَلكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لا يَعْمَلمُونَ حِكْمَةَ اللهِ في أَفْعَالِهِ، وعَوَاقِبَها المَحْمُودَةَ، فَرُبَّمَا وَقَعَ الأَمرُ كَرِيهاً إِلى النُّفُوسِ، وَعَاقَبَتُهُ حَمِيدَةٌ.
{آتَيْنَاهُ}

.تفسير الآية رقم (14):

{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)}
(14)- وَلَمَّا بَلَغَ مُوسَى رُشْدَهُ، وَبَلَغَ حَدَّ الرّجُولَةِ، واسْتَكْمَلَ قُوتهُ البَدَنِيَّة، آتاهُ الله العِلْمَ والحِكْمَةَ، وَهذا جَزَاءُ المُحْسِنينَ عِنْدَ رَبِّهِم، الذِينَ يُطِيعُونَ أَمْرَهُ.
بَلَغَ أَشُدَّهُ- بَلَغَ مَبْلَغَ الرُّجُولَةِ.
اسْتَوَى- اعتَدَلَ عَقْلُهُ وَكَمُلَ.

.تفسير الآية رقم (15):

{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15)}
{فاستغاثه} {الشيطان}
(15)- وَدَخَلَ مُوسَى مَدِينَةَ مِصْرَ في وَقتٍ كَانَتْ خَاليةً فِيهِ مِنْ أَهْلِهَا (وقِيلَ إِنَّهُ دَخَلَ في مُنْتَصَفِ النَّهَارِ وَقْتَ القَيلُولَةِ، وَقيلَ أيضاً إِنَّهُ دَخَلَ بَعْدَ الغُروبِ بَعدَ أَنِ انْصَرَفَ النَّاسُ مِنْ أعمَالِهِمْ إِلى بُيُوتِهِمْ)، فَوَجَدَ رَجُلَينِ يَقْتَتِلانِ وَيَتَضَارَبَانِ أَحَدُهُما إِسْرئِيليٌّ (مِنْ شِيعَتِهِ) والآخَرُ قِبْطِيٌّ (مِنْ عَدوِّهِ) فَاسْتَغَاثَ الإِسْرائيليُّ بمُوسى، فَضَرَبَ مُوسَى القِبْطِيَّ بُجْمعِ يَدِهِ، أَوْ بِعَصاً كَانَتْ في يِدِهِ (فَوَكَزَهُ) فَقَضَى عَليهِ. فَقالَ مُوسَى: هذا الذِي حَدَثَ هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ وتَزْيِينِهِ، وَهُوَ العَدُوُّ المُبِينُ للإِنسَانِ، فَينبَغي الحَذَرُ مِنْهُ.
وَكَزَهُ- ضَرَبَهُ بِجمعْ يَدِهِ فِي صَدْرِهِ.

.تفسير الآية رقم (16):

{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16)}
(16)- فَاسْتَغَفَرَ مُوسَى رَبَّهُ، وَقَالَ إِنَّهُ ظَلَمَ نَفْسَهُ بِقْتْلِهِ الرَّجُلَ، فَغَفَرَ اللهُ لَهُ ذَنْبَهُ، وَعَفَا عَنْهُ. واللهُ هُوَ الغَفُورُ لِذُنُوبِ عِبَادِهِ، الرَّحيمُ بِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (17):

{قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (17)}
(17)- ثُمَّ قَالَ مُوسى: رَبِّ بِما جَعَلْتَ لِي مِنَ الجَاهِ والعِزِّ، وَبِما أَنْعَمْتَ عَلِيَّ بِعفُوِكَ عَنْ قَتْلِ هذِهِ النَّفْسِ، لأَمْتَنِعَنَّ عَنْ مِثْلِ هذا الفِعْلِ، وَلَنْ أَكُونَ عَوْناً لِلمُجْرِمينَ الكَافِرِينَ بِكَ، المُخَالِفينَ لأمْرِك، وَلَنْ أُظَاهِرَهُمْ عَلَى الإِثمِ والعُدْوَانِ.
ظَهيراً لِلمُجْرِمِينَ- مُعِيناً لَهُمْ.

.تفسير الآية رقم (18):

{فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18)}
{خَآئِفاً}
(18)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ مُوسَى لَمَّا قَتَل القِبْطِيَّ أَصبَحَ خَائِفاً مِنْ مَعَرَّةِ مَا فَعَلَ، يَتَلَفَّتُ وَيَتَوقَّعُ مَا يَكُونُ مِنْ هذا الأمرِ (يَتَرَقَّبُ)، وَصَارَ يَتَحَسَّسُّ الأَخبارَ، وَيَسْأَلُ عَمَّا يَتَحَدَّثُ بهِ النَّاسُ في مَوْضُوعِ قَتلِ القِبْطِّي، فَمَرَّ في بعَضِ الطُّرُقِ، فإِذا بالرَّجُلِ الإِسْرائيليِّ الذي استَنْصَرَهُ بالأَمسِ عَلَى ذَلِكَ القُبطيِّ، يُقاتِلُ رَجُلاً قِبطِياً آخرَ ويُخَاصِمُه، فلمَّا مَرَّ بهِ مُوسَى اسْتَصْرَخَهُ الإِسْرائيليُّ طَالباً عَوْنَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: إِنَّكَ لَرجلٌ ظَاهِرٌ الغِواية، كثيرُ الشَّرِّ.
يَتَرَقَّبُ- يَتَوقَّعُ المَكْرُوهَ.
يَسْتَصِرخُهُ- يَسْتَغِيثُ بهِ مِنْ بُعْدٍ.
إنَّكَ لَغَوِيٌّ- ضَال عَنِ الرَّشَدِ.

.تفسير الآية رقم (19):

{فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19)}
{ياموسى}
(19)- ثُمَّ عَزَمَ مُوسَى عَلى البَطْشِ بِذَلِكَ القِبْطِيَّ، فَظَنَّ الإسرائيليُّ لِجُبِنِهِ، أَنَّ مُوسَى إِنَّما يُريدُ أنْ يَبْطِشَ بهِ هُوَ، وَذَلِكَ بَعدَما سَمِعَهُ مِنهُ مِنَ التَّقرِيع، فَقَالَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ: يَا مَوسى أَتريدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ ذَلِكَ القِبْطِيَّ يَومَ أِمسِ؟
فَلَمَا سَمِعَ القِبْطِيُّ هذا القَولَ ذَهَبَ بهِ إِلى فِرعَونَ يَشْكُو مُوسَى، فاشْتَدَّ حَنَقُ فِرعَونَ عَلَى مُوسى، وأَرسَلَ الذَّبَاحِينَ إِليهِ لِيقُتُلوهُ.
يَبْطِشَ- يَأْخُذَ بقُوَّةٍ وَعْنْفٍ.

.تفسير الآية رقم (20):

{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20)}
{أَقْصَى} {ياموسى} {الناصحين}
(20)- وَجَاءَ رَجُلٌ مُؤمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَونَ يكُتُمُ إِيمَانَهُ، يَعْرِفُ مُوسَى، وَقَدْ سَمِعَ مَا دَارَ مِنْ حَديثٍ بَينَ كُبَراءِ الدَّولَةِ (المَلأَ) فِي حضرةِ فِرعَونَ، وأَنَّ فرعَونَ أَرْسَلَ إِلى مُوسَى مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ، فَخَالَفَ الرَّجُلُ الطَّريقَ الذي ذَهَبَ فِيهِ رُسُلُ فِرْعَونَ، وأَسْرَعَ مِنْ طريقٍ آخرَ أَقْرَبَ، فالتَقى بمُوسَى، فقالَ لهُ إِنَّ فِرعَونَ وكُبَراءَ رِجَالِ دَوْلَتِهِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ قَتلِكَ، جَزَاءَ مَا قَتَلْتَ ذلِكَ القِبْطِيَّ، فاخْرُجْ مِنَ البَلَدِ، وانْجُ بِنَفْسِكَ فَأَنا نَاصِحٌ لَكَ، مُخْلِصٌ في نَصِيحَتِي.
يَسْعَى- يُسرِعُ فِي المَشْيِ.
يَأْتُمِرُونَ بِكَ- يَتَشَاوَرُونَ فِي شَأْنِكَ.

.تفسير الآية رقم (21):

{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21)}
{خَآئِفاً} {الظالمين}
(21)- فَخَرَجَ مُوسَى مِنْ مَدِينةِ فِرْعَونَ وَحْدَهُ، يَتَلَفَّتُ خَوْفَ أَنْ يُدْرِكُوهُ، وَهُوَ لَمْ يَأْلَفْ مِثْلَ تِلْكَ المَشَاقِّ، فَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَجَمَاعَتِهِ (القومِ الظَّالِمينَ)، فَلا مَلْجَأَ لِلمْضْطَرِّ إِلا إِليهِ تَعَالَى.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22)}
(22)- ولَمَّا سَلَكَ الطَّريقَ المُوصِلَ إِلى مَدْيَنَ (وهيَ بَلْدَةٌ قَريبَةٌ مِنَ العَقْبَةِ) فَرِحَ بِذَلِكَ، وَقَالَ عَسَى أَنْ يَهْدِيني رَبِّي إِلى الطَّريقِ الأقَومِ، فَفَعَلَ اللهُ ذَلِكَ وَهَدَاهُ.
تِلْقَاءَ مَدْيَنَ- نَحْوَ مَدْيَنَ- وَجِهَتهَا.
سَواءَ السَّبِيل- الطَّريقَ الوَسَطَ الذي فيهِ النَّجَاةُ.