فصل: تفسير الآية رقم (37):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (37):

{وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (37)}
{عَاقِبَةُ} {الظالمون}
(37)- فَأَجَابَهُمْ مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ بقَولِهِ: إِنَّ رَبي يَعْلَمُ أَنِّي جِئْتُ بِالحَقِّ والهُدَى مِنْ عِنْدِهِ تَعَالَى، فَهُوَ شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ العَاقِبةَ الحَميِدَةَ سَتكُونُ لأَولِيَائِهِ وأَنْبِيَائِهِ والمُؤمِنينَ بِهِ، وأَنَّ الذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ لا يُفْلِحُونَ أبداً، وَلا يُدرِكُونَ طُلْبَتَهُمْ وَبُغْيَتَهُمْ.

.تفسير الآية رقم (38):

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)}
{ياأيها} {ياهامان} {الكاذبين}
(38)- كَانَ فِرعَوْنُ يَدَّعِي الأُلُوهِيَّةَ، وَقَدْ حَمَلَ قَومَهُ عَلَى عِبَادَةِ نَفْسِهِ، فَلَمَّا جَاءَهُ مُوسَى وَهَارُونُ يَدْعُوَانِهِ إِلى عِبَادَةِ اللهِ تَعَالى، وَيُحَذِّرَانِهِ عِقَابَهُ وَعَذَابَهُ إِنِّ استَمَرَّ في كُفْرِهِ وطُغَيانِهِ، خَذَ في المَكَابَرَةِ والمُعَانَدَةِ، وَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ مِنْ كِبَارِ رِجَالِ دَولتِهِ: إِنَّهُ لا يَعرفُ لقومِهِ إِلهاً غيرَهُ هُوَ. وَقَالَ لِمُوسَى فِي آيةٍ أُخْرى: {لَئِنِ اتخذت إلها غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المسجونين} ثُمَّ أَمرَ وَزيرَهُ هَامَانَ بأنْ يُوقِدَ النَّارَ لِيَشْوِيَ الطِّينَ، وَيَجْعَلَ مِنْهُ آجُرّاً لإِشَادَةِ قَصْرٍ شَامِخٍ لَهُ (صَرْحاً)، يَصْعَدُ إليهِ فِرْعَونُ لِيَرى إِلهَ مُوسَى. ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ يَعْتَقِد أَنَّ موسَى مِنَ الكَاذِبينَ فِيما يدِّعِيهِ مِنْ أَنَّ له إلهاً فِي السَّمَاءِ يَنْصُرُهُ ويُؤَيِّدُهُ، وَهُوَ الذي أَرْسَلَهُ إليهِ. وَكَانَ فِرْعَونُ يَرْمِي مِنْ هذا القَوْلِ إِلى تَخفِيفِ أَثَرِ الآياتِ التي جَاءَ بِها مُوسىَ وَهارُونَ، في نُفُوسِ رَعِيَّتِهِ.
صَرْحاً- قَصْراً أَوْ بِنَاءً عَالياً مكشوفاً.

.تفسير الآية رقم (39):

{وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39)}
(39)- وَطَغَى فِرْعَونُ وَمَلَؤُهُ وَجُنُودَهُ في أَرْضِ مِصْرَ، وَتَجَبَّروا، وَأَكْثَروا فِيها الفَسَادَ، واعتَقَدُوا أَنَّهُ لا قِيَامَةَ وَلا حَشْرَ وَلا مَعَادَ، وَلا رَجْعَةَ إِلى اللهِ، وَلا حِسَابَ لَهُمْ عَلى عَمَلِهِم السَّيءِ، واعتِقادِهِم الفَاسِدِ.

.تفسير الآية رقم (40):

{فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40)}
{فَأَخَذْنَاهُ} {فَنَبَذْنَاهُمْ} {عَاقِبَةُ} {الظالمين}
(40)- فَجَمَعَ اللهُ تَعَالَى فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ، وأَغْرَقَهُمْ في البَحْرِ في صَبيحَةِ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يُبْقِ مِنْهُمْ أًحَداً. فانظُرْ أَيُّها المُعْتَبِرُ بالآيَاتِ كَيفَ كَانَ أَمرُ هؤلاءِ الذينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَهذِهِ هِيَ عَاقِبَةُ الكُفرِ والبَغْيِ والظُّلْمِ.
فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليمِّ- ألقَيْنَاهُمْ وأَغْرَقْنَاهُمْ في البَحْرِ.

.تفسير الآية رقم (41):

{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41)}
{جَعَلْنَاهُمْ} {أَئِمَّةً} {القيامة}
(41)- وَجَعَلَ اللهُ فِرْعَونَ وَقَوْمَهُ أَئِمَّةً، يَقْتَدِي بِهِمْ أهلُ العُتُوِّ والكُفْرِ والضَّلالِ، فَهُمْ يَبْحَثُونَ عَن الشُّرُورِ والمَعَاصِي، التي تُلقِي بِصَاحِبهِا في النَّارِ، وَكَذَلِكَ جَعَلَ اللهُ تَعَالى مَصِيرَ مَنْ يَتْبَعُهُمْ، وَيَقْتَدِي بِهِمْ في الكُفْرِ، وتَكْذِيبِ الرُّسُل مِثْل مَصيرِهِمْ في نَارِ جَهَنَّمَ، وَلا يَجِدُونَ أَحَداً يَنْصُرُهُمْ يومَ القِيَامَةِ مِنْ عَذَابِ اللهِ، فَيَجْتَمِعُ عَلَيِهِمْ خِزْيُ الدُّنيا، مُتَّصِلاً بِذُلِّ الآخِرَةِ.

.تفسير الآية رقم (42):

{وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)}
(42)- وأَلْزَمَ اللهُ تَعَالَى فِرْعَونَ وَقَومَهُ في هذِهِ الدُّنيا خِزْياً وَطَرداً مِنْ رَحْمَتِهِ (لَعْنَةً)، ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِمْ بِالبَوارِ والهَلاكِ، وسُوء الأُحْدُوثَةِ، وسَيُتْبِعُهُمْ لَعنَةً أُخْرى يَومَ القِيَامَةِ، وَيُذِلُّهُم ويُخْزِيهِمْ خِزْياً دَائماً مُسْتَمِرّاً لا فكَاكَ لَهُمْ مِنْهُ.
لَعْنَةً- طَرْداً أَوْ إِبْعَاداً مِنَ الرَّحْمَةِ.
مِنَ المَقْبُوحِينَ- المُبْعَدِينَ أَوِ المُشَوَّهِينَ في الخِلْقَةِ.

.تفسير الآية رقم (43):

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43)}
{آتَيْنَا} {الكتاب} {بَصَآئِرَ}
(43)- وَلَقَدْ أَنزَلَ اللهُ تَعَالى التَّورَاةَ عَلَى مُوسَى بعدَ أَنْ أَهْلَكَ المُكَذِّبينَ مِنَ الأُمَمِ السَّابِقةِ، لتكونَ نُوراً للقُلُوبِ المُظْلِمَةِ، بَعْدَ أَنْ دَرَسَتْ مَعَالِمُ الشَّريعةِ التي جَاءَهُمْ بِها الأَنبياءُ السَّابِقُونَ، وَسَادَ الفَسَادُ في العَالَمِ، وَفَشَ الشَّرُّ بَينَ النَّاسِ، فَاحْتَاجَ النَّاسُ إِلى تَشرِيعٍ جَدِيدٍ يُصْلِحُ مَا فَسَدَ مِنْ عَقَائِدِهِمْ، وأَفْعَالِهِمْ، بِتَقريرِ أُصُولٍ في ذلِكَ التَّشرِيعِ، تَبْقَى أَبَدَ الدَّهْلاِ، وتَرتِيبِ فُروعٍ تَتَبَدَّلُ بِتَبَدُّلِ العُصُورِ، واخْتِلافِ أحوَال النَّاس. وَفِي التَّورَاةِ تَذكِيرٌ بأحوالِ الأُمَمِ السَّابِقَةِ، لِيَكُونَ ذلِكَ عِبرةً لِلنَّاسِ، لَعَلَّهُمْ يَتَّعِظُونَ بِما نَزَلَ بِهؤُلاءِ، فَيُقْلِعُوا عَمَّا هُمْ عَلَيهِ مِنَ الكُفْرِ والتَّكذِيبِ.
القُرونَ الأولى- الأُمَمَ المَاضِيَةَ المُكَذِّبَةَ.
بَصَائِرَ للنَّاسِ- أَنْواراً لِقُلُوبِهِمْ تُبْصِرُ بِهَا.

.تفسير الآية رقم (44):

{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44)}
{الشاهدين}
(44)- يُنَبِّهُ اللهُ تَعَالى النَّاسَ إِلى البُرهَانِ عَلَى نُبُوَّةِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، إِذْ أَخْبَرَ عَنْ أَمورٍ حَدَثتْ في سَالِفِ الأَزْمَانِ لَمْ يَكُن العَرَبُ يَعْرِفُونَها، وقَصَّها الرَّسُولُ الكَريمُ بِتَفَصِيلِهَا وَهُوَ رَجُلٌ أُميٌّ لا يَقْرَأُ وَلا يَكْتُبُ، وأَشَارَ اللهُ تَعالى إِلى هذا الأَمرِ بَعدَ عَدَدٍ مِنَ القصَصِ المُتَعَلِّقَةِ بالأَولِينَ مَعَ أَنبِيائِهِمْ، وَرَدَتْ في القُرآنِ: مِثْلِ قِصَّةِ نُوحٍ، ومَريَمَ، وَيُوسُفَ. وهنا يَقُولُ تَعالى لِنَبيِّهِ: إِنَّكَ يَا مُحَمَّدُ لم تَكُنْ في الجَانِبِ الغَربيَّ من الوَادِي حِينَمَا كَلَّمَ اللهُ تَعالى مُوسَى مِنَ الشَّجَرةِ عَلَى شَاطِئِ الوَادِي، وَلمْ تَكُنْ مُشَاهِداً لِشَيءٍ مِمَّا وَقَعَ، لكِنَّ الله أَوْحَاهُ إِليكَ، وَأَخْبَرَكَ بهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ حُجَّةً وبُرهَاناً على صِدْقِ نُبُوَّتِكَ.
قَضَيْنا- عَهدْنَا.

.تفسير الآية رقم (45):

{وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)}
{تَتْلُو} {آيَاتِنَا}
(45)- وَلكِنَّ الله تَعالى خَلَقَ أجيالاً كَثيرةً طَالَ عَليها الزَّمَنُ فَنَسُوا ما أَخَذَهُ اللهُ عَلَيهِمِ مِنَ العُهُودِ والمَواثِيقِ، وَدَرَسَتِ العُلُومُ، وتَشَوَّهَتِ الشَّرائِعُ فَوَجَبَ إرسَالُ مُحَمَّدٍ إِلى النَّاسِ ليُخرِجَهُمْ منَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ، بإِذْنِ رَبِّهِمْ، وَقَدْ أَوْحَى اللهِ إِليهِ بقَصَصِ الأَنْبِياءَ، وبأَخبَارِ الأُمَمِ السَّالِفَةِ التي دَمَّرَهَا الله، ليَكُونَ ذَلِكَ دَلالَةً لَهُ عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِهِ، فَهُوَ رَجُلٌ أُمِيٌّ لا يَقْرلأُ وَلا يَكْتُبُ، وقَومُهُ أُمِّيُّونَ لا يَعرِفُونَ شَيئاً مِنْ هذه القَصَصِ فإِخْبَارُهُ بِها عَلى الشَّكلِ الذِي وَقَعَتْ فيهِ، دَليلٌ على أَنَّه أُوحِيَ إِليهِ بِها مِنَ اللهِ تَعَالى.
ثُمَّ يَقُولُ اللهِ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُقِيماً بَيْنَ أهلِ مَدْينَ (ثَوِياً) يَتَتَبَّعُ أَخْبَارَهُمْ، وَيَتَعَرَّفُ مِنْهُمْ عَلى أخْبَارِ شُعِيبٍ عليه السَّلامُ، وَقومِهِ، لِيرَوِيَها بالشَّكْلِ الصَّحيحِ الذِي وَقَعَتْ عَلَيهِ.
ثَاوياً- مُقِيماً.

.تفسير الآية رقم (46):

{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)}
{أَتَاهُم}
(46)- وَلِمَ تَكُنْ أَنتَ يا مُحَمَّدُ بِجَانِبِ الطُّورِ لَيلَةَ المُنَاجَاةِ، إِذْ نَادَينا مُوسى، وَلَم تَشْهدَ شَيئاً مِمَّا حَدَث لتَستَطيعَ رَوَايَتَهُ للنَّاسِ رِوايةَ الخَبِيرِ العَالِمِ، ولكِنَّ اللهَ أَوْحَاهُ إِليكَ، وأَخبرَكَ بهِ رَحمَةً منْهُ بِكَ وبِالعَبَادِ، إذ أرسَلَكَ إِلى قَومٍ- هُمُ العَرَبُ- لَمْ يَسْبِقْ أَنْ أَتَاهُمْ قَبلَكَ نَذِيرٌ، لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ بمَا جِئْتَهُمْ بهِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).

.تفسير الآية رقم (47):

{وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47)}
{آيَاتِكَ}
(47)- وَلَم نَشَأْ أَنْ نُنْزِلَ عَذَاباً بِقَومِكَ هؤلاءِ، قَبلَ أَنْ نُرِسلَ إليهِمْ رَسُولاً يَدْعُوهُم إِلى الله، وَيُبِيِّنُ لَهُمْ شَرْعَ الله وَأَوامِرَهِ، لِكَيلا يَحتَجُّوا بأَنَّهُم لم يَأْتِيهم رَسُولٌ ولا مُنْذِرٌ. وَلِكَيلا يَقُولُوا رَبَّنا لَوْ أَرْسَلَتْ إِلينَا رَسُولاً يُبَيِّنُ لنا لاتَّبَعْنَاهُ، ولآمنَّا بِكَ، وَصَدَّقْنَا رَسُولَك.

.تفسير الآية رقم (48):

{فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)}
{تَظَاهَرَا} {كَافِرُونَ}
(48)- فَلَمَّا أَرسَلَ اللهُ تَعَالى إِليهِم مُحَمَّداً رَسُولاً، قَالَ هؤلاءِ الكُفَّارُ على وجهِ التَّعَنُّتِ، والعِنَادِ، والكُّفرِ، والإِلحَادِ: هَلا جَاءَ بِمُعْجِزَةٍ مِثَلمَا جَاءَ عَلى يَدي مُوسَى (كالعَصَا واليَدِ...)، وقدْ جَاءَ مُوسى بِكُلِّ هذهِ الآياتِ العَظِيمَةِ إِلى فِرْعَونَ ومَلَئِهِ، فَلَم يُؤْمِنُوا، وكَفَروا واسْتَكْبَرُوا كَمَا كَفَرَ كَثيرٌ مِنَ البَشَرِ بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ تِلْكَ الآياتِ، وقَالُوا لِمُوسَى وَهَارُونَ: إِنَّهُما سَاحِرَانَ تَعَاوَنَا وتَنَاصَرا، وَصَدَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآخَرَ، وأَعلَنُوا كُفْرَهُمْ بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مُوسَى وَهَارُونَ.
(وَقيلَ بَلِ المَقْصُودُ بِقَولِهِمْ سِحْرانِ تَظَاهَرَا وَتَعَاوَنَا التَّورَاةُ والقُرآنُ، وقِيلَ بَلْ مُوسَى وَمُحَمَّدٌ).

.تفسير الآية رقم (49):

{قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49)}
{بِكِتَابٍ} {صَادِقِينَ}
(49)- كَثيراً مَا يَقْرِنُ اللهُ تَعَلاى ذِكْرَ التَّورَاةِ بِذِكْرِ القُرآنِ، وَهُنَا يَقُول مُخَاطِباً نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهؤلاءِ المكَذّبينَ: أئتُونَا بِكتابٍ مُنْزَلٍ مِنْ عندِ اللهِ يَكُونُ أَكثَرَ هِدَايةً مِنَ التَّورَاةِ والقُرآنِ، لأترُكَهُما وأَتَبَعَهُ، هذا إِنْ كُنتُمْ صَادِقينَ فيما تَقُولُونَ مِنْ أَنَّ اللهُ أَنْزَلَ خَيْراً مِنْهُما، وأَكْثَرَ وضُوحاً وتَفْصِيلاً.

.تفسير الآية رقم (50):

{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)}
{هَوَاهُ} {الظالمين}
(50)- فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا مَا طَلَبتَهُ مِنْهُمْ مِنَ الإِتيَانِ بكِتَابٍ أَهْدَى مِنَ التَّورَاةِ والقُرآنِ، وَلَمْ يَتَّبِعُوا الحَقَّ فاعْلَمْ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَيَتَكَلَّمُونَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ مَأْخُوذَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، واللهُ تَعَالى لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ، وَلا يُوفِّقُهُمْ إِلى اتِّبَاعِ سَبِيلِ الحَقِّ والرَّشَادِ.

.تفسير الآية رقم (51):

{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51)}
(51)- وَلَقدْ فَصَّلَ اللهُ تَعَالَى لَهُمُ الآيَاتِ، وأَنزلَ إِلَيهِمِ القُرآنَ مُتُواصِلاً بَعْضَهُ إِثرَ بَعْضٍ، حَسْبَمَا تَقْتَضِيهِ الحَاجَةُ (وَصَّلْنَا لَهُمُ القَوْلَ) وأَخْبَرَهُمْ بِمَا صنعَ بِمَنْ سَبَقَهُمْ مِنَ المُكَذِّبِينَ، وَبِمَا سَيَصْنَعُهُ بِهِمْ إِنِ استَمَرُّوا عَلى كُفْرِهِمْ وَتَعَنُّتِهِمْ- لَعلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فَيرتَدِعُوا، وَيَعُودُوا إِلى الحَقِّ.
وَصَّلْنا لَهُمُ القَوْلَ- أَنَزلْنَا عَلَيهِمِ القُرآنَ مُتَوَاصِلاً مُتَتَابِعاً.