فصل: تفسير الآية رقم (67):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (67):

{فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67)}
{آمَنَ} {صَالِحاً}
(67)- وأَما الذي تَابَ، مِنَ المُشرِكينَ، عَمَّا اقتَرَفَهُ مِنَ الشِّرْك والذُّنوبِ والمآثِمِ والمَحَارِمِ، وآمَنَ بِرَبّهِ إِيماناً مُخْلِصَاً، وصَدَّقَ رَسُولَهُ، وَعَمِلَ في الدُّنيا عَمَلاً صالحاً، فإِنَّهُ يَرجُو أَنْ يكُونَ في الآخِرَةِ مِنَ المُفْلِحينَ الفَائزينَ بِرِضوانِ الله.
(وَعَسَى مِنَ اللهَ تَعَالى مُوجِبَةٌ أَيْ إِنَّ ذَلكَ وَاقعٌ بِفَضْلِ اللهِ وَمِنَّتِهِ لا مَحَالَةَ).

.تفسير الآية رقم (68):

{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)}
{سُبْحَانَ} {وتعالى}
(68)- يُخْبِرُ اللهُ تََالى أَنه المُتَفَرِّدُ بالخَلْقِ والاختيارِ، وأَنَّهُ لا يُنَازِعُهُ في ذَلِكَ مُنَازِعٌ، ولا مُعَقِّبَ عَلى حُكْمِهِ، فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لمْ يشَأْ لمْ يكُنْ فالأمورُ كُلُّها، خيرُهَا وشَرُّها، بيدِهِ فَيختَارُ قَوماً لأَدَاءِ رِسَالتِهِ، وهِدايةِ خَلقِهِ، ويُمَيِّزُ بعضَ الخَلْقِ عَلى بَعْضٍ، ويُفَضِّلُه بمَا شاء، وليسَ للخَلْقِ أن يَخْتَاروا عَلى الله شَيئاً، ولهُ الخِيرَةُ عَليهم، وليسَ للخَلْقِ إلا اتِّبَاعُ ما اصْطَفَاهُ اللهُ، فَتَنَزَّهَ اللهُ تعلى عن شِرْكِهِمْ، وَتَبَارَكَ اسمُهُ وتَقَدَّسَ.
الخِيَرَةُ- الاختِيَارُ.

.تفسير الآية رقم (69):

{وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69)}
(69)- واللهُ رَبُّكَ يَا مُحَمَّد هُوَ الذِي يَعْلَمُ مَا تُكِنُّهُ الضَّمَائِرُ، وَمَا تَنْطَوي عَليه السَّرائِرُ، كَمَا يَعْلَمُ ما تُبدِيهِ الظَّواهِرُ، واختيارُهُ تَعَالى لِمَنِ اختارَهُمْ للإِيمانِ لهُ، مَبنِيُّ عَلَى عِلْمٍ منهُ بسَرائِرِ أمُورِهِم وبَواديها، فَيَختَارُ للخَيْرِ أهلهُ وَيُوفِّقُهُمْ لهُ، وَيُولِّي الشَّرَّ أهلَهُ، وَيُخَلِّهِمْ وَإيَّاهُ.
(وَقَدْ يكُونُ المَعْنى: وَرَبُّكَ يَا مَحَمَّدُ عَليمٌ بمَا تُخفِيهِ صُدُورَ المُشرِكينَ مِنْ عَداوَةٍ لَكَ، وَمَا يُعْلِنُونَهُ بألَسِنَتهمْ مِنَ الاعتِراضِ علَى اختيارِكَ للرّسَالةِ).
مَا تُكِنَّ صُدُورُهُم- مَا تُضْمِرُهُ مِنَ البَاطلِ والعَدَاوَةِ.

.تفسير الآية رقم (70):

{وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)}
{الآخرة}
(70)- وَرَبُّكَ أَيُّها الرَّسُولُ هُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلا هُوَ، وهُوَ المُتَفَرِّدُ بالأُلُوهِيّةِ، فَلا مَعبودَ سِوَاهُ، ولا رَبَّ غَيرُهُ، لَهُ الحَمْدُ فِي جَميعِ ما يفعَلُهُ (في الأُولى والآخِرَةِ)، فَهُوَ العَادِلُ، ولهُ الحُكْمُ، ولا مَعَقِّبَ لهُ، لِقَهرِهِ، وغَلَبَتِهِ، وحِكمَتِهِ، ورَحْمَتِهِ، وإِليهِ يَرجعُ الخَلْقُ جَميعاً سَوْمَ القِيامةِ، فَيَجْزِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، مِنْ خَيرٍ أَوْ شَرٍّ، وَلا يَخْفَى عَليهِ مِنْهُمْ خَافِيةٌ.

.تفسير الآية رقم (71):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71)}
{أَرَأَيْتُمْ} {الليل} {القيامة}
(71)- يَمْتَنُّ اللهُ تَعَالى عَلَى خَلْقِهِ بِمَا سَخَّرَ لَهُمْ مِنَ اللَّيلِ والنَّهَارِ، لِيَكْسبوا مَعايِشَهُمْ في النَّهارِ، ولِيسْكُنُوا في اللّيلِ، ويَرتَاحُوا. ولوْ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ اللَّيْلَ دَائماً عَلَيهِمْ مُتَتَابِعاً (سَرْمَداً) إِلى يَومِ القِيَامَةِ، لأَضَرَّ ذَلكَ بِهِمْ، ولَسَئِمَتْهُ النُّفُوسُ، وَلا يَستَطيعُ أَحَدٌ مِنَ الأَندَادِ والأَصْنَامِ، الذِينَ يَدْعُوهم المُشرِكُونَ، أنْ يأتِيَهُمْ بِضياءٍ يُبصِرُونَ فيهِ، وَيَسْتأَنِسُونَ بمَا يَرَوْنَهُ، أفلا يَسمعُونَ هذا الذِي يُقَالُ لَهُمْ وَتَتَدَبَّرُونَهُ؟
أَرَأيْتُمْ- أَخْبِرُوني.
سَرْمَداً- دَائماً مُطَّرداً.

.تفسير الآية رقم (72):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72)}
{أَرَأَيْتُمْ} {القيامة}
(72)- وإِذا أَرادَ اللهُ أَنْ يَجْعَلَ النَّهارَ عَلَى النَّاس دَائماً سَرْمَداً إِلى يومِ القِيَامَةِ، لأضَرَّ ذلكَ بِهِمْ، ولَتَعِبَتِ الأَبدَانُ وَكَلَّتْ مِنْ كَثْرَةِ الحَرَكَةِ والأشْغَالِ، ولا يَستَطِيعُ أحدٌ مِنْ هؤلاءِ الأَنْدَادِ والأَصْنَامِ أَنْ يأتَي بليلٍ يَرْتَاحُ فيهِ النَّاس ويُسكُنُونَ. أفَلا يُبصيِرُ هؤلاءِ بأعيُنِهِمْ تَدبيرَ اللهِ وخَلْقَهُ؟

.تفسير الآية رقم (73):

{وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73)}
{الليل}
(73)- ومِنْ رَحْمَتِه بِكُم أَنَّهُ خَلَق اللَّيلَ مُظْلِماً لِتَسكُنُوا فيهِ، وتَرتَاحُوا وَخَلَقَ النَّهارَ مُضِيئاً، لتَعمَلُوا فيهِ، ولتكسبُوا مَعَايِشَكُم بالعَمَلِ والأَسْفَارِ (لِتَبتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)، وهُوَ تَعَالَى يُذَكِّرُكُمْ بِنِعمَتِهِ وآلائِهِ عَليكُم لَعَلَّكُمْ تَقُومُونَ بِشُكْرِهِ عَليها بأَداءِ العِبَادَاتِ لهُ في الليْلِ والنَّهَارِ، وتُخْلِصُونَ الحَمدَ لَهُ.

.تفسير الآية رقم (74):

{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (74)}
{شُرَكَآئِيَ}
(74)- وَيَومَ القِيَامَةِ يُنَاجدي الرَّبُ تَعَالى المُرِكينَ عَلَى رُؤوسِ الأشْهَاد مُوَبِّخاً ومُقَرِّعاً، فَيَقُولُ لَهم: أَينَ الذِين كُنتُم تَزْعمُونُ في الدَّارِ الدُّنيا أَنَّهُمْ شُرَكَائي، هَلا دَعَوْتُمُوهُمْ لِيُخَلِّصُوكُمْ مِمّا أنتُمْ فيهِ اليَوْمَ؟

.تفسير الآية رقم (75):

{وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (75)}
{بُرْهَانَكُمْ}
(75)- وَيومَ القِيامَةِ يَنْزِعُ اللهُ تَعَالى مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَاهِداً عَلَيها، هُوَ نَبيُّها، فَيشْهَدُ عَلَيها بما أَجَابَتهُ بهِ أُمَّتُهُ حينَ دَعَاها إِلى اللهِ، وأَبلَغَها رَسَالاتِ رَبِّهِ، ويَقُولُ اللهُ تَعَالى لِلمُخَالِفينَ مِنْهُم: هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ مِنْ حُجَّةٍ وَبُرهَانٍ على صِحَّةِ ما ادَّعيتُمُوهُ مِنْ أَنَّ للهِ شُرَكَاءَ. وَحِينئذٍ يَعلَمُونَ أَنَّهُ لا إلهَ إلا اللهُ المَلِكُ الحَقُّ، وَلا حَقَّ غَيرُهُ، فَلا يَنطِقُونَ، ولا يُجِيبُونَ بِشَيءٍ عَنْ سُؤالِ الرَّبِّ العَظيمِ، وَيَتَلاشَى باطِلُهُمْ، وَمَا كَانُوا يَدْعُونَهُ مِنْ دُون اللهِ.

.تفسير الآية رقم (76):

{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76)}
{قَارُونَ} {وَآتَيْنَاهُ} {لَتَنُوءُ}
(76)- ويَلْفِتُ اللهُ تَعَالى نَظَرَ كُبَراءِ قُريشٍ، الذِين اغتَرُّوا بأَمَوالِهِم، واسْتَطَالُوا بِهَا عَلَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وَعَلَى المُؤمنينَ، إِلى أنَّ المَالَ عَرَضٌ زَائِلٌ، وَأَنَّ المَالَ لا قِيمَةَ لهُ في مِيزَانِ اللهِ تَعَالى، يَوْمَ الحِسَابِ في الآخِرَةِ، وأَنَّ أمْوالَ هؤلاءِ الكُفَّارِ مِنْ قُريشٍ، لا تُعَدُّ شيئاً مذكُوراً بالنِّسبةِ لِلمَالِ الذي آتاهُ اللهُ قَارُونَ، ثُمَّ خَسَفَ اللهُ بهِ وبدَارِهِ الأَرْضَ لأَنَّهُ بَطِرَ وَأَشِرَ، واسْتَكْبَرَ ولم يَبْتَعِ بهذا المَالِ ثَوابَ اللهِ، وجَزَاءَهُ في الدَّارِ الآخِرَةِ.
وَيَقُولُ تَعَالى إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ بَني إِسرائيلَ (وَقَالَ بعضُ المُفَسِّرينَ إِنَّهُ كَانَ مِنْ أقرِباءِ مُوسَى عَليهِ السَّلامُ)، وَقَدْ آتاهُ اللهُ كثيراً منَ المَالِ، حَتَّى إِنَّ مَفَاتَيِحَ خَزَائِنِ أمْوَالِهِ لَيَصْعُبُ عَلَى الجَمَاعَةِ حَمْلُها لِكَثْرَتِهَا، وَثِقلِ وَزْنِها، فَطَغَى وَبَغَى، وَبَطِرَ، وَتَكَّبرَ، فَقَالَ لبهُ قَومُهُ ناصِحِينَ: لا تَبْطَرْ، ولا تَفْرَحْ بمَا أَنتَ فيهِ من النَّعمَةِ والمَالِ، لأَنَّ اللهَ تَعَالى لا يحِبُّ البَطرِينَ الأَشِرِينَ، الذين لا يَشكُرونَ اللهَ عَلَى نِعَمِهِ وآلائِهِ، وَتَنْسِيهمُ الدُّنيا والآخِرَةَ.
فَبَغَى عَلَيهِمْ- ظَلَمَهُمْ وَتَكَبَّرَ عَلَيهِمْ.
لَتَنُوء بالعُصْبَةِ- لَتُثْقِلُ الجَمَاعَة الكَثَيرَةَ وتَمِيلُ بِهِمْ.
لا تفرحْ- لا تَبْطَرْ ولا تَأْشَر بِكَثْرةِ المَالِ.

.تفسير الآية رقم (77):

{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)}
{آتَاكَ} {الآخرة}
(77)- واسْتَعْمِلْ مَا وَهَبكَ اللهُ مِنَ المَالِ الجَزيلِ، والنَّعمَةِ الطَّائِلَةِ، في طَاعَةِ رَبِّكَ، والتَّقَرُّبِ إليهِ، ولا تَنْسَ حَظَّكَ (نَصِيبَكَ) مِنَ الدُّنيا، ممَّا أَبَاحَهُ اللهُ فيها لِعِبادِهِ، مِنَ المَآكِلِ والمَشَارِبِ والمَلابِسِ وغَيرها.. فإِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيكَ حَقّاً، وَلِنَفَسِكَ عَليكَ حَقّاً،.. فَآتِ كُلِّ ذي حقٍّ حَقَّهُ. وأحْسِنْ إِلى خَلْقِ اللهِ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ولا يَكنْ هَمُّكَ الإِفسَادَ في الأَرضِ، والإِساءَةَ إلى خَلْقِ اللهِ، إنّ الله لا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ.

.تفسير الآية رقم (78):

{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)}
{لا يُسْأَلُ}
(78)- فَأَجَابَ قَارُونَ نَاصِحِيهِ مِنْ قَومِهِ: إِنَّهُ لا يَفْتَقِرُ إلى مَا يَقُولُونَ، فإِنَّ الله إِنَّما أعطَاهُ هذا المَالَ لِعلمِهِ بأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ، وَلأَنَّهُ يُحِبّهُ. ويَرُدّ اللهُ تَعَالى عَليهِ قائِلاً: إِنَّهُ كَانَ قَبلَ قَارُونَ أُناسٌ كثيرونَ أكثرُ منهُ مالاً، إِلا أَنهُ سُبحَانَهُ لَمْ يُعْطِهِمْ هذا المَالَ عَنْ مَحَبَّةٍ منهُ لهُمْ، وَقَدْ أَهْلَكَهُمْ بِكُفْرِهِمْ، وَعَدمِ شُكرِهِمْ، وفي الآخِرَةِ لا يَسْأَلُ اللهُ تَعَالى المُجرِمينَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ، ومِقْدَارِهَا وَكُنْهِها.. وَلا يُعَاتِبُهُمْ عَلَيها، وإِنِّما يُلْقِيهِمْ فِي جَهَّنَم دُونَ سُؤَالٍ.
مِنَ القْرُونِ- مِنَ الأُمَمِ.
لا يُسْأَلُ- سُؤَال اسْتِعلامٍ بلْ سُؤَالَ تَوِبيخٍ.

.تفسير الآية رقم (79):

{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79)}
{الحياة} {ياليت} {قَارُونُ}
(79)- وَخَرَجَ قَارُونَ ذَاتَ يومٍ عَلَى قَومِهِ، وَهُوَ في زِينَةٍ عَظِيمَةٍ، وتَجَمُّلٍ بَاهِرٍ، فلما رَآه مَنْ يُريدُ الحَيَاةَ الدُّنيا، وَيمَيلُ إلى زُخُرفِها وزِينَتِها مِنْ قَومِهِ، تَمَنُّوا أَنْ لَوْ كَانُوا يُعطَوْنَ مِثْلِ ما أُعْطِيَ قَارُونُ مِنَ المَالِ، فهوَ ذُو حَظٍّ عظيمٍ وافرٍ في الدُّنيا.
في زِينتِه- في مَظَاهِرِ غِنَاهُ وَتَرَفِهِ.

.تفسير الآية رقم (80):

{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)}
{آمَنَ} {صَالِحاً} {يُلَقَّاهَآ} {الصابرون}
(80)- فَلَمَّا سَمِعَ أهلُ العِلْمِ النَّافِع مَقَالَةَ مَنْ تَمَنَّوا أَنْ يكُونَ لَهُمْ مِثلُ مَا أُوتِيَ قَارُونُ من المَالِ، قَالُوا لَهُمْ: الوَيلُ والهَلاكُ لَكُمْ عَلَى ما تَمَنِّيتُمْ، فَما يدِّخِرُهُ اللهُ مِنْ جَزاءٍ وثَوَابٍ لِعبَادِهِ الصَّالِحينَ في الدَّارِ الآخِرَةِ خيرٌ ممَّا تَرَوْنَهُ، ولا يَفُوزُ بالجَنَّةِ ونَعيمِها فِي الدَّارِ الآخِرَةِ إِلا الصَّابِرُونَ على مَحَبَّتِهِ، الرَاغِبونَ في الدَّار الآخِرَةِ.
وَيْلَكُم- زَجْرٌ لَهُم عَلَى هذا التَّمنِّي- والوَيلُ لُغَةً الهَلاكُ.
لا يَلَقَّاهَا- لا يُوفَّقُ لِلْعَمَلِ لِلمَثُوبَةِ.