فصل: تفسير الآية رقم (11):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (11):

{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11)}
(11)- فَيَقُولُ الكَافِرُونَ: رَبَّنَا خَلَقْتَنَا مِنْ عَدَمٍ وَلَمْ تَكُنْ لَنَا حَيَاةٌ، وَأَمَتَّنَا حِينَ انْقَضَتْ آجَالُنَا، وَأَحْيَيْتَنا أَوَلاً بِنَفْخِ الأَرْوَاحِ فِينَا وَنَحْنُ فِي الأَرْحَامِ، وَأَحْيَيْتَنَا بِإِعَادَةِ أَرْوَاحِنَا إِلَى أَبْدَانِنَا يَوْمَ البَعْثِ، والنُّشُورِ، فَاْعْتَرَفْنَا بِأَنَّنَا كُنَّا أَنْكَرْنَا البَعْثَ فَكَفَرْنَا، وَاجْتَرَحْنَا السَّيِّئَاتِ، فَهَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى إِخْرَاجِنَا مِنَ النَّارِ، وَإِعَادَتِنَا إِلَى الحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَعْمَلَ غَيَرَ الذِي كُنَّا نَعْمَلُ؟ فَأَنْتَ القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ.

.تفسير الآية رقم (12):

{ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12)}
(12)- فَيُجَابُونَ عَلَى سَؤَالِهِمْ هَذَا أَنْ لا سَبِيلَ إِلَى الرَّجعَةِ إِلَى الدُّنْيَا، وَلا إِلَى الخُرُوجِ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ إِذَا ذَكِرَ اللهُ العَلِيُّ القَدِيرُ وَحْدَهُ كَفرْتُمْ وَأَنْكَرْتُمْ أَنْ تَكُونَ الألوهِيَّةُ خَالِصَةً للهِ وحدَهُ، وَإِنْ أَشْرَكَ بِهِ مُشْرِكٌ صَدَّقْتُمُوهُ وَآمَنْتُمْ بِهِ. وَمَا ذَلِكَ إِلا لِفَسَادِ طِبَاعِكُمْ، وَرَفْضِهَا لِلْحَقِّ، فَإِذَا عُدْتُمْ إِلَى الدُّنْيَا عُدْتُمْ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيِهِ مِنْ فَسَادٍ وَكُفْرٍ وَإِفْسَادٍ فِي الأَرْضِ، فَالحُكْمُ اليَوْمَ للهِ، وَهُوَ لا يَحْكُمُ إِلا بِالحَقِّ، وَهُوَ ذُو الكِبْرِيَاءِ والعَظَمَةِ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ، وَقَدِ اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ خُلُودَ الكَافِرِينَ فِي النَّارِ فَلا سَبِيلَ إِلَى الخُرُوجِ مِنْهَا.
تُؤْمِنُوا- تُذِعْنُوا وَتُقِرُّوا بِالشِّرْكِ.

.تفسير الآية رقم (13):

{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13)}
{آيَاتِهِ}
(13)- وَاللهُ تَعَالَى يُظْهِر قُدْرَتَهُ لِخْلْقِهِ بِمَا يُشَاهِدُونَهُ فِي العَالَمَيْن العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ مِنَ الآيَاتِ العَظِيمَةِ الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِ خَلْقِهَا، وَقُدْرَةِ مُبْدِعِهَا، وَتَفَرُّدِهِ بالألوهِيةِ، فَيُنَزِّلُ المَطَرَ مِنَ السَّمَاءِ فَيُخْرِجُ بِهِ الزَّرْعَ والنَّبَاتَ والثِّمَارَ بِأَلْوَانٍ وَطُعُومٍ وَأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَبِقُدْرَتِهِ العَظِيمَةِ فَاوَتَ بَيْنَ هَذِهِ الأَشْيَاءِ التِي تُسْقَى كُلَّهَا مِنْ مَاء وَاحِدٍ، وَمَا يَعْتَبِرُ بِهَذِهِ الآيَاتِ، وَيَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى عَظَمَةِ خَالِقَهَا إِلا مَنْ هُوَ بَصِيرٌ مُنِيبٌ إِلَى اللهِ تَعَالَى.
مَنْ يُنِيبُ- مَنْ يَرْجِعُ إلَى التَّفَكُّرِ فِي الآيَاتِ.
{الكافرون}

.تفسير الآية رقم (14):

{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14)}
(14)- فَأَخْلِصُوا العِبَادَة للهِ وَحْدَهُ، وَخَالِفُوا المُشْرِكِينَ فِي مَسْلَكِهِمْ وَمَذْهَبِهِمْ، وَلا تَلْتَفِتُوا إِلى كَرَاهِيتَهِمْ لِذَلِكَ.

.تفسير الآية رقم (15):

{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15)}
{الدرجات}
(15)- فَاللهُ تَعَالَى أَرْفَعُ المَوْجُودَاتِ، وَأَعْظَمُهَا شَأْناً، لأَنَّ كُلَّ شَيءٍ فِي الوُجُودِ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَهُوَ تَعَالَى ذُو العَرْشِ المُسْتَوي عَلَيْهِ، فَهُوَ مُسْتَوْل عَلَى الأَجْسَامِ والأَرْوَاحِ وَيُلْقِي الوَحْيَ بِقَضَائِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ الَّذِينَ يَصْطَفِيهِمْ لِحَمْلِ رِسَالَتِهِ، وَليُنْذِرَ بِالعَذَابِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهُوَ اليَوْمُ الَّذِي تَلْتَقِي فِيهِ الخَلائِقُ جَمِيعُهَا.
رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ- أَيْ العَلِيُّ الأَعْلَى الَّذِي اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ واخْتَصَّ بِهِ وَارْتَفَعَتْ دَرَجَاتُهُ تَعَالَى ارْتِفَاعاً بَايَنَ بِهِ مَخْلُوقَاتِهِ وارْتَفَعَ بِهِ قَدْرُهُ، وَجَلَّتْ أَوْصَافُهُ وَتَعَالَتْ ذَاتُهُ أَنْ يُتَقَرَّبَ إِلَيْهِ إِلا بِالعَمَلِ الزَّكِيِّ الطَّاهِرِ المُطَهَّرِ وَهُوَ الإِخْلاصُ الذِي يَرْفَعُ دَرَجَاتِ أصْحَابِهِ، وَيُقَرِّبُهُمْ إِلَيْهِ، وَيَجْعَلُهُمْ فَوَقَ خَلْقِهِ.

.تفسير الآية رقم (16):

{يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)}
{بَارِزُونَ} {الواحد}
(16)- وَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ تَبْرُزُ الخَلائِقُ لِلْوَاحِدِ القَهَّارِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ تَعَالَى وَتَبَارَكَ مُنَادِياً الخَلائِقَ فِي المَحْشَرِ: لِمَنِ المُلْكُ اليَومَ؟ فَلا يُجِيبُهُ أَحَدٌ فَيَقُولُ: للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ الذِي قَهَرَ كُلَّ شَيءٍ بِعِزَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ.

.تفسير الآية رقم (17):

{الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)}
(17)- وَاليَومَ تَلْقَى كُلُّ نَفْسٍ جَزَاءَ عَمِلَهَا، فَلا تُبْخَسُ نَفْسٌ مَا اسْتَوْجَبَتْهُ مِنْ أَجْرٍ عَلَى عَمَلٍ عَمِلتهُ فِي الدُّنْيَا، (فَلا يُنْقَصُ مِنْهُ) إِنْ كَانَ صَالِحاً، وَلا يُحْمَلُ عَلَيْهَا إِثْمُ ذَنْبٍ لَمْ تَعْمَلَهُ. وَاللهُ تَعَالَى سَرِيعُ الحِسَابِ، يُحَاسِبَ الخَلائِقَ كُلَّهُمْ كَمَا يُحَاسِبُ نَفْساً وَاحِدَةً.

.تفسير الآية رقم (18):

{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18)}
{الأزفة} {كَاظِمِينَ} {لِلظَّالِمِينَ}
(18)- وَأَنْذِرْ يَا مُحَمَّدُ مُشْرِكِي قَوْمِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَمَا فِيهِ مِنْ أَهْوَالٍ وَعَذَابٍ أَلِيمٍ، وَهُوَ يَومٌ يَعْظمُ فِيهِ الخَوْفُ، حَتَّى لَيَشْعُرُ كُلُّ آمْرِيءٍ أَنَّ قَلْبَهُ تَعلَّقَ بِحَلقِهِ، فَيُرِيدُ إِرْجَاعَهُ إِلَى مَوْضِعِهِ فَلا هُوَ قَادِرٌ عَلَى ردِّهِ إِلَى مَوْضَعِهِ مِنَ الصَّدْرِ، وَلا القَلْبُ بِخَارِجٍ فَيُقْضَى عَلَى المَرْءِ بِالْمَوْتِ.
وَفِي ذَلِكَ لا يَكُونَ لِلذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالكَفْرِ والشِّرْكِ قَرِيبٌ يَنْفَعُهُمْ، وَلا شَفِيعٌ تَقْبَلُ شَفَاعَتُهُ لَهُمْ.
الآزِفَةُ- اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَسُمِّيت بِذَلِكَ لاقْتِرَابِ مَوْعِدِهَا.
كَاظِمِينَ- بَاكِينَ أَوْ مُمْسِكِينَ عَلَى الغَمِّ الذِي يَمْلأُ صُدُورَهُمْ.
حِمِيمٍ- قَرِيبٍ مُشْفِقٍ.

.تفسير الآية رقم (19):

{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)}
{خَائِنَةَ}
(19)- وَهُوَ تَعَالَى يَعْلَمُ كُلَّ شَيءٍ حَتَّى إِنَّهُ لَيَعْلَمُ العَيْنَ الخَائِنَةَ التِي تَنْظرُ خِلْسَةً إِلَى مَا لا يَحِلُّ لَهَا. وَيَعْلَمُ خَبَايَا الصُّدُورِ مِنَ الضَّمَائِرِ والسَّرَائِرِ، وَمَا تُوَسْوِسُ بِهِ النَّفْسُ.
خَائِنَةَ الأَعْيُنِ- النَّظْرَةَ الخَائِنَةَ إِلَى مَا لا يَحِلُّ.

.تفسير الآية رقم (20):

{وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20)}
(20)- واللهُ تَعَالَى يَحْكُمُ بِالعَدْلِ بَينَ الخَلائِقِ، وَيُحَاسِبُهُمْ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِهِمْ جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا، وَيَجْزِيهِمْ عَلَيهَا. وَالآلِهَةُ التي يَعْبُدُهَا المُشْرِكُونَ لا تَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بَشَيءٍ، وَلا تَعْلَمُ شَيئاً. وَاللهُ تَعَالَى هُوَ السَّمِيعُ لِمَا يَقُولُهُ العِبَادُ، البَصِيرُ بِمَا يَفْعَلُونَهُ.

.تفسير الآية رقم (21):

{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21)}
{عَاقِبَةُ} {آثَاراً}
(21)- أَوَ لَمْ يَسِرُ هَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ بِاللهِ، المُكَذِّبُونَ رُسُلَهُ، الجَاحِدُونَ بِآيَاتِهِ، فِي البَلادِ، لَيَرُوا عَاقِبَةَ مَنْ كَانُوا قَبْلَهُمْ مِنَ الأُمَمِ السَّالِفَةِ، سَلَكُوا سَبِيلَهُمْ فِي الكُفْرِ، وَقَدْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْ هَؤُلاءِ بَطْشاً، وَأَبْقَى فِي الأَرْضِ أَثَراً، فَلَمْ تَنْفَعْهُم قَوَّتُهُمْ، وَلا عَظِيمُ مَا خَلَّفُوهُ فِي الأَرْضِ مِنْ آثَارٍ حِينَمَا جَاءَهُمْ أَمَرُ اللهِ، وَأَخَذَهُمْ جَمِيعاً فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُمْ أَحَداً بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَذُنُوبِهِمْ، وَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مَنْ يَقِيهِمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَلا مَنْ يَمْنَعُ عَنْهُمْ بَأْسَهُ وَبَطْشَهُ.
وَاقٍ- دَافِعٍ عَنْهُمُ العَذَابَ.

.تفسير الآية رقم (22):

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22)}
{بالبينات}
(22)- وَقَدْ أَخَذَهُم اللهُ تَعَالَى وَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَاقٍ وَلا نَاصِرٍ، لأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُ رَبِّهِمْ بِالبَرَاهِين والحُجَجِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُودِ اللهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَعَظَمَتِهِ، فَكَفَرُوا بِهَا، فَأَهْلَكَهُمْ اللهُ وَأَبَادَهُمْ، وَلَمْ يُتْرُكْ لَهُمْ فِي أَرْضِهِمْ مِنْ بَاقِيةٍ، وَاللهُ تَعَالَى قَوِيٌّ عَزِيزٌ، ذُو بَطْشٍ شَدِيدٍ.

.تفسير الآية رقم (23):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23)}
{بِآيَاتِنَا} {سُلْطَانٍ}
(23)- يُسَلِّي اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ الكَرِيمَ عَمَّا يُلاقِيهِ مِنْ تَكْذِيبِ المُكَذِّبِينَ، فَيَذْكرُ لَهُ قَصَصَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ اللهِ، وَمَا لاقوهُ مِنْ أَقْوَامِهِمْ، فَكَانَتِ العَاقِبَةُ لَهُمْ، والدِّمَارُ لأَعْدَائِهِمْ وَمُكَذِّبِيهِمْ.
وَبَدأ اللهُ تَعَالَى بِسَرْدِ قِصَّة مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ، فَقَالَ: إِنَّهُ أَرْسَلَهُ بِالآَيَاتِ البَيِّنَاتِ وَالْحُجَجِ الدَامِغَاتِ.

.تفسير الآية رقم (24):

{إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24)}
{هَامَانَ} {قَارُونَ} {سَاحِرٌ}
(24)- إِلَى فِرْعونَ مَلِكِ مِصْرَ، وَهَامَانَ وَزِيرِهِ، وَقَارُونَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَغْنَى أَهْلِ زَمَانِهِ (وَجَاءَ فِي آيةٍ أُخْرَى إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى) فَكَذَّبُوا مُوسَى، وَقَالُوا جَمِيعُهُمْ إنَّهُ سَاحِرٌ كَذَّابٌ، لأَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنْ مُقَارَعَةِ الآيَاتِ التِي جَاءَهُمْ بِهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ.

.تفسير الآية رقم (25):

{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25)}
{آمَنُواْ} {الكافرين} {ضَلالٍ}
(25)- فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِالآيَاتِ البَيِّنَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ تَعَالَى، وَعظِيمِ سُلْطَانِهِ وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الذِي أَرْسَلَ مُوسَى إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِمَنْ حَوْلَهُ: اقْتُلُوا الذُّكُورَ مِنْ أَبْنَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الذِينَ آمَنُوا بِمُوسَى وَرِسَالَتِهِ، وَاسْتَبْقُوا نِسَاءَهُمْ، زَيَادَةً فِي الإِذْلالِ والنَّكَالِ، وَذَلِكَ لِيتَشَاءَمَ بَنُو إِسْرَائِيلَ المَوْجُودُونَ فِي مِصْرَ مِنْ مَوسَى، إِذْ تَكُونُ المَصَائِبُ قَدْ حَلَّتْ بِهِمْ مِنْ جَرَّاءِ تَصْدِيقِهِمْ لِمُوسَى بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ. وَكَانَ هَدَفُ فِرْعَونَ وَمَلَئِهِ، مِنْ قَتْلِ الذُّكُورِ أَنْ يَنْقُصَ عَدَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لئِلا يَغْلَبُوا عَلَى القِبْطِ؛ وَلَكِنَّ مَكْرَهُمْ هَذَا أَفْسَدَهُ اللهُ تَعَالَى، وَأَنْفَذَ اللهُ قَدَرَهُ، فَأَنْجَى مُوسَى وَبَني إِسْرَائِيلَ وَأَهْلَكَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ.
اسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ- اسْتَبْقُوا بَنَاتِهِمْ أَحْيَاءً لِلْخدْمَةِ.
ضَلالٍ- ضَيَاعٍ وَبَاطِلٍ.

.تفسير الآية رقم (26):

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26)}
(26)- وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِمَلَئِهِ: دَعُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَليَسْتَنْجِدْ مُوسَى بِرَبِّهِ لَينْقِذَهُ إِنْ كَانَ صَادِقاً فِي قَوْلِهِ إِنَّ لَهُ رَبّاً أَرْسَلَهُ، وَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى حِمَايَتِهِ، لأَنَّ فِرْعَوْنَ يَخَافُ- عَلَى مَا قَالَهُ لمَلَئِهِ- أَنْ يُفْسِدَ مُوسَى مُعْتَقَدَاتِ القِبْطِ، أَوْ أَنْ يَخْلَقَ بِدْعْوَتِهِ الاضْطِرابَاتِ والقَلاقِلَ فَتَتَعَطَّلَ الأَعْمَالُ فِي المَزَارِعِ والمَتَاجِرِ.

.تفسير الآية رقم (27):

{وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27)}
(27)- وَرَدَّ مُوسَى عَلَى تَهْدِيدِ فِرْعَوْنَ إِيَّاهُ بِالقَتْلِ وَالإِيذَاءِ، بِأَنِ اسْتَجَارَ بِاللهِ، وَاسْتَعَانَ بِهِ مِنْ شَرِّ كُلِّ مُسْتَكْبِرٍ لا يُذْعِنُ لِلْحَقِّ، وَلا يُؤْمِنُ بِبَعْثٍ وَلا حَشْرٍ وَلا نَشْرٍ.
عُذْتُ- اعْتَصَمتُ وَاسْتَجَرْتُ.