فصل: تفسير الآية رقم (42):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (42):

{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)}
{الباطل}
(42)- وَالقُرْآنُ الكِتَابُ العَزِيزُ، لَيْسَ لِلْبَاطِلِ إِلَيهِ سَبِيلٌ لأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ رَبِّ العَالِمِينَ، وَمَا كَانَ مُنَزَّلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ فَلا تَصِلُ إِلَيهِ أَيْدِي المُبْطِلِينَ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} واللهُ تَعَالَى حَكِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَشَرْعِهِ وَقَدَرِهِ وَفِعْلِهِ، مَحْمُودٌ فِي جَمِيعِ مَا يَأْمرُ بِهِ، وَمَا يَنْهَى عَنْهُ.
حمِيدٍ- مَحْمُودٍ.

.تفسير الآية رقم (43):

{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43)}
(43)- هَذِهِ الآيَةُ فُسِّرَتْ عَلَى وَجْهَينِ:
1- مَا يُقَالُ لَكَ مِنَ التَّكذِيبِ إِلا كَمَا قَدْ قِيلَ لِمَنْ جَاءَ قَبْلَكَ مِنَ الرُّسُلِ، فَكَمَا كُذِّبْتَ أَنْتَ، كُذِّبُوا هُمْ، وَكَمَا صَبَرُوا عَلَى أَذَى أقْوَامِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ فَاصْبِرْ أَنْتَ عَلَى أَذَى قَوْمِكَ وَتَكْذِيبِهِمْ لَكَ.
2- إِنَّ رِسَالَةَ اللهِ لِرُسُلِهِ، وَاحِدَةٌ، وَمَبَادِئَ الدَّعْوَةِ التِي جَاءَ بِهَا الرُّسُلُ جَمِيعاً مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ وَاحِدَةٌ، وَالعَقِيدَةُ وَاحِدَةٌ، وَتَكْذِيبَ المُكَذِبينَ وَاعْتِرَاضَاتِهِمْ عَلَى مَا جَاءَهُمْ بِهِ الرُّسُلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاحِدَةٌ. وَمِمَّا قِيلَ لِلرُّسُلِ، وَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً: إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ، وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ، لِتَسْتَقِيمَ نُفُوسُ المُؤْمِنِينَ فََطْمَعُوا فِي رَحْمَةِ اللهِ، وَيَحْذَرُوا عِقَابَهُ، وَيَخْشَوْا بَأْسَهُ، فَلا يَغْفلُوا عَنْ ذِكْرِهِ أبداً.

.تفسير الآية رقم (44):

{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}
{جَعَلْنَاهُ} {قُرْآناً} {آيَاتُهُ} {ءَاعْجَمِيٌّ} {آمَنُواْ} {آذَانِهِمْ} {أولئك}
(44)- يُذَكِّرُ اللهُ تَعَالَى المُشْرِكِينَ العَرَبَ بِمَا أَنْعَمَهُ عَلَيْهِمْ إِذْ أَنّزَلَ عَلَيْهِمْ القُرْآنَ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ لِيَفْهَمُوهُ، وَيَتَدَبَّرُوا أَحْكَامَهُ. ثُمَّ يُشِيرُ تَعَالَى إِلَى طَريقَتِهِمْ فِي العِنَادِ، وَالمُكَابَرَةِ، وَيَسْتَنْكِرُها عَلَيْهِمْ فَيَقُولُ تَعَالَى: إِنَّهُ لَوْ أَنْزَلَ عَلَيْهِمِ القُرْآنَ بِلُغَةٍ أَعْجَمِيَّةٍ لاعْتَرَضُوا عَلَيْهِ، وَلَقَالُوا: لَوْلا جَاءَ عَرَبيّاً فَصِيحاً مُفَصّلاً دَقِيقاً.
وَلَوْ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ بَعْضَهُ عَرَبِياً وَبَعْضَهُ أَعْجَمِيّاً لاعْتَرَضُوا كَذَلِكَ وَلَقَالُوا: أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ؟؟
وَحِينَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ القُرْآنُ عَرَبِياً مُبِيناً قَالُوا: لا تَسْمَعُوا لِهَذَا القُرْآنِ والغَوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ. فَهُمْ لا يُرِيدُونَ إِلا الجَدَلَ والمُكَابَرَةَ وَالمُعَانَدَةَ، وَهَذَا القُرْآنُ هُوَ هُدًى لِلْمُؤْمِنِينَ يَهْتَدُونَ بِأَحْكَامِهِ وَبِمَا جَاءَ فِيهِ، وَهُوَ شِفَاءٌ لِنُفُوسِهِمْ. أَمَّا الذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ فَقُلُوبُهُمْ مَطْمُوسَةٌ لا تَفْقَهُ، وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَصَمَمٌ، فَلا تَسْمَعُ، وَفِي قُلُوبِهِمْ عَمًى فَلا تَتَبَيَّنُ مِنْهُ شَيئاً. فَكَأَنَّ حَالَهُمْ حَالُ مَنْ يُنَادِيهِ أَحدٌ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفْهَمَ مِنْهُ مَا يَقُولُهُ لَهُ.
(أَوْ أَنَّ هَذَا القُرْآنَ بَعِيدٌ جِداً مِنْ قُلُوبِهِمْ).
قُرْآناً أَعْجَمِيّاً- بِلُغَةٍ أَعْجَمِيَّةِ.
لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ- هَلا بُيِّنَتْ آيَاتُهُ بِلِسَانٍ نَعْرِفُهُ.
أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ- أُقْرآنٌ أَعْجَمِيٌّ بَعْضَهُ، وَبَعْضُهُ عَرَبِيٌّ، أَوْ أَقُرآنٌ أَعْجَمِيٌّ، وَرَسُولٌ عَرَبِيٌّ.
فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ- صَمَمٌ وَثِقلٌ يَمْنَعُهُمْ مِنَ السَمْعِ.
هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى- ظُلْمَةٌ وَشُبَهَةٌ مُستَوليَةٌ عَلَيْهِمْ.

.تفسير الآية رقم (45):

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)}
{آتَيْنَا} {الكتاب}
(45)- وَلَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى التَّوْرَاةَ (الكِتَابَ) عَلَى مُوسَى، فَاخْتَلَفَ قَوْمُهُ فِيهِ، وَقَدْ أَجَّلَ اللهُ تَعَالَى حُكْمَهُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُهُ أَنْ يَكُونَ الفَصْلُ فِي هَذِهِ الاخْتِلافَاتِ كُلِّهَا إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ. وَلَوْلا سَبْقُ وَعْدِهِ بِهَذَا لَفَصَلَ بَيْنَهُمْ، وَلَعَجَّلَ العِقَابَ لِمَنْ يَسْتَحِقُّونَهُ. وَلَمْ يَكُنْ تَكْذِيبُ مَنْ كَذَّبَ مِنْ قَوْمِهِ بِالكِتَابِ عَنْ بَصِيرَةٍ وَيَقِينٍ، وَإِنَّمَا كَانُوا جَهَلةً يُكَذِّبُونَ بِلا عِلْمٍ، وَهُمْ مُتَشَكِّكُونَ فِيمَا يَقُولُونَ.
مُرِيبٍ- مُثِيرٍ لِلشَّكِّ أَوْ مُوقِعٍ فِي الرِّيبَةِ.

.تفسير الآية رقم (46):

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)}
{صَالِحاً} {بِظَلامٍ}
(46)- وَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَعَالَى بِأَنْ يَتْرُكَ النَّاسَ يَعْمَلُونَ، ثُمَّ يُجَازِيهِمْ عَلَى مَا يَعْمَلُونَ، فَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّ نَفْعَ عَمَلِهِ يَعُودُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَسَاءَ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ وَبَالُ عَمَلِهِ عَلى نَفْسِهِ، وَلا يَظْلِمُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ، فَلا يُعَاقِبُ أَحَداً مِنْهُمْ إِلا بِذَنْبِهِ، وَلا يُعَذِّبُهُ إِلا بَعْدَ قِيَامِ الحُجَّةِ عَلَيْهِ.

.تفسير الآية رقم (47):

{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)}
{ثَمَرَاتٍ} {شُرَكَآئِي} {آذَنَّاكَ}
(47)- مَوْعِدُ قِيَامِ السَّاعَةِ (القِيَامَةِ) لا يَعْلَمُهُ إِلا اللهُ، وَقَدْ سَأَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، عَنْ مَوْعِدِ قِيَامِ السَّاعَةِ، فَقَالَ لَهُ: (مَا المَسْؤُولُ بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ)، فَإِلَى اللهِ تَعَالَى يُرَدُّ عِلْمُهَا حِينَمَا يَسْأَلُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَنْهَا. وَاللهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا تُخْرِجُهُ الأَشْجَارُ مِنَ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِ الأَزْهَارِ التِي تَحْمِلُهَا، وَهُوَ الذِي يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُهُ إِنَاثُ جَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ وَمَا تَضَعُهُ.
وَفِي يَوْمِ القِيَامَةِ يُنَادِي اللهُ تَعَالَى المُشْرِكِينَ وَيَسْأَلَهُمْ عَنِ الآلِهَةِ التِي عَبَدُوهَا، وَزَعَمُوا أَنَّهَا شُرَكَاءُ للهِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: (أَيْنَ شُرَكَائئ؟)، فَيَردُّونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: لَقَدْ أَعْلَمْنَاكَ اليَومَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ يَشْهَدُ عَلَى وُجُودِ شَرِيكٍ لَكَ.
آذَنَاكَ- أَعْلَمْنَاكَ أَوْ أَشْعَرْنَاكَ.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48)}
(48)- وَغَابَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ اليَومِ الذِينَ كَانُوا يَدْعُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ فِي الحِيَاةِ الدُّنْيَا، وَأَدْرَكُوا أَنَّهُمْ لا مَخْرَجَ لَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ العَذَابِ وَلا مَهْرَبَ.
وَظَنُّوا- وَأَيْقَنُوا.
مَحِيصٍ- مَهْرَبٍ أَوْ مَلْجَأٍ.

.تفسير الآية رقم (49):

{لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49)}
{يَسْأَمُ} {الإنسان} {فَيَئُوسٌ}
(49)- لا يَمَلُّ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَائِهِ رَبَّهُ وَسُؤَالِهِ إِيَّاهُ الخَيْرَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالٍ، وَصِيحَّةٍ وَعِزٍّ، وَإِذَا مَسَّهُ الشَرُّ وَالضُرُّ فَقَدَ الأَمَلَ والرَّجَاءَ، وَظَنَّ أَنْ لا مَخْرَجَ لَهُ مِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ البَلاءِ وَلا فَرَجَ، لِضعْفِ ثِقَتِهِ بِرَبِّهِ.
القُنُوطُ- ظُهُورُ أَثَرِ اليَأْسَ عَلَى الإِنْسَانِ.
اليَأْسُ- انِقْطَاعُ الرَّجَاءِ.
لا يَسْأَمُ- لا يَمَلُّ وَلا يَفْتُر.

.تفسير الآية رقم (50):

{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50)}
{لَئِنْ} {أَذَقْنَاهُ} {قَآئِمَةً}
(50)- وَإِذَا أَصَابَ الإِنْسَانَ ضُرٌّ مِنْ مَرَضٍ أَوْ ضِيقِ عَيْشٍ.. أَظْهَرَ الحُزْنَ وَاليَأْسَ والقُنُوطَ، ثُمَّ إِذَا كَشَفَ اللهُ عَنْهُ ضُرَّهُ، فَعَافَاهُ مِنْ بَعْدِ سَقَمٍ، وَرَزَقَهُ مِنْ بَعْدِ فَاقَةٍ.. فَإِنَّهُ سَيَقُولُ إِنَّ هَذَا الذِي وَصَلَ إِلَيْهِ هُوَ حَقٌّ لَهُ، لأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الفَضَائِلِ، وَأَعْمَالِ البِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَيْسَ تَفَضُّلاً عَلَيْهِ مِنَ اللهِ، ثُمَّ يَبْطَرُ هَذَا العَبْدُ فَيَكْفُرُ بالبَعْثِ واليَوْمِ الآخرِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ لا يَظُنَّ أَنَّ القَيَامَةَ سَتَقُومُ، وَأَنْ النَّاسَ سَيُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ، لأَنَّ هَذَا أَمْرٌ بَعِيدُ الاحْتِمَالِ.
وَعَلَى كُلِّ حَالِ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ قِيَامَهٌ حَقّاً، وَقَامَتْ هَذِهِ القِيَامَةُ، وَرَجَعَ هُوَ إِلَى اللهِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ سَيَجِدُ فِي الآخِرَةِ إِكْرَاماً حَسَناً لأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الكَرَامَةَ، إِذْ أَنَّهُ لَوْلا كَرَامَتُهُ عَلَى اللهِ فِي الدُّنْيَا لمَا أَعْطَاهُ مَا أَعْطَاهُ.
ثُمَّ يَتَهَدَّدُ اللهُ تَعَالَى هَذَا الإِنْسَانَ الكَافِرَ بِرَبِّهِ وَبِالمَعَادِ وَيَقُولُ لَهُ: إِنَّهُ حِينَمَا يَأْتِي رَبَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَإِنَّهُ سَيَجِدُ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ غَيْرَ مَا يَتَوَقَّعُ، وَسَيَجْزِيهِ الجَزَاءَ المُذِلَّ المُهِينَ الشَّدِيدَ، جَزَاءً لَهُ عَلَى كُفِرِهِ وَاجْتِرَاحِهِ عَذَابٍ غَلِيطٍ- عَذَابٍ كَبِيرٍ.
الحُسْنَى- الكَرَامَةُ.
هَذَا لِي- هَذَا مَا أَسْتَحِقُّهُ بِسَبَبِ عَمَلِي وَفَضْلِي.

.تفسير الآية رقم (51):

{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51)}
{الإنسان} {وَنَأَى}
(51)- وَإِذَا أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى الإِنْسَانِ الجَحُودِ الكَفُورِ فَرَزَقَهُ وَكَشَفَ الضُّرَّ عَنْهُ، عَنْ ذَكْرِ اللهِ وَطَاعَتِهِ، وَاسْتَكْبَرَ عَنِ الانْقِيَادِ لأَمْرِهِ، وَإِذَا أَصَابَتُهُ شِدّةٌ وَكَرَبٌ جَأَرَ إِلَى اللهِ بِالدُّعَاءِ والتَّضَرُّعِ فَأَطَالَهُمَا.
نَأَى بِجَانِبِهِ- تَبَاعَدَ عَنِ الشُّكْرِ بِكُلِّيَتِهِ تَكَبُّراً.
دُعَاءٍ عَرِيضٍ- دُعَاءٍ مَسْتَمِرٍّ كَثِيرٍ.

.تفسير الآية رقم (52):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52)}
{أَرَأَيْتُمْ}
(52)- قُلْ يَا مُحَمَّدَ لِهَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ المُكَذِّبِينَ بِالقُرْآنِ الذِي جِئْتَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ: أَخْبِرُونِي كَيْفَ يَكُونُ حَالُكُمْ إِنْ كَانَ هَذَا القُرْآنُ الذِي تُكَذِّبُونَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، ثُمَّ كَفَرْتُمْ أَنْتُمْ بِهِ؟ أَفَلا تَكُونُونَ مُفَارِقِينَ لِلْحَقِّ، بِعِيدِينَ عَنِ الصَّوَابِ، وَمُسْتَحِقِّينَ لِلْعِقَابِ؟

.تفسير الآية رقم (53):

{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)}
{آيَاتِنَا}
(53)- إِنَّ اللهَ تَعَالَى سَيُري هَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ آيَاتِهِ وَحُجَجَهُ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّ هَذَا القُرْآنَ حَقٌّ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى، بِدَلائِلَ خَارِجيّةٍ مِمّا حَوْلَهُمْ مِنَ الكَوْنِ العَظِيمِ، تُعَبِّرُ عَنْ عَظَمَةِ الخَالِقِ وَمُدَبِّرِ الكَوْنِ وَمُسَيِّرِهِ، وَبِدَلائِلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَتَرْكِيبِهِمِ الجِسْمَانِي، وَكَيْفَ تَعْمَلُ الأَجْهِزَةُ وَالخَلايَا التِي لا تُحْصَى وَلا تُعَدُّ بِدِقَّةٍ مُتَنَاهِيَةٍ وَتَنَاسُقٍ عَجِيبٍ، وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً عَلَى أَفْعَالِ عِبَادِهِ وَأَقْوَالِهِمْ، وَاللهُ تَعَالَى يَشْهَدُ بِأَنَّ مُحَمَّداً صَادِقٌ فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ رَبِّهِ.
الآفَاقُ- أَقْطَارُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ.

.تفسير الآية رقم (54):

{أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)}
(54)- إِنَّهُمْ فِي شَكٍّ وَرِيبَةٍ، (مِرْيَةٍ)، مِنَ القِيَامَةِ والبَعْثِ والنُّشُورِ، والرَّجْعَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى فِي الآخِرَةِ لِلْحِسَابِ والجَزَاءِ، لأَنَّهُمْ يَسْتَبْعِدُونَ أَنْ تُجْمَعَ ذَرَّاتُ أَجْسَادِهِمْ وَأَجْسَادِ الخَلائِقِ المُتَفَرِّقَةِ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ أَنَّ قُدْرَةَ اللهِ لا حَدَّ لَهَا، وَأَنَّ عِلْمَهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيءٍ، وَهُوَ يَعْرِفُ أَيْنَ تُوجَدُ ذَرَّاتُ كُلِّ جِسْمٍ، فَيَجْمَعُهَا فِي ذَلِكَ اليَوْمِ وَيُعِيدُهَا إِلَى الحِيَاةِ مَرَّةً أُخْرَى.