فصل: تفسير الآية رقم (41):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (41):

{قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)}
{ا آيَةً} {آيَتُكَ} {ثَلاثَةَ} {الإبكار}
(41)- قَالَ زَكَرِيَّا: رَبِّ اجْعَلْ لِي عَلامَةً (آيةً) أَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى وُجُودِ الوَلَدِ مِنَّي. قَالَ: العَلامَةُ عَلَى ذَلِكَ هِيَ أَنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ النُّطْقَ مَعَ اسْتِواءِ صِحَّتِكَ مُدَّةَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ كَامِلَةٍ. ثُمّ أَمَرَهُ بِكَثْرَةِ ذِكْرِ اللهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَسْبِيحِهِ في الصَّباحِ وَالمَسَاءِ حِينَمَا تَعْرِضُ لَهُ هذِهِ الحَالَةُ.
رَمْزاً- إِشَارَةً بِالْيَدِ أوْ بِالرْأسِ.
الإِبْكَارِ- مِنْ وَقْتِ طُلُوعِ الفَجْرِ إلى وَقْتِ الزَّوَالِ.
العَشِيِّ- من الزَّوَالِ حَتَّى مَغِيبِ الشَّمْسِ.

.تفسير الآية رقم (42):

{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)}
{الملائكة} {يامريم} {اصطفاك} {العالمين}
(42)- وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ لِقَوْمِكَ حِينَ قَالَتِ المَلائِكَةُ: يَا مَرْيَمُ إنَّ اللهَ اخْتَارَكِ لِتكُوني أمّاً لِنَبِيّهِ عِيسَى، لِكَثْرَةِ عِبَادَتِكِ وَزُهْدِكِ وَطَهَارَتِكِ، وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ.

.تفسير الآية رقم (43):

{يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)}
{يامريم} {الراكعين}
(43)- وَأمَرَتْها المَلائِكَةُ (وَقِيلَ المُرادُ بِالمَلائِكَةِ هُنَا جِبْرِيلُ، عَلَيهِ السَّلامُ، كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ آيةٌ أخْرى) بِأنْ تَقْنُتَ لِرَبِّها وَتَعْبُدَهُ، وَتتَذَلَّلَ لَهُ، وَبِأنْ تُكُونَ مِنَ السَّاجِدِينَ وَالرَّاكِعِينَ.
وَقِيلَ إنَّ كَلامَ جِبْرِيلَ مَعَهَا لَمْ يَكُنْ وَحْياً إليْهَا، وَإنَّمَا كَانَ إلْهَاماً لَهَا بِمَا لَهَا عِنْدَ رَبِهَا مِنَ المَكَانَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلا رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ.} اقْنُتِي- أخْلِصِي العِبَادَةَ وَأدِيمِي الطَّاعَةَ.

.تفسير الآية رقم (44):

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)}
{أَقْلامَهُمْ}
(44)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ الكَرِيمَ صلى الله عليه وسلم: أنَّ مَا يُوحِيهِ إلَيهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ أطْلَعَهُ اللهُ عَلَيهِ، وَلَمْ يَكُنْ هُوَ بَيْنَ القَوْمِ حِينَمَا اقْتَرَعُوا فِي شَأنِ مَرْيمَ لِيَرَوْا مَنْ يَكْفُلُهَا، وَذَلِكَ حَسْماً لِلنِّزَاعِ وَالخِصَامِ عَلَى كَفَالَتِهَا وَالقَوَامَةِ عَلَيهَا، إِذْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَرْغَبُ فِي كَفَالَتِهَا لِيَفُوزَ بِالأَجْرِ مِنَ اللهِ.
الأَقْلامَ- القِدَاحَ المَبْرِيَّةِ، وَهِيَ السِّهَامُ وَالأزْلامُ التِي يَضْرِبُونَ بِهَا القُرْعَةَ.

.تفسير الآية رقم (45):

{إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)}
{الملائكة} {يامريم}
(45)- وَبَشَّرَتِ المَلائِكَةُ مَرْيَمَ، عَلَيهَا السَّلامُ، وَقَالَتْ لَها: إنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِأنْ يَكُونَ لَكِ وَلَدٌ عَظِيمُ الشَّأنِ، وَيَكُونُ وُجُودُهُ وَخَلْقُهُ بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ، فَيَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. وَسَيَكُونُ الاسْمُ الذِي يَعْرِفُهُ بِهِ المُؤْمِنُونَ (المَسِيحُ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ)، وَسَيَكُونُ وَجيهاً وَذَا مَكَانَةٍ عِنْدَ اللهِ فِي الدُّنيا بِمَا يُوحِيهِ إليهِ مِنَ الشَّرِيعَةِ، وَيَكُونُ وَجيهاً في الآخِرةِ بِأنْ يَجْعَلَهُ اللهُ شَفِيعاً لِمَنْ يَأذَنُ لَهُ بالشَّفَاعَةِ فِيهِمْ.
(وَقَدْ أُطْلِقَ عَليهِ اسْمُ المَسِيحِ- وَهُوَ لَقَبُ المَلِكِ عِنْدَهُمْ- فَقَدْ كَانَ مِنْ تَقَالِيدِهِمْ أنْ يَمْسَحَ الكَاهِنُ بالدُّهْنِ المُقَدَّسِ مَنْ يَتَوَلَّى المُلْكَ، وَيُعَبَّرُ عَنْ تَوَلِّيهِ المُلْكَ بِالمَسْحِ).
وَجِيهاً- ذَا جَاهٍ وَقَدْرٍ وَشَرَفٍ.
بِكَلِمَةٍ مِنْهُ- بِقَوْلٍ مِنْهُ (كُنْ) مُبْتَدأ مِنَ اللهِ.

.تفسير الآية رقم (46):

{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)}
{الصالحين}
(46)- فَيَتَكَلَّمُ وَهُوَ فِي المَهْدِ، وَيَدْعُو إلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ حِينَمَا يُصْبحُ كَهْلاً، وَيَكُونُ لَهُ عِلْمٌ صَحِيحٌ، وَعَمَلٌ صَالِحٌ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ حِينَمَا جَاءَتْ بِهِ قَوْمَهَا وَهِيَ تَحْمِلُهُ، فَبَرَّأهَا مِمَّا رَمَاهَا بِهِ اليَهُودُ مِنَ الإِفْكِ، وَنَزَّهَهَا عَنْ افْتِرائِهِمْ.
الكَهْلُ- مَنْ لَهُ مِنَ العُمْرِ بَيْنَ الثَّلاثِينَ وَالأرْبَعِينَ عَاماً.
فِي المَهْدِ- فِي السَّرِيرِ زَمَنَ الرَّضَاعَةِ.

.تفسير الآية رقم (47):

{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)}
(47)- فَلَمَّا جَاءَتْها البُشْرَى مِنَ المَلائِكَةِ أَخَذَتْ تُنَاجِي رَبَّها وَتَقُولُ: كَيْفَ يَا رَبِّ يَكُونُ لِي وَلَدٌ، وَأنَا لَسْتُ بِذَاتِ زَوْجٍ، وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ؟ فَأجَابْتها المَلائِكَةُ: إنَّ اللهَ إذا أرَادَ أمْراً فَلا يُعْجِزُهُ شَيءٌ، وَيَخْلُقُ مَا يُرِيدُ بِأنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الشَّيءُ فَوْرَ أمْرِ اللهِ، مِنْ غَيْرِ رَيْثٍ وَلا إِبْطَاءٍ.
قَضَى أمْراً- أَرَادَ شَيْئاً أَوْ أَحْكَمَهُ وَحَتَّمَهُ.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48)}
{الكتاب} {والتوراة}
(48)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَن تَتِمَّةِ بِشَارَةِ المَلائِكَةِ لِمَرْيَمَ بِابْنِها إذْ قَالَتْ لَهَا: إنَّ اللهَ يُعَمِّلُهُ الكِتَابَةَ، وَالعِلْمَ الصَّحِيحَ البَاعِثَ لِلإِرَادَةِ إلى الأعْمَالِ النَّافِعَةِ، وَيُفَقِّهُهُ في التَّورَاةِ، وَيُعَلِّمُهُ أسْرارَهَا وَأَحْكَامَهَا، وَيُعَلِّمُهُ الإِنْجِيلَ الذِي يُوحِي بِهِ إليهِ.
الحِكْمَةَ- الفِقْهَ وَالصَّوَابَ قَوْلاً وَعَمَلاً.
الكِتَابَ- الخَطَّ بِالَيدِ.

.تفسير الآية رقم (49):

{وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49)}
{بني إِسْرَائِيلَ} {بِآيَةٍ} {وَأُحْيِ}
(49)- وَإنَّ اللهَ سَيَبْعَثُهُ رَسُولاً إلى بَني إسْرَائِيلِ فَيَقُولُ لَهُمْ: إنَّهُ رَسُولُ اللهِ إَلَيْهم، وَإنَّ اللهَ أَعْطَاهُ آياتٍ وَمُعْجِزاتٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ رِسَالَتِهِ، مِنْهَا أنَّهُ كَانَ يُصَوِّرُ لَهُمْ مِنَ الطِّين كَهَيْئةِ الطَّيرِ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ، بِإِذْنِ اللهِ، فَتَدُبُّ فِيهِ الحَيَاةُ وَيَطِيرُ. وَأنّهُ كَانَ يُبِرئُ الأكَمَهَ الذِي وُلِدَ وَهُوَ أَعْمَى، وَيُبْرِئُ الأَبْرَصَ- وَالبَرَصُ دَاءٌ مَعْرُوفٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَوَاءٌ وَلا شِفَاءٌ- وَأنَّهُ يُحْيِي المَوْتى بِإذْنِ اللهِ، وَيُنْبِئُهُمْ بِمَا يَأْكُلُونَ فِي بُيُوتِهِمْ مِنْ أنْواعِ المَآكِلِ، وَبِمَا يَدَّخِرُونَهُ فِيهَا إلى الغَدِ. وَفي كُلِّ ذَلِكَ آيةٌ وَمُعْجِزَةٌ تَدُلَّ عَلَى صِدْقِهِ فِيما جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ رَبِّهِمْ، إنْ كَانُوا مُؤْمِنينَ مُصَدِّقِينَ بِحُجَجِ اللهِ وَآيَاتِهِ، مُقِرِّينَ بِوحدَانِيَّتِهِ.
الأكَمَهَ- الأَعْمَى الذِي وُلِدَ وَهُوَ أَعْمَى.
الأَبْرَصَ- مَنْ بِهِ دَاءُ البَرَصِ.
أَخْلُقُ لَكُمْ- أصَوِّرُ لَكُمْ.

.تفسير الآية رقم (50):

{وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50)}
{التوراة} {بِآيَةٍ}
(50)- وَسَيَكُونُ عِيسَى مُصَدِّقاً لِلتَّورَاةِ وَشَرِيعَتِها، وَمُقَرَراً لَهَا وَمُثْبِتاً، وَقَدْ نَسَخَتْ شَرِيعَةُ عِيسَى بَعْضَ مَا جَاءَ فِي شَريعَةِ التَّوَرَاةِ عَلَى أَصَحِّ الأقْوالِ لأَنَّهُ تَعَالَى أتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الذي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}.
وَقَالَ لَهُمْ إنَّهُ جَاءَهُمْ بِمُعْجِزاتٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا يَقُولُهُ لَهُمْ: (مِثْلِ خَلْقِ الطَّيرِ مِنَ الطِّينِ، وَنَفَخَ الرُّوحِ فِيهِ، وَإبراءِ الأكَمَهِ وَالأَبْرَصِ وَإحْيَاءِ المَيِّتِ، وَالإِنْبَاءِ بِالخَفِيَّاتِ...) ثُمَّ يَطْلُبُ مِنْهُمْ أنْ يُطِيعُوا رَسُولَهُ فِيمَا يَدْعُوهُمْ إلَيهِ.
مَا تَدَّخِرُونَ- مَا تُخَبِّئُونَ فِي بُيُوتِكُمْ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.

.تفسير الآية رقم (51):

{إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51)}
{صِرَاطٌ}
(51)- ثُمَّ أمَرَهُمْ عِيسَى بالتَّوْحِيدِ، وَعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَبِمُلازَمَةِ الطَّاعَةِ بِأَدَاءِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَتَرَكَ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ الطَّرِيقُ السَّوِيُّ الوَاضِحُ، الذِي أَجْمَعَ عَلَيهِ الرُّسُلُ جَمِيعاً، وَهُوَ المُوصِلُ إلَى خَيْرَي الدُّنيا وَالآخِرَةِ.
صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ- طَرِيقٌ سَوِيٌّ لا عِوَجَ فِيهِ.

.تفسير الآية رقم (52):

{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)}
{آمَنَّا}
(52)- فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ تَعَالَى عِيسَى رَسُولاً إلى قَوْمِهِ بَني إِسْرَائِيلَ، دَعَاهُمْ إلى دِينِ اللهِ القَوِيمِ، فَأَبَى أَكْثَرُهُمْ وَسَخِرُوا مِنْهُ، فَلَمَّا اسْتَشْعَرَ عِيسَى مِنْهُمْ الكُفْرَ وَالاسْتِمْرارَ فِي العِنَادِ وَالضَّلالَةِ، وَقَصْدِ الإِيذَاءِ، سَأَلَ النَّاسَ قَائِلاً: مَنْ يَتْبَعُنِي إلى اللهِ، وَيَنْصُرُ دَعْوتِي إليهِ؟ فَقَالَ الحَوَارِيُّونَ (أيِ الأنْصَارُ) نَحْنُ عَلَى استعدادٍ لِنُصْرَتِكَ فِي سَبيلِ دَعْوَتِكَ إلى اللهِ، فَقَدْ آمَنَّا بِاللهِ، وَاشْهَدْ عَلينا بأنَّنا أَسْلَمْنَا إليهِ وُجُوهَنَا، وَنَحْنُ مُنْقَادُونَ لأوَامِرِهِ.
(وَفِي هذا دَليلٌ عَلَى أنَّ الإِسْلامَ هُوَ دِينُ اللهِ عَلَى لِسَانِ كُلِّ نَبِيِّ).
أحَسَّ- عَلِمَ أوْ شَعَرَ.
الأنْصَارُ- وَاحِدُهُمْ نَصِيرٌ وَهُوَ المُعِينُ وَالمُظَاهِرُ.
الحَوَارِيُّ- الصَّفِيُّ وَالنَّاصِرُ.

.تفسير الآية رقم (53):

{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)}
{آمَنَّا} {الشاهدين}
(53)- وَتَضَرَّعَ الحَوَارِيُّونَ إلى رَبِّهِمْ قَائِلِينَ: رَبَّنا آمَنَّا بِكَ وَبِنَبِّيكَ، وَبِمَا أَنْزَلْتَ عَلَيهِ، وَاتَّبَعْنا رَسُولَكَ وَصَدَّقْنَاهُ، وَامْتَثَلْنَا لِمَا أتَى بِهِ، فَاكْتُبْنَا وَاجْعَلْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ لِرَسُولِكَ بِالتَّبلِيغِ، وَعََلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالكفْرِ وَالعِنَادِ وَالجُحُودِ.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)}
{الماكرين}
(54)- وَأَرادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ التَّخَلُّصَ مِنْ عِيسَى وَدَعْوَتِهِ، فَوَشَوْا بِهِ إلى مُمَثِّلِ رُومَا فِي فِلَسْطِينَ، وَقَالُوا لَهُ إنَّهُ يُوجَدُ رَجُلٌ يُضِلُّ النَّاسَ، وَيَصْرِفُهُمْ عَنْ طَاعَةِ المَلِكِ، وَيُفْسِدُ الرَّعيَّةَ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الأب وَابْنِهِ، فَبَعَثَ ثُلَّةً مِنَ الجُنْدِ لأخْذِهِ وَصَلْبِهِ، فَلَمَّا أحَاطَ الجُنْدُ بِالبَيْتِ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ ظَفِرُوا بِهِ نَجَّاهُ اللهُ، واشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ فِي ظُلْمِةِ اللَّيْلِ ظَنُّوهُ المَسِيحَ فَأخَذُوهُ وَصَلَبُوهُ.
(وَيُقَالُ إنَّ هذا الشَّخْصَ هُوَ الذِي وَشَى بِالمَسِيحِ وَأرَادَ الدَّلالَةَ عَلَيهِ) أمَّا المَسِيحُ فَقَدْ رَفَعَهُ اللهُ إليه وَنَجَّاهُ. وَهكَذا مَكَرَ اللهُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَبْطَلَ مَكْرَهُمْ وَكَيْدَهُمْ وَتَدِبِيرَهُمْ.
المَكْرُ- التَّدْبِيرُ المُحْكَمُ الخَفِيُّ- وَغَلَبَ اسْتِعمَالُهُ فِي التَّدْبِيرِ السَّيِّئِ.