فصل: تفسير الآية رقم (20):

.تفسير الآية رقم (20):

{فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20)}
{فَأَرَاهُ} {الآية}
(20)- وَلَمّا لَمْ يَقْنَعْ فِرَعَوْنُ بِدَعْوَةِ مُوسَى وَحُجَجِهِ العَقْلِيَّةِ، أَرَاهُ مُوسَى بُرْهَاناً قَوِيّاً، وَمُعْجِزَةً كُبْرَى، عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِهِ، وَصِحَّةِ مَا يَدْعُوهُ إِلَيْهِ، وَهِيَ انْقِلابُ العَصَا حَيَّةً عَظِيمَةً، وَإِخْرَاجُ يَدِهِ مِنْ جَيْبِهِ بَيْضَاءَ تَتَلأْلأُ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَلا مَرَضٍ.

.تفسير الآية رقم (21):

{فَكَذَّبَ وَعَصَى (21)}
(21)- فَكَذَّبَ فِرْعَوْنَ بِالحَقِّ، وَخَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ مِنَ الطَّاعَةِ.

.تفسير الآية رقم (22):

{ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22)}
(22)- ثُمَّ تَوَلَّى، وَأَخَذَ فِي السَّعْيِ لِمُوَاجَهَةِ الحَقِّ بِالبَاطِلِ، غَيْرَ مُتَدَبِّرٍ عَاقِبَةَ أَمْرِهِ.
يَسْعَى- يَجِدُّ فِي الإفْسَادِ وَمُعَارَضَةِ رَسُولِ اللهِ.

.تفسير الآية رقم (23):

{فَحَشَرَ فَنَادَى (23)}
(23)- فَأَخَذَ يُنَادِي فِي قَوْمِهِ، وَيُرْسِلُ فِيهِم الحَاشِرِينَ لِيَجْمَعُوا لَهُ السَّحَرَةَ، وَيَحْشُرُوهُمْ إِلَيهِ، لِمُوَاجَهَةِ مُوسَى، وَالآيَاتِ التِي جَاءَهُمْ بِهَا مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ.
حَشَرَ- جَمَعَ السَّحَرَةَ أَوِ الجُنْدَ.

.تفسير الآية رقم (24):

{فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)}
(24)- وَقَامَ فِيهِمْ قَائِلاً: إِنَّهُ رَبُّهُمْ الأَعْلَى، فَلا سُلْطَانَ فِي أَرْضِ مِصْرَ يَعْلُو سُلْطَانَهُ.

.تفسير الآية رقم (25):

{فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25)}
{الآخرة}
(25)- فَانْتَقَمَ اللهُ مِنْهُ، وَجَعَلَهُ عِبْرَةً لأَمْثَالِهِ فِي الدُّنْيَا. وَيُعَذِّبُهُ اللهُ فِي الآخِرَةِ فِي جَهَنَّمَ، وَبِئْسَ الرّفْدُ المَرْفُودُ.
(وَقَيلَ إِنَّ المَعْنَى هُوَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَذَّبَهُ لِمَقَالَتِهِ الأَخِيرَةِ: إِنَّهُ رَبُّهُمُ الأَعْلَى، كَمَا عَذَّبَهُ لَمَقَالَتِهِ الأُوْلَى التِي كَذَّبَ بِهَا مُوسَى).
نَكَالٌ- عُقُوبَةٌ تَجْعَلُ مَنْ تَنْزِلُ بِهِ يَنكِلُ عَنْ فِعْلِهِ.

.تفسير الآية رقم (26):

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)}
(26)- وَفِيمَا أَنْزَلَهُ اللهُ بِفِرْعَوْنَ مِنَ العُقُوبَةِ وَالنَّكَالِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَعِظَةٌ وَعِبْرَةٌ لِمَنْ لَهُ عَقْلٌ تُؤثِّرُ فِيهِ المَوْعِظَةُ.

.تفسير الآية رقم (27):

{أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27)}
{أَأَنتُمْ} {بَنَاهَا}
(27)- وَيَقُولُ تَعَالَى لِمَنْ يُنَاصِبُونَ النَّبِيَّ العِدَاءَ، وَيُنْكِرُونَ البَعْثَ والنُّشُورَ: إِنَّكُمْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَعْلمُونَ أَنَّ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْ خَلْقِكُمْ، وَأَنَّ إِبْدَاعَهَا وَإِنْشَاءَهَا أَصْعَبُ مِنْ إِبْدَاعِكُمْ وَإِنْشَائِكُمْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ خَلَقْنَاهَا، وَلَمْ يُعْجِزْنَا أَمْرُ إِبْدَاعِهَا.

.تفسير الآية رقم (28):

{رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28)}
{فَسَوَّاهَا}
(28)- فَقَدْ خَلَقَ اللهُ تَعَالَى السَّمَاوَاتِ، وَضَمَّ أًجْزَاءَهَا المُتَفَرِّقَةَ، وَجَعَلَهَا ذَاهِبَةً فِي السَّمَاءِ صُعُداً، وَعَدَلَهَا فَجَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهِ المُنَاسِبِ لَهُ.
السَّمْكُ- قَائِمُ كُلِّ شَيءٍ.

.تفسير الآية رقم (29):

{وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29)}
{ضُحَاهَا}
(29)- وَجَعَلَ لَيْلَهَا مُظْلِماً حَالِكَ السَّوَادِ، وَجَعَلَ نَهَارَهَا مُضِيئاً مُشْرِقاً وَضَّاحاً.
أَغْطَشَ لَيْلَهَا- جَعَلَهُ مُظْلِماً.

.تفسير الآية رقم (30):

{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30)}
{دَحَاهَا}
(30)- وَمَهَّدَ بَعْدَ ذَلِكَ الأَرْضَ، وَبَسَطَهَا لسُكْنَى المَخْلُوقَاتِ.
دَحَاهَا- بَسَطَهَا وَمَدَّهَا.

.تفسير الآية رقم (31):

{أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31)}
{مَرْعَاهَا}
(31)- وَفَجَّرَ العُيُونَ والأَنْهَارَ وَاليَنَابِيعَ فِيهَا فَفَاضَتْ بِالمَاءِ، وَأَنْبَتَتِ النَّبَاتَاتِ لِيَأْكُلَ مِنْهَا النَّاسُ والأَنْعَامُ.

.تفسير الآية رقم (32):

{وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32)}
{أَرْسَاهَا}
(32)- وَثَبَّتَ الجِبَالَ فِي أَمَاكِنِهَا مِنَ الأَرْضِ، وَجَعَلَهَا كَالأَوْتَادِ التِي تُشَدُّ بِهَا الخِيَامُ لِكَيْلا تَذْهَبَ بِهَا الرِّيَاحُ وَذَلِكَ لِكَيْلا تَمِيدَ الأَرْضُ بِمَنْ عَلَيْهَا مِنَ الخَلائِقِ، وَتَضْطَرِبَ بِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (33):

{مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33)}
{مَتَاعاً} {لأَنْعَامِكُمْ}
(33)- وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى كُلَّ ذَلِكَ لِيَتَمَتَّعَ بِهِ النَّاسُ والأَنْعَامُ، وَيَنْتَفِعُوا بِهِ فِي مَعَاشِهِمْ وَحَيَاتِهِمْ. فَاللهُ تَعَالَى يُقَرِّرُ هَذِهِ الحَقَائِقَ فِي أَذْهَانِ النَّاسِ لِيَخْلُصَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى لَفْتِ أَنْظَارِهِمْ إِلَى أَنَّ الذِي خَلَقَ هَذَا الخَلْقَ البَدِيعَ العَظِيمَ لا يَعْجَزُ عَنْ بَعْثِ العِبَادِ مِنَ القَبُورِ يَوْمَ القِيَامَةِ، بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا قَدْ صَارُوا تُرَاباً وَرُفَاتاً، وَتَفَرَّقَتْ ذَرَّاتُ أجْسَادِهِمْ فِي الأَرْضِ.

.تفسير الآية رقم (34):

{فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34)}
(34)- فَإِذَا جَاءَتِ القِيَامَةُ بِأَهْوَالِهَا التِي تَشِيبُ لَهَا الوِلْدَانُ.
وَالطَّامَّةُ- هِيَ الدَّاهِيَةُ التِي تَطُمُّ الدَّوَاهِي، وَتَعْلُوا عَلَيْهَا.

.تفسير الآية رقم (35):

{يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35)}
{الإنسان}
(35)- وَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ يَرَى الإِنْسَانُ أَعْمَالَهُ جَمِيعَهَا، حَسَنَهَا وقَبِيحَهَا، مُدَوَّنَةً فِي صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِ، فَيَتَذَكَّرُهَا، وَكَانَ هُوَ قَدْ نَسِيَهَا وَأَحْصَاهَا اللهُ وَأَثْبَتَهَا لَدَيْهِ.

.تفسير الآية رقم (36):

{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36)}
(36)- وَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ تَظْهَرُ النَّارُ لِلنَاظِرِينَ، فَيَرَاهَا النَّاسُ جَمِيعاً، وَيُعَايِنُونَ أَهْوَالَهَا.
بُرِّزتْ- أُظْهِرَت إِظْهَاراً بَيِّناً.

.تفسير الآية رقم (37):

{فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37)}
(37)- فَأَمَّا مَنْ تَكَبَّرَ وَتَجَاوَزَ الحَدَّ بِكُفْرِهِ وَعِصْيَانِهِ.

.تفسير الآية رقم (38):

{وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38)}
{آثَرَ}
(38)- وَآثَرَ لَذَّاتِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا الفَانِيَةِ، وَشَهَوَاتِهَا، عَلَى ثَوَابِ الآخِرَةِ البَاقِيَةِ الدَّائِمَةِ.

.تفسير الآية رقم (39):

{فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39)}
(39)- فَإِنَّ النَّارَ المُتَأَجِّجَةَ سَتَكُونُ مَأْوَاهُ وَمُسْتَقَرَّهُ.

.تفسير الآية رقم (40):

{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)}
(40)- وَأَمَّا مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَقُومُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَنَّهُ سَيُسْأَلُ عَنْ أَعْمَالِهِ، فَحَاذَرَ ذَلِكَ اليَوْمَ، وَحَسَبَ حِسَابَهُ، وَجَنَّبَ نَفْسَهُ الوُقُوعَ فِي المَحَارِمِ، وَالانْسِيَاقِ وَرَاءَ الهَوَى وَالشَّهَوَاتِ.

.تفسير الآية رقم (41):

{فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)}
(41)- فَتَكُونُ الجَنَّةُ جَزَاءَهُ، وَفِيهَا مَأْوَاهُ وَمَصِيرُهُ.

.تفسير الآية رقم (42):

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42)}
{يَسْأَلُونَكَ} {مُرْسَاهَا}
(42)- كَانَ المُشْرِكُونَ يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّاعَةِ... عِنَاداً وَاسْتِهْزَاءً، مَتَى تَكُونُ؟، وَيُلِحُّونَ عَلَيهِ فِي التَّعْجِيلِ بِقِيَامِهَا.
وَكَانَ النَّبِيُّ يَتَمَنَّى أَنْ يَجِيبَهُمْ عَمَّا يَسْأَلُونَ، حِرْصاً مِنْهُ عَلَى هِدَايَتِهِمْ فَنَهَاهُ اللهُ تَعَالَى عَنْ تَمَنَّي مَا لا يُرْجَى. لأَنَّ السَّاعَةَ عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ، وَأَنَّ الرَّسُولَ مَهْمَّتُهُ الإِنْذَارُ، وَتَبْلِيغُ رِسَالَةِ رَبِّهِ، أَمَّا المُعَانِدُونَ فَلْيَذَرُهُمْ وَشَأْنَهم.
وَمَعْنَى الآيَةِ أَنَّ المُشْرِكِينَ يَسْأَلُونَ مَتَى تَكُونُ السَّاعَةُ؟
أَيَّانَ مُرْسَاهَا- مَتَى يُقِيمُهَا اللهُ وَيُثَبِّتُهَا.

.تفسير الآية رقم (43):

{فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)}
{ذِكْرَاهَا}
(43)- فَمَا هَذِهِ الذِّكْرَى الدَّائِمَةُ لَهَا، وَمَا هَذَا الاهْتِمَامُ الذِي جَعَلَكَ لا تَأَلُوا جُهْداً فِي السُّؤَالِ عِنْهَا؟ وَلَيْسَ عِلْمُهَا إِلَيْكَ حَتَّى تَذْكرَهُ لَهُمْ.

.تفسير الآية رقم (44):

{إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)}
{مُنتَهَاهَآ}
(44)- إِنَّ عِلْمَ السَّاعَةِ يَنْتَهِي إِلَى رَبِّكَ، فَلا يَعْلَمُ وَقْتَ قِيَامِهَا غَيْرُهُ، وَلَمْ يُعْطِهِ لِمَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلا لِنَبِيٍّ مُرْسَلٍ.