فصل: تفسير الآية رقم (154):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (154):

{وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154)}
{بِمِيثَاقِهِمْ} {مِّيثَاقاً}
(154)- ثُمَّ فَرَضَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِأنْ يَلْتَزِمُوا بِأَحْكَامِ التَّوْرَاةِ، وَمَا جَاءَ فِيهَا، فَظَهَرَ مِنْهُمْ إبَاءٌ وَتَمَرَّدَ عَلَى مُوسَى، وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ، فَرَفَعَ اللهُ فَوْقَهُمْ جَبَلَ الطُّورِ، وَهَدَّدَهُمْ بِإسْقَاطِهِ عَلَيْهِمْ، إنْ لَمْ يَلْتَزِمُوا بِأَحْكَامِهَا، فَخَافُوا وَقَبِلُوا العَمَلَ بِهَا. ثُمَّ أَمَرَهُمُ اللهُ بِأنْ يَدْخُلُوا بَابَ أَوَّلِ مَدِينَةٍ احْتَلُّوهَا فِي الأَرْضِ سُجَّداً للهِ شُكْراً لَهُ عَلَى نِعَمِهِ، وَأنْ يَقُولُوا حِطَّةٌ (أَيْ اللَّهُمَّ حُطَّ عَنَّا خَطَايَانَا وَذُنُوبَنَا) فَدَخَلُوهُ يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ (أَدْبَارِهِمْ) وَهُمْ يَقُولُونَ: (حِنْطَةٌ فِي شَعْرَةٍ).
وَأَمَرَهُمُ اللهُ بِأَنْ يَلْتَزِمُوا بِأَحْكَامِ السَّبْتِ، وَحُرْمَتِهِ وَتَعْظِيمِهِ، فَاحْتَالُوا فِيهِ لِصَيْدِ الحِيتَانِ، عَنْ طَرِيقِ نَصْبِ الشِّبَاكِ لَهَا قَبْلَ حُلُولِ السَّبْتِ، وَجَمْعِهَا بَعْدَ انْقِضَائِهِ.
وَأَخَذَ اللهُ مِنْهُمْ عَهْداً مُؤَكَّداً (مِيثَاقاً غَلِيظاً) لَيَأْخُذُنَّ بِأحْكَامِ التَّوْرَاةِ بِقُوَّةٍ، وَلَيُقِيمُنَّ حُدُودَ اللهِ، وَلا يَتَجَاوَزُهَّا، فَخَالَفُوا وَعَصَوْا، وَارْتَكَبُوا مَا حَرَّمَ اللهُ، عَنْ طَرِيقِ الحِيلَةِ وَالخِدَاعِ.
لا تَعْدُوا- لا تَعْتَدُوا بِصَيْدِ الحِيتَانِ.
مِيثَاقاً غَلِيظاً- عَهْداً مُؤَكَّداً.

.تفسير الآية رقم (155):

{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155)}
{مِّيثَاقَهُمْ} {بَآيَاتِ}
(155)- فَبِسَبَبِ نَقْضِ هَؤُلاءِ اليَهُودِ لِلْمِيثَاقِ الذِي وَاثَقَهُمُ اللهُ بِهِ، (إذْ أحَلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ، وَحَرَّمُوا مَا أَحَلَّ اللهُ). وَبِسَبَبِ كُفْرِهِمْ بَآيَاتِ اللهِ وَمُعْجِزَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ أَنْبِيَائِهِ، وَبِسَبَبِ قَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ ظُلْماً وَعُدْوَاناً وَاجْتِرَاءً عَلَى مَحَارِمِ اللهِ، وَبِسَبَبِ قَوْلِهِمْ: قُلُوبُنَا مُغَلَّفَةٌ بِغِطَاءٍ لا يَتَيَسَّرُ مَعَهُ وُصُولُ العِلْمِ وَالهُدى إليها (غُلفٌ)... فَبِسَبَبِ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الاعْتِدَاءِ وَالتَّجَاوُزِ عَلَى أَوَامِرِ اللهِ وَحُدُودِهِ وَشَرْعِهِ، فَعَلَ اللهُ بِهِمْ مَا فَعَلَ. وَيَقُولُ تَعَالَى: إنَّ قُلُوبَ هَؤُلاءِ اليَهُودِ لَيْسَتْ مُغَلَّفةً، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى طَبَعَ عَلَيْهَا بِالكُفْرِ، فَلا يَصِلُ إليها إلا قَلِيلٌ مِنَ الإِيمَانِ (أَوْ إنَّهُ لا يُؤْمِنُ مِنْهُمْ إلاّ قَلِيلُونَ).
قُلُوبُنَا غُلْفٌ- مُغَطَّاةٌ بِأَغْطِيَةٍ خِلْقِيَّةٍ فَلا تَعِي.
طَبَعَ اللهُ عَلَيهَا- خَتَمَ عَلَيْهَا فَحَجَبَهَا عَنِ العِلْمِ.

.تفسير الآية رقم (156):

{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156)}
{بُهْتَاناً}
(156)- وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى بِهِمْ غَضَبَهُ، بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ بِعِيسَى وَرِسَالَتِهِ، وَرَمْيِهِمْ أمَّهُ الطَّاهِرَةُ البَتُولَ بِالبُهْتَانِ وَالكَذِبِ وَالافْتِرَاءِ.
بُهْتَاناً عَظِيماً- كَذِباً وَبَاطِلاً فَاحِشاً.

.تفسير الآية رقم (157):

{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)}
(157)- وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ لأَنَّهُمْ قَالُوا سَاخِرِينَ مُسْتَهْزِئِينَ: إِنَّهُمْ قَتَلُوا المَسِيحَ عَلَيهِ السَّلامُ، وَفِي الحَقِيقَةِ إِنَّهُمْ لَمْ يَقْتُلُوهُ، وَلَمْ يَصْلُبُوهُ، وَإِنَّمَا صَلَبُوا شَخْصاً آخَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَبَهَ الأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَالْتَبَسَ، وَلَمْ يَتَيَّقَنُوا مِنْ أَنَّهُ هُوَ المَسِيحُ بِعَيْنِهِ، إِذْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ حَقَّ المَعْرِفَةِ. وَالأَنَاجِيلُ تَقُولُ إنَّ الذِي أَسْلَمَهُ إلى الجُنْدِ هُوَ يَهُوذا الأَسْخَرْيوطِيُّ، وَقَدْ جَعَلَ لَهُمْ عَلامَةً هِيَ أنَّ مَنْ قَبَّلَهُ يَكُونُ هُوَ المَسِيحَ، فَلَمَّا قَبَّلَهُ قَبَضُوا عَلَيْهِ.
وَانْجِيلُ بِرْنَابَا يَقُولُ إنَّ الجُنُوَد أَخَذُوا يَهُوذَا الأسْخَرْيُوطِيَّ نَفْسَهُ ظَنّاً مِنْهُمْ أنَّهُ المَسِيحُ، لأنَّ اللهَ أَلْقَى عَلَيهِ شَبَهَهُ. وَالذِينَ اخْتَلَفُوا فِي شَأْنِ عِيسَى مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَفِي شَكٍّ وَتَرَدُّدٍ مِنْ حَقِيقَةِ أَمْرِ قَتْلِهِ وَصَلْبِهِ، إذْ لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ قَطْعِيُّ الثُّبُوتِ، وَإِنَّمَا هُمْ يَتْبَعُونَ الظَّنَّ وَالقَرَائِنَ التِي تُرَجِّحُ بَعْضَ الآرَاءِ عَلَى بَعْضٍ.
شُبِّهَ لَهُمْ- ألْقِيَ عَلَى المَقْتُولِ شَبَهُ عِيسَى.

.تفسير الآية رقم (158):

{بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)}
(158)- وَالذِي تَمَّ فِعْلاً هُوَ أنَّ اللهَ أَنْجَاهُ مِنْ كَيْدِ اليَهُودِ، وَرَفَعَهُ إلَيْهِ، وَاللهُ سَبْحَانَهُ عَزِيزُ الجَانِبِ، لا يُرَامُ جنابُهُ، وَلا يُضَامُ مَنْ لاذَ بِبَابِهِ الكَرِيمِ، وَهُوَ حَكِيمٌ فِي جَمِيعِ مَا يُقَدِّرُهُ وَيَقْضِيهِ مِنَ الأُمُورِ.
(وَقِيلَ فِي مَعْنَى: رَفَعَهُ اللهُ إلَيْهِ: إنَّهُ تَوَفَّاهُ وَطَهَّرَهُ مِنَ الذِينَ كَفَرُوا. وَقِيلَ أَيْضاً بَلِ المَعْنَى هُوَ أنَّ اللهَ تَعَالَى رَفَعَهُ بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ إلى السَّمَاءِ. وَقِيلَ أَيْضاً إنَّ اللهَ رَفَعَهُ إلَى مَحَلِّ كَرَامَتِهِ).

.تفسير الآية رقم (159):

{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)}
{الكتاب} {القيامة}
(159)- اخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ، وَالذِي اخْتَارَهُ ابْنُ كَثيرٍ هُوَ أنَّهُ لا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، بَعْدَ نُزُولِ عِيسَى عَلَيهِ السَّلامُ إلى الأَرْضِ، بَعْدَ أنْ رَفَعَهُ اللهُ إلَى السَّمَاءِ، إلا آمَنَ بِهِ قَبْلَ أنْ يَقْضِيَ اللهُ عَلَيهِ بِالمَوْتِ، وَيَكُونُ عِيسَى عَلَيهِ السَّلامُ يَوْمَ القِيَامَةِ شَاهِداً عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ أَبْلَغَهُمْ رِسَالَةَ رَبِّهِ، وَأَقَرَّ بِعُبُودِيَّتِهِ للهِ.
(وَهُنَاكَ مَنْ قَال بَلِ المَعْنَى هُوَ: إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ عِنْدَمَا يُدْرِكُهُ المَوْتُ، يَنْكَشِفُ لَهُ الحَقُّ فِي أَمْرِ عِيسَى، وَسِواهُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، فَيُؤْمِنُ بِعِيسَى إِيمَاناً حَقّاً صَحِيحاً).

.تفسير الآية رقم (160):

{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160)}
{طَيِّبَاتٍ}
(160)- يَقُولُ تَعَالَى: إنَّهُ حَرَّمَ عَلَى اليَهُودِ طَيِّبَاتٍ كَانَتْ حَلالاً عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ صَدِّهِم النَّاسَ عَنْ سَبيلِ اللهِ، إمَّا بِالأمْرِ بِالمُنْكَرِ، وَالنَّهْيِ عَنِ المَعْرُوفِ... وَإمَّا بِسُوءِ القُدْوَةِ، فَكَانُوا كُلَّمَا ارْتَكَبُوا مَعْصِيَةً، أَوْ مُخَالَفَةً لأَمْرِ اللهِ، وَأَمْرِ رَسُولِهِ، عَاقَبَهُمُ اللهُ عَلَيْهَا بِتَحْرِيمِ نَوْعٍ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَنْ ظُلْمِهِمْ، وَيَتُوبُونَ إلى اللهِ تَعَالَى.

.تفسير الآية رقم (161):

{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)}
{الربا} {أَمْوَالَ} {بالباطل} {لِلْكَافِرِينَ}
(161)- وَعَاقَبَهُمُ اللهُ بِتَحْرِيمِ الطَّيِّبَاتِ عَلَيْهِمْ أَيْضاً، بِسَبَبِ تَعَامُلِهِمْ بِالرِّبَا، وَقَدْ نَهَاهُمُ اللهُ عَنْهُ، وَحَرَّمَهُ عَلَيْهِم، فَاحْتَالُوا عَلَى أَكْلِهِ بَأْنَواعِ الحِيَلِ، وَصُنُوفٍ مِنَ الشُّبَهِ، وَبِسَبَبِ أَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ، وَذَلِكَ بِالرَّشْوَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالخِيَانَةِ وَنَحْوِها... مِمَّا فِيهِ أَخْذٌ لِلْمَالِ بِلا مُقَابِلٍ يُعْتَدُّ بِهِ.
وَيَتَهَدَّدُهُمُ اللهُ تَعَالَى بِالعِقَابِ الأَلِيمِ الذِي أَعَدَّهُ لِمَنْ يَرْتَكِبُ هَذِهِ الجَرَائِمَ، وَهُوَ الخُلُودُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَفِيهَا العَذَابُ الأَلِيمُ.

.تفسير الآية رقم (162):

{لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162)}
{الراسخون} {الصلاة} {الزكاة} {أولئك}
(162)- لِكِن الثَّابِتُونَ فِي العِلْمِ، مِنَ اليَهُودِ، وَالمُؤْمِنُونَ مِنْ أُمَّتِكَ يَا مُحَمَّدُ، يُصَدِّقُونَ بِمَا أُوحِيَ إِلَيْكَ، وَمَا أُوْحِيَ إلَى الرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ. وَالذِينَ يُؤَدُّونَ الصَّلاةَ حَقَّ أَدَائِهَا، وَيَدْفَعُونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، وَيُصَدِّقُونَ بِاللهِ وَبِالبَعْثِ وَالحِسَابِ، فَهَؤُلاءِ جَمِيعاً سَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمُ الجَنَّةَ، جَزَاءً لَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَأَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ.
خَصَّ اللهُ تَعَالَى المُقِيمِينَ الصَّلاةَ بِالمَدْحِ فَنَصَبَ (المُقِيمِينَ) عَلَى المَدْحِ، لأنَّ الذِي يُقيمُ الصَّلاةَ عَلى الوَجْهِ الأَكْمَلِ لا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ.
وَالمُقِيمِينَ الصَّلاةَ- مَنْصُوبٌ عَلَى المَدْحِ.

.تفسير الآية رقم (163):

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163)}
{والنبيين} {إِبْرَاهِيمَ} {وَإِسْمَاعِيلَ} {وَإِسْحَاقَ} {وَهَارُونَ} {وَسُلَيْمَانَ} {وَآتَيْنَا} {دَاوُودَ}
(163)- قَالَ رَجُلٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: يَا مُحَمَّدُ مَا نَعْلَمُ أنَّ اللهَ أَنْزَلَ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيءٍ بَعْدَ مُوسَى، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ وَالآيَاتِ التِي تَلِيهَا. ثُمَّ ذَكَرَ فَضَائِحَ المُكَذِّبِينَ وَمَعَايِبَهُمْ، وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الكَذِبِ، وَمَا هُمْ عَلَيهِ مِنَ الافْتِرَاءِ وَالتَّعَنُّتِ، وَذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أنَّهُ أَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مُحَمَّدٍ، كَمَا أَوْحَى إلَى غَيْرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ المُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ. وَقَالَ تَعَالَى: إنَّهُ أَنْزَلَ عَلَى دَاوُدَ كِتَاباً هُوَ الزَّبُورُ.
السِّبْطُ- وَلَدُ الوَلَدِ، وَالأَسْبَاطُ هُمْ أَحْفِدَةُ يَعْقُوبِ.

.تفسير الآية رقم (164):

{وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)}
{قَصَصْنَاهُمْ}
(164)- يَقُولُ تَعَالَى: إنَّهُ أَوْحَى إلَى رُسُلٍ قَصَّهُمْ عَلَى نَبِيِّهِ فِي الآيَاتِ السَّابِقَاتِ، وَذَكَرَ لَهُ أَسْمَاءَهُمْ، وَإنَّهُ أَوْحَى أَيْضاً إلَى رُسُلٍ لَمْ يَقْصُصْهُمْ عَلَيهِ، وَلَمْ يَرِدْ ذِكْرُهُمْ فِي القُرْآنِ.
وَفِي حَدِيثٍ يَرويه أبو ذر: «إنَّ عَدَدَ الأَنْبِيَاءِ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً وَإنَّ عَدَدَ الرُّسُلِ مِنْهُمْ ثَلاثُمِئَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ أو خَمْسَةَ عَشَرَ».
وَيَقُولُ تَعَالَى: إنَّهُ شَرَّفَ مُوسَى بِأَنْ كَلَّمَهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، بِدُونِ وَاسِطَةٍ (وَالوَحْيُ لِلرُّسُلِ يُسَمَّى تَكْلِيماً).

.تفسير الآية رقم (165):

{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)}
(165)- يَقُولُ تَعَالَى: إنَّهُ أَرْسَلَ الرُّسُلَ يُبَشِّرُونَ مَنْ أَطَاعَ اللهَ، وَاتَّبَعَ رِضْوَانَهُ بِالخَيْرَاتِ وَحُسْنِ الثَّوَابِ، وَيُنْذِرُونَ، بِالعِقَابِ وَالعَذَابِ، مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ، وَكَذَّبَ رُسُلَهُ، وَذَلِكَ لِكَيْلا يَبْقَى لِمُعْتَذِرٍ عُذْرٌ، بَعْدَ أنْ أَوْضَحَتِ الرُّسُلُ لِلْنَّاسِ أوَامِرَ اللهِ وَنَوَاهِيهِ، وَالجَزَاءُ لا يَكُونُ إلا لِمَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ عَلَى الوَجْهِ الصَّحِيحِ. وَكَانَ اللهُ عَزيزَ الجَانِبِ لا يُضَامُ، حَكِيماً فِي شَرْعِهِ وَتَدْبِيرِهِ.

.تفسير الآية رقم (166):

{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)}
{والملائكة}
(166)- لَمَّا أَنْكَرَ اللهُ تَعَالَى عَلَى الكَافِرِينَ وَأَهْلِ الكِتَابِ كُفْرَهُمْ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَتَكْذِيبَهُمْ بِنُزُولِ الوَحْيِ عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، وَتَعَنُّتَهُمْ فِي طَلَبِ المُعْجِزَاتِ مِنْهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: إنَّهُ يَشْهَدُ بِأَنَّهُ أَنْزَلَ وَحْيَهُ عَلَى رَسُولِهِ، بِعِلْمٍ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ الرَّسُولُ وَلا قَوْمُهُ (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ)، وَالمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ بِذَلِكَ، وَكَفَى بِمَنْ يَشْهَدُ اللهُ لَهُ صِدْقاً.

.تفسير الآية رقم (167):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167)}
{ضلالا}
(167)- الذِينَ كَفَرُوا بِاللهِ، وَرَفَضُوا اتِّبَاعَ الحَقِّ، وَسَعَوْا فِي صَدِّ النَّاسِ عَنِ الهُدَى وَالإِيْمَانِ، قَدْ خَرَجُوا عَنِ الحَقِّ، وَضَلُّوا عَنْهُ، وَبَعُدُوا عَنْهُ بُعداً عَظِيماً.