فصل: تفسير الآية رقم (47):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (47):

{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47)}
{أَرَأَيْتَكُمْ} {أَتَاكُمْ} {الظالمون}
(47)- قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ: أَخْبِرُونِي عَنْ حَالِكُمْ إنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ- الذِي قَضَتْ بِهِ سُنَّتُهُ فِي الأَوَّلِينَ أَنْ يُنْزِلَهُ بِالكُفَّارِ وَالمُكَذِّبِينَ- مُبَاغِتاً، وَمُفَاجِئاً لَكُمْ، فَأَخَذَكُمْ عَلَى غِرَّةٍ مِنْكُمْ، وَلَمْ تَسْبِقْهُ مُقَدِّمَاتٌ، وَلا أَمَارَاتٌ تُشْعِرُكُمْ بِقُرْبِ نُزُولِهِ بِكُمْ، أَوْ أَتَاكُمْ وَأَنْتُمْ تُعَايِنُونَهُ وَتَنْظُرونَ إلَيْهِ، فَهَلْ يُهْلِكُ اللهُ إلا القَوْمَ الظَّالِمِينَ الذِينَ أَصَرُّوا عَلَى الشِّرْكِ وَالجُحُودِ؟ وَلَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُهُ تَعَالَى، فِي مِثْلِ هَذَا العَذَابِ، أَنْ يُنْجِيَ مِنْهُ رُسُلَهُ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ المُؤْمِنِينَ.
بَغْتَةً- فَجْأَةً أَوْ لَيْلاً.
جَهْرَةً- مُعَايَنَةً- أَوْ نَهَاراً.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48)}
{آمَنَ}
(48)- إنَّ اللهَ تَعَالَى يُرْسِلُ الرُّسُلَ لِيُبَشِّرُوا، مَنْ آمَنَ، بِالجَنَّةِ، وَحُسْنِ الثَّوَابِ، وَلِيُنْذِرُوا، مَنْ كَفَرَ وَعَتَا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ، بِالعُقُوبَةِ وَالعَذَابِ، فَالذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، فَهَؤُلاءِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، مِمَّا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَلا يَحْزَنُونَ عَلى مَا خَلَّفُوهُ وَرَاءَهُمْ فِي الدُّنْيا.

.تفسير الآية رقم (49):

{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)}
{بِآيَاتِنَا}
(49)- أمَّا الذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمِ، فَإنَّهُمْ سَيُصِيبَهُمُ العَذَابُ، بِمَا كَفَرُوا بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ، وَخَرَجُوا عَنْ أَوَامِرِ رَبِّهِمْ، وَلَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ.

.تفسير الآية رقم (50):

{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)}
{خَزَآئِنُ}
(50)- قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ، الذِينَ يَقْتَرِحُونَ عَلَيْكَ الآيَاتِ تَعْجِيزاً لِجَهْلِهْم بِحَقِيقَةِ النُّبُوَّةِ، وَلِظَنِّهِمْ أنَّ النَّبِيَّ لا يَكُونُ نَبِيّاً إلاّ إذَا أَصْبَحَ قَادِراً عَلَى مَا لا يَقْدِرُ البَشَرُ عَلَيْهِ: إنِّي لا أَقُولُ لَكُمْ إنِّي أَمْلِكُ خَزَائِنَ اللهِ، وَلا أَتَصَرَّفُ بِهَا، وَلا أَقُولُ لَكُمْ إنَّي أَعْلَمُ غَيْبَ اللهِ، فَعِلْمُ الغَيْبِ عِنْدَ اللهِ وَحْدَهُ وَلا أَطَّلِعُ مِنْهُ إلا عَلَى مَا أَطْلَعَنِي عَلَيْهِ رَبِّي، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلا أَدَّعِي أنِّي مَلَكٌ، إنَّمَا أنَا بَشَرٌ يُوحِي إِليهِ اللهُ، وَقَدْ شَرَّفَنِي سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ، وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَيَّ، وَإِنَّنِي أَتَّبِعُ مَا يُوحِيهِ اللهُ إلَيَّ، وَلا أَخْرُجُ عَنْهُ مُطْلَقاً. قُلْ لَهُمْ: هَلْ يَسْتَوِي مَنِ اتَّبَعَ الحَقَّ وَهُدِيَ إلَيهِ، مَعَ مَنْ ضَلَّ عَنْهُ، فَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ، وَلَمْ يَنْقَدْ إِلَيهِ؟ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ فِي أنَّهُمَا لا يَسْتَوِيَانِ؟
خَزَائِنُ اللهِ- مَرْزُوقَاتُ اللهِ وَمَقْدُورَاتُهُ.

.تفسير الآية رقم (51):

{وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)}
(51)- وَأَنْذِر بِهذا القُرْآنِ المُؤْمِنِينَ، الذِينَ يَخَافُونَ أَهْوَالَ الحَشْرِ، وَشِدَّةَ الحِسَابِ، لأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ سَيُحْشَرونَ إِلَى رَبِّهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لا شَفِيعَ لَهُمْ عِنْدَهُ، وَلا وَلِيَّ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ، وَذكِّرْهُمْ بِذلِكَ اليَوْمِ الذِي لا حَاكِمَ فِيهِ إِلاّ اللهُ، لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ اللهَ، وَيَعْلَمُونَ فِي هذِهِ الدَّارِ عَمَلاً يُنْجِيهِمْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ القِيَامَةِ.

.تفسير الآية رقم (52):

{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)}
{بالغداة} {الظالمين}
(52)- وَلا تُبعِدُ يَا أيُّهَا الرَّسُولُ المُؤْمِنِينَ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبًّهُمْ، وَيُصَلُّونَ إلَيْهِ صَبَاحَ مَسَاءَ، وَيَدْعُونَهُ لا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ غَيْرَ رِضَا رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَتِهِ، فَلَيْسَ عَلَيكَ أَنْتَ مِنَ حَسَابِهِمْ مِنْ شَيءٍ، إنَّمَا حِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ، فَإذَا أَبْعَدْتَهُمْ وَطَرَدْتَهُم مِنْ مَجْلِسِكَ كُنْتَ مِنَ الظَّالِمِينَ.
وَرُوِيَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ: أنَّ نَفَراً مِنْ كِبَارِ قُرَيْشٍ مَرُّوا بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدُوهُ قَاعِداً مَعَ أُنَاسٍ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ وَضُعَفَائِهِمْ: صُهَيْبٍ وَعَمَّارٍ وَبِلالٍ وَخَبَّابٍ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ: أَرَضِيتَ بِهَؤُلاءِ مِنْ قَوْمِكَ؟ أَهَؤُلاءِ الذِينَ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا؟ أَنَحْنُ نَصِيرُ تَبَعاً لِهَؤُلاءِ؟ اطْرُدْهُمْ فَلَعَلَّكَ إنْ طَرَدْتَهُمْ نَتْبَعْكَ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةِ.
الغَدَاةُ- أوَّلُ النَّهَارِ.
العَشِيِّ- آخِرِهِ (أَيْ ادْعُ رَبَّكَ بِصُورَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ).

.تفسير الآية رقم (53):

{وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}
{بالشاكرين}
(53)- وَكَذَلِكَ اخْتَبَرْنَا المُتَكَبِّرِينَ بِسَبْقِ الضُّعَفَاءِ إلَى الإِسْلامِ، لِيَقُولَ الكُبَرَاءُ عَنِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ سَاخِرِينَ: أَهَؤُلاءِ الذِينَ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا بِالهِدَايَةِ وَالرِّضْوَانِ، وَاتِّبَاعِ الحَقِّ؟ (وَهُمْ يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ أنَّ اللهَ مَا كَانَ لِيَهْدِيَ هَؤُلاءِ المُسْتَضْعَفِينَ إلى الخَيْرِ وَيَدَعَ كُبَرَاءَ قُرَيْشٍ). وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مُسْتَنْكِراً هَذا القَوْلَ وَهَذا الاعْتِقَادَ: أَلَيْسَ اللهُ هُوَ الأَعْلَمُ بِالشَّاكِرِينَ لَهُ بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ فَيُوَفِّقُهُمْ، وَيَهْدِيهِمْ سَبِيلَ السَّلامِ، وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ؟
فَتَنّا- ابْتَلَيْنَا وَامْتَحَنَّا، وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)}
{بِآيَاتِنَا} {سَلامٌ} {بِجَهَالَةٍ}
(54)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يُكْرِمَ الذِينَ يَأْتُونَ إلَيْهِ مِنَ المُؤْمِنِينَ، وَبِأَنْ يَرُدَّ السَّلامَ عَلَيْهِمْ، وَبِأَنْ يُبَشِّرَهُمْ بِرَحْمَةِ اللهِ الوَاسِعَةِ، الشَّامِلَةِ لَهُمْ، التِي أَوْجَبَهَا اللهُ عَلَى نَفْسِهِ الكَرِيمَةِ تَفَضّلاً وَإِحْسَانًا وَامْتِنَاناً وَأنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ سُوْءاً وَهُوَ جَاهِلٌ (وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ كُلُّ مَنْ عَصَى اللهَ فَهُوَ جَاهِلٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ الدُّنيا كُلُّهَا جَهاِلَةٌ)، ثُمَّ تَابَ وَرَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَأَقْلَعَ عَنِ المَعَاصِي، وَعَزَمَ عَلَى أنْ لا يَعُودَ إِليها، وَأَصْلَحَ العَمَلَ فِي المُسْتَقْبَلِ، فَإِنَّ اللهَ يَعِدُهُ بِالمَغْفِرَةِ.
(وَلَعَلَّ أَقْرَبَ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى- مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ- هُوَ أَنْ نَقُولَ: إِنَّ الذِي يَعْمَلُ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ هُوَ الذِي يَرْتَكِبُ الذَّنْبَ فِي لَحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِ الطَّيْشِ أَوِ الانْفِعَالِ، أَوِ الضَّعْفِ الإِنْسَانِيِّ، أَوِ الهَوَى الجَامِحِ أَو ثَوْرَةِ الغَضَبَ... وَمَا مَاثَلَ تِلْكَ الأَحْوَالِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ إنَّمَا يَرْتَكِبُ إِثْماً وَذَنْباً، وَيُقْدِمُ عَلَى الذَّنْبِ وَهُوَ يَسْتَشْعِرُ فِي نَفْسِهِ النَّدَامَةَ، ثُمَّ حِينَمَا يَثُوبُ إلى نَفْسِهِ يَنْدَمُ عَلَى مَا فَعَلَ، وَيَتُوبُ إلَى رَبِّهِ، وَيَسْتَغْفِرَهُ، وَهُوَ يَشْعُرُ بِثِقَلِ الذَّنْبِ عَلَى نَفْسِهِ. وَهَذا غَيْرُ حَالِ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى اقْتِرَافِ الذَّنْبِ وَهُوَ مُسْتَخِفٌّ بِالدِّينِ وَبِحُرُمَاتِ اللهِ، غَيْرُ عَابِئٍ بِهَا وَغَيْرُ مُسْتَشْعِرٍ نَدَماً عَلَى فِعْلِهِ).
كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةُ- قَضَى رَبُّكُمْ وَأَوْجَبَ الرَّحْمَةَ تَفَضُّلاً مِنْهُ وَإِحْسَاناً.
بِجَهَالَةٍ- بِسَفَاهَةٍ- وَكُلّ عَاصٍ مُسِيءٍ جَاهِلٌ.

.تفسير الآية رقم (55):

{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)}
{الآيات}
(55)- وَبِمِثْلِ ذَلِكَ البَيَانِ الوَاضِحِ نُوَضِّحُ الدَلائِلَ المُتَنَوِّعَةَ لِيَظْهَرَ طَريقُ الحَقِّ الذِي يَسْلُكُهُ المُؤْمِنُونَ، وَيُبَيِنَ طَرِيقَ الضَّلالِ الذِي يَسْلُكُهُ الكَافِرُونَ.

.تفسير الآية رقم (56):

{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56)}
(56)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَرُدَّ عَلَى المُشْرِكِينَ، بِأنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ عِبَادَةِ الأَصْنَامِ وَالأَوْثَانِ، وَمَا يَعْبُدُهُ المُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللهِ، وَأنَّهُ لَنْ يَتَّبِعَ مَا يَدْعُونَهُ إلَيْهِ مِنْ عِبَادَاتٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى الهَوَى، وَلَيْسَتْ عَلَى شَيءٍ مْنَ الحَقِّ وَالهُدَى، وَأنَّهُ سَيَكُونُ مِنَ الضَّالِينَ غَيْرَ المُهْتَدِينَ إنِ اتَّبَعَ أَهْوَاءَهُمْ.

.تفسير الآية رقم (57):

{قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)}
{الفاصلين}
(57)- قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: إِنِّي، فِيمَا أُخَالِفُكُمْ فِيهِ، عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ شَرِيعَةِ رَبِّي، التِي أَوْحَاهَا إِلَيَّ، وَقَدْ كَذَّبْتُمْ أَنْتُمْ بِالقُرْآنِ، وَهُوَ بَيِّنَتِي عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِي، وَعَلى صِدْقِ مَا دَعَوْتُكُمْ إلَيهِ، ثُمَّ إِنَّكُمْ تَطمَعُونَ فِي أنْ أَتَّبِعَكُمْ عَلى ضَلالٍ أَنْتُمْ مُقِيمُونَ عَليهِ، وَلا بَيِّنَةَ لَكُمْ عَلَيْهِ غَيرُ التَّقْلِيدِ لِلآبَاءِ، وَالأَجْدَادِ، وَالخُضُوعِ لِهَوى النَّفْسِ، وَإِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ بِالعَذّابِ الِي أَنْذَرَكُمْ بِهِ اللهُ، إنْ أَصْرَرْتُمْ أَنْتُمْ عَلَى كُفْرِكُمْ، وَأَنَأ لا أَمْلِكُ أنْ آتِيْكُمْ بِالعَذَابِ الذِي تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ، فَالحُكْمُ فِي هَذا، وَفِي غَيْرِهِ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، وَهُوَ وَحْدَهُ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَأْتِيكُمْ بِهِ إنْ شَاءَ. وَهُوَ تَعَالَى يَقُصُّ الحَقَّ فِي وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَجَمِيعِ أَخْبَارِهِ، وَهُوَ خَيرُ الحَاكِمِينَ فِي كُلِّ أَمْرٍ، وَلا يَقَعُ فِي قَضَائِهِ حَيْفٌ وَلا جَوْرٌ.
يَقُصُّ الحّقَّ- يَتْبَعُهُ فِيمَا حَكَمَ، أَوْ يُبَيِّنُهُ بَياناً شَامِلاً.
خَيْرُ الفَاصِلِينَ- خَيْرُ الحَاكِمِينَ حُكْماً فَصْلاً بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ.

.تفسير الآية رقم (58):

{قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)}
{بالظالمين}
(58)- قُلْ لَهُمْ: لَوْ كَانَ مَرْجِعُ الأَمْرِ إِلَيَّ لاسْتَجَبْتُ لِطَلَبِكُمْ، وَلأَوْقَعْتُ عَلَيْكُمْ مَا تَسْتَعْجِلُونَهُ مِنَ العَذَابِ، وَلانْتَهَى الأمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمينَ الذِينِ يَسْتَحِقُّونَ العَذَابَ وَالعُقُوبَةَ، وَقَدْ جَعَلَ لِعَذَابِهِمْ مَوْعِداً حَدَّدَهُ لا يَعْلَمُهُ إلاّ هُوَ.

.تفسير الآية رقم (59):

{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)}
{ظُلُمَاتِ} {كِتَابٍ}
(59)- قَالَ البُخَارِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ: إِنَّ مَفَاتِحَ الغَيْبِ (أَيْ خَزَاِئِنهُ) خَمْسٌ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلاّ اللهُ وَهُوَ المُتَصَرِّفُ فِيهِنَّ وَحْدَهُ:
1- إنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ.
2- وَيُنْزِلُ الغَيْثَ.
3- وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غداً.
4- وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ.
5- وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ.
وَاللهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِّ مِنْ جَمِيعِ المَوْجُودَاتِ، لا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيءٌ، وَيَعْلَمُ كُلَّ حَرَكَةٍ فًلا تَسْقُطُ وَرَقَةٌ، وَلا تُوْجَدُ حَبَّةٌ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ إلا يَعْلَمُهَا اللهُ، وَمَا مِنْ شَجَرَةٍ إلا يَعْلَمُهَا، وَيَعْلَمُ رُطُوبَتَها وَيُبُوسَتَهَا.
وَقَدْ أَحْصَى كُلَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ لا يُهْمِلُ شَيْئاً مِنْ عَمَلِ جَمِيعِ خَلْقِهِ وَحَالاتِهِمْ.
كِتَابٍ مُبِينٍ- اللَّوحِ المَحْفُوظِ أَوْ أُمِّ الكِتَابِ.
مَفْتَحُ- بِفَتْحِ المِيمِ- هُوَ المَخْزَنُ.
وَمِفْتَحُ- بِكَسْرِ المِيمِ- هُوَ المُفْتَاحُ الذِي يَفْتَحُ القِفْل.