فصل: تفسير الآية رقم (177):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (177):

{سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)}
{بِآيَاتِنَا}
(177)- قَبُحَتْ صِفَةُ هؤُلاءِ القَوْمِ فِي الصِّفَاتِ، وَسَاءَ مَثَلُهُمْ فِي الأَمْثَالِ، بِإِعْرَاضِهِمْ عَنِ التَّفَكُّرِ فِي الآيَاتِ، وَاسْتِخْلاصِ العِبَرِ مِنْهَا لِلاهْتِدَاءِ بِهَا وَجَعْلِهَا السَّبِيلَ المُوصِلَةَ إلى السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

.تفسير الآية رقم (178):

{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)}
{فأولئك} {الخاسرون}
(178)- مَنْ يُوَفِّقْهُ اللهُ لِسُلُوكِ سُبُلِ الهِدَايَةِ بِاسْتِعْمَالِ عَقْلِهِ وَحَوَاسِّهِ فِيمَا خُلِقَتْ لَهُ، بِمُقْتَضَى الفطْرَةِ، وَإِرْشَادِ الدِّينِ، فَهُوَ المُهْتَدِي الذِي شَكَرَ نِعَمَ اللهِ عَلَيهِ، وَأَدَّى حَقَّ رَبِّهِ عليهِ، فَهُوَ يَخْذلْهُ وَيَحْرِمْهُ التَّوْفِيقَ فَيَتَّبِعِ الشَّيْطَانَ فِي عَدَمِ تَفهُّمِ آيَاتِهِ، وَفِي التَّقْصِيرِ فِي شُكْرِ رَبِّهِ عَلَى مَا أنْعَمَ بِهِ عَلَيهِ، فَهُوَ الذِي خَسِرَ سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

.تفسير الآية رقم (179):

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)}
{آذَانٌ} {أولئك} {كالأنعام} {الغافلون}
(179)- لَقَدْ خَلَقْنَا كَثيراً مِنَ الإِنْسِ وَالجِنِّ لِيَكُونُوا وَقُوداً لِجَهَنََّمَ، لأنَّهُمْ يَعْمَلُونَ عَمَلَ أهْلِهَا، وَلا يَنْتَفِعُونَ بِشَيءٍ مِنْ جَوَارِحِهِمْ التِي جَعَلَها اللهُ سَبِيلاً لِلْهِدَايَةِ، فَلا يَسْمَعُونَ الحَقَّ بِآذَانِهِم، وَلا يَفْقَهُونَهُ بِقُلُوبِهِمْ، وَلا يَرَوْنَ النُّورَ بِعُيُونِهِمْ، فَهُمْ كَالبَهَائِمِ وَالأنْعَامِ السَّارِحَةِ، لا تَنْتَفِعُ بِحَوَاسِّهَا إلا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَعَاشِهَا وَبَقَائِهَا، أوْ هُمْ شَرٌّ مِنَ الدَّوَابِّ وَأكْثَرُ ضَلالاً، لأنَّ الدَّوَابَّ قَدْ تَسْتَجِيبُ لِراعِيها إذا أنِسَتْ بِهِ، وَإنْ لَمْ تَفْقَهْ كَلامَهُ، بِخِلافِ هَؤُلاءِ. ولأنَّ الدَّوَابَّ تَفْعَلُ مَا خُلِقَتْ لَهُ، إمَّا بِطَبْعِهَا وَإمَّا بِتَسْخِيرِهَا. أمَّا الكَافِرُونَ فِإِنَّهُمْ خُلِقُوا لِيَعْبُدُوا اللهَ وَيُوَحِّدُ هُ، فَكَفَرُوا بِاللهِ، وَأشْرَكُوا بِهِ فَهُمُ الغَافِلُونَ.

.تفسير الآية رقم (180):

{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)}
{أَسْمَآئِهِ}
(180)- وَللهِ، دُونَ غَيْرِهِ، جَمِيعُ الأَسْمَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى أَحْسَنِ المَعَانِي، وَأَكْمَلِ الصِّفَاتِ، فَاذْكُرُوهُ وَنَادُوهُ بِهَا، إِمَّا لِلْثَنَاءِ عَلَيْهِ، وَإِمَّا لِسُؤالِهِ العَوْنَ وَالمَغْفِرَةَ، وَمَا أَنْتُمْ بِحَاجَةٍ إِلَيْهِ. وَادْعُوهُ يَا أَيُّها المُؤْمِنُونَ، وَاتْرُكُوا جَمِيعَ الذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ بِالمَيْلِ فِي أَلْفَاظِهَا، أَوْ مَعَانِيهَا عَنْ نَهْجِ الحَقِّ، مِنْ تَحْرِيفٍ أَوْ تَأْوِيلٍ أَوْ شْرِكٍ أَوْ تَكْذِيبٍ، أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، أَوْ مَا يَنْفِي وَصْفَها بِالحُسْنَى، لأنَّ هَؤُلاءِ المُلْحِدِينَ سَيُجْزَوْنَ جَزَاءً وِفَاقاً عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَتَنْزِل بِهِم العُقُوبَةُ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ. فَاجْتَنِبُوا إِلْحَادَهُمْ فِي أسْمَاءِ اللهِ لِكَيْلا يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ.
وَفِي الحَدِيثِ: «إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ». أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمَذِي وَابْنُ مَاجَهْ.
يُلْحِدُونَ- يَنْحَرِفُونَ وَيَمِيلُونَ إِلَى البَاطِلِ؟

.تفسير الآية رقم (181):

{وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181)}
(181)- وَمِنْ بَعْضِ الأمَمِ التِي خَلَقْنَاهَا، جَمَاعَةٌ كَبيرَةٌ يَقُومُونَ بِالحَقِّ قَوْلاً وَعَمَلاً، يَقُولُونَ الحَقَّ، وَيَدْعُونَ إلَيهِ {بالحق}، وَيَعْمَلُونَ بِهِ وَيَقْضُونَ (يَعْدِلُونَ). وَرُوِيَ عَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ: «هَذِهِ أمَّتِي، بِالحَقِّ يَحْكُمُونَ وَيَقْضُونَ، وَيَأخُذُونَ وَيُعْطَونَ». أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
بِهِ يَعْدِلُونَ- بِالحَقِّ يَحْكُمُونَ فِي الخُصُومَاتِ.

.تفسير الآية رقم (182):

{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182)}
{بِآيَاتِنَا}
(182)- أمَّا الذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ، وَكَفَرُوا بِهَا، فَسَيَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً مِنْ وُجُوهِ الرِّزْقِ وَالمَعَاشِ فِي الدُّنْيا، حَتَّى يَغْتَرُّوا بِمَا هُمْ فِيهِ، وَيَعْتَقِدُوا أَنَّهُم عَلَى شَيءٍ، حَتَّى يُفَاجِئَهُمْ بَأْسُ اللهِ، وَمَا قَضَاهُ عَلَيْهِم، وَهُمْ غَافِلُونَ، لا يَشْعُرُونَ وَلا يَعْلَمُونَ.
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ- سَنَسْتَدْنِيهِمْ إلَى الهَلاكِ بِالإِنْعَامِ وَالإِمْهَالِ.

.تفسير الآية رقم (183):

{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)}
(183)- وَسَيُطيلُ اللهُ تَعَالَى فِي أَعْمَارِهِمْ، وَسَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ لِيَزْدَادُوا اغْتِرَاراً ثُمَّ يَأْخُذُهُمْ أَخْذَ عَزِيرٍ مُقْتَدِرٍ، فَتَدْبِيرُهُ تَعَالَى لِلأمُورِ قَوِيٌّ شَدِيدٌ.
أُمْلِي لَهُمْ- أُمْهِلُهُمْ فِي العُقُوبَةِ.
كَيْدِي مَتِينٌ- أخْذِي شَدِيدٌ قَوِيُّ.

.تفسير الآية رقم (184):

{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184)}
(184)- لَقَدْ بَادَرَ هَؤُلاءِ الضَّالُّونَ المُكَذِّبُونَ مِنْ قُرَيْشٍ، إلَى تَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ وَرِسَالَتِهِ، وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي حَالِهِ مِنْ بَدْءِ نَشْأتِهِ، وَفِي حَقِيقَةِ دَعْوَتِهِ، وَدَلائِلِ رِسَالَتِهِ، وَآيَاتِ وَحْدَانِيَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَقُدْرَتِهِ عَلَى إعَادَةِ الخَلْقِ إلى الحَيَاةِ مَرَّةً أُخْرَى، كَمَا بَدَأَهُمْ أوَّلَ مَرَّةٍ، إنَّهُمْ إنْ تَفَكَّرُوا فِي ذَلِكَ أدْرَكُوا أنَّ صَاحِبَهُمْ مُحَمَّداً لَيْسَ مَجْنُوناً، وَإنَّمَا هُوَ نَذِيرٌ نَاصِحٌ، وَمُبَلّغٌ عَنْ رَبِّهِ. فَهُوَ يُنْذِرُهُمْ مَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنْ عَذابٍ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ إذا لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ.
جِنَّةٍ- جُنُونٍ.

.تفسير الآية رقم (185):

{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)}
{السماوات}
(185) أَوَ لَمْ يَنْظُرْ هَؤُلاءِ المُكَذِّبُونَ إلَى مَا خَلَقَ اللهُ تَعَالَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَيَتَدبَّرُوا ذَلِكَ، وَيَعْتَبِرُوا بِهِ، وَيُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَيَتَخَلَّوْا عَنِ الأنْدَادِ وَالأوْثَانِ؟ فَلْيَحْذَرُوا أنْ تَكُونَ آجَالُهُمْ قَدِ اقْتَرَبَتْ فَيَهْلِكُوا وَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَيَصِيرُوا إلى عَذَابٍ أليمٍ. وَإذا لَمْ يتَّعِظُوا بِمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ، وَبِمَا حَذَّرَهُمْ مِنْهُ، فَبِأَيِّ وَسِيلَةٍ مِنَ التَّخْويفِ وَالتَّحْذِيرِ يُصَدِّقُونَ؟ وَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ القُرْآنِ يُؤْمِنُونَ، إِذَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ؟
مَلَكُوتِ- المُلْكِ العَظِيمِ.

.تفسير الآية رقم (186):

{مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)}
{طُغْيَانِهِمْ}
(186)- لَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى هَذا القُرْآنَ أَعْظَمَ أسْبَابِ الهِدَايَةِ لِلْمُتَّقِينَ، وَجَعَلَ الرَّسُولَ المُبَلِّغَ لَهُ أقْوَى الرُّسُلِ بُرْهَاناً، وَأكْرَمَهُمْ أخْلاقاً، فَمَنْ فَقَدَ الاسْتِعْدَادَ لِلإِيمَانِ بِهذَا الكِتَابِ، وَهَذا الرَّسُولِ، فَهُوَ الذِي أضَلَّهُ اللهُ، وَمَنْ أَضَلَّهُ اللهُ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَيَتْرُكُ تَعَالَى هؤُلاءِ الضَّالِّينَ فِي طُغْيَانِهِمْ يَتَرَدَّدُ نَ فِي حَيْرَةٍ، وَلا يَهْتَدُونَ سَبيلاً لِلْخُرُوجِ مِمَّا هُمْ فِيهِ.
الطُّغْيَانُ- تَجَاوُزُ الحَدِّ فِي الكُفْرِ.
العَمَهُ- ظُلْمَةُ البَصِيرَةِ- أوْ هُوَ التَّرَدُّدِ وَالحَيْرَةُ.

.تفسير الآية رقم (187):

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187)}
{يَسْأَلُونَكَ} {مُرْسَاهَا} {السماوات}
(187)- كَانَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّاعَةِ التِي تَنْتَهِي بِهَا هَذِهِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ اسْتِبْعَاداً لِوُقُوعِهَا، وَتَكْذِيباً بِوُجُودِهَا، وَيَقُولُونَ: مَتَى يَحِينُ وَقْتَ رُسُوِّهَا وَاسْتِقْرَارِهَا (أَيَّانَ مُرْسَاهَا)؟ وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَرُدَّ عِلْمَهَا إلَى اللهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَقُولَ لِهَؤُلاءِ السَّائِلِينَ عَنْهَا إِنَّ عِلْمَهَا عِنْدَ اللهِ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ هُوَ الذِي يُظْهِرُ أَمْرَهَا، وَلا يَعْلَمُ أَحَدٌ وَقْتَهَا إلا هُوَ.
وَحِينَ يَحِينُ وَقْتُهَا فَإِنَّ هَوْلَها يَثْقُلُ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلا يَبْقَى أَحَدٌ مِنَ الخَلْقِ إلا وَيُصِيبَهُ ضَرَرٌ مِنْهَا. وَلا تَأْتِي السَّاعَةُ النَّاسَ إلا فَجْأَةً، وَعَلَى حِينِ غِرَّةٍ، وَدُونَ سَابِقِ إِنْذَارٍ. وَيَسْألُكَ هَؤُلاءِ عَنِ السَّاعَةُ كَأنَّكَ حَرِيصٌ عَلَى العِلْمِ بِهَا، أَوْ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ مُبَالِغٌ فِي سُؤَالِكَ رَبَّكَ عَنْهَا. فَقُلْ لَهُمْ إنَّ اللهَ عِنْدَهُ وَحْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ تِلْكَ الحَقِيقَةَ.
حَفِيٌّ عَنِ الأَمْرِ- بَلِيغُ فِي السُّؤَالِ عَنْهُ أَوْ عَالِمٌ بِهِ.
أَيَّانَ مُرْسَاهَا- مَتَى إِثْبَاتُ وُقُوعِهَا.
لا يُجَلِّيها- لا يَكْشِفُها وَيُظْهِرُهَا.
ثَقُلَتْ- عَظُمَتْ لِشِدَّتِهَا.

.تفسير الآية رقم (188):

{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)}
(188)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يُفَوِّضُ الأُمُورَ إِلَيْهِ تَعَالَى، وَأَنْ يُخْبِرَ النَّاسَ عَنْ نَفْسِهِ أنَّهُ لا يَعْلَمُ الغَيْبَ، وَلا هُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى شَيءٍ مِنْهُ، إلاّ مَا أطْلَعَهُ عَلَيهِ رَبُّهُ. وَأنَهُ لَوُ كَانَ يَعْلَمُ الغَيْبَ، وَيَعْلَمُ مَتَى يَمُوتُ، لاسْتَكْثَرَ مِنْ فِعْلِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ وَالخَيْرَاتِ، وَلَتَزَوَّدَ لِلآخِرَةِ؛ أوْ لَوْ أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أنَّهُ إذا اشْتَرَى شَيئاً رَبحَ فِيهِ لَفَعَلَ ذَلِكَ. أوْ أنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ الغَيْبَ لاجْتَنَبَ الشَّرَّ وَالسُوءَ واتَّقَاهُمَا. ثُمَّ أمَرَ اللهُ رَسُولَهُ بِأنْ يَقُولَ للنَّاسِ: إِنَّهُ نَذِيرٌ مِنَ العَذَابِ، وَبشيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالجَنَّةِ، وَهَذِهِ هِيَ مَهَمَّتُهُ.

.تفسير الآية رقم (189):

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)}
{وَاحِدَةٍ} {تَغَشَّاهَا} {لَئِنْ} {آتَيْتَنَا} {صَالِحاً} {الشاكرين}
(189)- يُنَبِّهُ اللهُ تَعَالَى خَلءقَهُ إِلَى أنَّ جَميعَ البَشَرِ مَخْلُوقُونَ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ (هِيَ آدَمَ)، وَأَنَّهُ خَلَقَ مِنْ هَذِهِ النَّفْسِ زَوْجَهَا (حَوَّاءَ)، ثُمَّ انْتَشَرَ النَّاسَ مِنْهُمَا عَنْ طَرِيقِ التَّنَاسُلِ المَعْرُوفِ. وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: إِنَّهُ جَعَلَ لِلْنَّفْسِ زَوْجاً لَهَا مِنْ جِنْسِهَا لِيَتَآلَفَهَا، وَلِيَسْكُنَ أَحَدُهُما إلَى الآخَرِ، فَلا أُلْفَةَ أعْظَمُ مِمَّا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. وَحِينَمَا وَاقَعَ الذَّكَرُ الأنْثَى (تَغَشَّاهَا) عَلِقَتْ مِنْهُ. وَكَانَ الحَمْلُ فِي أَوَّلِ عَهْدِهِ خَفيفاً لا تَكَادُ تَشْعُرُ بِهِ. وَلَمَّا تَقَدَّمَ الحَمْلُ بِهَا وَأَثْقَلَتْ، تَوَجَّهَ الزَّوْجَانِ إلَى اللهِ رَبِّهِما بِالدُّعَاءِ، بِأَنْ يَرْزُقَهُمَا وَلَداً صَالِحاً (أَيْ تَامَّ الخَلْقِ، يَصْلُحُ لِلْقِيَامِ بِالأعْمَالِ النَّافِعَةِ التِي يَعْمَلُها البَشَرُ)، وَأَقْسَمَا عَلَى وَطَّنا نَفْسَيْهما عَلَيهِ مِنَ الشُّكْرِ للهِ عَلَى أَنْعُمِهِ.
تَغَشَّاهَا- وَاقَعَها.
فَمَرَّتْ بِهِ- فَاسْتَمَرَّتْ بِهِ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ.
أَثْقَلَتْ- صَارَتْ ذَاتَ ثِقَلٍ بِكبرِ الحَمْلِ.
صَالِحاً- سَوِيّاً فِي خَلْقِهِ.