فصل: تفسير الآيات (78- 84):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (78- 84):

{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84)}

.شرح الكلمات:

{لدلوك الشمس}: أي زوالها من كبد السماء ودحوضها إلى جهة الغرب.
{إلى غس الليل}: أي إلى ظلمة الليل، إذ الغسق الظلمة.
{وقرآن الفجر}: صلاة الصبح.
{كان مشهوداً}: تشهده الملائكة، ملائكة الليل وملائكة النهار.
{مقاماً محموداً}: هو الشفاعة العظمى يوم القيامة حيث يحمده الأولون والآخرون.
{أدخلني مدخل صدق}: أي المدينة، إدخالاً مرضياً لا أرى فيه مكروهاً.
{وأخرجني مخرج صدق}: أي من مكة إخراجاً لا ألتفت بقلبي إليها.
{وقل جاء الحق وزهق الباطل}: أي عند دخولك مكة فاتحاً لها بإذن الله تعالى.
{زهق الباطل}: أي ذهب واضمحل.
{أعرض ونأ بجانبه}: أعرض عن الشكر فلم يشكر، ونأ بجانبه: أي ثنى عطفه متبخراً في كبرياء.
{على شاكلته}: أي طريقته ومذهبه الذي يشاكل حاله في الهدى والضلال.

.معنى الآيات:

بعد ذلك العرض الهائل لتلك الأحداث الجسام أمر تعالى رسوله بإقام الصلاة فأنها مأمن الخائفين، ومنار السالكين، ومعراج الأرواح إلى ساحة الأفراج فقال: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} أي لأول دلوكها وهو ميلها من كبد السماء إلى الغرب وهو وقت الزوال ودخول وقت الظهر، وقوله: {إلى غسق الليل} أي إلى ظلمته، ودخلت صلاة العصر فيما بين دلوك الشمس وغسق الليل، ودخلت صلاة المغرب وصلاة العشاء في غسق الليل الذي هو ظلمته، وقوله: النبي وأتباعه سواء وقوله: {إن قرآن الفجر كان مشهوداً} يعني محضوراً، تحضره ملائكة النهار لتنصرف ملائكة الليل، لحديث الصحيح: «يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار...» وقوله: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك} أي صلاة زائدة على الفرائض الخمس وهي قيام الليل، وهو واجب عليه صلى الله عليه وسلم بهذه الآية، وعلى أمته مندوب إليه، مرغوب فيه.
وقوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} عسى من الله تفيد الوجوب، ولذا فقد أخبر تعالى رسوله مبشراً إياه بان يقيمه يوم القيامة {مقاماً محموداً} يحمده عليه الأولون والآخرون. وهو الشفاعة العظمى حيث يتخلى عنها آدم فمن دونه.. حتى تنتهي إليه صلى الله عليه وسلم فيقول: أنالها، أنالها، ويأذن له ربه فيشفع للخليفة في ضل القضاء، ليدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، وتستريح الخلقية من عناء الموقف وطوله وصعوبته.
وقوله تعالى: {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق}. هذه بشارة أخرى أن الله تعالى أذن لرسوله بالهجرة من تلقاء نفسه لا بإخراج قومه وهو كاره. فقال له: قل في دعائك ربي أدخلني المدينة دار هجرتي {مدخل صدق} بحيث لا أرى فيها مكروهاً، وأخرجني من مكة يوم تخرجني {مخرج صدق} غير ملتفت إليها بقلبي شوقاً وحنيناً إليها.
{واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً} أي وسلني أن أجعل لك من لدني سلطاناً نصيراً لك على من بغاك بسوء، وكادك بمكر وخديعة، وحاول منعك من إقامة دينك، ودعوتك إلى ربك، وقوله تعالى: {وقل جاء الحق وزهق الباطل} هذه بشارة أخرى بأن الله تعالى سيفتح له مكة، ويدخلها ظافراً منتصراً وهو يكسر الاصنام حول الكعبة وكانت ثلاثمائة وستين صنماَ! ويقول جاء الحق وزهق الباطل أي ذهب الكفر واضمحل.
{إن الباطل كان زهوقاً}. لا بقاء له ولا ثبات إذا صاول الحق، ووقف في وجهه، وجائز أن يكون المراد الحق، القرآن وبالباطل الكذب والافتراء، وجائز ان يكون الحق الأسلام والباطل الكفر والشرك وأعم من ذلك، أن الحق هو كل ما هو طاعة الله عز وجل، والباطل كل طاعة للشيطان من الشرك والظلم وسائر المعاصي. وقوله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} أي وننزل عليك يا رسولنا محمد من القرآن ما هو شفاء أي ما يستشفى به من مرض الجهل والضلال والشك والوساوس ورحمة للمؤمنين دون الكافرين، لأن المؤمنين يعلمون به فيرحمهم الله تعالى بعملهم بكتابة، وأما الكافرون، فلا رحمة لهم فيه، لأنهم مكذبون به تاركون للعمل بما فيه. وقوله: {ولا يزيد الظالمين الا خساراً} أي ولا يزيد القرآن الظالمين وهو المشركون المعاندون الذين أصروا على الباطل عناداً ومكابرة، هؤلاء لا يزيدهم ما ينزل من القرآن ويسمعونه الا خساراً لازدياد كفرهم وظلمهم وعنادهم. وقوله تعالى: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤوساً} يخبر الله تعالى عن الإنسان الكافر المحروم من النور الإيمان وهداية الإسلام أنه إذا أنعم عليه بنعمة النجاة من الهلاك وقد أشرف عليه بغرق أو مرض أو جوع أو نحوه، أعرض عن ذكر الله ودعائه كما كان يدعوه في حال الشدة، ونأى بجانبه أي بعد عنا فلا يلتفت إلينا بقلبه، وذهب في خيلائه وكبريائه وقوله تعالى: {إذا مسه الشر كان يؤوساً} أي قنوطاً. هذا هو الكافر، ذو ظلمة النفس لكفرة وعصيانه، إذا مسه الشر من جوع أو مرض أو خوف أحاط به كان يؤوساً أي كثير اليأس والقنوط تامهما، لعدم إيمانه بالله ورحمته وقدرته على إنجائه وخلاصه.
وقوله تعالى: {قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً} أي قل يا رسولنا للمشركين، كل منا ومنكم يعمل عل طريقته ومذهبه بحسب حالة هداية وضلالاً. والله تعالى ربكم أعلم بمن هو أهدى منا ومنكم سبيلاً. ويجزي الكل بحسب عمله وسلوكه. وهذه كلمة مفاصلة قاطعة، للنزاع الناجم عن كون كل يدعى أنه على الحق وان دينه أصوب، وطريقته أمثل وسبيله أجدى وأنفع.

.من هداية الآيات:

1- وجوب إقامة الصلاة وبيان أوقاتها المحددة لها.
2- الترغيب في النوافل، وخاصة التهجد أي نافلة الليل.
3- تقرير الشفاعة العظمى للنبي صلى الله عليه وسلم.
4- ضعف الباطل وسرعة تلاشيه إذا صاوله الحق ووقف في وجهه.
5- القرآن شفاء لأمراض القلوب عامة ورحمة بالمؤمنين خاصة.
6- بيان طبع المرء الكافر وبيان حال الضعف الملازم له.
7- تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كيف يتخلصون من الجدال الفارغ والحوار غير المثمر.