فصل: تفسير الآيات (87- 91):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (87- 91):

{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91)}

.شرح الكلمات:

{وذا النون}: هو يونس بن متى عليه السلام وأضيف إلى النون الذي هو الحوت في قوله تعالى: {ولا تكن كصاحب الحوت} لأن حوتة كبيرة ابتلعته.
{إذ ذهب مغاضباً}: أي لربه تعالى حيث لم يرجع إلى قومه لما بلغه أن الله رفع عنهم العذاب.
{فظن أن لن نقدر عليه}: أي أن لن نحبسه ونضيق عليه في بطن الحوت من أجل مغاضبته.
{في الظلمات}: ظلمة الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل.
{ونجيناه من الغم}: أي الكرب الذي أصابه وهو في بطن الحوت.
{لا تذرني فرداً}: أي بلاء ولد يرث عني النبوة والعلم والحكمة بقرينه ويرث من آل يعقوب.
{رغباً ورهباً}: أي طعماً فينا ورهبناً منا أي خوفاً ورجاءاً.
{أحصنت فرجها}: أي صانته وحفظته من الفاحشة.
{من روحنا}: أي جبريل حيث نفخ في كم درعها عليها السلام.
{آية العالمين}: أي علامة على قدرة الله تعالى ووجوب عبادته بذكره وشكره.

.معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في ذكر افضال الله تعالى وإنعامه على من يشاء من عباده فقال تعالى: {وذا النون} أي واذكر ذا النون أي يونس بن متى {إذ ذهب معاضباً} لربه تعالى حيث لم يصبر على بقائه مع قومه يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته وطاعته وطاعة رسوله فسأل لهم العذاب، ولما تابوا ورفع عنهم العذاب بتوبتهم وعلم بذلك فلم يرجع إليهم فكان هذا منه مغاضبة لربه تعالى وقوله تعالى عنه: {فظن أن لن نقدر عليه} أي ظن منه في ربه سبحانه وتعالى، ولكن لمغاضبته ربه بعدم العودة إلى قومه بعد أن رفع عنهم العذاب أصابه ريه تطهيراً له من أمر المخالفة الخفيفة بأن ألقاه في ظلمات ثلاث، ظلمة الحوت والبحر والليل ثم ألهمه الدعاء الذي به النجاة فكان يسبح في الظلمات الثلاث {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} فاستجاب الله تعالى له وهو معنى قوله: {وإذ النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم} الذي أصابة من وجوده في ظلمات محبوساً لا أنيس ولا طعام ولا شراب مع غم نفسه من جراء عدم عودته إلى قومه وقد أنجاهم الله من العذاب. وهو سبب المصيبة، وقوله تعالى: {وكذلك ننجي المؤمنين} مما قد يحل بهم من البلاء وقوله تعالى: {وزكريا} أي اذكر يا رسولنا زكريا في الوقت الذي نادى ربه داعياً ضارعاً قائلاً: {ربّ} أي يا رب {لا تذرني فرداً} أي لا تتركني فرداً لا ولد لي يرثني في نبوتي وعلمي وحكمتي ويرث ذلك من آل يعقوب حتى لا تنقطع منهم النبوة والصلاح وقوله: {وأنت خير الوارثين} ذكر هذا اللفظ توسلاً به إلى ربه ليستجيب له دعاءه واستجاب له والحمد لله.
فوهبه يحيى وأصلح له زوجه بأن جعلها ولوداً بعد العقر حسنة الخلق والخُلق. وقوله تعالى: {أنهم كانوا يسارعون} أي زكريا ويحيى ووالدته كانوا يسارعون في الطاعات والقربات أي في فعلها والمبادرة إليها. وقوله: {ويدعوننا رغباً ووهباً} هذا ثناء عليهم أيضاً إذ كانوا يدعون الله رغبة في رحمته ورهبة وخوفاً من عذابه وقوله: {وكانوا لنا خاشعين} أي معطيعين ذليلين متواضعين وهم يعبدون ربهم بأنواع العبادات.
وقوله تعالى: {والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا} أي واذكر يا نبينا تلك المؤمنة التي أحصنت فرجها أي منعته مما حرم الله تعالى عليها وهي مريم بنت عمران اذكرها في عداد من أنعمنا عليهم وأكرمناهم وفضلناهم على كثير من عبادنا الصالحين، حيث نفخنا فيها من روحنا إذ أمرنا جبريل روح القدس ينتفخ في كم درعها فسرت النفخة إلى فرجها فحبلت وولدت في ساعة من نهار، وقوله تعالى: {وجعلنا وابنها} أي عيسى كلمة الله وروحه {آية} أي علامة كبرى على وجودنا وقدرتنا وعلمنا وحكمتنا وإنعامنا وواجب عبادتنا وتوحيدنا فيها حيث لا يعبد غيرنا {للعالمين} أي للناس أجمعين يستدلون بها على ذكرنا آنفاً من وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته ووجوب عبادته وتوحيده فيها.

.من هداية الآيات:

1- فضيلة دعوة ذي النون: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}. إذ ورد أنه ما دعا بها مؤمن إلا استجيب له، وقوله تعالى: {وكذلك ننجي المؤمنين} يقوي هذا الخبر.
2- استحباب سؤال الولد لغرض صالح لا من أجل الزينة واللهو به فقط.
3- تقرير أن الزوجة الصالحة من حسنة الدنيا.
4- فضيلة المسارعة في الخبرات والدعاء برغبة ورهبة والخشوع في العبادات وخاصة في الصلاة والدعاء.
5- فضيلة العفة والاحصان للفرج.
6- كون مريم وابنها آية لأن مريم ولدت من غير محل، ولأن عيسى كان كذلك وكلم الناس في المهد، وكان يحيى الموتى بإذن الله تعالى.