فصل: تفسير الآيات (83- 98):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (83- 98):

{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)}

.شرح الكلمات:

{وإن من شيعته لإِبراهيم}: وإن من أشياع نوح على ملته ومنهاجه إبراهيم الخليل عليهما السلام.
{إذ جاء ربه بقلب سليم}: أي أتى ربّه بقلب سليم من الشرك والشك والالتفات إلى غير الرب سبحانه وتعالى.
{إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون}؟: أي حين قال لأبيه وقومه المشركين أي شيء تعبدون؟
{أئفكا آلهة دون الله تريدون}: أي كذبا هو أسوأ الكذب تريدون آلهة غير الله؟
{فما ظنكم برب العالمين}: أي شيء هو؟ أترون أنه لا يسخط عليكم ولا يعاقبكم فتعبدون غيره وهو ربكم ورب العالمين.
{فنظر نظرة في النجوم}: أي إيهاماً لهم إذ كانوا يؤلهون النجوم.
{فقال إني سقيم}: أي عليل أي ذو سقم وهو المرض والعلة.
{فتولوا عنه مدبرين}: أي رجعوا غلى ما هم فيه وتركوه قابلين عذره.
{فراغ إلى آلهتهم}: أي مال إليها خفية.
{فراغ عليهم ضربا باليمين}: أي بقوة يمينه فكسرها بفأس وحطمها.
{فأقبلوا إليه يزفُّون}: أي يمشون بقوة وسرعة.
{ما تنحتون}: من الحجارة والأخشاب والمعادن كالذهب والفضة.
{وما تعملون}: أي وخلق ما تعبدون من أصنام وكواكب.
{فقالوا ابنوا له بنيانا}: واملأوه حطبا وأضرموا فيه النار فإِذا التهب ألقوه فيه.
{فجعلناهم الأسفلين}: أي المقهورين الخائبين في كيدهم إذ نجّى الله إبراهيم.

.معنى الآيات:

لما ذكر تعالى قصة نوح مقرراً بها لنصرة أوليائه وخذلان أعدائه ذكر قصة أخرى هي قصة إبراهيم وهي أكبر موعظة لكفار قريش لأنهم ينتمون غلى إبراهيم ويدعَّون أنهم على ملته وملة ولده إسماعيل فلذا أطال الحديث فيها فقال سبحانه وتعالى: {وإن من شيعته لإبراهيم} أي وإن من اشياع نوح الذين هم على ملته ومنهجه إبراهيم خليل الرحمن {إذ جاء ربّه بقلب سليم} أي إذ أتى ربّه بقلب سليم من الشرك والشك والالتفات إلى غير الربّ تعالى في الوقت الذي قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون، منكراً عليهم عبادة الصنام فلو كان في قلبه أدنى التفاتة إلى غيره طمعا أو خوفا ما أمكنه أن يقول الذي قال بل كان في تلك الساعة سليم القلب ليس فيه نظر لغير الله تعالى وقوله: {أئفكا آلهة دون الله تريدون} أي أكذباً هو أسوأ الكذب تريدون آلهة غير الله حيث جعلتموها بكذبكم بألسنتكم آلهة وهي أحجار واصنام. وقوله: {فما ظنكم بربّ العالمين} وقد عبدتم الكذب دونه إذ آلهتكم ما هي غلا كذب بحت. أترون أن الله لا يسخط عليكم ولا يعاقبكم؟ وقوله: {فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم} هنا كلام محذوف دل عليه المقام وهو أن أهل البلد قد عزموا على الخروج إلى عيد لهم يقضونه خارج البلد، فعرضوا عليه الخروج معهم فاعتذر بقوله إني سقيم أي ذو سقم بعد أن نظر في النجوم موهماً لهم أنه رأى ما دله على أنه سيصاب بسقم وهو مرض الطاعون وكان القوم منجمين ينظرون غلى النجوم فيدعون أنهم يعرفون بذلك الخير والشر الذي ينزل إلى الأرض بواسطة الكواكب فأوهمهم بذلك فتركوه خوفا من عدوى الطاعون، أو تركوه قبولا لعذره هذا ما دل عليه قوله تعالى: {فنظر نظرة في النجوم فقال إنس سقيم} {فتولوا عنه} أي لذلك ورجعوا إلى أمورهم وما هم عازمون عليه من الخروج إلى العيد خارج البلد وهو معنى فتولوا عنه مدبرين وهم\نا وقد خلا له المكان الذي فيه الآلهة من الحراس والعباد والزوار للآلهة في بهوها الخاص فنفذ ما حلف على تنفيذه في مناظرة كانت بينه وبين بعضهم إذ قال: {تالله لأكيدن اصنامكم بعد أن تولوا مدبرين} وبدأ المهمة فقال للآلهة وأنواع الأطعمة أمامها تلك الأطعمة من الحلويات وغيرها التي يتركها المشركون لتباركها الالهة ثم يأكلونها رجاء بركتها {ألا تأكلون} عارضا عليها الأكل سخيرّة بها فلم تجبه ولم تأكل فقال لها {مالكم لا تنطقون} ثم انهال عليها ضرباً بفأس بيده اليمنى فكسرها وجعلها جذاذاً أي قطعاً متناثرة.
فلما رجعوا من عيدهم مساء وجاءوا بَهْو الالهة ليأخذوا الأطعمة وجدوا الآلهة مكسرة.
{فأقبلوا إليه يزفون} أي مسرعين بأن طلبوا من رجالهم إحضاره على الفور فأحضروه وأخذوا يحاكمونه فقال في دفاعه {أتعبدون ما تنحتون} أي بايديكم من اصنام بعضها من حجر وبعض من خشب ومن فضة ومن ذهب أيضا، {والله خلقكم وما تعملون} من كل عمل منأعمالكم فلم لا تعبدونه، وتعبدون أصناما لا تنفع ولا تضر، ولما غلبهم في الحجة وانهزموا أمامه اصدروا أمرهم بإِحراقه بالنار فقالوا {ابنوا له بنيانا} أي فرنا عظيما واملأوه حطبا وأضرموا فيه النار حتى إذا التهب فألقوه في جحيمه وهو معنى قوله تعالى: {فقالوا ابنوه له بنياناً فألقوه في الجحيم} وقوله تعالى: {فارادوا} أي بإِبراهيم {كيداً} أي شرا وذلك بعزمهم على إحراقه وتنفيذهم ما عزموا عليه {فجعلناهم الأسفلين} أي المتهورين المغلوبين إذ قال تالى للنار {كوني برداً وسلاماً على إبراهيم} فكانت فخرج منها إبراهيم ولم يُحرق سوى كتافيه الذي في يديه ورجليه وخيب الله سعي المشركين وأذلهم أمام إبراهيم وأخزاهم وهو معنى قوله تعالى: {فجعلناهم الأخسرين} وقد جمع الله تعالى لهم بين الخسران في كل ما أملوه من عملهم والذي الذي ما فارقهم.

.من هداية الآيات:

1- أصل الدين واحد فالإِسلام هو دين الله الذي تعبد به آدم فمن بعده إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
2- كمال إبراهيم في سلامة قلبه من الالتفات إلى غير الله تعالى حتى إن جبريل قد عرض له وهو في طريقه إلى الجحيم الذي أعده له قومه فقال: «هل لك حاجة يا إبراهيم فقال أما إليك فلا».
3- من اقبح الكذب ادعاء أن غير الله يعبد مع الله تبركا به أو طلبا لشفاعته.
4- وجوب تغيير المنكر عند القدرة عليه.
5- بيان ابتلاء إبراهيم وأنه أُلقي في النار فصبر، ولذا أكرمه ربّه بما سيأتي في السياق بيانه.