فصل: سورة غافر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.سورة غافر:

.تفسير الآيات (1- 6):

{حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (4) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5) وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)}

.شرح الكلمات:

{حم}: هذا أحد الحروف المقطعة يكتب هكذا: حم ويقرأ هكذا: حا مِيْم.
{تنزيل الكتاب من الله}: أي تنزيل القرآن كائن من الله.
{العزيز العليم}: أي الغالب على مراجه، العليم بعباده ظاهراً وباطنا حالاً ومآلا.
{غافر الذنب}: أي ذنب من تاب غلى الله فرجع غلى طاعته بعد معصيته.
{شديد العقاب ذي الطول}: أي مشدد العقوبة على من كفر به، ذي الطول أي الإِنعام الواسع على من آمن به وأطاعه.
{لا إله إلا هو إليه المصير}: أي لا معبود بحق إلا هو إليه مرجع الخلائق كلهم.
{ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا}: أي في القرآن لإِبطالها إلا الكافرون.
{فلا يغررك تقلبهم في البلاد}: أي فلا تغتر بمعاشهم سالمين فإِن عاقبتهم النار.
{والأحزاب من بعدهم}: أي وكذبت الأحزاب من بعد قوم نوح، وهم عاد وثمود وقوم لوط.
{وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه}: أي ليتمكنوا من إصابته بما أرادوا من تعذيب وقتل.
{وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق}: أي ليزيلوا به الحق ويبطلوه.
{فكيف كان عقاب}: أي كان واقعاً موقعه حيث أهلكهم ولم يبق منهم أحداً.
{كذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا}: أي وجبت كلمة العذاب على الذين كفروا.

.معنى الآيات:

قوله تعالى: {حم} الله أعلم بمراده به.
وقد ذكرنا غير ما مرة أن هذه الحروف أفادت فائدتين الأولى أن العرب المشركين في مكة كانوا قد منعوا المواطنين من سماع القرآن حتى لا يتأثروا به فيكفروا بآلهتهم فقد أخبر تعالى عنهم في قوله من سورة فصلت فقال: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون} فكانت هذه الحروف المقطعة بنغمها الخاص تستهويهم فيسمعوا فكانت فائدة عظيمة. والثانية أن المشركين لما أصروا على أن القرآن لم يكن وحياً وإنما هو من جنس ما يقوله الشعراء والكهان، وأصحاب الأساطير تحداهم الله تعالى بالإِتيان بمثله وهو مركب ومؤلف من هذه الحروف آلم طس حم والذي قوى هذه النظرية أنه غالبا ما يذكر القرآن بعد ذكر هذه الحروف مثل: {الم تلك آيات الكتاب}، {حم تنزيل الكتاب}، {حم والكتاب المبين} فهاتان الفائدتان من أحسن ما استنبطه ذو الشأن في تفسير القرآن، وما عدا ذلك فلا يحسن روايته لخلوه من فائدة معقولة، ولا رواية عن الرسول وأصحابه منقولة.
وقوله تعالى: {تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم} يخبر تعالى أنه عز وجل هو مصدر هذا القرآن إذ هو الذي نزله تنزيلاً على عبده ورسوله، ووصف نفسه بالعزة والعلم فقال العزيز أي في انتقامه من أعدائه الغالب على أمره ومراده فلا يحال بينه وبين ما يريده العليم بخلقه وحاجاتهم ومتطلباتهم، فأنزل الكتاب لهدايتهم وغصلاحهم. وقوله: {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول} أعلم أنه تعالى يغفر ذنب المستغفرين ويقبل توبة التائبين وأنه شدد العقوبة على من كفر به وعصاه.
وقوله ذي الطول أي الإِنعام الواسع والفضل العظيم {لا إله إلا هو} أي لا معبود بحق غلا هو العزيز الحكيم العزيز الغالب على أمره الحكيم في تدبير خلقه.
لما أثنى تبارك وتعالى على نفسه بما هو أهله أخبر رسوله بأنه {ما يجادل في آيات الله} القرآنية الحاوية للحجج القواطع والباهين السواطع على توحيد الله ولقائه وعلى نبوة رسول الله ما يجادل فيها {إلا الذين كفروا} وذلك لظلمة نفوسهم وفساد قلوبهم، وعليه فاصبر ولا تغتر بظاهر ما هم عليه من سعة الرزق وسلامة البدن، وهو معنى قوله: {فلا يغررك تقلبهم في البلاد} أي آمنين معافين في أبدانهم وأرزاقهم فإنهم ممهلون لا مهملون، والدليل فقد كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعد قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط واصحاب مدين وفرعون، وقد همت كل أمة من تلك الأمم برسولها لتأخذه فتقتله أو تنكل به. وقد جادلوا بالباطل كما جادل. قومك من قريش ليدحضوا به الحق أي ليزيلوه ويبعدوه بباطلهم. فأخذتهم فكيف كان عقاب أي كان واقعاً موقعه والحمد لله إذ قطع الله دابرهم وأنهى وجودهم وخصومتهم.
وقوله: {وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم اصحاب النار} أي كما وجب حكمه بإهلاك تلك الأمم المكذبة لرسلها الهامة بقتلها وقد أهلكهم الله فعلاً حقت كلمة ربك على الذين كفروا لأنَّهم اصحاب النار والمراد من كلمة ربك لأملأن جهنم الآية.

.من هداية الآيات:

1- تقرير أن القرآن الكريم مصدر تنزيله هو الله تعالى إذ هو الذي أوحاه ونزله على رسول محمد صلى الله عليه وسلم وبذلك تقررت نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
2- بيان عظمة الرب تعالى المتجلية في أسمائه العزيز العليم الحكيم ذي الطول غافر الذنب قابل التوب لا إله إلا هو.
3- تقرير التوحيد والبعث والجزاء.
4- تقرير مبدا أن الله تعالى يمهل ولا يهمل، وأن بطشه شديد.