فصل: تفسير الآيات (104- 109):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير



.تفسير الآيات (104- 109):

{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)}

.شرح الكلمات:

{الأمة}: أفراد من البشر أو غيرهم تربطهم رابطة جنس أو لغة أو دين ويكون أمرهم واحداً والمراد بالأمة هنا المجاهدون وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
{الخير}: الإِسلام وكل ما ينفع الإِنسان في حياته الأولى والآخرة من الإِيمان والعمل الصالح.
{المعروف}: المعروف كل ما عرفه الشرع فأمر به لنفعه وصلاحه للفرد أو الجماعة.
{المنكر}: ضد المعروف، وهو ما نهى عنه الشرع لضرر وإفساد، للفرد أو الجماعة.
{الذين تفرقوا}: هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
{يوم تبيض وجوه}: هذا يوم القيامة.
{ففي رحمة الله}: رحمة الله هنا: الجنّة جعلنا الله تعالى من أهلها، آمين.
{تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق}: هذه آياتنا نقرأها عليك متلبسة بالحق، لا باطل أبداً.
{وإلى الله ترجع الأمور}: إلى الله تصير الأمور فيقضي فيها بما يشاء ويحكم ما يريد فضلاً وعدلاً.

.معنى الآيات:

بعدما أمر الحق تبارك وتعالى عباده المؤمنين بتقواه والتمسك بدينه ونهاهم عن الفرقة والاختلاف وحضهم على ذكر نعمه ليشكروها بطاعته أمرهم في هذه الآية (104) بأن يوجدوا من أنفسهم جماعة تدعوا إلى الإِسلام وذلك بعرضه على الأمم والشعوب ودعوتهم إلى الدخول فيه، كما تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في ديار الإِسلام وبين أهله فقال تعالى مخاطباً إياهم، ولتكن منكم أي يجب أن تكون منكم طائفة يدعون إلى الخير أي الإِسلام، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وبشرهم بأن الأمة التي تنهض بهذا الواجب هي الفائزة بسعادة الدنيا والآخرة فقال: فأولئك هم المفلحون الفائزون بالنجاة من العار والنار، وبدخول الجنة مع الأبرار.
وفي الآيات (105) (106) (107) نهاهم أن يسلكوا طريق أهل الكتاب في التفرق في السياسة والاختلاف في الدين فيهلكوا هلاكهم فقال تعالى: مخاطباً إياهم: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات} فلا ينبغي أن يكون العلم والمعرفة بشرائع الله سبباً في الفرقة والخلاف، وهما أداة الواحدة والائتلاف، وأعلمهم بجزاء المختلفين من أهل الكتاب ليعتبروا فلا يختلفوا فقال تعالى: وأولئك لهم عذاب عظيم لا يقادر قدره ولا يعرف مداه، وأخبرهم عن موعد حلول هذا العذاب العظيم بهم وأنه يوم القيامة حينما تبيض وجوه المؤمنين المؤتلفين القائمين على الكتاب والسنة، وتسود وجوه الكافرين المختلفين القائمين على البدع والأهواء، فقال تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} وبيّن جزاء الفريقين فقال: فأما الذين اسودت وجوههم من سوء ما عاينوه من أهوال الموقف وما أيقنوا أنهم صائرون إليه من عذاب النار فيقال لهم تقريعاً وتوبيخاً: أكفرتم بعد إيمانكم؟ إذ هذه وجوه من تلك حالهم، فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون بالله وشرائعه.
وأما الذين ابيضت وجوههم فلم يطل في الهول موقفهم حتى يدخلوا جنة ربهم قال تعالى: {ففي رحمة الله هم فيها خالدون}.
وفي الآية (108) شرف الله تعالى نبيّه محمداً صلى الله عليه وسلم بخطابه والوحي إليه فقال: {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق} أي هذه الآيات المتضمنة للهدى والخير نقرأها عليك بالحق الثابت الذي لا مرية فيه، ولا شك يعترية فبلغها عنا وادع بها إلينا فمن استجاب لك نجا ومن أعرض هلك، وما الله يريد ظلماً للعالمين. فلا يعذب إلا بعد الإِعلام والإِنذار.
وفي الآية الأخيرة (109) يخبر تعالى أنه له ملك السموات والأرض خلقاً وتصرفاً وتدبيراً، وأن مصير الأمور إليه وسيجزى المحسن بالحسنى والمسيء بالسُّوأى.

.من هداية الآيات:

1- وجوب وجود طائفة من أمة الإِسلام تدعوا الأمم والشعوب إلى الإِسلام وتعرضه عليهم وتقاتلهم إن قاتلوهم عليه، ووجوب وجود هيآت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل مدن وقرى المسلمين.
2- حرمة الفرقة بين المسلمين والاختلاف في دين الله.
3- أهل البدع والأهواء يعرفون في عرصات القيامة باسوداد وجوههم.
4- أهل السنة والجماعة وهم الذين يعيشون عقيدة وعبادة على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعرفون يوم العرض بابيضاض وجوههم.
5- كرامة الرسول على ربّه وتقرير نبوّته. وشرف من آمن به واتبع ما جاء به.
6- مرد الأمور إلى الله تعالى في الدنيا والآخرة فيجب على عقلاء العباد أن يتخذوا لهم عند الله عهداً بالإِيمان به وتوحديه في عبادته بتحقيق لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.