فصل: باب السارق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اختلاف الأئمة العلماء



.باب السارق:

اتفقوا على أن الإمام إذا قطع السارق فسرى ذلك إلى نفسه فإنه لا ضمان.
واختلفوا فيما إذا قطعه مستقص فسرى إلى نفسه.
فقال مالك وأحمد والشافعي: السراية مضمونة تتحملها العاقلة، أي عاقلة المقتص.
وقال أبو حنيفة لا ضمان.
واختلفوا فيما إذا قطع ولي المقتول يد القاتل.
فقال أبو حنيفة: إن عفا عنه الولي غرم دية يده وإن لم يعف عنه لم يلزمه شيء.
وقال مالك: تقطع يده بكل حال إن عفا عنه الولي أو لم يعف.
وقال الشافعي: لا ضمان على القاطع ولا قصاص بكل حال سواء عفا الولي عنه أو لم يعف.
وقال أحمد: تلزمه دية اليد في ماله بكل حال، عفا الولي عنه أو لم يعف.
واتفقوا على أنه لا تقطع يمين بيسار ولا يسار بيمين.
واتفقوا على أنه لا تقطع اليد الصحيحة باليد الشلاء.
واختلفوا هل يستوفي القصاص فيما دون النفس قبل الاندمال أو بعده؟
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: لا يستوفي إلا بعد الاندمال.
وقال الشافعي: يستوفي في الحال.
واختلفوا فيما يستوفي به القصاص من الآلة.
فقال أبو حنيفة: لا يكون القصاص إلا بالسيف، وسواء قتل به أو بغيره.
وقال مالك والشافعي: يقتل بمثل ما قتل به.
وعن أحمد روايتان كالمذهبين.
واتفقوا على أن من قتل في الحرم جاز قتله في الحرم.
ثم اختلفوا فيمن قتل خارج الحرم ثم لجأ إليه أو وجب عليه القتل بكفر أو ردة أو زنا، ثم لجأ إلى الحرم.
فقال أحمد وأبو حنيفة: لا يقتل فيه ولكن يضيق عليه ولا يبايع ولا يشاري حتى يخرج منه فيقتل.
وقال مالك والشافعي: يقتل فيه.

.باب الديات:

واتفقوا على أن دية الحر المسلم مائة من الإبل في مال القاتل العامد إذا آل إلى الدية.
ثم اختلفوا هل هي حالة أو مؤجلة؟
فذهب الشافعي وأحمد ومالك إلى أنها حالة.
وقال أبو حنيفة: هي مؤجلة إلى ثلاث سنين.
فأما دية العمد فقال أحمد وأبو حنيفة: هي أرباع لكل سن من أسنان الإبل منها ربع، خمس وعشرون بنت مخاض ومثلها بنت لبون، ومثلها حقة، ومثلها جذعة.
وقال الشافعي: تؤخذ من ثلاث أسنان، ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعة خلفة في بطونها وأولادها وهي الرواية الأخرى عن أحمد.
وأما دية شبه العمد.
فقال أحمد وأبو حنيفة: هي مثل دية العمد المحض.
واختلفت الرواية عن مالك فروي عنه روايتان إحداهما: نفيها على الإطلاق، والأخرى: إثباتها في مثل قتل الأب ابنه على وجه الشبه دون العمد ودية ذلك عنده أثلاثا، ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها.
وقال الشافعي: ديتها ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة وهي الحوامل.
وأما دية الخطأ.
فقال أحمد وأبو حنيفة: هي أخماس، عشرون جذعة، وعشرون حقة، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن مخاض، وعشرون بنت مخاض.
وقال مالك والشافعي كذلك إلا أنهما جعلا مكان ابن المخاض ابن لبون.
واختلفوا في الدراهم والدنانير هل تؤخذ في الديات؟
فقال أبو حنيفة وأحمد: هي مقدر في الديات يجوز أخذها مع وجود الإبل.
ثم اختلفا هل كل نوع أصل بنفسه، ودية في نفسه؟
فقال أبو حنيفة وأحمد في أحد الروايتين: هي أصل بنفسها، والثانية: الأصل الإبل، والأثمان بدل عنها إلا أنه بدل مقدر بأصل الشرع، لا تجوز الزيادة عليه ولا النقصان عنه.
وقال مالك: هي أصل بنفسها مقدرة، ولم يعتبرها بالإبل.
وقال الشافعي: لا يعدل عن الإبل إذا وجدت إلا بالتراضي، فإن أعوزت ففيه قولان: القديم منهما يعدل إلى أحد أمرين: ألف دينار أو اثني عشر ألف درهم، والجديد منهما يعدل إلى قيمته حين القبض زائدة أو ناقصة.
واختلفوا في مبلغ الدية من الدراهم.
فقال أبو حنيفة: عشرة آلاف درهم.
وقال مالك والشافعي وأحمد: اثني عشر ألف درهم.
واختلفوا في البقر والغنم والحلل هل هي أصل في الدية أم تؤخذ على وجه القيمة؟
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس شيء من ذلك أصل في الدية ولا مقدر وإنما يرجع إليه بالتراضي على وجه القيمة.
وقال أحمد: الغنم والبقر أصلان مقدران في الدية، فمن البقر مائتا بقرة، ومن الغنم ألف شاه.
واختلفت الرواية عنه في الحلل فروي عنه أنها: مقدرة بمائتي حلة، كل حلة إزار ورداء.
وروي عنه: أنها ليست ببدل.
واختلفوا فيما إذا قتل في الحرم أو قتل وهو محرم، أو في شهر حرام، أو قتل ذا رحم محرم هل يغلظ الدية في ذلك؟
فقال أبو حنيفة: لا تغلظ الدية في شيء من ذلك.
فقال مالك: لا تغليظ في هذه الأسباب إلا فيما إذا قتل الرجل ولده، فإنها تغلظ.
وصفة التغليظ عنده أن تكون الإبل أثلاثا ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة.
وأما في الذهب والفضة؟
فعنه روايتان، أحدهما: نفي التغليظ في الجملة، وأن لا يؤخذ منهم زيادة كأهل الإبل.
والأخرى: تغلظ وفي صفة تغليظها عنه روايتان أيضا، إحداهما: إنه يلزم من الذهب والفضة قيمة الإبل المغلظة ما بلغت إلا أن تنقص عن ألف دينار، أو اثني عشر ألف درهم ولا ينقصها.
والأخرى: أنه لا ينظر قدرها ما بين دية الخطأ والتغليظ فيجعل جزءا زائدا على دية الذهب والورق عنده.
وقال الشافعي: تغلظ في الحرم، والمحرم والأشهر الحرم وهل تغلظ في الإحرام؟ على وجهين أظهرهما عندهم: أنها لا تغلظ، وصفة التغليظ عنده أنه لا يدخل في الأثمان وإنما يدخل الإبل بالأسنان فقط.
وقال أحمد: تغلظ الدية في ذلك كله، وصفة التغليظ عنده إن كان الضمان بالذهب والفضة، فبزيادة القدر وهو ثلث الدية نصا عنه.
وإن كان بالإبل فقياس مذهبه أنه كالأثمان، وأنها تغلظ بزيادة القدر لا السن.
واختلف أحمد والشافعي، هل يتداخل تغليظ الدية مثل أن يقتل في شهر حرام في الحرم ذا رحم؟
فقال الشافعي: يتداخل ويكون التغليظ فيها واحدا.
وقال أحمد: يجب لكل واحد من ذلك ثلث الدية.

.باب في قصاص الجروح:

واتفقوا على أن الجروح قصاص في كل ما يتأتى فيه القصاص ومن الجروح التي لا يتأتى فيها الخارصة وهي التي تشق الجلد قليلا، وقيل بل تكشطه.
ومنه قولهم: خرص القصار الثوب أي شقه، وتسمى القاشرة، وتسمى الملطاء، ثم الباضعة وهي التي تشق اللحم بعد الجلد، ثم البازلة وهي التي تنزل الدم، وتسمى الدامية والدامغة والمتلاحمة وهي التي تغوص في اللحم، والسمحاق وهي التي تبقى بينها وبين العظم جلدة رقيقة.
فهذه الجراح الخمس ليس فيها تقدير شرعي بإجماع الأئمة الأربعة المذكورين.
إلا ما روي عن أحمد من أنه ذهب إلى حكم زيد في ذلك، وهو أن زيدا حكم في الدامغة ببعير وفي الباضعة ببعيرين، وفي المتلاحمة بثلاثة أبعرة، وفي السمحاق بأربعة أبعرة.
قال أحمد: فأنا أذهب إليه وهذه رواية أبي طالب المشكاني عن أحمد.
والظاهر من مذهبه أنه لا مقدر فيها كالجماعة.
وأجمعوا على أن في كل واحد منها حكومة بعد الاندمال والحكومة أن يقوم المجني عليه قبل الجناية كأنه كان عبدا، ويقال: كم قيمته قبل الجناية وكم قيمته بعدها؟ فيكون له بقدر التفاوت من ديته.
ثم اختلفوا في هذه الجراح الخمس التي فيها الحكومة إذا بلغت مقدارا زائدا على ما فيه التوقيت هل يؤخذ مقدار التوقيت أو دونه؟
فقال أبو حنيفة والشافعي: إذا بلغت الحد المؤقت فلا تبلغ بها إليه في الأرش، بل تنقص منه.
وقال مالك: يبلغ بها إليه إذا بلغته ويزاد على ارش المؤقت إن زادت هي عليه مندملة على شيئين.
مندملة على شيئين.
وقال أحمد: لا يجاوز بشيء من ذلك ارش المؤقت رواية واحدة وهل يبلغ بها ارش المؤقت على روايتين، إحداهما: لا يبلغ بها ارش المؤقت وهي المذهب، والأخرى: يبلغ بها والمؤقت هو الموضحة فأما الموضحة وهي التي توضح عن العظم وفي موضحة الوجه ففي أي موضع كانت من الوجه فيها خمس من الإبل عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى روايتيه، والأخرى: أن فيها عشر من الإبل.
وقال مالك: في موضحة الأنف واللحى والأسفل حكومة خاصة وباقي المواضع فيها خمس من الإبل فإن كانت الموضحة في الرأس فهل هي بمنزلة الموضحة في الوجه أم لا؟
قال أبو حنيفة ومالك والشافعي: هي بمنزلتها.
وعن أحمد روايتان، إحداهما: هي بمنزلتها، والأخرى: إذا كانت في الوجه ففيها عشر، وإذا كانت في الرأس ففيها خمس.
وأجمعوا على أن الموضحة فيها القصاص إذا كانت عمدا وأما الهاشمة وهي التي تكسر العظم وتهشمه.
فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: فيها عشر من الإبل.
واختلف عن مالك، فقال في رواية عنه: لا أعرف الهاشمة فإذا أوضح وهشم فعليه الإيضاح خمس من الإبل، وفي الهشم حكومة وهي اختيار ابن القصار من أصحابه، وروي عنه أن فيها خمس عشرة من الإبل كما في المنقلة، وهذا اختيار الأبهري من أصحابه، وقال أشهب: فيها عشر من الإبل وأما المنقلة فهي التي توضح وتهضم وتسطوا حتى ينتقل منها العظام وفيها خمس عشرة من الإبل بالإجماع وأما المأمومة فهي التي تصل إلى الجلدة التي للدماغ، وتسمى الآمة ففيها ثلث الدية إجماعا.
وأما الجائفة وهي التي تصل إلى الجوف، وفيها ثلث الدية إجماعا.
وأجمعوا على أن العين بالعين والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن.
وأجمعوا على أن في العينين الدية كاملة.
وأجمعوا على أن في الأنف إذا استوعب جذعا الدية.
وأجمعوا على أن في أطراف الأذنين وهي الجلد القائم بين العذار والبياض الذي حولها الدية إلا مالكا فإنه قد رويت عنه روايتان، إحداهما: فيها حكومة، والأخرى: فيها الدية كمذهب الجماعة.
وأجمعوا على أن في الأجفان الأربعة الدية كاملة، وفي كل واحد منها ربع الدية.
إلا مالكا فإنه قال: فيها حكومة.
واختلفوا في العين القائمة التي لا يبصر بها، واليد الشلاء ولسان الأخرس، والذكر الأشل، والسن السوداء فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه: فيها حكومة.
وعن الشافعي قول في ذكر الخصي والعنين إذا قطع الدية كاملة ذكره الشاشي.
وعن أحمد روايات أظهرها: فيها ثلث الدية.
وعن أحمد رواية فيها: حكومة كمذهب الجماعة.
وعن أحمد رواية ثالثة: أن في ذكر الخصي والعنين الدية.
واختلفوا في الترقوة والضلع والزند.
فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: في كل ذلك حكومة وليس فيه شيء مقدر.
وقال أحمد: في الضلع بعير، وفي الترقوة بعير، وفي كل من الذراع والساعد والفخذ والزند بعيران، وفي الزندين أربعة أبعرة.
واختلفوا فيما إذا ضربه الموضحة فذهب عقلة فهل تدخل الموضحة في دية العقل؟
فقال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه: عليه الدية للعقل ويدخل أرش الموضحة فيها.
وعن الشافعي قول آخر: عليه دية كاملة لذهاب العقل وعليه أرش الموضحة.
وهذا القول هو مذهب مالك وأحمد.
واختلفوا فيما إذا قلع سن من قد أثغر، ثم عادت؟
فقال أبو حنيفة وأحمد: لا يجب عليه الضمان.
وقال مالك: يجب عليه الضمان ولا يسقط عنه بعودها للكبير.
وعن الإمام الشافعي قولان.
واختلفوا فيمن ضرب سن رجل فاسودت.
فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في إحدى روايتيه: يجب في ذلك أرش السن كاملا خمس من الإبل.
وعن أحمد رواية أخرى: فيه ثلث دية السن.
وزاد مالك فقال: فإن وقعت بعد ذلك ففيه ديته مرة أخرى.
وقال الشافعي: في ذلك حكومة.
واختلفوا فيما إذا قطع لسان صبي لم يبلغ حد النطق.
فقال أبو حنيفة: فيه حكومة.
وقال مالك والشافعي وأحمد: فيه الدية كاملة.
واختلفوا فيما إذا قلع عين أعور فقال مالك وأحمد: فيها الدية كاملة.
وقال الشافعي وأبو حنيفة: فيها نصف الدية.
واختلفوا فيما إذا قلع الأعور إحدى عيني الصحيح عمدا؟
فقال أبو حنيفة والشافعي: له القصاص، فإن عفا فنصف الدية.
وقال مالك: ليس له القصاص وله دية كاملة أو نصفها على روايتين عنه.
وقال أحمد: لا يجب عليه القصاص للمجني عليه، وله الدية كاملة.
وأجمعوا على أن في الرجلين الدية، وأن في كل واحدة منها نصف الدية.
وأجمعوا على أن في كل اللسان الدية.
وأجمعوا على أن في كل الذكر الدية.
وأجمعوا على أن في ذهاب العقل الدية.
وأجمعوا على أن في ذهاب السمع الدية.
وأجمعوا على أنه إذا ضرب رجل رجلا فذهب شعر لحيته فلم ينبت أن عليه الدية إلا الشافعي ومالكا فإنهما قالا فيها حكومة.
وأجمعوا على أن دية المرأة الحرة في نفسها على النصف من دية الرجل الحر المسلم.
ثم اختلفوا هل تساوي المرأة الرجل في الجراح إلى ثلث الدية؟
فقال أبو حنيفة والشافعي في الجديد: لا تساويه في شيء من الجراح بل جراحها على النصف من جراحه في القليل والكثير.
وقال مالك والشافعي في القديم وأحمد في إحدى روايتيه: تساوي المرأة الرجل في الجراح فيما دون ثلث الدية، فإذا بلغت ثلث الدية كانت على النصف من دية الرجل.
وقال أحمد في الرواية الأخرى وهي أظهر روايتيه واختارها الخرقي: تساوي المرأة الرجل في ارش الجراح إلى ثلث الدية، فإذا زادت على الثلث فهي على النصف من الرجل.
واتفقوا على أن من وطئ زوجته وليس مثلها يوطأ فأفضاها أن عليه الدية، فإن كان مثلها يوطأ فأفضاها فقال أبو حنيفة وأحمد: لا ضمان عليه.
وقال الإمام الشافعي: عليه الدية.
وعن مالك روايتان، أحدهما: فيه حكومة وهي أشهرهما، والأخرى: الدية.
واختلفوا فيما إذا ذهب شعر رأسه أو شعر حاجبيه أو أهداب عينيه فلم يعد.
فقال أبو حنيفة وأحمد: فيه الدية.
وعن مالك والشافعي: فيه حكومة.
واختلفوا في دية الكتابي اليهودي والنصراني.
فقال أبو حنيفة: ديته مثل دية المسلم في العمد والخطأ سواء، ولم يفرق بينهما.
وقال مالك: دية اليهودي والنصراني نصف دية المسلم في العمد والخطأ ولم يفرق.
وقال الشافعي: دية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم في العمد والخطأ، ولم يفرق.
وقال أحمد: دية اليهودي والنصراني إذا كان له عهد وقتله مسلم عمدا مثل دية المسلم، وإن قتله مسلم خطأ أو قتله من هو على دينه أو كتابي عمدا وطلبوا الدية ففيه عنه روايتان، إحداهما: ثلث دية المسلم، والثانية: نصف دية المسلم وهي اختيار الخرقي.
واختلفوا في دية المجوس.
فقال أبو حنيفة ديته مثل دية المسلم في العمد والخطأ ولم يفرق.
وقال الشافعي ومالك: دية المجوس ثمانمائة درهم في العمد والخطأ.
وقال أحمد: إن قتل خطأ فديته ثمانمائة درهم، وإن قتل عمدا فديته ألف وستمائة درهم.
واختلفوا في ديات نساء أهل الكتاب والمجوس.
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: دياتهن على النصف من ديات رجالهن، ولا فرق بين الخطأ والعمد.
وقال أحمد: دياتهن على النصف من ذلك أي من ديات ذكورهن في الخطأ، فإما في العمد فكالرجال منهم.
واختلفوا في العبد إذا جنى جناية خطأ.
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في أظهر الروايتين: المولى بالخيار بين الفداء وبين دفع العبد إلى ولي المجني عليه فيملكه بذلك سواء زادت قيمته على أرش الجناية أو نقصت فإن امتنع ولي المجني عليه من قبوله وطلب المولى ببيعة، ودفع القيمة في الأرش، لم يجبر المولى على ذلك.
وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: المولى بالخيار، بين الفداء وبين الدفع إلى المولي للبيع، فإن فضل في ثمنه شيء فهو لسيده وإن امتنع الولي من قبول العبد وطالب المولى ببيعة ودفع الثمن إليه كان له ذلك.
واختلفوا فيما إذا جنى العبد جناية عمدا.
فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في أظهر روايتيه: ولي المجني عليه بالخيار بين القصاص وبين العفو على مال وليس له العفو على رقبة العبد واسترقاقه ولا يملكه بالجناية.
وقال مالك وأحمد في الرواية الأخرى: قد ملكه ولي المجني عليه فإن شاء قتله وإن شاء استرقه وإن شاء أعتقه ويكون في جميع ذلك متصرفا في ملكه. إلا أن مالكا اشترط أن تكون الجناية تثبت بالبينة لا بالاعتراف فإن كانت تثبت بالاعتراف فليس له استرقاقه.
واختلفوا في العبد هل يضمن بقيمته بالغة ما بلغت وإن زادت على دية الحر أو بدونها؟
فقال أبو حنيفة: لا تبلغ به دية الحر بل تنقصه عشرة دراهم.
وقال مالك والشافعي وأحمد في أظهر روايتيه وهي التي اختارها الخرقي: يضمن قيمه بالغة ما بلغت.
وعن أحمد رواية أخرى: لا تبلغ به دية الحر، ولم يقدر النقصان.
واختلفوا فيما إذا اصطدم الفارسان الحران فماتا.
فقال أحمد ومالك على عاقلة كل واحد منهما دية الآخر كاملة.
وأما أبو حنيفة فنقل زفر عن مذهب أبي حنيفة أن عليه عاقلة كل واحد منهما دية الأخر ولم يذكر أصحابه هذا نصا عن أبي حنيفة ولا نسبوه إلى زفر.
وقال الدامغاني: إن عن أصحاب أبي حنيفة فيها روايتان، إحداهما: هذه، والثانية: على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر.
وقال الشافعي: على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر.
واختلفوا في الحر إذا قتل عبدا خطأ؟
فقال أبي حنيفة: قيمته على عاقلة الجاني.
وقال أحمد ومالك: قيمته في مال الحر الجاني دون عاقلته.
وعن الشافعي قولان: أحدهما كمذهب مالك وأحمد، والثاني: هو على عاقلة الحر الجاني، وكذلك اختلفوا في الجناية على أطراف العبد.
فقال أبو حنيفة وأحمد ومالك: يحمل ذلك على مال الجاني لا على عاقلته.
وعن الشافعي قولان.
واختلفوا في الجنايات التي لها أروش مقدرة في حق الحر كيف الحكم في مثلها في العبد.
فقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد في الرواية التي اختارها الخرقي وعبد العزيز: كل جناية لها أرش مقدر في الحر من الدية فإنها مقدرة من العبد بذلك الأرش من قيمته، وزاد مالك فقال إلا في المأمومة والجائفة والمنقلة والموضحة، فإن مذهبه فيها كمذهب الجماعة، في نسبة التقدير إلى القيمة كنسبة التقدير في الحر إلى الدية.
واتفقوا على أن الدية في قتل الخطأ على عاقلة القاتل المخطئ وأنها تجب عليهم مؤجلة في ثلاث سنين.
واختلفوا في الجاني هل يدخل مع العاقلة فيؤدي معهم؟
فقال أبو حنيفة: هو كأحدهم يلزمه ما يلزم أحدهم.
واختلف أصحاب مالك عنه. فقال أبن القاسم كقول أبي حنيفة، وقال غيره: لا يجب على الجاني الدخول مع العاقلة.
وقال الشافعي: إن اتسعت العاقلة للدية لم يلزم الجاني شيء، وإن لم تتسع العاقلة لها لزمه.
وقال أحمد: لا يلزمه شيء سواء اتسعت العاقلة لتحملها أم لم تتسع، وعلى هذا فمتى لم تتسع العاقلة لتحمل جميع الدية انتقل باقي ذلك إلى بيت المال والأصل حديث حويصة ومحيصة.
واختلفوا فيما إذا كان الجاني من أهل الديوان هل يلحق إلى ديوانه من الخلفاء وغيرهم بالعصبة في تحمل الدية أم لا؟ فقال أبو حنيفة أهل ديوانه عاقلته يقدمون على العصبة في التحمل فإن عدموا تتحمل العصبة. وكذلك عاقلة السواقي أهل سوقه ثم قرابته، فإن عجزوا فأهل محلته، فإن لم يتسع فأهل بلدته وإن كان الجاني قرويا فأهل قريته فإن لم يتسع فالقرى المصافية لها فإن لم يتسع فالمصر الذي تلك القرى في سواده.
وقال مالك وأحمد والشافعي: لا يلزمهم ولا مدخل لهم في تحمل الدية إذا لم يكونوا أقارب الجاني.
واختلفوا هل يلزم الفقير تحمل شيء من الدية؟
فقال أبو حنيفة: يلزمه التحمل.
وقال مالك والشافعي وأحمد: لا يلزمهم ذلك.
واختلفوا فيما تحمله العاقلة هل هو مقدرا، وعلى قدر الطاقة والاجتهاد؟
فقال أبو حنيفة: يسوى بين جميعهم فيؤخذ من ثلاثة دراهم إلى أربعة وأقله لا يتقدر.
وقال مالك وأحمد: ليس فيه شيء مؤقت على كل واحد، وإنما هو بحسب ما يمكن ويسهل ولا يضر به.
وقال الشافعي: يتقدر أقله فيوضع على الغني نصف دينار وعلى المتوسط الحال ربع دينار ولا ينقص من ذلك ولا يتقدر أكثره، وقد ذكر عبد العزيز في التنبيه عن أحمد مثله.
واختلفوا هل يستوي الفقير والغني من العاقلة في تحمل الدية؟
فقال أبو حنيفة يستويان على أصلة في صفتها.
وقال أحمد ومالك والشافعي: يتحمل الغني زيادة على المتوسط على أصلهم.
واختلفوا في الغائب من العاقلة هل يحمل شيئا من الديات كالحاضر؟
فقال أحمد وأبو حنيفة: هما في التحمل سواء.
وقال مالك: لا يتحمل الغائب مع الحاضر شيئا إذا كان الغائب من العاقلة في إقليم آخر سوى الأقاليم الذي فيه بقية العاقلة، ويضم إليهم أقرب القبائل ممن هو مجاور معهم.
وعن الشافعي كالمذهبين.
واختلفوا في ترتيب التحمل.
فقال أبي حنيفة: القريب والبعيد فيه سواء.
وقال الشافعي وأحمد: ترتيب التحمل على ترتيب الأقرب فالأقرب من العصبات فإن استغرقوه لم يقسم على غيرهم، فإن لم يتسع الأقرب لتحمله دخل الأبعد، فإن اتسعوا دخل من هو أبعد منهم، وهكذا حتى يدخل فيه أبعدهم درجة على حسب الميراث.
واختلفوا في ابتداء حول العقل بأي شيء يعتبر بالموت أو بحكم الحاكم.
فقال أبو حنيفة: اعتباره من حين حكم الحاكم.
وقال مالك والشافعي وأحمد: اعتباره من حين الموت.
واختلفوا فيمن مات من العاقلة بعد الحول.
فقال أبو حنيفة: يسقط ما كان يلزمه ولا يؤخذ من تركته.
واختلف أصحاب مالك.
فقال ابن القاسم: تجب في ماله وتؤخذ من تركته إلا أن يراعي أن يكون من هو من بعد الأجل.
وقال أصبغ: يسقط عنه وعن تركته.
وقال أحمد والشافعي: ينتقل ما عليه إلى تركته.
واختلفوا فيما إذا مال حائطه إلى الطريق أو إلى ملك غير، ثم وقع على شخص فقتله.
فقال أبو حنيفة: إن طولب بالنقض فلم يفعل مع التمكين ضمن ما تلف بسببه وإلا فلا يضمن.
وقال مالك وأحمد في أحد روايتيه: إن تقدم إليه بنقضه، فلم ينقضه فعليه الضمان، زاد مالك في هذه الرواية وأشهد عليه، وإن لم يتقدم إليه فلا ضمان عليه.
وعن مالك رواية أخرى: أنه إذا بلغ من شدة الخوف إلى ما لا يؤمن معه الإتلاف ضمن ما تلف به سواء تقدم إليه أو لم يتقدم أو أشهد عليه أو لم يشهد عليه.
قال عبد الوهاب: وهي الرواية الصحيحة، وهي رواية أشهب.
وعن أحمد رواية أخرى: أنه لا يضمن سواء تقدم إليه بنقضه أو لم يتقدم وهي المشهورة.
وعن أصحاب الشافعي في الضمان وجهان في الجملة أظهرهما: أنه لا يضمن.
واختلفوا فيما إذا صاح بصبي أو معتق وهو على سطح أو حائط فوقع فمات أو ذهب عقل الصبي، أو اعتقل البالغ فصاح به فسقط، أو إذا بعث الإمام إلى امرأة يستدعيها إلى مجلس الحكم فأجهضت جنينا فزعا، أو زال عقلها.
فقال أبو حنيفة: لا ضمان في شيء من ذلك كله على العاقلة، وعلى الإمام في حق المستدعاة.
قال مالك.......