فصل: باب الغسل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اختلاف الأئمة العلماء



.باب الغسل:

أجمعوا على أن الغسل يجب بالتقاء الختانين.
وكيفية الغسل أن يغسل ما به من أذى ويغسل دبره تغوط أو لم يتغوط، وينوي محل النية القلب كما قدمنا، وينوي فرض الغسل من الجنابة، أو رفع الحدث الأكبر ويسمي اللَّهِ تعالى ويتوضأ وضوءه للصلاة. ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده.
قلت: ويستحب أن يصون الإزار الذي يغسل فيه الأذى من أن يصيبه بلل بالماء المزال به النجاسة فإن تناول بعد إزالة الأذى وزرة أخرى إن أمكنه ذلك كان أحوط، فإن المؤمن يكره أن يبدي عورته وإن كان خاليا، فإن اضطر ولم يجد المئزر، فليجتمع وليتضام، ولا ينتصب إلا بعد تناول أثوابه، ثم يغسل رجليه متحولا عن موضعه ذلك، ولو اقتصر على النية وعم الماء جسده ورأسه أجزأه عند أحمد وأبي حنيفة بعد أن يتمضمض ويستنشق، ولو أخل بالمضمضة والاستنشاق أجزأه ذلك عند مالك والشافعي إلا أن مالكا اشترط الدلك في الظاهر عنه.
واختلفوا فيما إذا عصى اللَّهِ وأولج في فرج بهيمة.
فقالوا: يجب الغسل، إلا أبا حنيفة، فإنه قال: لا يجب الغسل حتى ينزل.
واختلفوا فيما إذا اغتسل الجنب ثم خرج منه شيء بعد ذلك، فقال أبو حنيفة: إن كان بعد البول فلا غسل عليه، وقبله فيه الغسل.
وعن أحمد رواية مثله، وقال الشافعي: يجب عليه الغسل على الإطلاق بانتقال المني.
وعن أحمد ومالك نحوه.
وعن مالك لا غسل عليه على الإطلاق، وعن أحمد نحوه.
واختلفوا في إيجاب الغسل على من أسلم.
فقال مالك وأحمد في المشهور عنه: يجب.
وقال أبو حنيفة: يستحب، وقال الشافعي في الأم: إذا أسلم الكافر أحببت له أن يغتسل، وأن يحلق شعره.
وأجمعوا على أن الحيض يوجب الغسل، وكذلك دم النفاس، وأما خروج الولد فيوجب الغسل عند مالك وأحمد، وأحد وجهي أصحاب الشافعي.
وأجمعوا على أنه إذا نزل المني بشهوة وجب الغسل.
واختلفوا فيما إذا نزل من غير شهوة.
فقال الشافعي: يجب الغسل، وقال الباقون: لا يجب.
واختلفوا في مني الآدمي.
فقال أبو حنيفة: هو نجس إلا أنه إن كان رطبا يغسل وإن كان يابسا يفرك.
وقال مالك: هو نجس ويغسل رطبا ويابسا، فإن نطقه في ذلك يدل على أن غسل الاحتلام من الثوب أمر واجب وهذا القول مشتق من حكمه بنجاسته.
وقال الشافعي: هو طاهر رطبا ويابسا.
وقال أحمد في إحدى روايتيه: أنه طاهر كمذهب الشافعي. وقال في الرواية الأخرى: أنه نجس كمذهب أبي حنيفة فيغسل رطبه ويفرك يابسه.
وأجمعوا على نجاسة المذي إلا ما روي عن أحمد في بعض الروايات: أنه كالمني سواء.
واتفقوا على أنه يجب من خروجه غسل الذكر والوضوء إلا في إحدى الروايتين عن أحمد فإنه قال: يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ.

.فصل فيمن مسته النار:

وأجمعوا على أنه لا يجب الوضوء من أكل ما مسته النار.

.باب التيمم:

أجمعوا على جواز التيمم بالصعيد الطيب عند عدم الماء أو الخوف من استعماله لقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}.
قال أهل اللغة: التيمم القصد والتعمد وهو من قولك: داري أمام فلان، أي مقابلتها.
ثم اختلفوا في الصعيد الطيب نفسه، فقال مالك وأبو حنيفة: يجوز بما اتصل به جنس سائر الأرض مما لا ينطبع كالنورة والجص والزرنيخ.
زاد مالك فقال: ويجوز بما اتصل بالأرض كالنبات.
وقال الشافعي وأحمد: لا يجوز التيمم بغير التراب وهو موافق لقول أهل اللغة.
وأجمعوا على أن النية شرط في صحة التيمم، وصفة النية للتيمم أن ينوي استباحة فرض الصلاة لا رفع الحدث.
وأجمعوا على أن ما لا ينطبع كالحديد والنحاس والرصاص لا يسمى صعيدا، ولا يجوز التيمم به.
وأجمعوا على أن التيمم لا يرفع حدثا، وإنما فائدته أن المتيمم إذا رأى الماء قبل الدخول في الصلاة بطل تيممه ولزمه استعمال الماء.
ولو كان رفع الحدث على الاستمرار لما لزمه استعمال الماء.
واختلفوا في قدر الأجزاء في التيمم، فقال أبو حنيفة في الرواية المشهورة: ضربتان إحداهما للوجه جميعه، والثانية لليدين إلى المرفقين.
واختلف عن الشافعي فقال في القديم: ضربتان، ضربة للوجه، وضربة للكفين، وقال في الجديد: قدر الإجزاء مسح الوجه جميعه ومسح اليدين إلى المرفقين بضربتين أو ضربات، وقال الشيخ أبو إسحاق: وهذا هو المذهب.
وقد أنكر أبو حامد إسحاق الإسفراييني القول القديم ولم يعرفه والمنصوص هو هذا القول قديما وجديدا كمذهب أبي حنيفة، وقال مالك في إحدى الروايتين وأحمد: قدره ضربة للوجه والكفين، تكون بطون الأصابع للوجه وبطون راحتيه لكفيه.
قلت: وهو أنسب وألأم لحال المسافر لضيق أثوابه التي يجد المشقة في إخراج ذراعيه من كميه غالبا.
وينبغي لمن تيمم بضربتين أن يحول الثانية عن الموضع الذي ضرب عليه أولا، إلى موضع آخر احترازا من أن يكون قد سقط من ذلك المكان في التراب الذي استعمله.
وقال مالك في الرواية الأخرى كقول أبي حنيفة والشافعي في المشهور عنها، وينبغي للمتيمم أن ينزع الخاتم من يده لئلا يحول بين الصعيد وبين ما داخل حلقه الخاتم.
واتفقوا على أنه إذا تيمم لفريضة صلاها ثم صلى النوافل وقضى الفوائت إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى، إلا مالكا والشافعي فإنهما قالا: يصليها والنوافل خاصة، ولا يقضي بذلك التيمم الفوائت بل يكون لكل فريضة تيمم لأنه لا يصلي بتيمم واحد أكثر من فريضة واحدة ونوافل.
واختلفوا في التيمم بنية النفل هل يستبيح به الفرض؟
فقال مالك والشافعي وأحمد: لا يجوز له صلاة الفرض بهذا التيمم وكذلك إذا نوى الطهارة المطلقة لم يجز له بها صلاة الفرض.
وقال أبو حنيفة: يستبيح بتيممه ذلك صلاة الفرض في الحالتين وله أن يصلي بهذا التيمم فرضين وأكثر.
واختلفوا في التيمم لشدة البرد في السفر والإقامة.
فقال أبو حنيفة: إذا خشي الصحيح المقيم أو المسافر من استعمال الماء في الحضر أو السفر أيضا، فإنه يتيمم ويصلي ولا يعيد على الإطلاق.
وقال مالك كذلك إلا أنه زاد فقال: إن لم يخش وخشي فوت الوقت إن ذهب إلى الماء، تيمم وصلى ولا إعادة عليه وإن كان حاضرا مقيما في إحدى الروايات عنه.
وعنه رواية أخرى، فإن خشي زيادة المرض باستعمال الماء وتأخير البرء، جاز له التيمم.
وقال الشافعي: إن تيمم للمرض وهو واجد للماء خوف التلف، وصلى ثم برء، لم تلزمه الإعادة قولا واحدا. وإن لم يخف التلف بل خاف زيادة المرض أو بطيء البرء باستعمال الماء، فهل يجوز له التيمم؟ فيه قولان، أحدهما: لا يجوز له إلا مع خوف التلف، والثاني: يجوز.
وإن تيمم الصحيح لشدة البرد وصلى وهو مقيم لزمه الإعادة قولا واحدا.
وفي المسافر في وجوب الإعادة قولان.
وقال أحمد: إذا تيمم المقيم الصحيح لشدة البرد، وخوف المرض وصلى أعاد في إحدى روايتيه، والأخرى لا يعيد. وأما إذا كان مسافرا أو مريضا فإنه يتيمم ويصلي ولا يعيد، رواية واحدة.
وأجمعوا على أنه يجوز للجنب التيمم، كما يجوز للمحدث بشرطه.
وأجمعوا على أن المسافر إذا كان معه ماء وهو يخشى العطش فإنه يحبسه لشربه ويتيمم.
واختلفوا في الموالاة والترتيب في التيمم.
فقال أبو حنيفة: لا يجبان، وقال مالك: تجب الموالاة دون الترتيب، وقال الشافعي: يجب الترتيب قولا واحدا وعنه في الموالاة قولان، جديدهما: أنها ليست بواجبه ولكنها مسنونة.
وقال أحمد: يجب الترتيب قولا واحدا، وعنه في الموالاة روايتان، إحداهما: أنها واجبة والأخرى مسنونة.
واختلفوا فيمن حضرته الصلاة ولم يجد ماء ولا صعيدا.
فقال أبو حنيفة: لا يصلي حتى يجد الماء أو الصعيد.
وعن مالك ثلاث روايات، إحداها: هكذا، والثانية: أنه يصلي على حسب حاله ويعيد إذا وجد الماء، وهو مذهب الشافعي في قوله الجديد، وإحدى الروايتين عن أحمد، والقول القديم كمذهب أبي حنيفة، والرواية الأخرى عن أحمد: يصلي ولا يعيد.
والثالثة: عن مالك كذلك.
وأجمعوا على أن المحدث إذا تيمم ثم وجد الماء قبل الدخول في الصلاة يبطل تيممه، ويجب عليه استعمال الماء.
ثم اختلفوا فيه إذا رأى الماء وقد تلبس بالصلاة.
فقال أبو حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين: تبطل صلاته وتيممه.
وقال مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: يمضي في صلاته وهي صحيحة إلا أن الشافعي شرط في صحة الصلاة بهذا التيمم أن يكون مسافرا.
وأجمعوا على أنه إذا رأى الماء بعد فراغه من الصلاة لا إعادة عليه وإن كان الوقت باقيا إن كان مسافرا سفرا طويلا مباحا.
واختلفوا في طلب الماء هل هو شرط في التيمم أو لا؟
فقال أبو حنيفة: ليس بشرط.
وقال مالك والشافعي: شرط.
وعن أحمد روايتان كالمذهبين.
واختلفوا فيمن بعضه صحيح وآخر جريح.
فقال أبو حنيفة: الاعتبار بالأكثر، فإن كان هو الصحيح غسله، وسقط حكم الجريح إلا أنه يستحب مسحه وإن كان هو الأقل تيمم وسقط الغسل.
وقال الشافعي وأحمد: يغسل الصحيح، ويتيمم للجريح.
وقال مالك: يغسل الصحيح ويمسح الجريح ولا يتيمم.
واختلفوا فيما إذا نسى الماء في رحله وتيمم وصلى ثم ذكر.
فقال أبو حنيفة ومالك: لا يعيد.
وعن أحمد روايتان في الإعادة.
وللشافعي قولان.
وأجمعوا على أنه لا يجوز التيمم لصلاة العيدين، وصلاة الجنازة في الحضر، وإن خاف فوتها إلا أبا حنيفة فإنه أجاز ذلك في الحضر.

.باب المسح على الخفين:

أجمعوا على جواز المسح على الخفين.
واتفقوا على جوازه في الحضر إلا في رواية عن مالك.
واتفقوا على أن مدة هذا المسح في حالة السفر والحضر توقيته للمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وللمقيم يوم وليلة. إلا مالكا فإنه لا توقيت له عنده.
وحكى الزعفراني عن الشافعي إنه قال: لا توقيت بحال إلا أنه قال: إلا أن يجب عليه غسل ثم رجع عن ذلك.
واتفقوا على أن المسح لما حاذى ظاهر القدمين.
ثم اختلفوا هل يسن مسح ما حاذى باطن القدمين أيضا؟
فقال أبو حنيفة وأحمد: لا يسن.
وقال مالك والشافعي: يسن.
واتفقوا في قدر الإجزاء من المسح على الخفين.
فقال أبو حنيفة: يجزئ قدر ثلاث أصابع وصاعدا.
وقال الشافعي: ما يقع عليه اسم المسح.
ومذهب أحمد مسح الأكثر.
ومالك يرى الاستيعاب لمحل الفرض في المسح حتى لو أخل بمسح ما يحاذي باطن القدم، أعاد الصلاة استحبابا في الوقت.
وأجمعوا على أن المسح على الخفين مرة واحدة يجزئ.
وأجمعوا على أنه متى نزع إحدى الخفين، وجب عليه نزع الآخر.
وهل يعيد الوضوء أم يقتصر على غسل الرجلين؟ ففيه عند الشافعية خلاف.
وأجمعوا على أن من أكمل طهارته، ثم لبس الخفين وهو مسافر سفرا مباحا تقصر في مثله الصلاة، ثم أحدث له أن يمسح عليهما.
واتفقوا على أن ابتداء مدة المسح من وقت الحدث لا من وقت المسح، إلا رواية عن أحمد أنه من وقت المسح إلى المسح.
وأجمعوا على أنه إذا انقضت مدة المسح بطلت طهارة الرجلين إلا مالكا فإنه على أصله في ترك مراعاة التوقيت.
واختلفوا هل يبطل جميع الوضوء بخلع الخفين، أو بانقضاء مدة المسح؟.
فقال أبو حنيفة: يغسل رجليه ويصح وضوءه.
وقال مالك: كذلك في الخلع للخفين، فأما انقضاء مدة المسح فلا نتصور البطلان عنده بذلك لأنه لا يرى التوقيت.
وعن الشافعي قولان، أحدهما: يبطل جميع الوضوء، والآخر: يغسل رجليه خاصة.
وعن أحمد روايتان أظهرهما أنه يبطل جميع الوضوء، ويستأنف. والأخرى قال فيها: أرجو أن يجزئه، يعني غسل الرجلين، وفي نطق أجزاء لأحمد أعجب إلي وأحب إلي أن يعيد الوضوء.
واختلفوا في جواز المسح على الخفين.
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يجوز إلا أن يكونا من جلود أو مجلدين أو منعلين.
وقال أحمد: يجوز المسح عليهما إذا كانا ثخينين لا ينقطعان إذا مشى فيهما.
ووافقه أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة.