فصل: باب في قطاع الطريق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اختلاف الأئمة العلماء



.باب في قطاع الطريق:

واختلفوا في حد قطاع الطريق.
فقال أحمد والشافعي وأبو حنيفة: هو على الترتيب.
وقال مالك ليس هو على الترتيب بل على صفة قطاع الطريق، وللإمام اجتهاده فيما يراه من القتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلاف أو النفي أو الحبس.
ثم اختلف القائلون بأن حدود قطاع الطريق على الترتيب في كيفيته.
فقال أبو حنيفة: إن أخذوا المال وقتلوا، فالإمام بالخيار إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وقتلهم وصلبهم، وإن شاء صلبهم، وإن شاء قتلهم ولم يصلبهم.
وكيفية الصلب عنده: أن يصلب الواحد منهم حيا ويبج بطنه برمح إلى أن يموت ولا يصلب أكثر من ثلاثة أيام.
وقد رويت عنه رواية أخرى في صفة الصلب أنه يقتل ثم يصلب مقتولا.
فإن قتلوا ولم يأخذوا المال قتلهم الإمام حدا، وإن عفا الأولياء عنهم لم يلتفت إلى قولهم.
فإن أخذوا مالا لمسلم أو ذمي، والمأخوذ لو قسم على جماعتهم أصاب كل واحد عشرة دراهم فصاعدا أو ما قيمته ذلك قطع الإمام أيديهم وأرجلهم من خلاف، فإن اخذوا المال ولم يقتلوا نفسا حبسهم الإمام حتى يحدثوا توبة أو يموتوا، وهذه في صفة النقي عنده.
وقال مالك: إذا أخذ المحاربون فعل الإمام فيهم ما يراه ويجتهد فيه فمن كان منهم ذا رأي وقوة قتله، ومن كان ذا جلد وقوة فقط قطعه من خلاف، ومن كان منهم لا رأي له ولا قوة نفاه. وفي الجملة عنده، أنه يجوز للأمام قتلهم، وصلبهم، وقطعهم، وإن لم يقتلوا ولم يأخذوا مالا على ما يراه أردع لهم ولأمثالهم، وصفة النفي عنده أن يخرجوا من البلد الذي كانوا فيه إلى غيره من البلاد ويحسبوا فيه ووقت الصلب عنده لمن رأى الإمام أن يجمع بين صلبه وقتله أن يصلب حيا، ثم يقتل، وكيفية الصلب في مذهبه كمذهب أبي حنيفة.
وقال الشافعي وأحمد: إذا أخذه المحاربون قبل أن يقتلوا نفسا ويأخذوا مالا نفوا.
واختلفا في صفة النفي.
فقال الشافعي: نفيهم أن يطلبوا إذا هربوا ليقام عليهم الحد إن أتوا حدا.
وعن أحمد روايتان إحداهما كهذا القول، والأخرى: نفيهم أي يشردوا فلا يتركوا يأوون في بلد فإن أخذوا المال ولم يقتلوا فقالا: تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ثم يحسبون ويخلون. فإن قتلوا ولم يأخذوا المال فقالا: يجب قتلهم وصلبهم حتما، ولا يجب قطعهم والصلب عندهما بعد القتل، وقد روي عن بعض أصحاب الشافعي أنه يصلب حيا ويمنع الطعام والشراب حتى يموتا.
وقال أبو إسحاق في التنبيه: والأول أصح.
واختلفا في مدة الصلب.
فقال الشافعي: ثلاثة أيام.
وقال أحمد: يصلب ما يقع عليه الاسم وينزل.
واختلفوا في اعتبار النصاب في قطع المحارب فاعتبره الشافعي وأبو حنيفة وأحمد ولم يعتبره مالك كما ذكرنا.
واختلفوا في ما إذا اجتمع محاربون فباشر بعضهم القتل والأخذ، وكان بعضهم ردءا أو عونا، فهل يقتل الرداء، أو تجري عليه بقية أحكام المحاربين؟
فقال أحمد ومالك وأبو حنيفة: للرداء حكمهم في جميع أحوالهم.
وقال الشافعي: لا يجب على الرداء شيء سوى التعزيز فقط.
واتفقوا على أن من برز وشهر السلاح مخيفا للسبيل خارج المصر بحيث لا يدركه الغوث فإنه محارب قاطع الطريق، جاريه عليه أحكام المحاربين.
ثم اختلفوا فيمن فعل ذلك في مصر، هل يكون حكمه حكم من فعل ذلك خارج المصر؟
فقال مالك والشافعي وأحمد: هما سواء.
وقال أبو حنيفة: لا يثبت حكم قطاع الطريق إلا لمن كان خارج المصر.
واتفقوا على أن من قتل وأخذ المال منهم وجب عليه إقامة الحد، وإن عفا ولي المقتول أو المأخوذ ماله فغير مؤثر في إسقاط الحد عنه.
واتفقوا على أن من ثاب منهم قبل القدرة عليه سقط عنه حقوق الله.
إلا أن أبا إسحاق ذكر في التنبيه، عن الشافعي: أن في سقوط قطع اليد عن قاطع الطريق قولان، أحدهما: يسقط قطع اليد عنه كغيره مما يسقط عنه، والقول الآخر: لا يسقط قطع اليد عنه خاصة.
واتفقوا على أن حقوق الآدميين من الأموال والأنفس والجراح يؤخذ بها المحاربون، إلى أن يعفى لهم عنها.
واختلفوا فيما إذا كانت مع الرجال في قطع الطريق امرأة فقتلت هي وأخذت المال؟
فقال أحمد ومالك والشافعي: تقتل حدا.
وقال أبو حنيفة: تقتل قصاصا وتضمن المال، ومن كان ردءا لها من الرجال لم يجب عليه شيء.
واختلفوا فيمن شرب الخمر وزنا وسرق ووجب قتله في المحاربة أو غيرها.
فقال أبو حنيفة وأحمد: يقتل ولا يقطع ولا يجلد لأنها حقوق الله تعالى فأتى عليها القتل فغمرها لأنه الغاية، ولو قذف وقطع يدا وقتل، قتل وجلد لأن هذه حقوق الآدميين، وهي مبنية على الضيق لعلم الله بما أحضرت الأنفس من الشح فلا تتداخل جميعها حقوق الله وحقوق الآدميين وكلها تدخل في القتل من القطع وغيره، إلا حد القاذف خاصة، فإنه يستوفي للمقذوف، ثم يقتل.
وقال الشافعي: تستوفي جميعها من غير أن تتداخل على الإطلاق.
واختلفوا فيمن شرب الخمر، وقذف المحصنات.
فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: لا يتداخلان حداه.
وقال مالك: يتداخلان.
واختلفوا في غير المحارب من شربه الخمر والزناة والسراق إذا تابوا، هل تسقط عنهم الحدود بالتوبة أم لا؟
فقال أبو حنيفة ومالك: توبتهم لا تسقط عنهم الحدود.
وعن الشافعي قولان، أحدهما: تسقط حدودهم توبتهم إذا مضى على ذلك سنة.
والثاني: كمذهب مال وأبي حنيفة، وعن أحمد روايتان كذلك إلا أن أظهرهما: أن التوبة منهم تسقط الحدود عنهم، ولم يشترط في ذلك مضي زمن.
واختلفوا فيمن تاب من المحاربين ولم يظهر صلاح العمل، هل تقبل شهادته؟
فقال مالك والشافعي: لا تقبل شهادتهم حتى يظهر منهم صلاح العمل.
وقال أحمد: تقبل شهادتهم بعد توبتهم، وإن لم يظهروا صلاح العمل.
واختلفوا في المحارب إذا قتل عبد نفسه، أو من لا يكافئه كالكافر والعبد والولد.
فقال أبو حنيفة وأحمد في الظاهر من مذهبه: لا يقتل.
وقال مالك: يقتل.
وعن الشافعي قولان كالمذهبين.

.باب الأشربة:

اتفقوا على أن الخمر حرام قليلها وكثيرها، وفيها الحد.
وكذلك اتفقوا على أنها نجسة.
وأجمعوا على أن من استحلها حكم بكفره.
واتفقوا على أن عصير العنب التي إذا اشتد وتغير طعمه وقذف بزبده، فهو خمر حرام.
ثم اختلفوا فيما إذا مضى عليه ثلاثة أيام، ولم يشتد ولم يسكر.
فقال أحمد: إذا مضى على عصير العنب ثلاثة أيام صار خمرا، وحرم شربه وإن لم يشتد ولم يسكر.
وقال الباقون: لا يصير خمرا حتى يشتد ويسكر ويقذف بزبده.
واتفقوا على أن كل شراب مكسر كثيرة فقليله وكثيره حرام ويسمى خمرا، وفيه الحد. وسواء كان ذلك من عصير العنب النيء، أو مما عمل من التمر والزبيب والحنطة والشعير والذرة والأرز والعسل والجوز ونحوها، مطبوخا كان ذلك أو نيئاً.
إلا إن أبا حنيفة فإنه قال: نقع التمر والزبيب إذا اشتد كان حراما قليله وكثيره، ولا يسمى خمرا أو نقيعا، وفي شربه الحد إذا أسكر وهو نجس، يحرم ما فوق الدرهم منه الصلاة في الثوب الذي هو به.
فإن طبخا أدنى طبخ حل من شربهما ما يغلب على ظن الشارب منه أنه لا يسكره من غير لهو ولا طرب وإن اشتد حرم السكر منها، ولم يعتبر في طبخها أن يذهب ثلثاهما، فإما نبيذ الحنطة والشعير والذرة والأرز والعسل والجزر، فإنه حلال عنده نقيعا ومطبوخا وإنما يحرم السكر منه ويجب به الحد.
واتفقوا على أن المطبوخ من عصير العنب إذا ذهب ثلثاه فإنه حلال أما ما أسكر منه فإنه إن كان يسكر حرم قليله وكثيره.
اختلفوا في حد السكر.
فقال أبو حنيفة: هو أن لا بغرق السماء من الأرض ولا المرأة من الرجل.
وقال مالك: إذا استوى عنده الحسن والقبيح فهو سكران.
وقال أحمد والشافعي: هو أن يخلط في كلامه خلاف عادته.
واختلفوا في حد الشارب.
فقال أبو حنيفة ومالك: ثمانون.
وقال الشافعي: أربعون.
وعن أحمد روايتان كالمذهبين.
وأجمعوا على أن ذلك في حق الأحرار، فأما العبيد فإنهم على النصف من ذلك على أصل كل واحد منهم.
واختلفوا فيما إذا مات في ضربه.
وقال مالك وأحمد: لا ضمان على الإمام والحق قتله.
وقال الشافعي فعنه تفصيل وذلك أنه قال: عن مات المحدود في حد الشرب وكان جلده بأطراف الثياب والنعال لا يضمن الإمام قولا واحدا، وإن ضربه بالسوط فإنه يضمن.
وفي صفة ما يضمن وجهان، أحدهما يضمن جميع الدية، والثاني: لا يضمن إلا ما زاد ألمه على ألم النعال.
وحكى ابن المنذر في الأشراف عن الشافعي: أنه قال: إن ضرب بالنعال وأطراف الثياب ضربا يحيط العلم أنه لا يبلغ أربعين، أو يبلغها ولا يجاوزها فمات فالحق قتله. وإذا كان كذلك فلا عقل فيه ولا قود ولا كفارة على الإمام، وإن ضربه أربعين سوطا فمات فديته على عاقلة الإمام دون بيت المال.
واحتج بما ذكره عن علي عليه السلام.
واتفقوا على أن حد الشرب يقام بالسوط.
إلا ما روي عن الشافعي: أنه يقام بالأيدي والنعال وأطراف الثياب.
واختلفوا فيما إذا أقر بشرب الخمر، ولم يوجد منه ريح.
فقال أبو حنيفة وأحمد: لا يلزمه الحد.
وقال مالك: يلزمه الحد.
واتفقوا على أن من غص بلقمة وخاف الموت ولم يجد ما يدفعها به سوى الخمر، فإنه يجوز أن يدفعها بها.
إلا ما روي عن مالك فإنه قال في المشهور عنه: لا يسيغها بالخمر على كل حال.
واختلفوا هل يجوز شرب الخمر للضرورة كالعطش أو التداوي؟
فقال مالك وأحمد: لا يجوز فيهما شربها بحال.
وقال أبو حنيفة: يجوز شربها للعطش فقط دون التداوي.
وقال الشافعي في أحد أقواله: لا يجوز فيهما بحال كمذهب مالك وأحمد.
والقول الثاني: يجوز شرب اليسير منها للتداوي فقط، والثلث للعطش فقط.
ولا يشرب إلا ما يقع به الري في حالته تلك كمذهب أبي حنيفة.
واتفقوا على أن تحريم الخمر لعلة هي الشدة.
إلا أبا حنيفة فإنه قال: هي محرمة لعينها.
واختلفوا فيمن صالت عليه بهيمة فلم تندفع إلا بالقتل فقتلها.
فقال أبو حنيفة: عليه الضمان.
وقال الباقون: لا ضمان عليه.