فصل: بَاب فضل معَاذ بن عَمْرو بن الجموح وَأسيد بن حضير وَعباد بن بشر وثابت بن قيس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأحكام الشرعية الكبرى



.بَاب فضل سعد بن معَاذ:

النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر أَنه قَالَ: «رمي يَوْم الْأَحْزَاب سعد بن معَاذ فَقطعُوا أكحله، فحسمه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنَّار، فانتفخت يَده فَتَركه، فنزفه الدَّم فحسمه أُخْرَى، فانتفخت يَده فَلَمَّا رأى ذَلِك قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تخرج نَفسِي حَتَّى تقر عَيْني من بني قُرَيْظَة. فَاسْتَمْسك عرقه، فَمَا قطر قَطْرَة حَتَّى نزلُوا على حكم سعد بن معَاذ، فَأرْسل إِلَيْهِ فَحكم أَن يقتل رِجَالهمْ ويستحيي نِسَاءَهُمْ يَسْتَعِين بهم الْمُسلمُونَ. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أصبت حكم الله فيهم. وَكَانُوا أَرْبَعمِائَة فَلَمَّا فرغ من قَتلهمْ انتفق عرقه فَمَاتَ».
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا أَبُو عَامر، عَن مُحَمَّد بْن صَالح، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن عَامر بن سعد، عَن أَبِيه «أن سَعْدا حكم على بني قُرَيْظَة أَن يقتل مِنْهُم كل من جرت عَلَيْهِ المواسي، وَأَن تسبى ذَرَارِيهمْ، وَأَن تقسم أَمْوَالهم، فَذكر ذَلِك للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لقد حكمت فيهم حكم الله الَّذِي حكم بِهِ فَوق سبع سماوات».
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: «قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجنازة سعد بن معَاذ بَين أَيْديهم: اهتز لَهَا عرش الرَّحْمَن».
وَفِي حَدِيث آخر لمُسلم رَحمَه الله: «شهده سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة».
وَقد تقدم فِي كتاب الْجَنَائِز.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو أُميَّة، ثَنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن عِيسَى، أبنا صَالح بْن مُحَمَّد بن صَالح التمار ومعن بن عِيسَى وَعبد الْعَزِيز بن عمرَان، عَن مُحَمَّد بْن صَالح، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن عَامر بن سعد، عَن أَبِيه «أن عمر قَالَ لأم سعد بن معَاذ وَهِي تبْكي عَلَيْهِ: انظري مَا تَقُولِينَ يَا أم سعد. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعها يَا عمر كل نائحة مكذبة إِلَّا أم سعد مَا قَالَت من خير فَلَنْ تكذب».
وَقَالَ فِي الحَدِيث: «نزل الأَرْض سَبْعُونَ ألف ملك لشهوده، مَا نزلوها قبل، واستبشر بِهِ جَمِيع أهل السَّمَاء واهتز لَهُ الْعَرْش».
يَعْقُوب بن مُحَمَّد إِنَّمَا يكْتب من حَدِيثه مَا كَانَ عَن الثِّقَات.
ومعن بن عِيسَى ثِقَة مَشْهُور.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: «لما حملت جَنَازَة سعد فَقَالَ المُنَافِقُونَ: مَا أخف جنَازَته. وَذَلِكَ لحكمه فِي بني قُرَيْظَة، فَسئلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِن الْمَلَائِكَة كَانَت تحمله».
قَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر. ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْبَراء يَقُول: «أهديت لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلَّة حَرِير فَجعل أَصْحَابه يمسونها ويعجبون من لينها، فَقَالَ: أتعجبون من لين هَذِه؟ لمناديل سعد بن معَاذ فِي الْجنَّة خير مِنْهَا وألين».

.بَاب فضل قيس بن سعد بن عبَادَة رَضِي الله عَنهُ:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، حَدثنِي أبي، عَن ثُمَامَة، عَن أنس قَالَ: «كَانَ قيس بن سعد من النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْزِلَة صَاحب الشَّرْط من الْأَمِير. قَالَ الْأنْصَارِيّ: يَعْنِي مِمَّا يَلِي من أُمُوره».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.

.بَاب فضل الْبَراء بن مَالك رَضِي الله عَنهُ:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد، ثَنَا سيار، عَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان، أبنا ثَابت وَعلي بن زيد، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كم من أَشْعَث أغبر ذِي طمرين لَا يؤبه لَهُ لَو أقسم على الله لَأَبَره مِنْهُم الْبَراء بن مَالك».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.

.بَاب فضل أبي دُجَانَة سماك بن خَرشَة:

مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت، عَن أنس «أن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخذ سَيْفا يَوْم أحد فَقَالَ: من يَأْخُذ مني هَذَا؟ فبسطوا أَيْديهم، كل إِنْسَان مِنْهُم يَقُول: أَنا أَنا. قَالَ: فَمن يَأْخُذهُ بِحقِّهِ؟ فأحجم الْقَوْم، فَقَالَ سماك بن دُجَانَة: أَنا آخذه بِحقِّهِ. قَالَ: فَأَخذه ففلق بِهِ هام الْمُشْركين».
الْبَزَّار: حَدثنَا بشر بن آدم، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم الْكلابِي، حَدثنِي عبيد الله بْن الْوَازِع، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ: «عرض رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أحد سَيْفا فَقَالَ: من يَأْخُذ هَذَا السَّيْف بِحقِّهِ؟ فَقَامَ أَبُو دُجَانَة سماك بن خَرشَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَنا آخذه بِحقِّهِ، فَمَا حَقه؟ قَالَ: فَأعْطَاهُ إِيَّاه، فَخرج فاتبعته فَخرج لَا يمر بِشَيْء إِلَّا أفراه وهتكه، حَتَّى أَتَى نسْوَة فِي سنح جبل وَمَعَهُمْ هِنْد وَهِي تَقول:
نَحن بَنَات طَارق ** نمشي على النمارق

والمسك فِي المفارق ** إِن يقبلُوا نعانق

أَو يدبروا نفارق ** فِرَاق غير وامق

قَالَ: فَحمل عَلَيْهَا فنادت: يَا آل صَخْر. فَلم يجبها أحد فَانْصَرف، فَقلت لَهُ: كل صنيعك قد رَأَيْته فَأَعْجَبَنِي غير أَنَّك لم تقتل الْمَرْأَة. قَالَ: إِنَّهَا نادت فَلم يجبها أحد؛ فَكرِهت أَن أضْرب بِسيف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَة لَا نَاصِر لَهَا»
.
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ مُتَّصِلا إِلَّا عَن الزبير بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن الزبير إِلَّا عبيد الله بْن الْوَازِع.

.بَاب فضل مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا أَبُو مسْهر عبد الْأَعْلَى بن مسْهر، عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عميرَة- وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنه قَالَ لمعاوية: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هاديا مهديا واهد بِهِ».

.بَاب فضل خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ:

البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن وَاقد، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن أنس «أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعى زيدا وجعفرا وَابْن رَوَاحَة للنَّاس قبل أَن يَأْتِيهم خبرهم فَقَالَ: أَخذ الرَّايَة زيد فأصيب، ثمَّ أَخذ جَعْفَر فأصيب، ثمَّ أَخذ ابْن رَوَاحَة فأصيب- وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ- حَتَّى أَخذهَا خَالِد سيف من سيوف الله حَتَّى فتح الله عَلَيْهِم».

.بَاب فضل معَاذ بن عَمْرو بن الجموح وَأسيد بن حضير وَعباد بن بشر وثابت بن قيس:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نعم الرجل أَبُو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل ثَابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معَاذ بن جبل، نعم الرجل معَاذ بن عَمْرو بن الجموح».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث سُهَيْل.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن مُسلم، ثَنَا حبَان، عَن همام، أبنا قَتَادَة، عَن أنس: «إِن رجلَيْنِ خرجا من عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَة مظْلمَة فَإِذا نور بَين أَيْدِيهِمَا حَتَّى تفَرقا فَتفرق النُّور مَعَهُمَا».
وَقَالَ معمر: عَن ثَابت، عَن أنس: «إِن أسيد بن حضير ورجلا من الْأَنْصَار».
وَقَالَ حَمَّاد: أبنا ثَابت، عَن أنس: «كَانَ أسيد بن حضير وَعباد بن بشر عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
وَفِي لفظ آخر للْبُخَارِيّ: «فِي لَيْلَة مظْلمَة ومعهما مثل المصباحين يضيئان بَين أَيْدِيهِمَا».

.بَاب فضل عبد الله بن حرَام أَبُو جَابر بن عبد الله:

مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن عمر القواريري وَعَمْرو النَّاقِد، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان، قَالَ عبيد الله: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: سَمِعت ابْن الْمُنْكَدر يَقُول: سَمِعت جَابِرا يَقُول: «لما كَانَ يَوْم أحد جِيءَ بِأبي مسجى قد مثل بِهِ. قَالَ: فَأَرَدْت أَن أرفع الثَّوْب فنهاني قومِي، ثمَّ أردْت أَن أرفع الثَّوْب فنهاني قومِي، فرفعه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو أَمر بِهِ فَرفع- فَسمع باكية أَو أَو صائحة فَقَالَ: من هَذِه؟ فَقَالُوا: ابْنة عَمْرو- أَو أُخْت عَمْرو. فَقَالَ: وَلم تبْكي! فَمَا زَالَت الْمَلَائِكَة تظله بأجنحتها حَتَّى رفع».

.بَاب فضل أبي ذَر وَذكر إِسْلَامه:

مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد الْأَزْدِيّ، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، ثَنَا حميد بْن هِلَال، عَن عبد الله بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ أَبُو ذَر: «خرجنَا من قَومنَا غفار وَكَانُوا يحلونَ الشَّهْر الْحَرَام، فَخرجت أَنا وَأخي أنيس وَأمنا، فنزلنا على خَال لنا فَأَكْرَمَنَا خَالنَا وَأحسن إِلَيْنَا، فَحَسَدنَا قومه فَقَالُوا: إِنَّك إِذا خرجت عَن أهلك خَالف إِلَيْهِم أنيس. فجَاء خَالنَا فأنثى علينا الَّذِي قيل لَهُ فَقلت: أما مَا مضى من مَعْرُوفك فقد كدرته، وَلَا جماع لَك فِيمَا بعد، فَقَرَّبْنَا صِرْمَتنَا فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا، وتغطى خَالنَا ثَوْبه فَجعل يبكي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نزلنَا بِحَضْرَة مَكَّة فنافر أنيس عَن صِرْمَتنَا وَعَن مثلهَا، فَأتيَا الكاهن فَخير أنيسا فَأتى أنيس بصرمتنا وَمثلهَا مَعهَا، قَالَ: وَقد صليت يَا ابْن أخي قبل أَن ألْقى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاث سِنِين. قلت: لمن؟ قَالَ: لله تَعَالَى. قلت: فَأَيْنَ توجه؟ قَالَ: أتوجه حَيْثُ يوجهني رَبِّي، أُصَلِّي عشَاء حَتَّى إِذا كَانَ من آخر اللَّيْل ألقيت كَأَنِّي خَفَاء، حَتَّى تعلوني الشَّمْس. فَقَالَ أنيس: إِن لي حَاجَة بِمَكَّة فَاكْفِنِي. فَانْطَلق أنيس حَتَّى أَتَى مَكَّة، فَرَاثَ عَليّ ثمَّ جَاءَ فَقلت: مَا صنعت؟ قَالَ: لقِيت رجلا بِمَكَّة على دينك يزْعم أَن الله أرْسلهُ. قلت: فَمَا يَقُول النَّاس؟ قَالَ: يَقُولُونَ شَاعِر، كَاهِن، سَاحر. وَكَانَ أنيس أحد الشُّعَرَاء، قَالَ أنيس: لقد سَمِعت قَول الكهنة، فَمَا هُوَ بقَوْلهمْ، وَلَقَد وضعت قَوْله على أَقراء الشُّعَرَاء فَمَا يلتئم على لِسَان أحد بعدِي أَنه شَاعِر، وَالله إِنَّه لصَادِق وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ. قَالَ: قلت: فَاكْفِنِي حَتَّى أذهب فَأنْظر. قَالَ: فَأتيت مَكَّة فتضيفت رجلا مِنْهُم فَقلت: أَيْن هَذَا الَّذِي يَدعُونَهُ الصَّابِئ؟ فَأَشَارَ إِلَيّ فَقَالَ: الصَّابِئ. فَمَال عَليّ أهل الْوَادي بِكُل مَدَرَة وَعظم حَتَّى خَرَرْت مغشيا عَليّ. قَالَ: فارتفعت حِين ارْتَفَعت كَأَنِّي نصب أَحْمَر. قَالَ: فَأتيت زَمْزَم فغسلت عني الدِّمَاء وشربت من مَائِهَا، وَلَقَد لَبِثت يَا ابْن أخي ثَلَاثِينَ بَين لَيْلَة وَيَوْم مَا كَانَ لي طَعَام إِلَّا مَاء زَمْزَم، فَسَمنت حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَن بَطْني، وَمَا وجدت عَليّ كَبِدِي سخْفَة جوع. قَالَ: فَبينا أهل مَكَّة فِي لَيْلَة قَمْرَاء إِضْحِيَان، إِذْ ضرب على أسمختهم فَمَا يطوف بِالْبَيْتِ أحد، وَامْرَأَتَانِ مِنْهُم تدعوان إسافا ونائلة. قَالَ: فَأَتَتَا عَليّ فِي طوافهما فَقلت: أنكحا إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى، قَالَ: فَمَا تناهتا عَن قَوْلهمَا. قَالَ: فَأَتَتَا عَليّ فَقلت: هن مثل الْخَشَبَة غير أَنِّي لَا أكني، فانطلقتا تُوَلْوِلَانِ، وَتَقُولَانِ: لَو كَانَ هُنَا أحد من أَنْفَارنَا. قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بكر وهما هَابِطَانِ قَالَ: فَمَا لَكمَا؟ قَالَتَا: الصَّابِئ بَين الْكَعْبَة وَأَسْتَارهَا. قَالَ: مَا قَالَ لَكمَا؟ قَالَتَا: إِنَّه قَالَ لنا كلمة تملأ الْفَم. وَجَاء رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَلم الْحجر فَطَافَ بِالْبَيْتِ هُوَ وَصَاحبه ثمَّ صلى فَلَمَّا قضى صلَاته، قَالَ أَبُو ذَر: فَكنت أَنا أول من حَيَّاهُ بِتَحِيَّة الْإِسْلَام فَقَالَ: فَقلت: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله. ثمَّ قَالَ: من أَنْت؟ فَقلت: أَنا من غفار. قَالَ: فَأَهوى بِيَدِهِ فَوضع أَصَابِعه على جَبهته، فَقلت فِي نَفسِي: كره أَن انتميت إِلَى غفار، فَذَهَبت أَخذ بِيَدِهِ فقدعني صَاحبه وَكَانَ أعلم بِهِ مني، ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ: مَتى كنت هَاهُنَا؟ قَالَ: قلت: قد كنت هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ بَين لَيْلَة وَيَوْم. قَالَ: فَمن كَانَ يطعمك؟ قَالَ: قلت: مَا كَانَ لي طَعَام إِلَّا مَاء زَمْزَم فَسَمنت حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَن بَطْني، وَمَا أجد على كَبِدِي سخْفَة جوع. قَالَ: إِنَّهَا مباركة إِنَّهَا طَعَام طعم. فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله، ائْذَنْ لي فِي إطعامه اللَّيْلَة. فَانْطَلق رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بكر وَانْطَلَقت مَعَهُمَا، فَفتح أَبُو بكر بَابا فَجعل يقبض لنا من زبيب الطَّائِف، فَكَانَ ذَلِك أول طَعَام أَكلته بهَا، ثمَّ غبرت مَا غبرت ثمَّ أتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي قد وجهت لي أَرض ذَات نخل لَا أَرَاهَا إِلَّا يثرب، فَهَل أَنْت مبلغ عني قَوْمك عَسى الله أَن يَنْفَعهُمْ بك ويأجرك فيهم. فَأتيت أنيسا فَقَالَ: مَا صنعت؟ قلت: صنعت أَنِّي قد أسلمت وصدقت. قَالَ: مَا بِي رَغْبَة عَن دينك فَإِنِّي قد أسلمت وصدقت. فأتينا أمنا فَقَالَت: مَا بِي رَغْبَة عَن دينكما فَإِنِّي قد أسلمت وصدقت. فَاحْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَومنَا غفارًا فَأسلم نصفهم وَكَانَ يؤمهم إِيمَاء بن رحضة وَكَانَ سيدهم، وَقَالَ نصفهم: إِذا قدم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة أسلمنَا. فَقدم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة فَأسلم نصفهم الْبَاقِي وَجَاءَت أسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إخوتنا نسلم على الَّذِي أَسْلمُوا عَلَيْهِ. فأسلموا فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غفار غفر الله لَهَا، وَأسلم سَالَمَهَا الله».
حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أخبرنَا النَّضر بن شُمَيْل، حَدثنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة حَدثنَا حميد بن هِلَال بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَزَاد بعد قَوْله: «قلت: فَاكْفِنِي حَتَّى أذهب فَأنْظر قَالَ: نعم وَكن على حذر من أهل مَكَّة فَإِنَّهُم قد شنفوا لَهُ وتجهموا».
قَالَ مُسلم: وحَدثني إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة السَّامِي وَمُحَمّد بن حَاتِم- وتقاربا فِي سِيَاق الحَدِيث وَاللَّفْظ لِابْنِ حَاتِم- قَالَا: ثَنَا عبد الرَّحْمَن بْن مهْدي، حَدثنَا الْمثنى بن سعيد، عَن أبي جَمْرَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «لما بلغ أَبَا ذَر مبعث النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَخِيهِ: اركب إِلَى هَذَا الْوَادي فَاعْلَم لي علم هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه يَأْتِيهِ الْخَبَر من السَّمَاء، فاسمع من قَوْله ثمَّ ائْتِنِي. فَانْطَلق الآخر حَتَّى قدم مَكَّة وَسمع من قَوْله، ثمَّ رَجَعَ إِلَى أبي ذَر فَقَالَ: رَأَيْته يَأْمر بمكارم الْأَخْلَاق وكلاما مَا هُوَ بالشعر. فَقَالَ: مَا شفيتني فِيمَا أردْت. فتزود وَحمل شنة لَهُ فِيهَا مَاء حَتَّى قدم مَكَّة فَأتى الْمَسْجِد فالتمس النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يعرفهُ، وَكره أَن يسْأَل عَنهُ حَتَّى أدْركهُ- يَعْنِي اللَّيْل- فاضطجع فَرَآهُ عَليّ- رضوَان الله عَلَيْهِ- فَعرف أَنه غَرِيب، فَلَمَّا رَآهُ تبعه فَلم يسْأَل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه عَن شَيْء حَتَّى أصبح، ثمَّ احْتمل قربته وزاده إِلَى الْمَسْجِد، فظل ذَلِك الْيَوْم وَلَا يرى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَمْسَى فَعَاد إِلَى مضجعه فَمر بِهِ عَليّ فَقَالَ: مَا آن للرجل أَن يعلم منزله؟ فأقامه فَذهب بِهِ مَعَه وَلَا يسْأَل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه عَن شَيْء حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الثَّالِث فعل مثل ذَلِك، فأقامه عَليّ مَعَه فَقَالَ: أَلا تُحَدِّثنِي مَا الَّذِي أقدمك هَذَا الْبَلَد؟ قَالَ: إِن تعطني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت. فَفعل فَأخْبرهُ، فَقَالَ: إِنَّه حق وَهُوَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذا أَصبَحت فاتبعني، فَإِنِّي إِن رَأَيْت شَيْئا أَخَاف عَلَيْك قُمْت كَأَنِّي أريق المَاء، فَإِن مضيت فاتبعني حَتَّى تدخل مدخلي. فَفعل فَانْطَلق يقفوه حَتَّى دخل على النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدخل مَعَه، فَسمع من قَوْله وَأسلم مَكَانَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْجع إِلَى قَوْمك فَأخْبرهُم حَتَّى يَأْتِيك أَمْرِي، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأصرخن بهَا بَين ظهرانيكم. فَخرج حَتَّى أَتَى الْمَسْجِد فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. وثار الْقَوْم فضربوه حَتَّى أضجعوه، فَأتى الْعَبَّاس فأكب عَلَيْهِ فَقَالَ: وَيْلكُمْ ألستم تعلمُونَ أَنه من غفار وَأَن طَرِيق تجاركم إِلَى الشَّام عَلَيْهِم. فأنقذه مِنْهُم، ثمَّ عَاد من الْغَد بِمِثْلِهَا وثاروا إِلَيْهِ فضربوه فأكب عَلَيْهِ الْعَبَّاس فأنقذه».
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْعَبَّاس الْعَنْبَري، ثَنَا النَّضر بن مُحَمَّد، ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، حَدثنِي أَبُو زميل- هُوَ سماك بن الْوَلِيد الْحَنَفِيّ- عَن مَالك بن مرْثَد، عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أظلت الخضراء وَمَا أقلت الغبراء من ذِي لهجة أصدق وَلَا أوفى من أبي ذَر، شبه عِيسَى ابْن مَرْيَم. قَالَ عمر بْن الْخطاب- كالحاسد-: يَا رَسُول الله، أفنعرف ذَلِك لَهُ؟ قَالَ: نعم فَاعْرِفُوهُ لَهُ».
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا ابْن نمير، عَن الْأَعْمَش، عَن عُثْمَان بن عُمَيْر- هُوَ أَبُو الْيَقظَان- عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود الديلِي، عَن عبد الله بن عَمْرو: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «مَا أظلت الخضراء وَمَا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذَر».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.