فصل: قَوْله تَعَالَى: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأحكام الشرعية الكبرى



.قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم}:

مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَهَارُون بن عبد الله، قَالَا: ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ ابْن جريج: «نزلت: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} فِي عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السَّهْمِي، بَعثه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّة».
أخبرنيه يعلى بن مُسلم، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس.

.قَوْله تَعَالَى: {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك} الْآيَة:

البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، أبنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة قَالَ: «خَاصم الزبير، رجلا من الْأَنْصَار فِي شراج من الْحرَّة. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْقِ يَا زبير، ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك. فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: يَا رَسُول الله، وَأَن كَانَ ابْن عَمَّتك؟ فَتَلَوَّنَ وَجه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زبير، ثمَّ احْبِسْ المَاء حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر، ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك. واستوعى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للزبير حَقه فِي صَرِيح الحكم حِين أحفظه الْأنْصَارِيّ، وَكَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْر لَهما فِيهِ سَعَة. قَالَ الزبير: فَلَا أَحسب هَذِه الْآيَات نزلت إِلَّا فِي ذَلِك {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم}».

.قَوْله تَعَالَى: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم}:

النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق، ثَنَا أبي قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس «أن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وأصحابا لَهُ أَتَوا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة. فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّا كُنَّا فِي عز وَنحن مشركون فَلَمَّا آمنا صرنا أَذِلَّة. فَقَالَ: إِنِّي أمرت بِالْعَفو، فَلَا تقاتلوا. فَلَمَّا حوله الله إِلَى الْمَدِينَة، أَمر بِالْقِتَالِ فكفوا، فَأنْزل الله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم وَأقِيمُوا الصَّلَاة}».

.قَوْله تَعَالَى: {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين}:

مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عدي- وَهُوَ ابْن ثَابت- قَالَ: سَمِعت عبد الله بن يزِيد، يحدث عَن زيد بن ثَابت: «أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إِلَى أحد فَرجع النَّاس مِمَّن كَانَ مَعَه، فَكَانَ أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم فرْقَتَيْن، قَالَ بَعضهم: نقتلهم. وَقَالَ بَعضهم: لَا. فَنزلت: {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين}».

.قَوْله تَعَالَى: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا}:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي، ثَنَا شَبابَة، ثَنَا وَرْقَاء بن عمر، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَجِيء الْمَقْتُول بالقاتل يَوْم الْقِيَامَة، ناصيته وَرَأسه بِيَدِهِ وأوداجه تشخب دَمًا، يَقُول: يَا رب قتلني. حَتَّى يُدْنِيه من الْعَرْش. قَالَ: فَذكرُوا لِابْنِ عَبَّاس التَّوْبَة فَتلا هَذِه الْآيَة: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} قَالَ: مَا نسخت هَذِه الْآيَة وَلَا بدلت وأنى لَهُ التَّوْبَة!».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْمُغيرَة بن النُّعْمَان، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: «اخْتلف أهل الْكُوفَة فِي هَذِه الْآيَة: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} فرحلت إِلَى ابْن عَبَّاس فَسَأَلته، فَقَالَ: لقد أنزلت آخر مَا أنزل، ثمَّ مَا نسخهَا شَيْء».
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن هَاشم وَعبد الرَّحْمَن بن بشر الْعَبْدي قَالَا: أبنا يحيى- وَهُوَ ابْن سعيد الْقطَّان- عَن ابْن جريج قَالَ: حَدثنِي الْقَاسِم بن أبي بزَّة، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: «قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَلِمَنْ قتل مُؤمنا مُتَعَمدا من تَوْبَة؟ قَالَ: لَا. فتلوت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْفرْقَان: {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} إِلَى آخر الْآيَة. قَالَ: هَذِه أَيَّة مَكِّيَّة نسختها آيَة مَدَنِيَّة: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا}» وَفِي رِوَايَة ابْن هَاشم: «فتلوت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْفرْقَان: {إِلَّا من تَابَ}».

.قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السّلم لست مُؤمنا}:

مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «لَقِي نَاس من الْمُسلمين رجلا فِي غنيمَة لَهُ، فَقَالَ: السّلم عَلَيْكُم. فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا تِلْكَ الْغَنِيمَة، فَنزلت: {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السّلم} وَقرأَهَا ابْن عَبَّاس: {السَّلَام}».

.قَوْله تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} الْآيَة:

مُسلم: حَدثنَا ابْن مثنى وَمُحَمّد بن بشار- وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى- قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، أَنه سمع الْبَراء: «فِي هَذِه الْآيَة: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} فَأمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيدا فجَاء بكتف فكتبها، فَشَكا إِلَيْهِ ابْن أم مَكْتُوم ضَرَرا بِهِ، فَنزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر}».

.قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم}:

البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ، ثَنَا حَيْوَة وَغَيره قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْأسود قَالَ: «قطع على أهل الْمَدِينَة بعث، فاكتتبت فِيهِ، فَلَقِيت عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس، فَأَخْبَرته فنهاني عَن ذَلِك أَشد النَّهْي ثمَّ قَالَ: أَخْبرنِي ابْن عَبَّاس أَن نَاسا من الْمُسلمين كَانُوا مَعَ الْمُشْركين يكثرون سَواد الْمُشْركين على رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتِي السهْم فَيَرْمِي بِهِ فَيُصِيب أحدهم فيقتله، أَو يضْرب فَيقْتل، فَأنْزل الله: {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم} الْآيَة».
رَوَاهُ اللَّيْث عَن أبي الْأسود.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان، ثَنَا حَمَّاد، عَن أَيُّوب، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن ابْن عَبَّاس: «{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} قَالَ: كَانَت أُمِّي مِمَّن عذر الله عز وَجل».

.قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تكن للخائنين خصيما}:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن أَحْمد بن أبي شُعَيْب أَبُو مُسلم الْحَرَّانِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي،، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة، عَن أَبِيه، عَن جده قَتَادَة بن النُّعْمَان قَالَ: «كَانَ أهل بَيت منا يُقَال لَهُم: بَنو أُبَيْرِق: بشر وَبشير ومبشر، وَكَانَ بشير رجلا منافقا يَقُول الشّعْر يهجو بِهِ أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ ينحله بعض الْعَرَب ثمَّ يَقُول: قَالَ فلَان كَذَا، فَإِذا سمع أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاك الشّعْر قَالُوا: وَالله مَا يَقُول هَذَا الشّعْر إِلَّا هَذَا الْخَبيث، أَو كَمَا قَالَ الرجل، وَقَالا: ابْن الأبيرق قَالَهَا. قَالَ: وَكَانُوا أهل بَيت حَاجَة وفاقة فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام، وَكَانَ النَّاس إِنَّمَا طعامهم بِالْمَدِينَةِ التَّمْر وَالشعِير، وَكَانَ الرجل إِذا كَانَ لَهُ يسَار فَقدمت ضافطة من الشَّام بالدرمك ابْتَاعَ الرجل مِنْهَا فَخص بهَا نَفسه. فَأَما الْعِيَال فَإِنَّمَا طعامهم التَّمْر وَالشعِير فَقدمت ضافطة من الشَّام فَابْتَاعَ عمي رِفَاعَة بن زيد حملا من الدَّرْمَك، فَجعله فِي مشربَة لَهُ، وَفِي الْمشْربَة سلَاح وَدرع وَسيف فعدي عَلَيْهِ من تَحت الْبَيْت فنقبت الْمشْربَة، وَأخذ الطَّعَام وَالسِّلَاح، فَلَمَّا أصبح أَتَانِي عمي رِفَاعَة، فَقَالَ: يَا ابْن أخي، إِنَّه قد عدي علينا فِي ليلتنا هَذِه فنقبت مشربتنا فَذهب بِطَعَامِنَا وَسِلَاحنَا. قَالَ: فتحسسنا فِي الدَّار، وَسَأَلنَا فَقيل لنا: قد رَأينَا بني أُبَيْرِق اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِه اللَّيْلَة، وَلَا نرى فِيمَا نرى إِلَّا على بعض طَعَامكُمْ. قَالَ: وَكَانَ بَنو أُبَيْرِق قَالُوا- وَنحن نسْأَل فِي الدَّار-: وَالله مَا نرى صَاحبكُم إِلَّا لبيد بن سهل رجلا منا لَهُ صَلَاح وَإِسْلَام، فَلَمَّا سمع لبيد اخْتَرَطَ سَيْفه، وَقَالَ: أَنا أسرق؟ فوَاللَّه لَيُخَالِطَنكُمْ هَذَا السَّيْف أَو لتبينن هَذِه السّرقَة. قَالُوا: إِلَيْك عَنَّا أَيهَا الرجل، فَمَا أَنْت بصاحبها، فسألنا فِي الدَّار حَتَّى لم نشك أَنهم أَصْحَابنَا فَقَالَ عمي: يَا ابْن أخي، لَو أتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذكرت ذَلِك لَهُ. قَالَ قَتَادَة: فَأتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقلت: إِن أهل بَيت منا أهل جفَاء عَمدُوا إِلَى عمي رِفَاعَة بن يزِيد فَنقبُوا مشربَة لَهُ، وَأخذُوا سلاحه وَطَعَامه فليردوا علينا سِلَاحنَا فَأَما الطَّعَام فَلَا حَاجَة لنا فِيهِ. فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سآمر فِي ذَلِك. فَلَمَّا سمع بَنو أُبَيْرِق، أَتَوْ رجلا مِنْهُم يُقَال لَهُ: أَسِير بن عُرْوَة فكلموه فِي ذَلِك، فَاجْتمع فِي ذَلِك أنَاس من الدَّار فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِن قَتَادَة بن النُّعْمَان وَعَمه عَمدُوا إِلَى أهل بَيت منا أهل إِسْلَام وَصَلَاح يرمونهم بِالسَّرقَةِ من غير بَيِّنَة وَلَا ثَبت. قَالَ قَتَادَة: فَأتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكلمته فَقَالَ: عَمَدت إِلَى أهل بَيت ذكر مِنْهُم إِسْلَام وَصَلَاح ترميهم بِالسَّرقَةِ على غير ثَبت وَلَا بَيِّنَة؟ قَالَ: فَرَجَعت ولوددت أَنِّي خرجت من بعض مَالِي، وَلم أكلم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِك، فَأَتَانِي عمي رِفَاعَة، فَقَالَ: يَا ابْن أخي مَا صنعت؟ فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: الله الْمُسْتَعَان. فَلم نَلْبَث أَن نزل الْقُرْآن: {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله وَلَا تكن للخائنين خصيما} بني أُبَيْرِق {واستغفر الله} أَي: مِمَّا قلت لِقَتَادَة {إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم إِن الله لَا يحب من كَانَ خوانًا أَثِيمًا يستخفون من النَّاس وَلَا يستخفون من الله وَهُوَ مَعَهم} إِلَى قَوْله: {غَفُورًا رحِيما} أَي لَو اسْتَغْفرُوا الله لغفر لَهُم {وَمن يكْسب إِثْمًا فَإِنَّمَا يكسبه على نَفسه} إِلَى قَوْله: {إِثْمًا مُبينًا} قَوْله للبيد {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْك وَرَحمته} إِلَى قَوْله: {فَسَوف نؤتيه أجرا عَظِيما} فَلَمَّا نزل الْقُرْآن أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّلَاحِ فَردُّوهُ إِلَى رِفَاعَة. فَقَالَ قَتَادَة: لما أتيت عمي بِالسِّلَاحِ وَكَانَ شَيخا قد عشي فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكنت أرى إِسْلَامه مَدْخُولا، فَلَمَّا أتيت بِالسِّلَاحِ قَالَ: يَا ابْن أخي، هُوَ فِي سَبِيل الله. فَعرفت أَن إِسْلَامه كَانَ صَحِيحا. فَلَمَّا نزل الْقُرْآن لحق بشير بالمشركين، فَنزل على سلاقة بنت سعد بْن سميَّة فَأنْزل الله: {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء وَمن يُشْرك بِاللَّه فقد ضل ضلالا بَعيدا} فَلَمَّا نزل على سلاقة رَمَاهَا حسان بن ثَابت بِأَبْيَات من شعر فَأخذت رَحْله فَوَضَعته على رَأسهَا، ثمَّ خرجت بِهِ فرمت بِهِ فِي الأبطح. ثمَّ قَالَت: أهديت لي شعر حسان، مَا كنت تَأتِينِي بِخَير».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعلم أحدا أسْندهُ غير مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي، وروى يُونُس بن بكير وَغير وَاحِد هَذَا الحَدِيث عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة مُرْسلا، لم يذكرُوا فِيهِ: عَن أَبِيه، عَن جده، وَقَتَادَة هُوَ أَخُو أبي سعيد الْخُدْرِيّ لأمه. وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ سعد بْن مَالك بْن سِنَان.

.قَوْله تَعَالَى: {من يعْمل سوءا يجز بِهِ}:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر وَعبد الله بن أبي زِيَاد- الْمَعْنى وَاحِد- قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن مُحَيْصِن، عَن مُحَمَّد بْن قيس بن مخرمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: «لما نزلت: {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} شقّ ذَلِك على الْمُسلمين. فشكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قاربوا وسددوا، وَفِي كل مَا يُصِيب الْمُؤمن كَفَّارَة حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها، أَو النكبة ينكبها».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب. وَابْن مُحَيْصِن هُوَ: عمر بْن عبد الرَّحْمَن بن مُحَيْصِن.