فصل: بَاب فِي حب الْعَيْش وَطول الأمل والحرص، وَقَول الله تَعَالَى: {وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأحكام الشرعية الكبرى



.بَاب فِي حب الْعَيْش وَطول الأمل والحرص، وَقَول الله تَعَالَى: {وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور}:

وَقَالَ تَعَالَى: {ذرهم يَأْكُلُوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فَسَوف يعلمُونَ}، وَقَالَ عَليّ: ارتحلت الدُّنْيَا مُدبرَة وَارْتَحَلت الْآخِرَة مقبلة فكونوا من أَبنَاء الْآخِرَة وَلَا تَكُونُوا من أَبنَاء الدُّنْيَا فَإِن الْيَوْم عمل وَلَا حِسَاب وَغدا حِسَاب وَلَا عمل.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَسَعِيد بن مَنْصُور وقتيبة بن سعيد، كلهم عَن أبي عوَانَة- قَالَ يحيى: أَنا أَبُو عوَانَة- عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يهرم ابْن آدم وتشب مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْص على المَال، والحرص على الْعُمر».
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا أَبُو صَفْوَان عبد الله بن سعيد، أَنا يُونُس، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «لَا يزَال قلب الْكَبِير شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حب الدُّنْيَا، وَطول الأمل».
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قلب الشَّيْخ شَاب على حب اثْنَتَيْنِ: حب الْعَيْش وَالْمَال».
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أَبِيه، عَن أبي يعلى، عَن ربيع بن خَيْثَم، عَن عبد الله قَالَ: «خطّ لنا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطا مربعًا فَقَالَ: هَذَا الْأَجَل. وَخط فِي وَسطه خطا، فَقَالَ: هَذَا الْإِنْسَان. وَخط فِي عرضه خُطُوطًا، فَقَالَ: هَذِه الْأَعْرَاض. ثمَّ خطّ خطا خَارِجا فَقَالَ: هَذَا الأمل، فالعروض تنهشه، وعينه إِلَى الأمل».
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا ابْن آدم، وَهَذَا أَجله. وَوضع يَده عِنْد قَفاهُ ثمَّ بسطها، فَقَالَ: وَثمّ أمله، وَثمّ أمله».
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أسعد بن زُرَارَة، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ذئبان جائعان أرسلا فِي غنم بأفسد لَهَا من حرص الْمَرْء على المَال والشرف لدينِهِ».
وَقد تقدم فِي بَاب قساوة الْقلب مَا رُوِيَ عَنهُ من قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعَة من الشَّقَاء: جمود الْعين، وقساء الْقلب، وَطول الأمل، والحرص على الدُّنْيَا».

.بَاب قصر الأمل:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد بن السّري، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي السّفر، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: «مر علينا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنحن نعالج خصاً لنا، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْنَا قد وَهِي، فَنحْن نصلحه. قَالَ: مَا أرى الْأَمر إِلَّا أعجل من ذَلِك».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.

.بَاب فِي الصَّبْر وفضله وَقَول الله تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب}:

مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن الْأَعْمَش، ثَنَا سعيد بْن جُبَير، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: قَالَ عبد الله بن قيس، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أحد أَصْبِر على أَذَى سَمعه من الله، أَنهم يجْعَلُونَ لَهُ ندا، ويجعلون لَهُ ولدا، وَهُوَ مَعَ ذَلِك يرزقهم ويعافيهم ويعيطيهم».
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ أخبرهُ «أن نَاسا من الْأَنْصَار سَأَلُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلم يسْأَله أحد مِنْهُم إِلَّا أعطَاهُ حَتَّى نفد مَا عِنْده، فَقَالَ لَهُم حِين نفد كل شَيْء أنْفق بِيَدِهِ: مَا يكن عِنْدِي من خير لَا أدخره عَنْكُم، وَإنَّهُ من يستعف يعفه الله، وَمن يتصبر يصبره الله، وَمن يسْتَغْن يغنه الله، وَلنْ تعطوا عَطاء خيرا وأوسع من الصَّبْر».
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هَارُون بن مُحَمَّد بن بكار بن بِلَال، عَن مُحَمَّد- وَهُوَ ابْن عِيسَى بن الْقَاسِم بن سميع- ثَنَا زيد، عَن كثير بن مرّة، أَن أَبَا فَاطِمَة حَدثهمْ، أَنه قَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْك بِالْهِجْرَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا مثل لَهَا. قَالَ: يَا رَسُول الله، حَدثنِي بِعلم أستقيم عَلَيْهِ وأعلمه. قَالَ: عَلَيْك بِالصبرِ؛ فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ. قَالَ: يَا رَسُول الله، حَدثنِي بِعلم أستقيم عَلَيْهِ. قَالَ: عَلَيْك بِالسُّجُود؛ فَإنَّك لَا تسْجد لله سَجْدَة إِلَّا رفعك الله بهَا دَرَجَة، وَحط عَنْك بهَا خَطِيئَة».
روى الإِمَام أَبُو بكر الْخَطِيب فِي كِتَابه الْمُسَمّى بِالْفَصْلِ للوصل قَالَ: ثَنَا أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن عمر بن برهَان الغزال وَأَبُو مُحَمَّد عبد الله بن يحيى بن عبد الْجَبَّار السكرِي قَالَا: ثَنَا أَبُو عَليّ إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الصفار، ثَنَا عَبَّاس بْن عبد الله الترقفي، ثَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن- يَعْنِي: عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ- ثَنَا نَافِع بن يزِيد وَابْن لَهِيعَة وكهمس بن الْحسن وَهَمَّام بن حمير، عَن قيس بن الْحجَّاج الزرقي، عَن حَنش، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «كنت رَدِيف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا غُلَام- أَو يَا بني- أَلا أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بِهن؟
قلت: بلَى. فَقَالَ: احفظ الله يحفظك، واحفظ الله تَجدهُ أمامك، تعرف إِلَى الله فِي الرخَاء يعرفك فِي الشدَّة، إِذا سَأَلت فأسال الله، وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه، فقد جف الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن، فَلَو أَن الْخلق كلهم جَمِيعًا أَرَادوا أَن ينفعوك بِشَيْء لم يقضه الله لَك لم يقدروا عَلَيْهِ، وَإِن أَرَادوا أَن يضروك بِشَيْء لم يقضه الله لَك لم يقدروا عَلَيْهِ، واعمل لله بالشكر وَالْيَقِين، وَاعْلَم أَن فِي الصَّبْر على مَا تكره خيرا كثيرا، وَأَن النَّصْر مَعَ الصَّبْر، وَأَن الْفرج مَعَ الكرب، وَأَن مَعَ الْعسر يسرا»
.
همام هُوَ ابْن يحيى صحف فِيهِ الترقفي، وحنش هُوَ ابْن عبد الله الصَّنْعَانِيّ، وَهَذَا حَدِيث صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن بشير أبي إِسْمَاعِيل، عَن سيار، عَن طَارق بن شهَاب، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من نزلت بِهِ فاقة فأنزلها بِالنَّاسِ لم تسد فاقته، وَمن نزلت بِهِ فاقة فأنزلها بِاللَّه فيوشك الله لَهُ برزق عَاجل أَو آجل».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.

.بَاب التَّمَسُّك بِالدّينِ وَالصَّبْر عِنْد نزُول الْبلَاء والفتن:

مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن صُهَيْب، أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ ملك فِيمَن كَانَ قبلكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحر فَلَمَّا كبر قَالَ للْملك: إِنِّي قد كَبرت فَابْعَثْ لي غُلَاما أعلمهُ السحر. فَبعث إِلَيْهِ غُلَاما يُعلمهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقه إِذا سلك رَاهِب فَقعدَ إِلَيْهِ وَسمع كَلَامه فأعجبه، فَكَانَ إِذا أَتَى السَّاحر مر بِالرَّاهِبِ وَقعد إِلَيْهِ، فَإِذا أَتَى السَّاحر ضربه السَّاحر، فَشَكا ذَلِك إِلَى الراهب، فَقَالَ: إِذا خشيت السَّاحر فَقل: حَبَسَنِي أَهلِي، وَإِذا خشيت أهلك فَقل: حَبَسَنِي السَّاحر: فَبَيْنَمَا هُوَ على ذَلِك إِذْ أَتَى على دَابَّة عَظِيمَة وَقد حبست النَّاس، فَقَالَ: الْيَوْم أعلم السَّاحر أفضل أم الراهب أفضل. فَأخذ جحراً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ أَمر الراهب إِلَيْك أحب من أَمر السَّاحر فَاقْتُلْ هَذِه الدَّابَّة حَتَّى يمْضِي النَّاس. فَرَمَاهَا فَقَتلهَا وَمضى النَّاس، فَأتى الراهب فَأخْبرهُ فَقَالَ لَهُ الراهب: أَي بني، أَنْت الْيَوْم أفضل مني، وَقد بلغ من أَمرك مَا أرى، فَإنَّك ستبتلى، فَإِن ابْتليت فَلَا تدل عَليّ. وَكَانَ الْغُلَام يُبرئ الأكمه والأبرص يداوي النَّاس من سَائِر الأدواء، فَسمع جليس للْملك كَانَ قد عمي، فَأَتَاهُ بهداياه كَثِيرَة فَقَالَ: مَا هَاهُنَا لَك أجمع إِن أَنْت شفيتني. فَقَالَ: إِنِّي لَا أشفي أحدا، إِنَّمَا يشفي الله، فَإِن آمَنت بِاللَّه دَعَوْت الله فشفاك. فَآمن بِاللَّه وشفاه، فَأتى الْملك فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يجلس فَقَالَ لَهُ الْملك: من رد عَلَيْك بَصرك؟ فَقَالَ: رَبِّي. قَالَ: وَلَك رب غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبك الله. فَأَخذه فَلم يزل يعذبه حَتَّى دلّ على الْغُلَام، فجيء بالغلام، فَقَالَ لَهُ الْملك: أَي بني، قد بلغ من سحرك مَا تبرئ الأكمه والأبرص وَتفعل وَتفعل. فَقَالَ: إِنِّي لَا أشفي أحدا، إِنَّمَا يشفي الله. فاخذه فَلم يزل يعذبه حَتَّى دلّ على الراهب، فجيء بِالرَّاهِبِ، فَقيل لَهُ: ارْجع عَن دينك. فَأبى، فَدَعَا بالمئشار فَوضع المئشار فِي مفرق رَأسه، فشقه حَتَّى وَقع شقاه ثمَّ جِيءَ بجليس الْملك فَقيل لَهُ: ارْجع عَن دينك. فَأبى، فَوضع المئشار فِي مفرق رَأسه فشقه حَتَّى وَقع شقاه، ثمَّ جِيءَ بالغلام فَقيل لَهُ: ارْجع عَن دينك. فَأبى فَدفعهُ إِلَى نفر من أَصْحَابه فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جبل كَذَا وَكَذَا فاصعدوا بِهِ الْجَبَل، فَإِذا بَلغْتُمْ ذروته فَإِن رَجَعَ عَن دينه وَإِلَّا فاطرحوه. فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَل، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكفينهم بِمَا شِئْت. فَرَجَفَ بهم الْجَبَل فسقطوا، وَجَاء يمشي إِلَى الْملك، فَقَالَ لَهُ الْملك: مَا فعل أَصْحَابك؟ قَالَ: كفانيهم الله. فَدفعهُ إِلَى نفر من أَصْحَابه، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فاحملوه فِي قرقورة فتوسطوا بِهِ الْبَحْر، فَإِن رَجَعَ عَن دينه وَإِلَّا فاقذفوه. فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكفنيهم بِمَا شِئْت. فَانْكَفَأت بهم السَّفِينَة فَغَرقُوا، وَجَاء يمشي إِلَى الْملك، فَقَالَ لَهُ الْملك: مَا فعل أَصْحَابك؟ فَقَالَ: كفانيهم الله. فَقَالَ للْملك: إِنَّك لست بِقَاتِلِي حَتَّى تفعل مَا آمُرك بِهِ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد وَتَصْلُبنِي على جذع، ثمَّ خُذ سَهْما من كِنَانَتِي، ثمَّ ضع السهْم فِي كبد الْقوس، ثمَّ قل: بِسم الله رب الْغُلَام. ثمَّ ارمني، فَإنَّك إِذا فعلت ذَلِك قتلتني. فَجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد وصلبه على جذع ثمَّ أَخذ سَهْما من كِنَانَته ثمَّ وضع السهْم فِي كبد الْقوس ثمَّ قَالَ: بِسم الله رب الْغُلَام. ثمَّ رَمَاه، فَوضع السهْم فِي صُدْغه، فَوضع يَده فِي صُدْغه فِي مَوضِع السهْم فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاس: آمنا بِرَبّ الْغُلَام، آمنا بِرَبّ الْغُلَام، آمنا بِرَبّ الْغُلَام. فَأتى الْملك فَقيل لَهُ: أَرَأَيْت مَا كنت تحذر، قد وَالله نزل بك حذرك، قد آمن النَّاس. فَأمر بِالْأُخْدُودِ بأفواه السكَك فخدت. وأضرم النيرَان، وَقَالَ: من لم يرجع عَن دينه فأقحموه فِيهَا أَو قل لَهُ: اقتحم فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَت امْرَأَة مَعهَا صبي لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَن تقع، فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلَام: يَا أمه، اصْبِرِي فَإنَّك على الْحق».
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى، عَن إِسْمَاعِيل، أَنا قيس، عَن خباب بن الْأَرَت قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يتوسد بردة لَهُ فِي ظلّ الْكَعْبَة، فَقُلْنَا لَهُ: أَلا تَسْتَنْصِر لنا، إِلَّا تَدْعُو الله؟ قَالَ: كَانَ الرجل فِيمَن قبلكُمْ يحْفر لَهُ فِي الأَرْض فَيجْعَل فِيهِ، فيجاء بالمئشار فَيُوضَع على رَأسه فَيشق بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يصده عَن دينه، وَيُمشط بِأَمْشَاط الْحَدِيد مَا دون لَحْمه من عظم أَو عصب، مَا يصده ذَلِك عَن دينه، وَالله لَيتِمَّن هَذَا الْأَمر حَتَّى يسير الرَّاكِب من صنعاء إِلَى حَضرمَوْت لَا يخَاف إِلَّا الله أَو الذِّئْب على غنمه، لكنكم تَسْتَعْجِلُون».