فصل: المقدمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (نسخة منقحة)




.المقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الفقيه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري رضي الله عنه الفقيه الحافظ الأندلسي رحمه الله بحمد الله أبدئ وإياه أستعين وأستهدي وهو ولي عصمتي من الزلل في القول والعمل وولي توفيقي لا شريك له ولا حول ولا قوة إلا به الحمد الله رب العالمين جامع الأولين والآخرين ليوم الفصل والدين حمدًا يوجب رضاه ويقتضي المزيد من فضله ونعماه وصلى الله على محمد نبي الرحمة وهادي الأمة وخاتم النبوة وعلى آله أجمعين وسلم تسليمًا؟.
أما بعد فإن أولى ما نظر فيه الطالب وعني به العالم بعد كتاب الله عز وجل سنن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فهي المبنية لمراد الله عز وجل من مجملات كتابه والدالة على حدوده والمسرة له والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله من اتبعها اهتدى ومن سلك غير سبيلها ضل وغوى وولاه الله ما تولى ومن أوكد آلات السنن المعنية عليها والمؤدية إلى حفظها معرفة الذين نقلوها عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس كافة وحفظوها عليه وبلغوها عنه وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين حتى كمل بما نقلوه الدين وثبت بهم حجة الله تعالى على المسلمين فهم خير القرون وخير أمة أخرجت للناس.
وقد أثنى الله عز وجل عليهم ورضي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسوله عليه السلام ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ولا تزكية أفضل من ذلك ولا تعديل أكمل منه قال الله تعالى ذكره: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا سيماهم في وجوههم من أثر السجود}. الآية. {ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرًا عظيمًا}. فهذه صفة من بادر إلى تصديقه والإيمان به وآزره ونصره ولصق به وصحبه وليس كذلك جميع من رآه ولا جميع من آمن به وسترى منازلهم من الدين والإيمان وفضائل ذوي الفضل والتقدم منهم فالله قد فضل بعض النبيين على بعض وكذلك سائر المسلمين والحمد الله رب العالمين وقال عز وجل: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}. [الآية: 100].
قال أبو عمر أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن بن يحيى قال حدثنا أحمد بن سليمان بن الحسن قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي (ح) وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا هشيم قال حدثنا أشعث أخبرنا ابن سيرين في قوله عز وجل {والسابقون الأولون}. [التوبة: 100].
قال هم الذين صلوا القبلتين وقال أحمد بن زهير قلت لسعيد بن المسيب ما فرق المهاجرين الأولين والآخرين قال هم الذين صلوا القبلتين وبهذين الإسنادين عن أحمد بن حنبل قال وحدثنا هشيم عن إسماعيل ومطرف عن الشعبي قال هم الذين بايعوا بيعة الرضوان.
قال وأخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال حدثنا الحسن ابن إسماعيل قال حدثنا عبد الملك بن أبجر قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن الشعبي قال: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين بايعوا بيعة الرضوان. قال سنيد: وأخبرنا حجاج عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم وعمر بن الخطاب آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة فبايعناه غير الجد بن قيس اختبأ تحت بطن بعيره فقيل لجابر هل بايع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة قال لا ولكنه صلى بها ولم يبايع تحت شجرة إلا الشجرة التي عند الحديبية. قال أبو الزبير قلت لجابر كيف بايعوا قال بايعناه على ألا نفر ولم نبايعه على الموت قال وأخبرني أبو الزبير عن جابر قال جاء عبد لحاطب بن أبي بلتعة أحد بني أسد يشتكي سيده فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال له: «كذبت لا يدخلها أحد شهد بدرًا أو الحديبية».
قال أبو عمر رضي الله عنه قال الله سبحانه: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة}. ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبدًا إن شاء الله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يلج النار أحد شهد بدرًا أو الحديبية».
أخبرنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتي رحمه الله أخبرنا قاسم بن أصبغ قال أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال أخبرنا عاصم بن علي وأحمد بن عبد الله بن يونس قالا أخبرنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة».
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال أخبرنا قاسم بن أصبغ قال أخبرنا إبراهيم بن إسحاق بن مهران أخبرنا يحيى بن يحيى النيسابوري قال أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير عن جابر أن عبدًا لحاطب ابن أبي بلتعة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكي حاطبًا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذبت لا يدخلها أحد شهد بدرًا والحديبية». ورواه حجاج عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه حدثه عن جابر عن أم مبشر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وقد رواه الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أم مبشر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وقد روى عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ولم يذكر أم مبشر وقد روى عن سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال أخبرنا قاسم بن أصبغ قال أخبرنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي قال أخبرنا أبو زيد الهروي قال أخبرنا قرة بن خالد عن قتادة قال قلت لسعيد بن المسيب كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان قال خمس عشرة مائة قال قلت فإن جابر ابن عبد الله قال كانوا أربع عشرة مائة قال رحم الله جابرًا هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة.
حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد أخبرنا أحمد بن سلمان أخبرنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال أخبرنا قاسم بن أصبغ قال أخبرنا أحمد بن زهير قال أخبرنا أحمد بن حنبل قال أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد قال سألت جابر بن عبد الله عن أصحاب الشجرة قال كنا ألفًا وخمسمائة وقال ولو كنا مائة ألف لكفانا.
قال أبو عمر رضي الله عنه يعنى الماء النابع من أنامله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا طرق ذلك في التمهيد والحمد الله بما بان به أن كان منه مرات في مواطن شتى صلى الله عليه وسلم.
وبهذين الإسنادين عن أحمد بن حنبل قال أخبرنا سفيان بن عمرو قال سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنتم اليوم خير أهل الأرض». وقال معقل بن يسار وعبد الله بن أبي أوفى وكانا ممن شهد البيعة تحت الشجرة: كانوا ألفا وأربعمائة ذكره أحمد بن حنبل عن عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن الحكم بن عبد الله الأعرج عن معقل بن يسار وذكره أحمد أيضًا عن أبي قطن عمرو بن الهيثم عن شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي أوفى كل ذلك من كتاب أحمد بن زهير عن أحمد بن حنبل رحمه الله ومن كتاب عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه بالإسنادين المتقدمين عنه.
وأما أهل بدر فكر أحمد بن حنبل بالأسنادين المذكورين عنه قال: أخبرنا هاشم عن محمد بن سيرين عن عبيدة قال كان عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاث عشرة أو أربع عشرة أحد العددين.
قال أحمد أخبرنا يحيى بن عيسى قال أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا البراء ابن عازب قال كنا يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث أن عدة أهل بدر ثلاثمائة وبضع عشرة كعدد أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر وما جاز معه النهر إلا مؤمن وكذلك قال ابن إسحاق حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير وعبيد بن عبد الواحد عن ابن إسحاق قال من شهد بدرًا من المسلمين من المهاجرين والأنصار ثلاثمائة رجل وأربعة عشر رجلًا من المهاجرين وثلاث وثمانون ومن الأوس أحد وستون ومن الخزرج مائة وتسعون رجلًا وذكر ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد ابن عبد الله اليزني عن الصنابحي عن عبادة قال كنت فيمن حضر العقبة يعنى الأولى كنا اثني عشر رجلًا وكانوا في العقبة الثانية سبعين رجلًا لا خلاف في ذلك أصغرهم أبو مسعود عقبة بن عمر ذكره أحمد بن حنبل عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه ومجالد عن الشعبي عن أبي مسعود الأنصاري قال الشعبي وكان أصغرهم سنا وذكره ابن إسحاق بالإسناد المتقدم عنه قال حدثني معبد ابن كعب بن مالك أن أباه كعب بن مالك حدثه وكان ممن شهد العقبة قال حتى إذا اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلًا ومعهم امرأتان من نسائهم نسيبة بنت كعب أم عمارة وأسماء بنت عمرو بن عدي.
حدثنا عبد الله بن محمد أسد قال حدثنا سعيد بن عثمان بن السكن قال حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا البخاري قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن إدريس قال سمعت حصين بن عبد الرحمن عن سعد بن عبيدة عن أبي الرحمن السلمي عن علي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد والزبير بن العوام وكلنا فارس قال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فذكر الحديث في قصة حاطب حتى بلغ إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أليس من أهل بدر إن الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو قد غفرت لكم».
وبه عن البخاري قال حدثنا شعبة عن الأعمش قال سمعت ذكوان يحدث عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصفيه».
وحدثناه عبد الله بن محمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره سواء.
وذكر سنيد قال حدثنا حجاج عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي سعيد الخدري قال لما نزلت {إذا جاء نصر الله والفتح} قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ختمها وقال: «الناس خير وأنا وأصحابي خير وقال لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية». فقال له مروان بن الحكم كذبت وعنده زيد بن ثابت ورافع بن خديج وهما قاعدان معه على السرير فقال أبو سعيد: لو شاء هذان لحدثاك ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة فرفع عليه مروان درته ليضربه فلما رأيا ذلك قالا صدق وقال عليه السلام لأصحابه: «أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله».
وحدثنا يعيش بن سعيد وعبد الوارث بن سفيان قالا: أخبرنا القاسم ابن أصبغ قال: حدثنا أحمد بن محمد الرناني قال أخبرنا أبو معمر قال أخبرنا عبد الوارث قال أخبرنا بهز بن حكيم بن معاوية بن حيوة القشيري عن أبيه عن جده قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا إنكم توفون تسعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله» وقال الله عز وجل: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}؟ قال بعض العلماء: كنتم بمعنى أنتم خير أمة. وقيل: كنتم في علم الله ومعلوم أن مواجهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بقوله: «أنتم خيرها» إشارة بالتقدمة في الفضل إليهم على من بعدهم والله أعلم ويدل على ما قلنا ما روى عن ابن عباس أنه قال: «هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة» رواه سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس.
حدثنا عبد الوارث أخبرنا قاسم بن أصبغ أخبرنا محمد بن عبد السلام أخبرنا سلمة أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: 110] قال هم الذين هاجروا مع محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هكذا قال مع محمد وأكثر الرواة عن سماك يقولون ما ذكرت لك إنهم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة والمعنى واحد لأنهم هاجروا بأمره وإن لم يكونوا هاجروا معه في سفر واحد وإنما أشار إليهم ابن عباس بالذكر لأنهم الذين قاتلوا من خالفهم على الدين حتى دخلوا فيه وكذلك قال أبو هريرة ومجاهد والحسن وعكرمة خير الناس للناس الذين يقاتلون حتى يدخلوهم في الدين طوعًا أو كرهًا وإذا كان ذلك فمعلوم أن المهاجرين الأولين والأنصار في ذلك سواء وذكر محمد بن إسحاق السراج في تاريخه قال ثنا أبو كريب قال أخبرنا محمد بن عبيد وأبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي قال: المهاجرون الأولون الذين بايعوا معه بيعة الرضوان.
قال وأخبرنا سفيان بن وكيع قال أخبرنا أبي عن أبي هلال عن قتادة قال قلت لسعيد بن المسيب: لم سموا المهاجرين الأولين قال: من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم القبلتين جميعًا فهو من المهاجرين الأولين والأنصار.
قال أبو عمر رضي الله عنه قول الشعبي وسعيد بن المسيب يقضى بأن قولهم المهاجرين الأولين كمعنى قول الله تبارك وتعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار}. [التوبة: 100]. لأنهم صلوا القبلتين جميعًا وبايعوا بيعة الرضوان وفي ذلك أقوال لغيرهم سنذكرها بعد إن شاء الله تعالى.
حدثنا عبد الوارث ثنا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا موسى بن معاوية قال حدثنا وكيع عن سفيان عن ميسرة الأشجعي عن حازم عن أبي هريرة كنتم خير أمة بمعنى أنتم خير أمة أخرجت للناس قال خير الناس للناس يجيئون بهم في السلاسل يدخلونهم في الإسلام وروي عن مجاهد أنه قال أيضًا: كانوا خير الناس على الشرط الذي ذكره الله تعالى يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله فيها».
وقال بعض أهل العلم كنتم بمعنى أنتم والكاف صلة وقال آخرون كنتم في اللوح المحفوظ وهو الذكر وأم الكتاب واستدلوا بقوله تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة}. إلى قوله {واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}. [الأعراف: 156].
وروى ابن القاسم عن مالك أنه سمعه يقول: لما دخل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم بالشام نظر إليهم رجل من أهل الكتاب فقال ما كان أصحاب عيسى بن مريم الذين قطعوا بالمناشير وصلبوا على الخشب بأشد اجتهادًا من هؤلاء وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم».
وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير بن حرب قال: حدثنا أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا منصور وسليمان الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني».
وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال أخبرنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي قال حدثنا أزهر بن سعد عن ابن عون عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم». قال: لا أدري أذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قرنه قرنين أو ثلاثة. وروى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب وعمر ابن الحصين والنعمان بن بشير وبريدة الأسلمي وجعدة بن هبيرة وأبو هريرة رضي الله عنهم.
أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير أخبرنا موسى بن إسمعيل قال أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي محمد عن زرارة بن أوفى قال القرن مائة وعشرون سنة.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن خليفة قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين البغدادي بمكة قال أخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد. قال: أخبرنا محمد بن يزيد الرفاعي أبو هاشم ويعقوب بن إبراهيم الدورقي والحسن بن عرفة قالوا: أخبرنا أبو بكر بن عياش قال: أخبرنا عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال: (إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه وبعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه). وروى السدي عن أبي مالك عن ابن عباس في قول الله عز وجل: {قل الحمد الله وسلام على عباده الذين اصطفى}. [النمل: 59]. قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقاله السدي والحسن البصري وابن عيينة والثوري.
وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا أبو هلال الراسبي عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب يا أبا محمد ما فرق بين المهاجرين الأولين يعني غيرهم قال فرق بينهما القبلتان فمن صلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين.
وذكر مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا ثم حول إلى القبلة قبل بدر بشهرين وقال محمد بن الحنفية السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار من صلى القبلتين وقاله سعيد بن المسيب وابن سيرين وذكر سنيد قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا أشعث قال سمعت محمد بن سيرين يقول في قوله تعالى: {والسابقون الأولون}. قال: هم الذين صلوا القبلتين قال سنيد وأخبرنا وكيع عن أبي هلال عن قتادة عن سعيد بن المسيب مثله. قال: وأخبرنا هشيم قال: حدثنا داود بن أبي هند عن الشعبي قال فضل ما بين المهاجرين الأولين وسائر المهاجرين بيعة الرضوان يوم الحديبية.
قال وأخبرنا هشيم قال حدثنا منصور عن الحسين قال فرق ما بينهم فتح مكة قال وأخبرنا شيخ عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي وعطاء بن يسار في قوله: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار}. [التوبة: 100]. قال أهل بدر.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد حدثنا الحسن بن إسماعيل أخبرنا عبد الملك بن أبجر حدثنا محمد بن إسمعيل حدثنا سنيد قال حدثنا أبو سفيان عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحوارين}. [الصف:14]. الآية قال قد كان ذلك بحمد الله جاءه سبعون رجلًا فبايعوه تحت العقبة فنصروه وآووه حتى أظهر الله دينه. قال: ولم يسم حي من الناس باسم لم يكن لهم إلا هم قال سنيد وأخبرنا أبو سفيان عن معمر عن أيوب عن عكرمة وحجاج عن ابن جريج عن عكرمة قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم نفرًا من الأنصار ستة فآمنوا به وصدقوه فأراد أن يذهب معهم فقالوا إن بيننا حربًا وإنا نخاف إن جئتنا على هذه الحال ألا يتهيأ الذي تريد فواعدوه العام المقبل وقالوا نذهب لعل الله يصلح تلك الحرب ففعلوا فأصلح الله عز وجل ذلك تلك الحرب وذلك يوم بعاث وكانوا يرون أنها لا تصلح فلقوه العام المقبل سبعون رجلًا قد كانوا آمنوا به فأخذ منهم النقباء اثني عشر رجلًا.
وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا عفان بن مسلم وموسى بن إسمعيل قالا: حدثنا مهدي ابن ميمون قال سمعت غيلان بن جرير قال: قلت لأنس بن مالك يا أبا حمزة: أرأيت اسم الأنصار اسم سماكم الله به أم أنتم كنتم تسمون به من قبل؟ قال: بل اسم سمانا به الله. قال أبو عمر رضي الله عنه: إنما وضع الله عز وجل أصحاب رسوله الموضع الذي وضعهم فيه بثنائه عليهم من العدالة والدين والإمامة لتقوم الحجة على جميع أهل الملة بما أدوه عن نبيهم من فريضة وسنة فصلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين فنعم العون كانوا له على الدين في تبليغهم عنه إلى من بعدهم من المسلمين.
وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا عبد الله بن مسرور قال حدثنا أحمد بن مغيث قال حدثنا الحسين بن الحسن قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال حدثنا إسماعيل المكي عن الحسن بن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام لا يصلح الطعام إلا بالملح». قال الحسن فقد ذهب ملحنا فكيف نصلح.
وأخبرنا أحمد بن قاسم قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال أخبرنا محمد ابن إسماعيل الترمذي قال حدثنا نعيم بن حماد قال أخبرنا ابن المبارك فذكره بإسناده سماء وروى ابن وهب عن مالك قال عدة النقباء اثنا عشر رجلًا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوه أصحابه وحلاهم بحلاهم ليقتدي به فيهم بمثل ذلك.
وفيما رواه شيخنا عيسى بن سعيد بن سعدان المقري قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا محمد بن عبيد بن ثعلبة العامري بالكوفة قال حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى بن يحيى الحماني قال حدثنا أبو سعيد الأعور يعني البقال وكان مولى لحذيفة قال أخبرنا شيخ من الصحابة يقال له أبو محجن أبو محجن بن فلان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أرأف أمتي أبو بكر وأقواها في أمر دين الله عمر وأصدقها حياء عثمان وأقضاها علي وأقرؤها أبي وأفرضها زيد وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح».
وروى عفان بن مسلم قال أخبرنا شعبة بن وهيب واللفظ لحديث وهيب قال حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر» فذكر مثله إلا أنه لم يذكر: «وأقضاهم علي».
وروى حماد بن زيد عن عاصم عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرحم الناس بالناس». أو قال: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر الصديق». فذكر مثله سواء إلى آخره.
وروى يزيد بن هارون قال حدثنا مسلم بن عبيد عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علي أقضى أمتي وأبي أقرؤهم وأبو عبيدة أمينهم». ذكره الحلواني عن يزيد بن هارون وروى عمر رضي الله عنه من وجوه: «علي أقضانا وأبي أقرؤنا».
وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد ابن زهير قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال حدثنا سلام عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرحم أمتي بها أبو بكر وأقواهم في دين الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم علي بن أبي طالب وأفرضهم زيد وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح وأبو هريرة وعاء للعلم». أو قال: «وعاء العلم وعند سلمان علم لا يدرك وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر». قال أبو عمر رضي الله تعالى عنه: فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه بفضائل خص كل واحد منهم بفضيلة وسمه بها وذكره فيها ولم يأت عنه عليه السلام أنه فضل منهم واحدًا على صاحبه بعينه من وجه يصح ولكنه ذكر من فضائلهم ما يستدل به على مواضعهم ومنازلهم من الفضل والدين والعلم وكان صلى الله عليه وسلم أحلم وأكرم معاشرة وأعلم بمحاسن الأخلاق من أن يواجه فاضلًا منهم بأن غيره أفضل منه فيجد من ذلك في نفسه بل فضل السابقين منهم أهل الاختصاص به على من لم ينل منازلهم فقال لهم: «لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصفيه». وهذا معنى قوله تعالى: {لا يستوي منكم أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى}. [الحديد: 10]. ومحال أن يستوي من قاتله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع من قاتل عنه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض من لم يشهد بدرًا وقد رآه يمشي بين يدي أبي بكر: «تمشي بين يدي من هو خير منك؟». وهذا لأنه قد كان أعلمنا ذلك في الجملة لمن شهد بدرًا والحديبية ولكل طبقة منهم منزلة معروفة وحال موصوفة وسنذكر في باب كل واحد منهم ما بلغنا من ذلك إن شاء الله تعالى.
وبعد فإن العلم محيط بأن السنن أحكام جارية على المرء في دينه في خاصة نفسه وفي أهله وماله ومعلوم أن من حكم بقوله وقضى بشهادته فلا بد من معرفة اسمه ونسبه وعدالته والمعرفة بحاله ونحن وإن كان الصحابة رضي الله عنهم قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول فواجب الوقوف على أسمائهم والبحث عن سيرهم وأحوالهم ليهتدي بهديهم فهم خير من سلك سبيله واقتدى به وأقل ما في ذلك معرفة (المرسل) من (المسند) وهو علم جسيم لا يعذر أحد ينسب إلى علم الحديث بجهله ولا خلاف علمته بين العلماء أن الوقوف على معرفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوكد علم الخاصة وأرفع علم أهل الخبر وبه ساد أهل السير وما أظن أهل الدين من الأديان إلا وعلماؤهم معنيون بمعرفة أصحاب أنبيائهم لأنهم الواسطة بين النبي وبين أمته.
وقد جمع قوم من العلماء في ذلك كتابا صنفوها ونظرت إلى كثير مما صنفوه في ذلك وتأملت ما ألفوه فرأيتهم رحمة الله عليهم قد طولوا في بعض ذلك وأكثروا من تكرار الرفع في الأنساب ومخارج الروايات وهذا وإن كان له وجه فهو تطويل على من أحب علم يعتمد عليه من أسمائهم ومعرفتهم وهم مع ذلك قد أضربوا عن التنبيه على عيون أخبارهم التي يوقف بها على مراتبهم ورأيت كل واحد منهم قد وصل إليه ومن ذلك شيء ليس عند صاحبه فرأيت أن أجمع ذلك وأختصره وأقربه على من أراده وأعتمد في ذلك على النكت التي هي البغية من المعرفة بهم وأشير إلى ذلك بألطف ما يمكن وأذكر عيون فضائل ذي الفضل ومنهم وسابقته ومنزلته وأبين مراتبهم بأوجز ما تيسر وأبلغه ليستغني اللبيب بذلك ويكفيه عن قراءة التصنيف الطويل فيه وجعلته على حروف المعجم ليسهل على من ابتغاه ويقرب تناوله على طالب ما أحب منه رجاء ثواب الله عز وجل وإلى الله أرغب وسلامة النية وحسن العون على ما يرضاه فإن ذلك به لا شريك له وأرجو أن يكون كتابي هذا أكبر كتبهم تسمية وأعظمها فائدة وأقلها مئونة على أني لا أدعي الإحاطة بل أعترف بالتقصير الذي هو الأغلب على الناس وبالله أستعين وهو حسبي ونعم الوكيل.
واعتمدت في هذا الكتاب على الأقوال المشهورة عند أهل العلم بالسير وأهل العلم بالأثر والأنساب على التواريخ المعروفة التي عليها عول العلماء في معرفة أيام الإسلام وسير أهله فما كان في كتابي هذا عن موسى بن عقبة فمن طريقين: أحدهما ما حدثني به عبد الوارث بن سفيان عن قاسم بن أصبغ عن مطرف بن عبد الرحمن عن يعقوب بن حميد بن كاسب عن محمد بن فليح عن موسى بن عقبة وحدثني به خلف بن قاسم عن أبي الحسن علي بن العباس بن محمد بن عبد الغفار يعرف بابن الوان المصري عن جعفر بن سليمان النوفلي عن إبراهيم بن المنذر الحزامي عن محمد بن فليح عن موسى ابن عقبة وحدثني أيضًا عبد الوارث عن قاسم عن ابن أبي خثيمة في كتابه عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن موسى بن عقبة.
وما كان فيه عن ابن إسحاق فقرأته على عبد الوارث بن سفيان عن قاسم ابن أصبغ عن عبيد بن عبد الواحد البزار وعن ابن أبي خثيمة أيضًا من كتابه جميعًا عن أحمد بن محمد بن أيوب عن إبراهيم بن سعد عن ابن إسحق وقرأته على عبد الوارث أيضًا عن قاسم بن أصبغ عن محمد بن عبد السلام الخشني عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي عن عبد لملك بن هاشم النحوي عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق وقرأته أيضًا على عبد الله بن محمد بن يوسف عن محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج عن ابن الأعرابي عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق وأخبرني به خلف بن قاسم قال أخبرنا أبو محمد بن الورد وهو عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد عن أبي سعيد عبد الرحيم بن عبد الله بن عبد الرحيم عن عبد الملك بن هشام عن زياد بن عبد الله البكائي عن ابن إسحاق.
وما كان فيه عن الواقدي فأما كتاب الطبقات له فقرأته على أحمد بن قاسم التاهرتي عن محمد بن معاوية القرشي عن إبراهيم بن موسى بن جميل عن محمد بن سعد كاتب الواقدي عن الواقدي.
وأما تاريخ الواقدي فأخبرني به خلف بن قاسم عن أبي الحسن علي بن العباس بن الوان عن جعفر بن سليمان النوفلي عن إبراهيم بن المنذر الخزامي عن الواقدي.
وما كان عن خليفة بن خياط فأخبرني به أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد علي عن أبيه عبد الله بن يونس عن بقي بن مخلد عنه وقرأته أيضًا على أبي القاسم خلف بن سعيد الشيخ الصالح عن أبي محمد عبد الله بن محمد ابن علي عن عبد الله بن يونس عن بقي عنه.
وما كان فيه عن الزبير بن أبي بكر فأخبرني به عبد الله بن محمد بن يوسف عن أحمد بن محمد بن إسمعيل عن محمد بن الحسن الأنصاري عن الزبير.
وما كان فيه عن مصعب بن عبد الله وعن المدائني فمن كتاب ابن أبي خثيمة عنهما وكذلك ما كان فيه عن أبي معشر فمن كتاب ابن أبي خثيمة أيضًا قرأت جميعه على أبي القاسم عبد الوارث بن سفيان بن جبرون عن أبي محمد قاسم بن أصبغ بن يوسف البياني عن ابن أبي خثيمة أبي بكر أحمد بن زهير ابن حرب وكل ما كان في كتابي عن ابن أبي خثيمة فبهذا الإسناد عنه.
وما كان فيه عن البخاري فمن كتابه الكبير في تاريخ المحدثين قرأته على أبي القاسم خلف بن قاسم بن سهل الحافظ عن أبي الحسن الطوسي عن أبي أحمد محمد بن سليمان بن فارس عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري.
وما كان فيه من تاريخ أبي العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج فأخبرنا بأربعة أجزاء منه أبو القاسم خلف بن القاسم قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي عنه وسائره إجازة. وما كان فيه لأبي جعفر الطبري فمن كتابه المسمى (ذيل الذيل) قرأته على أبي عمر أحمد بن محمد ابن أحمد عن أبي بكر بن الفضل بن العباس الخفاف الدينوري عن الطبري.
وما كان فيه عن الدولاني فمن كتابه (المولد والوفاة) حدثني به أبو القاسم خلف بن القاسم عن الحسن بن رشيق عن أبي بشر محمد بن أحمد ابن حماد الدولابي.
وأما ما فيه من تسمية الرواة من الصحابة رضي الله عنهم دون من قتل في المشاهد منهم أو مات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أدركه بمولده أو كانت له لقية أو روية أو كان مسلمًا على عهده ولم يره فإن هذه الطبقات كثير منها مذكور في الكتب التي قدمنا ذكرها وما عداهم من الرواة خاصة فمن كتاب أبي علي بن عثمان بن السكن الحافظ المعروف بكتاب (الحروف في الصحابة) حثني به أبو القاسم خلف بن القاسم قرأه علي من كتابه من أوله إلى آخره حدثني به عن مؤلفه سماعًا منه.
ومن (كتاب الآحاد) لأبي محمد عبد الله بن محمد الجارود في الصحابة حدثني به أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي عن أبيه عن الحسن بن عبد الله عن ابن الجارود ومن كتاب أبي جعفر العقيلي محمد بن عمرو بن موسى المكي في الصحابة أجازه لي عبد الله بن محمد بن يوسف أبو الوليد عن أبي يعقوب يوسف بن أحمد الصيدلاني المكي عن العقيلي ومن كتاب ابن أبي خثيمة أيضًا.
وقد طالعت أيضًا كتاب ابن أبي حاتم الرازي وكتاب الأزرق والدولابي والبغوي في الصحابة وفي كتابي هذا من غير هذه الكتب من منثور الروايات والفوائد والمعلقات عن الشيوخ مالا يخفى على متأمل ذي عناية والحمد الله.
ولم أقتصر في هذا الكتاب على ذكر من صحت صحبته ومجالسته حتى ذكرنا من لقي النبي صلى الله عليه وسلم ولو لقية واحدة مؤمنًا به أو رآه رؤية أو سمع منه لفظة فأداها عنه واتصل ذلك بنا على حسب روايتنا وكذلك ذكرنا من ولد على عهده من أبوين مسلمين فدعا له أو نظر إليه وبارك عليه ونحو هذا ومن كان مؤمنًا به وقد أدى الصدقة إليه ولم يرد عليه وبهذا كله يستكمل القرن الذي أشار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قاله عبد الله عن أبي أوفى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا أنساب القبائل من الرواة من قريش والأنصار وسائر العرب في (كتاب الإنباه على القبائل الرواة) وجعلناه مدخل هذا الكتاب ليغنينا عن الرفع في الأنساب ويعيننا على ما شرطناه من الاختصار والتقريب وبالله العون لا شريك له.
ونبدأ بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقتصر من حبره وسيرته على النكت التي يجب الوقوف عليها ولا يليق بذي علم جهلها وتحسن المذاكرة بها لتتم الفائدة للعالم الراغب والمتعلم الطالب في التعرف بالمصحوب والمصاحب مختصرًا ذلك أيضًا موعبًا مغنيًا عما سواه كافيًا ثم نتبعه ذكر الصحابة بابًا بابًا على حروف المعجم على ما شرطنا من التقصي والاستيعاب مع الاختصار وترك التطويل والإكثار وبالله عز وجل أتوصل إلى ذلك كله وهو حسبي عليه توكلت وإليه أنيب.