فصل: تفسير الآية رقم (24):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التسهيل لعلوم التنزيل



.تفسير الآية رقم (24):

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)}
{قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ} سؤال قصد به إقامة الحجة على المشركين {قُلِ الله} جواب عن السؤال بما لا يمكن المخالفة فيه، ولذلك جاء السؤال والجواب من جهة واحدة {وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} هذه ملاطفة وتنزل في المجادلة إلى غاية الإنصاف كقولك: الله يعلم أن أحدنا على حق وأن الآخر على باطل، ولا تُعين بالتصريح أحدهما، ولكن تنبه الخصم على النظر حتى يعلم من هو على الحق ومن هو على الباطل، والمقصود من الآية أن المؤمنين على هدى، وأن الكفار على ضلال مبين.

.تفسير الآية رقم (25):

{قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25)}
{قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا} إخبار يقتضي مسالمة نسخت بالسيف.

.تفسير الآية رقم (26):

{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)}
{يَفْتَحُ بَيْنَنَا} أي يحكم، والفتاح الحاكم.

.تفسير الآية رقم (27):

{قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}
{قُلْ أَرُونِيَ الذين أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ} إقامة حجة على المشركين، والرؤية هنا رؤية قلب فشركاء مفعول ثالث، والمعنى أروني بالدليل والحجة من هم له شركاء عندكم، وكيف وجه الشركة، وقيل: هي رؤية بصر، وشركاء حال من المفعول في {أَلْحَقْتُمْ} كأنه قال: أين الذين تعبدون من دونه وفي قوله: {أَرُونِيَ} تحقير للشركاء وازدراء بهم، وتعجيز للمشركين، وفي قوله: {كَلاَّ} ردع لهم عن الإشراك، وفي وصف الله بالعزيز الحكيم: ردّ عليهم بأن شركاءهم ليسوا كذلك.

.تفسير الآية رقم (28):

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)}
{وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ} المعنى أن الله أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، وهذه إحدى الخصال التي أعطاه الله دون سائر الأنبياء، وإعراب {كَآفَّةً} حال من الناس قدمت للاهتمام، هكذا قال ابن عطية، وقال الزمخشري: ذلك خطأ لأن تقدم حال المجرور عليه لا يجوز، وتقديره عنده: وما أرسلناك إلا رسالة عامة للناس، فكافة صفة للمصدر المحذوف، وقال الزجَّاج: المعنى أرسلناك جامعاً للناس في الإنذار، والتبشير، فجعله حالاً من الكاف، والتاء على هذا للمبالغة كالتاء في راوية وعلاّمة.

.تفسير الآيات (29- 30):

{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30)}
{قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ} يعني يوم القيامة، أو نزول العذاب بهم في الدنيا، وهو الذي سألوا عنه على وجه الاستخفاف؛ فقالوا: {متى هذا الوعد}.

.تفسير الآيات (33- 34):

{وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)}
{بَلْ مَكْرُ اليل والنهار} المعنى أن المستضعفين قالوا للمستكبرين: بل مكركم بنا في الليل والنهار سبب كفرنا، وإعراب {مَكْرُ} مبتدأ وخبره محذوف، أو خبر ابتداء مضمر، وأضاف مكر إلى الليل والنهار على وجه الاتساع، ويحتمل أن يكون إضافة إلى المفعول أو إلى الفاعل على وجه المجاز: كقولهم: نهاره صيام وليله قيام أي يصام فيه ويقام، ودلت الإضافة على كثيرة المكر ودوامه بالليل والنهار، فإن قيل: لم أثبت الواو في قول {الذين استضعفوا} دون قول {لِلَّذِينَ استكبروا} فالجواب أنه قد تقدم كلام الذين استضفوا قبل ذلك فعطف عليه كلامهم الثاني، ولم يتقدم للذين استكبروا كلام آخر فيعطف عليه {وَأَسَرُّواْ الندامة} أي أخفوها في نفوسهم، وقيل: أظهروها فهو من الأضداد، والضمير لجميع المستضعفين والمستكبرين {مُتْرَفُوهَآ} يعني أهل الغنى والتنعيم في الدنيا، وهم الذين يبادرون إلى تكذيب الأنبياء، والقصد بالآية تسلية النبي صلى الله عليه وسلم على تكذيب أكابر قريش له.

.تفسير الآية رقم (35):

{وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)}
{وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً} الضمير لقريش أو للمترفين المتقدمين: قاسوا أمر الدنيا على الآخرة، وظنوا أن الله كما أعطاهم الأموال والأولاد في الدنيا لا يعذبهم في الآخرة.

.تفسير الآية رقم (36):

{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36)}
{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ} إخبار يتضمن الردّ عليهم بأن بسط الرزق وقبضه في الدنيا معلق بمشيئة الله، فقد يوسع الله على الكافر وعلى العاصي، ويضيق على المؤمن والمطيع، وبالعكس، فليس في ذلك دليل على أمر الآخرة.

.تفسير الآية رقم (37):

{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)}
{زلفى} مصدر بمعنى القرب كأنه قال: تقربكم قربى {إِلاَّ مَنْ آمَنَ} استثناء من المفعول في تقربكم، والمعنى أن الأموال لا تقرب إلا المؤمن الصالح الذي ينفقها في سبيل الله، وقيل الاستثناء منقطع، والأول أحسن {جَزَآءُ الضعف} يعني تضعيف الحسنات إلى عشر أمثالها فما فوق ذلك.

.تفسير الآية رقم (39):

{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)}
{يَبْسُطُ الرزق} الآية: كررت لاختلاف القصد، فإن القصد بالأول على الكفار والقصد هنا ترغيب المؤمنين بالإنفاق {فَهُوَ يُخْلِفُهُ} الخلف قد يكون بمال أو بالثواب.

.تفسير الآية رقم (41):

{قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41)}
{أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ} براءة من أن يكون لهم رضا بعبادة المشركين لهم، وليس في ذلك نفي لعبادته لهم {بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن} عبادتهم للجن طاعتهم لهم في الكفر والعصيان، وقيل: كانوا يدخلون في جوف الأصنام فيعبدون بعبادتها، ويحتمل أن يكون قوم عبدوا الجن لقوله: {وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ الجن} [الأنعام: 100].

.تفسير الآية رقم (44):

{وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)}
{وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا} الآية: في معناها وجهين: أحدهما ليس عندهم كتب تدل على صحة أقوالهم، ولا جاءهم نذير يشهد بما قالوه؛ فأقوالهم باطلة إذ لا حجة لهم عليها، فالقصد على هذا ردّ عليهم، والآخر: أنهم ليس عندهم كتب ولا جاءهم نذير فيهم محتاجون إلى من يعلمهم وينذرهم ولذلك بعث الله إليهم محمداً صلى الله عليه وسلم، فالقصد على هذا إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

.تفسير الآية رقم (45):

{وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)}
{وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ آتَيْنَاهُمْ} المعشار العشر، وقيل عشر العشر، والأول أصح، والضمير في بلغوا لكفار قريش، وفي آتيناهم للكتب المتقدمة: أي إن هؤلاء لم يبلغوا عشر ما أعطى الله للمتقدمين من القوة والأموال، وقيل: الضمير في بلغوا للمتقدمين، وفي آتيناهم لقريش: أي ما بلغ المتقدمون عشر ما أعطى الله هؤلاء من البراهين والأدلة، والأول أصح وهو نظير قوله: كانوا أشد منهم قوة {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي إنكاري، يعني عقوبة الكفار المتقدمين، وفي ذلك تهديد لقريش.

.تفسير الآية رقم (46):

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46)}
{قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} أي بقضية واحدة تقريباً عليكم {أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ} هذا تفسير القضية الواحدة وأن تقوموا بدل أو عطف بيان أو خبر ابتداء مضمر، ومعناه أن تقوموا للنظر في أمر محمد صلى الله عليه وسلم قياماً خالصاً لله تعالى ليس فيه اتباع هوى ولا ميل، وليس المراد بالقيام هنا القيام على الرجلين؛ وإنما المراد القيام بالأمر والجدّ فيه {مثنى وفرادى} حال من الضمير في تقوموا، والمعنى أن تقوموا اثنين اثنين للمناظرة في الأمر وطلب التحقيق وتقوموا واحداً واحداً لإحضار الذهن واستجماع الفكرة، ثم تتفكروا في أمر محمد صلى الله عليه وسلم فتعلموا أن ما به من جنة، لأنه جاء بالحق الواضح، ومع ذلك فإن أقواله وأفعاله تدل على رجاحة عقله ومتانة علمه، وأنه بلغ في الحكمة مبلغاً عظيماً، فيدل ذلك على أنه ليس بمجنون ولا مفتر على الله {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ} متصل بما قبله على الأصح: أي تتفكروا فتعلموا ما بصاحبكم من جنة، وقيل هو استئناف.

.تفسير الآية رقم (47):

{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)}
{قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} هذا كما يقول الرجل لصاحبه: إن أعطيتني شيئاً فخذه، وهو يعلم أنه لم يعطه شيئاً، ولكنه يريد البراءة من عطائه، وكذلك معنى هذا، فهو كقولك: قل ما أسألكم عليه من أجر.

.تفسير الآية رقم (48):

{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48)}
{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بالحق} القذف الرمي ويستعار للإلقاء، فالمعنى يلقي الحق إلى أصفيائه، أو يرمي الباطل بالحق فيذهبه {عَلاَّمُ الغيوب} خبر ابتداء مضمر أو بدل من الضمير في {يَقْذِفُ} أو من اسم إن على الموضع.

.تفسير الآيات (49- 50):

{قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50)}
{قُلْ جَآءَ الحق} يعني الإسلام {وَمَا يُبْدِىءُ الباطل وَمَا يُعِيدُ} الباطل الكفر، ونفى الإبداء والإعادة، على أنه لا يفعل شيئاً ولا يكون له ظهور أو عبارة عن ذهابه كقوله: {جَآءَ الحق وَزَهَقَ الباطل} [الإسراء: 81] وقيل: الباطل الشيطان {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} يعني قربه تعالى بعلمه وإحاطته.

.تفسير الآية رقم (51):

{وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51)}
{وَلَوْ ترى إِذْ فَزِعُواْ} جواب لو محذوف تقديره: لرأيت أمراً عظيماً، أو معنى {فَزِعُواْ}: أسرعوا إلى الهروب، والفعل ماضي بمعنى الاستقبال، وكذلك ما بعده من الأفعال، ووقت الفزع البعث، وقيل: الموت، وقيل: يوم بدر {فَلاَ فَوْتَ} أي يفوتون الله إذ هربوا {وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} يعني من الموقف إلى النار إذا بعثوا، أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا، أو من أرض بدر إلى القليب، والمراد على كل قول سرعة أخذهم.

.تفسير الآية رقم (52):

{وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)}
{وقالوا آمَنَّا بِهِ} أي قالوا ذلك عند أخذهم، والضمير المجرور لله تعالى أو للنبي صلى الله عليه وسلم، أو القرآن أو للإسلام {وأنى لَهُمُ التناوش مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} التناوش بالواو التناول، إلا أن التناوش تناول قريب سهل لشيء قريب، وقرئ بهمز الواو فيحتمل أن يكون المعنى واحداً، ويكون المهموز بمعنى الطلب، ومعنى الأية استبعاد وصولهم إلى مرادهم، والمكان البعيد: عبارة عن تعذر مقصودهم فإنهم يطلبون ما لا يكون، أو يريدون أن يتناولوا ما لا ينالون وهو رجوعهم إلى الدنيا أو انتفاعهم بالإيمان حينئذ.

.تفسير الآية رقم (53):

{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53)}
{وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ} الضمير يعود على ما عاد عليه قولهم {آمَنَّا بِهِ} {وَيَقْذِفُونَ بالغيب مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} يقذفون فعل ماض في المعنى معطوف على كفروا، ومعناه أنهم يرمون بظنونهم في الأمور المغيبة فيقولون: لا بعث ولا جنة ولا نار. ويقولون في الرسول عليه الصلاة والسلام: إنه ساحر أو شاعر. والمكان البعيد هنا عبارة عن بطلان ظنونهم وبعد أقوالهم عن الحق.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54)}
{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} أي حيل بينهم وبين دخول الجنة، وقيل: حيل بينهم وبين الانتفاع بالإيمان، حينئذ، وقيل حيل بينهم وبين نعيم الدنيا والرجوع إليها {كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ} يعني الكفار المتقدمين وجعلهم أشياعهم لاتفاقهم في مذاهبهم، و{مِّن قَبْلُ} يحتمل أن يتعلق بفعل، أو {بِأَشْيَاعِهِم} على حسب معنى ما قبله {فِي شَكٍّ مَّرِيبٍ} هو أقوى الشك واشده إضلاماً.

.سورة فاطر:

.تفسير الآية رقم (1):

{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)}
{جَاعِلِ الملائكة رُسُلاً} أي وسائط بين الله وبين الأنبياء متصرفين في أمر الله {مثنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} صفات للأجنحة ولم ينصرف للعدل والوصف، والمعنى أن الملائكة منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحة، ومنهم من له أربعة أجنحة {يَزِيدُ فِي الخلق مَا يَشَآءُ} قيل: يعني حسن الصوت، وقيل: حسن الوجه، وقيل: حسن الحظ، والأظهر أنه يرجع إلى أجنحة الملائكة، أو يكون على الاطلاق في كل زيادة في المخلوقين.

.تفسير الآية رقم (2):

{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)}
{مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا} الفتح عبارة عن العطاء والإمساك عبارة عن المنع، والإرسال الإطلاق بعد المنع والرحمة كمل ما يمنّ الله به على عباده من خيريّ الدنيا والآخرة فمعنى الآية: لا مانع لما أعطى الله ولا مُعطي لما منع الله، فإن قيل: لم أنث الضمير في قوله: {فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا} وذكَّره في قوله: {فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ} وكلاهما يعود على ما الشرطية، فالجواب: أنه لما فسر {مِن} الأولى بقوله: {مِن رَّحْمَةٍ} أنثه لتأنيث الرحمة، وترك الآخرة على الأصل من التذكير {مِن بَعْدِهِ} أي من بعد إمساكه.