فصل: تفسير الآية رقم (23):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التسهيل لعلوم التنزيل



.تفسير الآية رقم (23):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23)}
{وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} حجة ظاهرة وهي المعجزات.

.تفسير الآية رقم (25):

{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25)}
{قَالُواْ اقتلوا أَبْنَآءَ الذين آمَنُواْ مَعَهُ} هذا القتل غير القتل الذي كانوا يقتلون أولاً قبل ميلاد موسى.

.تفسير الآية رقم (26):

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26)}
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذروني أَقْتُلْ موسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} المعنى: أنه لا يبالي بدعاء موسى لربه، ولا يخاف من ذلك إن قتله، ويظهر من قوله: {ذروني} أنه كان في الناس من ينازعه في قتل موسى، وذلك يدل على أن فرعون كان قد اضطرب أمره بظهور معجزات موسى {أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأرض الفساد} يعني فساد أحوالهم في الدنيا، أو أن يظهر وقرئ بالواو فقط ويظهر بفتح الياء، ورفع الفساد على الفاعلية وبضم الياء ونصب الفساد على المفعولية.

.تفسير الآية رقم (27):

{وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27)}
{وَقَالَ موسى إِنِّي عُذْتُ} الآية لما سمع موسى ما همّ به فرعون من قتله، استعاذ بالله فعصمه الله منه، وقال: {مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ} ليشمل فرعون وغيره، وليكون فيه وصف لغير فرعون بذلك الوصف القبيح.

.تفسير الآيات (28- 29):

{وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)}
{وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ} قيل: أسم هذا الرجل حبيب وقيل: حزقيل، وقيل: شمعون بالشين المعجمة، وروي أن هذا الرجل المؤمن كان ابن عم فرعون، فقوله: من آل فرعون صفة للمؤمن، وقيل: كان من بني إسرائيل، فقوله: {مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ} على هذا يتعلق بقوله: {يَكْتُمُ إِيمَانَهُ}، والأول أرجح؛ لأنه لا يحتاج فيه إلى تقديم وتأخير، ولقوله: {فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ الله} لأن هذا كلام قريب شفيق، ولأن بني إسرائيل حينئذ كانوا أذلاء، بحيث لا يتكلم أحد منهم بمثل هذا الكلام، و{أَن يَقُولَ} في موضع المفعول من أجله تقديره: أتقتلونه من أجل أن يقول ربي الله {وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} أي إن كان موسى كاذباً في دعوى الرسالة فلا يضركم كذبه، فلأي شيء تقتلونه، فإن قيل: كيف قال: وإن يك كاذباً بعد أن كان قد آمن به؟ فالجواب أنه لم يقل ذلك على وجه التكذيب له، وإنما قاله على وجه الفرض والتقدير، وقصد بذلك المحاجّة لقومه، فقسم أمر موسى إلى قسمين، ليقيم عليهم الحجة في ترك قتله على كل وجه من القسمين {وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الذي يَعِدُكُمْ} قيل: إن بعض هنا بمعنى كل وذلك بعيد، وإنما قال بعض ولم يقل كل مع أن الذي يصيبهم هو كل ما يعدهم ليلاطفهم في الكلام، ويبعد عن التعصب لموسى، ويظهر النصيحة لفرعون وقومه، فيرتجى إجابتهم للحق.

.تفسير الآية رقم (30):

{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30)}
{وَقَالَ الذي آمَنَ} هو المؤمن المذكور أولاً، وقيل: هو موسى عليه السلام وهذا بعيد، وإنما توهموا ذلك لأنه صرح هنا بالإيمان، وكان كلام المؤمن أولاً غير صريح؛ بل كان فيه تورية وملاطفة لقومه، إذ كان يكتم إيمانه، والجواب: أنه كتم إيمانه أول الأمر، ثم صرح به بعد ذلك، وجاهرهم مجاهرة ظاهرة، لما وثق بالله حسبما حكى الله من كلامه إلى قوله: {فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أمري إِلَى الله} [غافر: 44].

.تفسير الآيات (32- 33):

{وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)}
{يَوْمَ التناد} التنادي يعني: يوم القيامة وسمي بذلك لأن المنادي ينادي الناس، وذلك قوله: {يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ} [الإسراء: 71] وقيل: لأن بعضهم ينادي بعضاً، أن ينادي أهل الجنة {أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً} [الأعراف: 44] وينادي أهل النار: {أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ المآء} [الأعراف: 50] {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} أي منطلقين إلى النار، وقيل: هاربين من النار.

.تفسير الآية رقم (34):

{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)}
{وَلَقَدْ جَآءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بالبينات} قيل: هو يوسف بن يعقوب، وقيل: هو يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب، والبينات التي جاء بها يوسف لم تعيّن لنا، واختلف هل أدركه فرعون موسى أو فرعون آخر قبله لأن كل من ملك مصر يقال له فرعون {قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ الله مِن بَعْدِهِ رَسُولاً} كلام هذا لا يدل على أنهم مؤمنون برسالة يوسف، وإنما مرادهم: لم يأت أحد يدّعي الرسالة بعد يوسف، قاله ابن عطية، وقال الزمخشري: إنما هو تكذيب لرسالة من بعده مضموم إلى تكذيب رسالته.

.تفسير الآية رقم (35):

{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)}
{الذين يُجَادِلُونَ} بدل من مسرف مرتاب وإنما جاز إبدال الجمع من المفرد، لأنه من معنى الجمع، كأنه قال: كل مسرف {كَبُرَ مَقْتاً} فاعل كبر مصدر يجادلون، وقال الزمخشري: الفاعل ضمير من هو مسرف.

.تفسير الآيات (36- 37):

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)}
{الأسباب} هنا الطريق وقيل: الأبواب، وكررها للتفخيم وللبيان {فَأَطَّلِعَ} بالرفع عطف على أبلغ وبالنصف بإضمار أن في جواب لعل، لأن الترجّي غير واجب، فهو كالتمني في انتصاب جوابه، ولا نقول: إن لعل أشربت معنى ليت كما قال بعض النجاة {تَبَابٍ} أي خسران.

.تفسير الآية رقم (39):

{يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39)}
{مَتَاعٌ} أي يتمتع به قليلاً، فإن قيل: لم كرر المؤمن نداء قومه مراراً؟ فالجواب: أن ذلك لقصد التنبيه لهم، وإظهار الملاطفة والنصيحة، فإن قيل: لم جاء بالواو في قوله و{ياقوم} في الثالث دون الثاني؟ فالجواب: أن الثاني بيان للأول وتفسير، فلم يصح عطفه عليه بخلاف الثالث، فإنه كلام آخر فصح عطفه عليه.

.تفسير الآية رقم (42):

{تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42)}
{مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} أي ليس لي علم بربوبيته والمراد بنفي العلم نفي المعلوم كأنه قال: وأشرك به ما ليس بإله، وإذا لم يكن إلهاً لم يصح ربوبيته.

.تفسير الآية رقم (43):

{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43)}
{لاَ جَرَمَ} أي لابد ولا شك {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} قال ابن عطية ليس له قدر ولا حق، يجب أن يدعى إليه كأنه قال: أتدعونني إلى عبادة ما لا خطر له في الدنيا، ولا في الآخرة، ويحتمل اللفظ أن يكون معناه: ليس له دعوة قائمة، أي لا يدعى أحد إلى عبادته.

.تفسير الآية رقم (45):

{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45)}
{فَوقَاهُ الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ} دليل على أن من فوض أمره إلى الله عز وجل كان الله معه.

.تفسير الآية رقم (46):

{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)}
{النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} النار بدل من سوء العذاب، أو مبتدأ أو خبر مبتدأ مضمر، وعرضهم عليها من حين موتهم إلى يوم القيامة، وذلك مدّة البرزخ بدليل قوله: يوم القيامة {أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العذاب} واستدل أهل السنة بذلك على صحة ما ورد من عذاب القبر، وروي أن أرواحهم في أجواف طيور سود تروح بهم وتغدوا إلى النار {غُدُوّاً وَعَشِيّاً} قيل: معناه في كل غدوة وعشية من أيام الدنيا، وقيل: المعنى على تقدير: ما بين الغدوة والعشية، لأن الآخرة لا غدوة فيها ولا عشية.

.تفسير الآيات (49- 50):

{وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50)}
{لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} إن قيل: هلا قال الذين في النار لخزنتها فلم صرح باسمها؟ فالجواب أن في ذكر جهنم تهويلاً ليس في ذكر الضمير {وَمَا دُعَاءُ الكافرين إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ} يحتمل أن يكون من كلام خزنة جهنّم فيكون متّصلاً بقوله: {فادعوا} أن يكون من كلام الله تعالى استنئنافاً.

.تفسير الآية رقم (51):

{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)}
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا} قيل: إن هذا خاص فيمن أظهره الله على الكفار، وليس بعام؛ لأن من الأنبياء من قتله قومه كزكريا ويحيى، والصحيح أنه عام، والجواب عما ذكروه أن زكريا ويحيى لم يكونا من الرسل، إنما كانا من الأنبياء الذي ليسوا بمرسلين، وإنما ضمن الله نصر الرسل خاصة، لا نصر الأنبياء كلهم {وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد} يعني يوم القيامة، والأشهاد جمع شاهد أو شهيد، ويحتمل أن يكون بمعنى الحضور. أو الشهادة على الناس أو الشهادة في سبيل الله، والأظهر أنه بمعنى الشهادة على الناس لقوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [النساء: 41].

.تفسير الآية رقم (52):

{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)}
{يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُمْ} يحتمل أنهم لا يتعذرون أو يعتذرون، ولكن لا تنفعهم معذرتهم، والأول أرجح لقوله: {وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36] فنفى الاعتذار والانتفاع به.

.تفسير الآية رقم (55):

{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)}
{إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} يعني وعده لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالنصر والظهور على أعدائه الكفار {بالعشي والإبكار} قيل: العشي صلاة العصر والإبكار صلا الصبح، وقيل: العشي بعد العصر إلى الغروب والإبكار من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

.تفسير الآية رقم (56):

{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)}
{إِنَّ الذين يُجَادِلُونَ} يعني كفار قريش {إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ} أي تكبر وتعاظم، يمنعهم من أن يتبعوك أن ينقادوا إليك وقيل: كبرهم أنهم أرادوا النبوة لأنفسهم، ورأوا أنهم أحق بها، والأول أظهر لأن إرادتهم النبوة لأنفسهم حسد، والأول هو الكبر {مَّا هُم بِبَالِغِيهِ} أي لا يبلغون ما يقتضيه كبرهم من الظهور عليك، ومن نيل النبوة {فاستعذ بالله} أي استعذ من شرهم لأنهم أعداء لك، واستعذ من مثل حالهم في الكبر والحسد، واستعذ بالله من جميع أمورك على الاطلاق.

.تفسير الآيات (57- 59):

{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59)}
{لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} الخلق هنا مصدر مضاف إلى المفعول، والمراد به الاستدلال على البعث، لأن الإله الذي خلق السموات والأرض على كبرها، قادر على إعادة الأجسام بعد فنائها، وقيل: المراد توبيخ الكفار المتكبرين، كأنه قال: خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، فما بال هؤلاء يتكبرون على خالقهم، وهم من أصغر مخلوقاته وأحقرهم، والأول أرجح لوروده في مواضع من القرآن لأنه قال بعده: {إِنَّ الساعة لآتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا} فقدم الدليل، ثم ذكر المدلول.

.تفسير الآية رقم (60):

{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)}
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ} الدعاء هنا هو الطلب والرغبة، وهذا وعد مقيّد بالمشيئة، وهي موافقة القدر لمن أراد أن يستجيب له، وقيل: أدعوني هنا: اعبدوني بدليل قوله بعده: {إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} وقوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» ثم تلا الآية: {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} لكم على هذا القول بمعنى أغفر لكم أو أعطيكم أجوركم. والأول أظهر، ويكون قوله: {يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} بمعنى يستكبرون عن الرغبة إليّ كما قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يسأل الله يغضب عليه» وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» فمعناه أن الدعاء والرغبة إلى الله هي العبادة، لأن الدعاء يظهر فيه افتقار العبد وتضرعه إلى الله {دَاخِرِينَ} أي صاغرين.

.تفسير الآية رقم (61):

{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61)}
{لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} ذكر في [يونس: 67].

.تفسير الآيات (64- 65):

{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)}
{وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الطيبات} يعني المستلذات، لأنه جاء ذكر الطيبات في معرض الإنعام فيراد به المستلذات، وإذا جاء في معرض التحليل والتحريم فيراد به الحلال والحرام {الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} هذا متصل بما قبله، قال ذلك ابن عطية والزمخشري وتقديره: ادعوه مخلصين قائلين {الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} ولذلك قال ابن عباس: من قال لا إله إلا الله فليقل الحمد لله رب العالمين، ويحتمل أن يكون الحمد لله استئنافاً.