فصل: تفسير الآية رقم (32):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التسهيل لعلوم التنزيل



.تفسير الآية رقم (32):

{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32)}
{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بهاذآ} الأحلام العقول: أي كيف تأمرهم عقولهم بهذا، والإشارة إلى قولهم هو شاعر، أو إلى ما هم عليه من الكفر والتكذيب، وإسناد الأمر إلى الأحلام مجاز كقوله: {أصلاوتك تَأْمُرُكَ} [هود: 87] {أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} أم هنا بمعنى بل، ويحتمل أن تكون بمعنى بل وهمزة الاستفهام بمعنى الإنكار كما هي في هذه المواضع كلها.

.تفسير الآيات (33- 34):

{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34)}
{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ} أي اختلقه من تلقاء نفسه، وضمير الفاعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم المفعول للقرآن {فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ} ردّ عليهم وإقامة حجة عليهم، والأمر هنا للتعجيز.

.تفسير الآية رقم (35):

{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)}
{أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها أن معناه أم خلقوا من غير رب أنشأهم واستعبدهم، فهم من أجل ذلك لا يعبدون الله: الثاني أم خلقوا من غير أب ولا أم كالجمادات فهم لا يؤمرون ولا ينهون كحال الجمادات: الثالث أم خلقوا من غير أن يحاسبوا ولا يجازوا بأعمالهم فهو على هذا كقوله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً} [المؤمنون: 115] {أَمْ هُمُ الخالقون} معناه أهم الخالقون لأنفسهم بحيث لا يعبدون الخالق؟ أم هم الخالقون للمخلوقات بحيث يتكبرون؟

.تفسير الآيات (37- 38):

{أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)}
{أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ} المعنى أعندهم خزائن اله بحيث يستغنون عن عبادته؟ وقيل: أعندهم خزائن الله بحيث يعطون من شاؤوا ويمنعون من شاؤوا؟ ويخصون بالنبوّة من شاؤوا {أَمْ هُمُ المصيطرون} أي الأرباب الغالبون، وقيل: المسيطر المسلط القاهر {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} يعني أم لهم سلم يصعدون به إلى السماء، فيسمعون ما تقول الملائكة، بحث يعلمون صحة دعواهم. ثم عجّزهم بقوله: {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} أي بحجة واضحة على دعواهم.

.تفسير الآية رقم (40):

{أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40)}
{أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ} معناه أتسألهم على الإسلام أجرة، فيثقل عليهم غرمها يشق عليهم اتباعك.

.تفسير الآية رقم (41):

{أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41)}
{أَمْ عِندَهُمُ الغيب فَهُمْ يَكْتُبُونَ} المعنى أعندهم علم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه حتى يقولوا: لا نبعث وإن بعثنا لا نعذب؟ وقيل: المعنى فهم يكتبون للناس سنناً وشرائع من عبادة الأصنام وتسييب السوائب وشبه ذلك.

.تفسير الآية رقم (42):

{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42)}
{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً} إشارة إلى كيدهم في دار الندوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث تشاوروا في قتله أو إخراجه {فالذين كَفَرُواْ هُمُ المكيدون} أي المغلوبون في الكيد، والذين كفروا يعني من تقدم الكلام فيهم وهم كفار قريش، فوضع الظاهر موضع المضمر، ويحتمل أن يريد جميع الكفار.

.تفسير الآية رقم (43):

{أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43)}
{أَمْ لَهُمْ إله غَيْرُ الله} المعنى هل لهم إله غير الله يعصمهم من عذاب الله ويمنعهم منه؟ وحصر الله في هذه الآية جميع المعاني التي توجب التكبر والبعد من الدخول في الإسلام ونفاها عنهم؛ ليبين أن تكبرهم من غير موجب وكفرهم من غير حجة.

.تفسير الآية رقم (44):

{وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)}
{وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ السمآء سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ} كانوا قد طلبوا أن ينزل عليهم كسفاً من السماء، فالمعنى أنهم لو رأوا الكسف ساقطاً عليهم لبلغ بهم الطغيان والجهل والعناد أن يقولوا: ليس بكسف وإنماهو سحاب مركوم: أي كثيف بعضه فوق بعض.

.تفسير الآية رقم (45):

{فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)}
{فَذَرْهُمْ} منسوخ بالسيف {يَوْمَهُمُ الذي فِيهِ يُصْعَقُونَ} يعني يوم القيامة والصعقة فيه هي النفخة الأولى، وقيل: غير ذلك والصحيح ما ذكرنا لقوله في المعارج [44] عن يوم القيامة.

.تفسير الآية رقم (47):

{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)}
{ذَلِكَ ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}، {عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ} يعني قتلهم يوم بدر، وقيل الجوع بالقحط، وقيل: عذاب القبر.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)}
{واصبر لِحُكْمِ رَبِّكَ} أي اصبر على تكذيبهم لك وإمهالنا فإنا نراك {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه قول سبحان الله، ومعنى {حِينَ تَقُومُ} من كل مجلس، وقيل: أراد حين تقوم وتقعد، وفي كل حال وجعل القيام مثالاً: الثاني أنه الصلوات النوافل؛ والثالث أنه الصلوات الفرائض، فحين تقوم الظهر والعصر: أي حين تقوم من نوم القائلة، ومن الليل المغرب والعشاء، وإدبار النجوم: الصبح ومن قال: هي النوافل، جعل إدبار النجوم ركعتين الفجر.

.سورة النجم:

.تفسير الآيات (1- 4):

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)}
{والنجم إِذَا هوى} فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنها الثريا لأنها غلب عليها التسمية بالنجم، ومعنى هوى غرب وانتثر يوم القيامة، الثاني أنه جنس النجوم، ومعنى هوى كما ذكرنا، أو انقضت تَرْجُم الشياطين. الثالث أنه من نجوم القرآن، وهو الجملة التي تنزل، وهوى على هذا معناه نزل {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غوى} هذا جواب القسم، والخطاب لقريش، وصاحبكم هو النبي صلى الله عليه وسلم، فنفى عنه الضلال والغيّ، والفرق بينهما: أن الضلال بغير قصد، والغيّ بقصد وتكسب {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى} أي ليس يتكلم بهواه وشهوته، إنما يتكلم بما يوحي الله إليه {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى} يعني القرآن.

.تفسير الآيات (5- 8):

{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8)}
{عَلَّمَهُ شَدِيدُ القوى} ضمير المفعول للقرآن أو للنبي صلى الله عليه وسلم، والشديد القوي: جبريل، وقيل: الله تعالى، والأول أرجح لقوله: {ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي العرش} [التكوير: 20] والقُوى جمع: قوة {ذُو مِرَّةٍ} أي ذو قوّة، وقيل: ذو هيئة حسنة، والأول هو الصحيح في اللغة {فاستوى} أي استوى جبريل في الجو؛ إذ رآه النبي صلى الله عليه وسلم وهو بحراء، وقيل: معنى استوى: ظهر في صورته على ستمائة جناح، قد سدّ الأفق بخلاف ما كان يتمثل به من الصور إذا نزل بالوحي، وكان غالباً ما ينزل في صورة الصحابي دحية الكلبي {وَهُوَ بالأفق الأعلى} الضمير لجبريل وقيل: لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والأول أصح {ثُمَّ دَنَا فتدلى} الضميران لجبريل أي دنا من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فتدلّى في الهواء، وهو عند بعضهم من المقلوب تقديره: فتدلى فدنا.

.تفسير الآية رقم (9):

{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)}
{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدنى} القابُ: مقدار المسافة، أي كان جبريل من سيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام في القرب بمقدار قوسين عربيتين، ومعناه من طرف العود إلى الطرف الآخر، وقيل: من الوتر إلى العود، وقيل: ليس القوس التي يرمى بها، وإنما هي ذراع تقاس بها المقادير ذكر الثعلبي. وقال: إنه من لغة أهل الحجاز، وتقدير الكلام: فكان مقدار مسافة جبريل من سيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام مثل قاب قوسين. ثم حذفت هذه المضافات، ومعنى {أَوْ أدنى} أو أقرب و{أَوْ} هنا مثل قوله: {أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] وأشبه التأويلات فيها أنه إذا نظر إليه البشر احتمل عنده أن يكون قاب قوسين أو يكون أدنى، وهذا الذي ذكرنا أن هذه الضمائر المتقدمة لجبريل هو الصحيح، وقد ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، وقيل: إنها لله تعالى، وهذا القول يردّ عليه الحديث والعقل، إذ يجب تنزيه الله تعالى عن تلك الأوصاف من الدنو والتدلي وغير ذلك.

.تفسير الآية رقم (10):

{فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)}
{فأوحى إلى عَبْدِهِ مَآ أوحى} في هذه الضمائر ثلاثة أقوال: الأول أن المعنى أوحى الله إلى عبده محمد صلى الله عليه وسلم. الثاني أوحى الله إلى عبده جبريل ما أوحى، وعاد الضمير على الله في القولين، لأن سياق الكلام يقتضي ذلك وإن لم يتقدم ذكره، فهو كقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر} [القدر: 1]. الثالث أوحى جبريل إلى عبد الله محمد ما أوحى، وفي قوله: {مَآ أوحى} إبهام مراد يقتضي التفخيم والتعظيم.

.تفسير الآيات (11- 15):

{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)}
{مَا كَذَبَ الفؤاد مَا رأى} أي ما كذب فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم ما رآه بعينه، بل صدق بقلبه أن الذي رآه بعينه حق، والذي رأى هو جبريل، يعني حين رآه بمقدار ملأ الأفق، وقيل: رأى ملكوت السموات والأرض، والأول أرجح لقوله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى} وقيل: الذي رآه هو الله تعالى، وقد أنكرت ذلك عائشة، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ فقال: نور أنَّى أراه؟ {أَفَتُمَارُونَهُ على مَا يرى} هذا خطاب لقريش، والمعنى أتجادلونه على ما يرى، وكانت قريش قد كذبت لما قال إنه رأى ما رأى {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى} أي لقد رأى محمد جبريل عليهما الصلاة والسلام مرة أخرى وهو ليلة الإسراء، وقيل: ضمير المفعول لله تعالى، وأنكرت ذلك عائشة، وقالت: «من زعم أن محمداً رأى ربه ليلة الإسراء فقد أعظم الفرية على الله تعالى» {عِندَ سِدْرَةِ المنتهى} هي شجرة في السماء السابعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثمرتها كالقلال وورقها كآذان الفيلة»، وسميت سدرة المنتهى؛ لأن إليها ينتهي علم كل عالم، ولا يعلم ما وراءها إلا الله تعالى. وقيل: سميت بذلك لأن ما نزل من أمر الله يلتقي عندها، فلا يتجاوزها ملائكة العلو إلى أسفل، ولا يتجاوزها ملائكة السفل إلى أعلى {عِندَهَا جَنَّةُ المأوى} يعني أن الجنة التي وعدها الله عباده هي سدة المنتهى، وقيل: هي جنة أخرى تأوي إليها أرواح الشهداء، والأول أظهر وأشهر.

.تفسير الآيات (16- 17):

{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)}
{إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى} فيه إبهام لقصد التعظيم، قال ابن مسعود: غشيها فراش من ذهب، وقيل: كثرة الملائكة، وفي الحديث: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فغشيها ألوان لا أدري ما هي» وهذا أولى أن تفسر به الآية: {مَا زَاغَ البصر وَمَا طغى} أي ما زاغ بصر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عما رآه من العجائب، بل أثبتها وتيقنها، {وَمَا طغى}: أي ما تجاوز ما رأى إلى غيره.

.تفسير الآية رقم (18):

{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)}
{لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى} يعني ما رأى ليلة الإسراء من السموات والجنة والنار والملائكة والأنبياء وغير ذلك. ويحتمل أن تكون الكبرى مفعولاً أو نعتاً لآيات ربه، والمعنى يختلف على ذلك.

.تفسير الآيات (19- 20):

{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)}
{أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى * وَمَنَاةَ الثالثة الأخرى} هذه أوثان كانت تعبد من دون الله، فخاطب الله من كان يعبدها من العرب على وجه التوبيخ لهم، وقال ابن عطية: الرؤيا هنا رؤية العين؛ لأن الأوثان المذكورة أجرام مرئية، فأما اللات فصنم كان بالطائف، وقيل: كان بالكعبة، وأما العزّى فكانت صخرة بالطائف، وقيل: شجرة فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها تدعو بالويل؛ فضربها بالسيف حتى قتلها، وقيل: كانت بيتاً تعظمه العرب وأصل لفظ العزى مؤنثة الأعز، وأما مناة فصخرة كانت لهذيل وخزاعة بين مكة والمدينة. وكانت أعظم هذه الأوثان قال ابن عطية: ولذلك قال تعالى: الثالثة الأخرى فأكدها بهاتين الصفتين، وقال الزمخشري: الأخرى ذم وتحقير أي المتأخرة الوضيعة القدر.
ومنه: {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ} [الأعراف: 38].

.تفسير الآية رقم (21):

{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21)}
{أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى} كانوا يقولون: إن الملائكة وهذه الأوثان بنات الله، فأنكر الله عليهم ذلك أي كيف تجعلون لأنفسكم الأولاد الذكور، وتجعلون لله البنات التي هي عندكم حقيرة بغيضة، وقد ذكر هذا المعنى في النحل وغيرها، ويحتمل أن يكون أنكر عليهم جعل هذه الأوثان شركاء الله تعالى؛ مع أنهن إناث والإناث حقيرة بغيضة عندهم.

.تفسير الآية رقم (22):

{تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22)}
{تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى} أي هذه القسمة التي قسمتم جائرة غير عادلة، يعني جعلهم الذكور لأنفسهم والإناث لله تعالى ووزن ضيزى فُعلى بضم الفاء، ولكنها كسرت لأجل الياء التي بعدها.

.تفسير الآية رقم (23):

{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)}
{إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ} الضمير للأوثان، وقد ذكر هذا المعنى في [الأعراف: 71] في قوله: {أتجادلونني في أَسْمَآءٍ} {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن} يعني أنهم يقولون أقوالاً بغير حجة كقولهم: إن الملائكة بنات الله، وقولهم: إن الأصنام تشفع لهم غير ذلك.