فصل: تفسير الآيات (1- 6):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التيسير في التفسير أو التفسير الكبير المشهور بـ «تفسير القشيري»



.تفسير الآية رقم (66):

{فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66)}
والنَّضْخُ فَوَرانُ العينَ بالماء.

.تفسير الآية رقم (68):

{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)}
الأسماء متشابهة..... والعيون فلا.

.تفسير الآية رقم (70):

{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70)}
أي: حورٌ خَيِّرات الأخلاق حِسانُ الوجوه. واحدها خَيِّرة والجمع خيِّرات وهذا هو الأصل ثم خُفِّف فصارت خيرات.

.تفسير الآيات (72- 74):

{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74)}
محبوسات على أزواجهن. وهُنَّ لِمَنْ هو مقصورٌ الجوارح عن الزَّلاَّت، مقصورُ القلب عن الغفلات، مقصور السِّرِّ عن مساكنة الأشكال والأعلال والأشباه والأمثال.
وفي بعض التفاسير: أن الخيمة من دُرَّةٍ مجوفة فرسخ في فرسخ لها ألف باب.
ويقال: قصرت أنفسهن وقلوبهن وأبصارهن على أزواجهن. وفي الخبر: «أنهن يقلن: نحن الناعمات. فلا نبؤس، الخالدات فلا نبيد، الراضيات فلا نسخط».
وفي خبر عن عائشة رضي الله عنها: «ونحن المتصدِّقاتُ وما تَصَدَّقْتُنَّ» قالت عائشة يغلبهن قولُه: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلُهُمْ وَلاَجَآنٌّ}.

.تفسير الآية رقم (76):

{مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)}
قيل: رياض الجنة، وقيل: المجالس، وقيل: الزرابيّ والوسائد- وهي خُضْرٌ {وعبقري حسان}: العبقري عند العرب كلُّ ثوبٍ مُوَشَّى.

.تفسير الآية رقم (78):

{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)}
مضى تفسيره.

.سورة الواقعة:

.تفسير الآيات (1- 6):

{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6)}
قوله جلّ ذكره: {إِذَا وَقَعَتِ الوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعِتهَا كَاذِبةٌ}.
إذا قامت القيامة لا يردُّها شيءٌ.
{كَاذِبَةٌ} هاهنا مصدر: كالعافية، والعاقبة: أي: هي حقَّةٌ لا يدرها شيءٌ، وليس في وقوعها كذب.
ويقال: إذا وقعت الواقعة فَمَنْ سَلَكَ منهاج الصحة والاستقامة وَصَلَ إلى السلامة ولقي الكرامة، ومَنْ حادَ عن نهج الاستقامة وَقَعَ في الندامة والغرامة، وعند وقوعها يتبين الصادق من المماذق:
إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ ** تَبَيَّنَ مَنْ بكى مِمَّن تباكى

{خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ}.
{خَافِضَةٌ} لأهل الشقاوة، {رَّافِعَةٌ}: لأهل الوفاق.
{خَافِضَةٌ}: للنفوس، {رَّافِعَةٌ}: للقلوب.
{خَافِضَةٌ} لأهل الشهوة، {رَّافِعَةٌ}: لأهل الصفوة.
{خَافِضَةٌ}: لمن جَحَد، {رَّافِعَةٌ}: لمن وَحَدَ.
قوله جلّ ذكره: {إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجّاً}.
حُرِّكت حركةً شديدة.
قوله جلّ ذكره: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً}.
فُتَّتَت فكانت كالهباء الذي يقع في الكوَّة عند شعاع الشمس.

.تفسير الآيات (7- 12):

{وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)}
قوله جلّ ذكره: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً فَأَصْحَابُ المَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ المَشْئَمَةِ مَآ أَصْحَابُ المَشْئَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّبِقُونَ}.
{مَآ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}؟ على جهته التفخيم لشأنهم والتعظيم لِقَدْرهم وهم أصحاب اليمن والبركة والثواب.
{مَآ أَصْحَابُ الْمَشْئَمةِ}: على جهة التعظيم والمبالغة في ذَمِّهم، وهم أصحاب الشؤم على أنفسهم ويقال: أصحاب الميمنة هم الذين كانوا في جانب اليمين من آدم عليه السلام يومَ الذَّرِّ، وأصحاب المشأمة هم الذين كانوا على شماله.
ويقال: الذين يُعْطُوْن الكتابَ بأَيمْانهم، والذين يُعْطَوْن الكتاب بشمائلهم.
ويقال: هم الذين يُؤْخَذُ بهم ذات اليمين.. إلى الجنة، والذين يُؤْخَذُ بهم ذات الشمال.. إلى النار.
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}: وهم الصف الثالث. وهم السابقون إلى الخصال الحميدة، والأفضال الجميلة.
ويقال: السابقون إلى الهجرة. ويقال: إلى الإسلام. ويقال: إلى الصلوات الخمس.
ويقال: السابقون بصدْق القَدَم. ويقال: السابقون بعُلُوَّ الهِمَم. ويقال: السابقون إلى كل خير. ويقال السابقون المتسارعون إلى التوبة من الذنوب فيتسارعون إلى النَّدمَ إن لم يتسارعوا بصدق القَدَم.
ويقال: الذين سبقت لهم من الله الحسنى فسبقوا إلى ما سبق إليه: {أُوْلَئِِك المُقَرَّبُونَ}.
ولم يقل: {المتقربون} بل قال: أولئك المُقَرَّبون- وهذاعين الجَمْع، فعَلِمَ الكافة أنهم بتقريب ربهِّم سبقوا- لا بِتقَرُّبهم.
{فِى جَنَّاتِ النَّعِيمِ}.
أي: في الجنة. ويقال: مقربون إلا من الجنة فمحال أن يكونوا في الجنة ثم يُقَرَّبون من الجنة، وإنما يُقَرَّبُون إِلى غير الجنة: يُقَرَّبون من بِساط القربة..
وأنَّى بالبساط ولا بساط؟! مقربون.... ولكن من حيث الكرامة لا من حيث المسافة؛ مُقَرَّبةٌ نفوسُهم من الجنة وقلوبهُم إلى الحقِّ.
مُقَرَّبةٌ قلوبهُم من بساط المعرفة، وأرواحُهم من ساحات الشهود- فالحقُّ عزيز.. لا قُرْبَ ولا بُعْدَ، ولا فَصْلَ ولا وَصْلَ.
ويقال: مقربون ولكن من حظوظِهم ونصيِبهم. وأحوالُهم- وإنْ صَفَتْ- فالحقُّ وراء الوراء.

.تفسير الآيات (13- 19):

{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)}
قوله جلّ ذكره: {ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الأَخِرِينَ}.
الثُّلّة: الجماعة. ويقال: ثلة من الأولين الذين شاهدوا أنبياءَهم وقليل من الآخرين الذين شاهدوا نبيَّنَا صلى الله عليه وسلم.
ويقال: ثُلّةٌ من الاولين: من السلف وقليل من المتأخرين: من الأمة.
{عَلَى سُرُرٍمَّوْضُونَةٍ}.
أي منسوخة نسيج الدرع من الذهب. جاء في التفسير: طولُ كل سريرٍ ثلاثمائة ذراع، إنْ أراد الجلوسَ عليه تواضع، وإن استوى عليه ارتفع.
{مُّتَّكِئينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ}.
أي لا يرى بعضُهم قفا بعضٍ. وَصَفهم بصفاء المودة وتَهَذُّب الأخلاق.
{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وَلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ}.
يطوف عليهم وهم مقيمون لا يبرحون ولدانٌ في سِنِّ واحدة , لا يهرمون.
وقيل: مُقَرَّطون (الخَلدة. القُرْط).
{بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسِ مِّن مَّعِينٍ لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ}.
{بِأَكْوَابٍِ} جمع كوب وهي آنية بلا عروة ولا خرطوم، {وَأَبَارِيِقَ}: جمع إبريق وهو عكس الكوب (أي له خرطوم وعروة).
ولاصداع لهم في شربهم إياها، كما لا تذهب عقولهم بسببها.
ولهم كذلك فاكهة مما يتخيرون، ولحم طيرٍ مما يشتهون، وحُورٌ عين، كأمثال اللؤلؤ المكنون، أي: المصون، جزاءً بما كانوا يعملون.

.تفسير الآيات (25- 26):

{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)}
اللغو: الباطل من القول، والتأثيم: الإثم والهذيان.
ولا يسمعون إلا قيلاً سلاماً، وسلاماً: نعت للقيل.

.تفسير الآيات (27- 32):

{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32)}
{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ اليَمِينِ في سِدْرٍ مَّخْضُودٍ}: لا شوكَ فيه، {وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} والطلح شجر الموز، متراكم نضيد بعضه على بعض.
{وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ} كما بين الإسفار إلى طلوع الشمس. وقيل: ممدود أي دائم.
{وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ}: جَارٍ لا يتعبون فيه.
{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ}: لا مقطوعة عنهم ولا ممنوعة منهم.
{وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ} لهم. وقيل: أراد بها النساء.

.تفسير الآيات (34- 47):

{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (40) وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47)}
{وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ} لهم. وقيل: أراد بها النساء.
{إِنَّآ أَنشَأْنَهُنَّ إِنشَآءً فَجَعَلْنَهُنَّ أَبْكَارَاً} أي الحُور العين.
{عُرُباً} جمع عَرُوب وهي الغَنِجَةٌ المتحببةُ إلى زَوْجِها. ويقال عرباً: أي مُتَشَهيَّات إلى أزواجهن.
{أَتْرَاباً}: جمع تِرْب، أي: هُنَّ على سِنٍّ واحدة.
{لأَصْحَابِ الْيَمِينِ}: أي خلقناهن لأصحاب اليمين.
{ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِّنَ الآخِرِينَ}: أي: ثلة من أُولَى هذه الأمة، وثُلة من أُخْراها.
{وََأصْحَابُ الشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ الشِّمَالِ في سَمُومٍ وَحَمِيمٍ}: والسَّموم فيحُ جهنم وحَرُّها. والحميم: الماءُ الحار.
{وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ}، وهو الدُّخان الأُسود.
{لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ}: لا بارد: أي لا راحةَ فيه. ولا كريمٍ: ولا حَسَنٍ لهم؛ (حيث لا نفع فيه).
{إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} أيك كانوا في الدنيا مُمَتَّعين.
{وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ} أي الذَّنْبِ العظيم.
{وَكَانُواْ يَقُولُونَ إَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُثُونَ}؟ أي: أنهم يُكَذِّبون بالبعث.
- ثم يقال لهم: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّآلُّونَ الْمُكَذِّبُونَ} اليومَ {لأَكِلُونَ مِن شَجِرٍ مِّن زَقُّومٍ} وجاء في التفسير: أن الزقوم شجرة في أسفل جهنم إذا طُرِحَ الكافرُ في جهنم لا يصل إليها إلا بعد أربعين خريفاً.
{فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمَ} شرابٌ لا تهنأون به {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} وهي الإبل العِطاش. ويقال: الهيم أي الرَّمْلُ ينضب فيه كلٌّ ما يُصَبُّ عليه.
{هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الِّدِينِ}: يوم القيامة.

.تفسير الآيات (51- 56):

{ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآَكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56)}
ثم يقال لهم: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّآلُّونَ الْمُكَذِّبُونَ} اليومَ {لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ} وجاء في التفسير: أن الزقوم شجرة في أسفل جهنم إذا طُرِحَ الكافرُ جهنم لا يصل إليها إلا بعد أربعين خريفاً.
{فَمَالئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ} شرابٌ لا تهنأون به {فَشَارِبوُنَ شُرْبَ الْهِيمِ}: وهي الإبل العِطاش. ويقال: الهيم أي الرَّمْلُ ينضب فيه كلٌّ ما يُصَبُّ عليه.
{هَذا نُزُولُهمْ يَوْمَ الدِّينِ}: يوم القيامة.

.تفسير الآيات (57- 59):

{نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59)}
قوله جلّ ذكره: {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ}.
نحن خلقناكم: يا أهلَ مكة- فهلاَّ آمَنْتُم لتتخلصوا؟ توبَّخون وتُعَاتَبون.. واليومَ تَعْتَذِرون! ولكن لا ينفعكم ذلك ولا يُسْمَعُ منكم شيء.
وإن أشدّ العقوبات عليهم يومئذٍ أنهم لا يتفرَّغون من آلامِ نفوسِهم وأوجاعِ أعضائهم إلى التَحسُّر على ما فاتهم في حقِّ الله.
ويقال: أشدُّ البلاء- اليوم- على قلوب هذه الطائفة خوفُهم من أَنْ يَشْغَلَهم- غداً- بمقاساة آلامهم عن التحسُّر على ما تكدَّرَ عليهم من المشارب في هذا الطريق. وهذه محنة لا شيءَ أعظمُ على الأصحاب منها. وإنَّ أصحابَ القلوب- اليوم- يبتهلون إليه ويقولون: إنْ حَرَمْتَنا مشاهدَ الأُنْس فلا تَشْغَلْنا بلذَّاتٍ تشغلنا عن التحسُّر على ما فاتنا، ولا بآلامٍ تشغلنا عن التأسُّف على ما عَدِمْنا منك.
قوله جلّ ذكره: {أَفَرَءَيْتُم مَّا تُمْنُونَ ءَأَنتُمْ تَخْلَقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ}.
يقال: مَنىَ الرجلُ وأَمْنَى. والمعنى: هل إذا باشَرْتُم وأنزلتم وانعقد الولد.... أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون؟ والخَلْقُ هاهنا: التصوير؛ أي: أأنتم تجمعون صُوَرَ المولود وتُرَكِّبون أعضاءَه.... أم نحن؟
وهم كانوا يُقِرُّون بالنشأة الأولى فاحتجَّ بهذا على جواز النشأة الأخرى عند البعث الذي كانوا ينكرونه. وهذه الآية أصلٌ في إثبات الصانع؛ فإن أصلَ خِلْقَةِ الإنسان من قطرتين: قطرة من صُلْبِ الأب وهو المني وقطرة من تربية الأم، وتجتمع القطرتان في الرَّحِم فيصير الولد. وينقسم الماءان المختلطان إلى هذه الأجزاء التي هي أجزاء الإنسان من العَظْم والعَصَبِ والعرِقِ والجِلْدِ والشَّعْر ثم يركبها على هذه الصور في الأعضاء الظاهرة وفي الأجزاء الباطنة حيث يُشَكَّلُ كل عضوٍ بشكلٍ خاص، والعِظام بكيفية خاصة إلى غير ذلك.
وليس يخلو: إِمَّا أَنْ يكونَ الأبوَان يصنعانه- وذلك التقديرُ محالٌ لتقاصر عِلْمِها وقُدْرتهما عن ذلك وتمَنِّيهما الولَدَ ثم لا يكون، وكراهتهما الولدَ ثم يكون!
والنُّطفة أو القَطْرةُ مُحَالٌ تقديرُ فِعْلها في نَفْسِها على هذه الصورة لكونها من الأموات بَعْدُ، ولا عِلْمَ لها ولا قدرة.
أو مِنْ غيرِ صانعٍ , وبالضرورة يُعْلَمُ أنه لا يجوز.
فلم يَبْقَ إِلاَّ أن الصانعَ القديمَ المَلِكَ العليمَ هو الخالق.