فصل: تفسير الآيات (1- 8):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التيسير في التفسير أو التفسير الكبير المشهور بـ «تفسير القشيري»



.تفسير الآيات (7- 13):

{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)}
{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}.
ثم ذكر أحوالهم في الدنيا فقال: يوفون بالعهد القديم الذي بينهم وبين الله على وجهٍ مخصوص: {وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً}.
قاسياً، منتشراً، ممتداً.
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}.
أي: على حُبِّهم للطعام لحاجتهم إليه. ويقال: على حُبِّ الله، ولذلك يُطْعِمون.
ويقال: على حُبِّ الإطعام.
وجاء في التفسير: أَن الأسير كان كافراً- لأنَّ المسلَم ما كان يُستأسَرُ في عهده- فطاف على بيت فاطمة رضي الله عنها وقال: تأسروننا ولا تطعموننا!
{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً}.
إنما نطعمكم ابتغاءَ مرضاةِ الله، لا نريد من قبِلكُم جزاءً ولا شكراً.
ويقال: إنهم لم يذكروا هذا بألسنتهم، ولكن كان ذلك بضمائرهم.
{إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً}.
أي: يوم القيامة.
{فَوَقَهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَومِ}.
{وَلَقَّاهُمْ} أي: أعطاهم {نَضْرَةً وَسُرُواً}.
{وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً}.
كافَأَهُم على ما صبروا من الجوع ومقاساته جنَّةً وحريراً.
{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَآئِكِ}.
واحدها أريكة، وهي السرير في الحجال.
{لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً}.
أي: لا يتَأَذْون فيها بِحَرًٍّ ولا بَرْدٍ.

.تفسير الآيات (14- 21):

{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)}
{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً}.
يتمكنون من قطافها على الوجه الذي هم فيه من غير مشقة؛ فإِن كانوا قعوداً تُدلَّى لهم، وإن كانوا قياماً- وهي على الأرض- ارتقت إليهم.
{وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِئَانِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ}.
الاسم فضة، والعين لا تشبه العين.
{وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ قَوَارِيراْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً}.
أي: في صفاء القوارير وبياض الفضة.... قَدَّرَ ذلك على مقدار إرادتهم.
{وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً}.
المقصود منه الطِّيب. فقد كانوا (أي العرب) يستطيبون الزنجبيل، ويستلذون نكهته، وبه يشبِّهون الفاكهة، ولا يريدون به ما يقرص اللسان.
{عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً}.
أي: يُسْقَوْنَ من عين- أثبت المَسْقِيَّ وأَجْمَلَ مَنْ يسقيهم؛ لأنَّ منهم من يسقيه الحقُّ- سبحانه- بلا واسطة.
قوله جلّ ذكره: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتُهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنتُوراً}.
أي: يخدمهم {وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ} وصفا لا يجوز واحد منهم حدَّ الوصائف.
وجاء في التفسير: لا يَهْرَمون ولا يموتون. وجاء مُقَرَّطون.
إذا رأيتهم حسبتهم من صفاء ألوانهم لؤلؤاً منثوراً.
وفي التفسير: ما من إنسانٍ من أهل الجنة إلا ويخدمه ألف غلام.
قوله جلّ ذكره: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً}.
{ثُمَّ}: أي في الجنة.
{وَمُلْكاً كَبِيراً}: في التفاسير أن الملائكة تستأذن عليهم بالدخول.
وقيل: هو قوله: {لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا} [ق: 35] ويقال: أي لا زوالَ له.
{عَالَيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً}.
يحتمل أن يكون هذا الوصف للأبرار. ويصح أن يكون للولدان وهو أَوْلَى، والاسم يوافق الاسم دون العين.
{شََراباً طَهُوراً}: الشراب الطهورُ هو الطاهر في نفسِه المُطَهَّرُ لغيره.
فالشراب يكون طهوراً في الجنة- وإنْ لم يحصل به التطهيرُ لأن الجنة لا يُحتاجُ فيها إلى التطهير.
ولكنه- سبحانه- لمَّا ذَكَرَ الشرابَ- وهو اليومَ في الشاهد نجَسٌ- أخبر أنَّ ذلك الشرابَ غداً طاهرٌ، ومع ذلك مُطَهِّر؛ يُطَهِّرُهم عن محبة الأغيار، فمن يَحْسِ من ذلك الشرابِ شيئاً طَهَّرَه عن محبة جميع المخلوقين والمخلوقات.
ويقال: يُطَهِّرُ صدورهم من الغِلِّ والغِشِّ، ولا يُبْقِي لبعضهم مع بعض خصيمة ولا عداوة ولا دَعْوَى ولا شيء.
ويقال: يُطهِّرُ قلوبهم عن محبة الحور العين.
ويقال: إن الملائكة تعرض علهيم الشرابَ فيأبون قبولَه منهم، ويقولون:
لقد طال أَخْذُنا مِنْ هؤلاء، فإذا هم بكاساتٍ تُلاقِي أفواهَهَم بغير أكُفٍّ؛ من غيبٍ إلى عَبْدٍ.
ويقال: اليومَ شرابٌ وغداً شراب.... اليوم شرابُ الإيناس وغداً شرابُ الكاس، اليومَ شرابٌ من اللُّطْفِ وغداً شرابٌ يُدار على الكفّ.
ويقال: مَنْ سقاه اليومَ شرابَ محبَّتهِ آنسَه وشَجَّعُه؛ فلا يستوحِش في وقته من شيء، ولا يَضِنُّ بروحه عن بَذْل.
ومن مقتضى شُرْبه بكأسِ محبته أن يجودَ على كلِّ أحدٍ بالكونين من غير تمييز، ولا يَبْقَى على قلبه أثرٌ للأخطار.
ومن آثارِ شُرْبِه تذلُّلُه لكلِّ أحدٍ لأجل محبوبه، فيكون لأصغرِ الخَدم تُرَابَ القَدَم، لا يتحرَّكُ فيه للتكبُّر عرْقٌ.
وقد يكون من مقتضى ذلك الشارب أيضاً في بعض الأحايين أَنْ يَتِيه على أهل الدارين.
ومن مقتضى ذلك الشراب أيضاً أَنْ يمْلِكَه سرورٌ ولا يَتَمَالَكُ معه من خَلْعِ العذار وإلقاء قناع الحياء ويظهر ما هو به من المواجيد:
يخلع فيك العذارَ قومٌ ** فكيف مَنْ مالَه عذارُ

ومن موجِبات ذلك الشراب سقوط الحشمة، فيتكلم بمقتضى البسط، أو بموجب لفظ الشكوى، وبما لا يَستخرجُ منه- في حال صَحْوه- سفيه بالمناقيش وعلى هذا حَمَلُوا قول موسى: {رَبِّ أَرِنِى أَنظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143].
فقالوا: سَكِرَ من سماع كلامه، فَنَطَقَ بذلك لسانُه. وأمَّا مَنْ يسقيهم شرابَ التوحيد فَيَنْفي شهودَ كلِّ غَيْرِ فَيهيمون في أودية العِزِّ، ويتيهون في مفاوزِ الكبرياء، وتتلاشى جملتهُم في هوء الفرادنية فلا عقلَ ولا تمييزَ ولا فَهْمَ ولا إدراك فكلُّ هذه المعاني ساقطة.
فالعبدُ يكون في ابتداء الكَشْفِ مُستوْعَباً ثم يصير مستغْرقاً ثم يصيرُ مُسْتَهْلَكا.....{وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنتَهَى} [النجم: 42].

.تفسير الآيات (22- 28):

{إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)}
قوله جلّ ذكره: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً}.
يقال لهم: هذا جزاءٌ لكم، {مَّشْكُوراً}: وشُكْرُه لسعيهم تكثيرُ الثوابِ على القليل من العمل- هذا على طريقة العلماء، وعند قومٍ شُكْرُهم جزاؤهم على شكرهم.
ويقال: شُكْرُه لهم ثناؤه عليهم بذكر إحسانهم على وجه الإكرام.
قوله جلّ ذكره: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ تَنزِيلاً}.
في مُدَّةٍ سنين.
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفَوراً}.
أي: ارْضَ بقضائه، واستسلمْ لِحُكْمِه.
{وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً}: أي: ولا كفوراً، وهذا أمرٌ له بإفرادِ ربِّه بطاعته.
{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وأَصِيلاً وَمِنَ الَّيْلِ فَاسْجُدُ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً}.
الفَرْضُ في الأول، ثم النَّفْل.
{إِنَّ هَؤءُلآَءِ...}.
أي كفَّار قريش: {يُحِبُّونَ الْعَاجِلََةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِِيلاً}.
أي: لا يعلمون ليوم القيامة.
قوله جلّ ذكر ه: {نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً}.
أعدمناهم، وخلقنا غيرَهم بدلاً عنهم. ويقال: أخذنا عنهم الميثاق.

.تفسير الآيات (29- 31):

{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)}
{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ...} أي: القرآن تذكرة.
{فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} بطاعته.
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ في رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ عَذَاباً أَلِيمَا} أي: عذاباً أليماً موجِعاً يخلص وَجَعُه إلى قلوبهم.

.سورة المرسلات:

.تفسير الآيات (1- 8):

{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8)}
{وَالمُرْسَلاَتِ عُرْفاً}.
{المرسلات}: الملائكة {عرفاً} أي: أرسلوا بالمعروف من الأمر، أو كثيرين كعُرْفِ الفَرس.
{فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً}.
الرياحُ الشديدة (العوصف تأتي بالعصف وهو ورق الزرع وحطامه).
{وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً}.
الأمطار (لأنها تنشر النبات. فالنشر بمعنى الإحياء). ويقال السُّحُبُ تنشر الغيث. ويقال: الملائكة.
{فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً}.
الملائكة؛ تفرق بين الحلال والحرام.
{فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً}.
الملائكة: تُلقِي الوحي على الأنبياء عليهم السلام؛ إعذاراً وإنذاراً. وجوابُ القَسَم: {إِنَّمَا تُوَعَدُونَ لَوَاقعٌ}.
فأقسم بهذه الأشياء: إنَّ القيامة لحقُّ.
قوله جلّ ذكره: {فَإِذٍَا النُّجُومُ طُمِسَتَ}.
إنما تكون هذه القيامة. و{طمست}: ذهب ضَوؤُها.

.تفسير الآيات (10- 17):

{وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ (17)}
{وَإِذَا الجِبَالُ نُسِفَتْ}.
ذَهَبَ بها كلِّها بسرعة، حتى لا يَبْقَى لها أَثَرٌ.
{وَإِذَا الرُّسُلُ أُقَّتَتْ لاَّيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ}.
أي: جَعَلَ لها وقتاُ وأَجَلاً لفَصْلِ القضاءِ يومَ القيامة.
ويقال: أُرْسِلَتْ لأوقاتٍ معلومة.
{وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ}.
على جهة التعظيم له.
{وَيْلٌ يَؤْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ}.
مضى تفسيرُ معنى الويل.
ويقال في الإشارات: فإذا نجومُ المعارف طمست بوقوع الغيبة.
{وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ} القلوبُ الساكنة بيقين الشهود حُرِّكَتْ عقوبةً على ما هَمَّتْ بالذي لا يجوز. فويلٌ يومئذٍ لأرباب الدعاوَى الباطلِة الحاصلةِ من ذوي القلوب المُطبقة الخالية من المعاني.
قوله جلّ ذكره: {أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الأَخِرِينَ}.
الذين كذَّبوا رُسُلَهم، وجحدوا آياتنا؛ فمثلما أهلكنا الأولين كذلك نفعل بالمجرمين إذا فعلوا مثلَ فِعْلِهم.