فصل: تفسير الآيات (95- 96):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التيسير في التفسير أو التفسير الكبير المشهور بـ «تفسير القشيري»



.تفسير الآية رقم (94):

{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)}
كُنْ بنا وقُلْ بنا، وإِذَا كنتَ بِنا ولَنَا فلا تجعلْ حِساباً لغيرنا، وصرِّحْ بما خاطبناك به، وأَفْصِحْ عَمَّا نحن خصصناكَ به، وأَعْلْنْ محبتنا لك:
فسبِّحْ باسم مَنْ تَهْوى ودَعْنا من الكُنى ** فلا خيرَ في اللَّذاتِ مِنْ بعدها سَتْرُ.

.تفسير الآيات (95- 96):

{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96)}
الذين دَفَعْنَا عنكَ عاديةَ شَرِّهم، ودَرَأْنا عنكَ سوءَ مكرهم، ونصرناك بموجب عنايتنا بشأنك.. فلا عليكَ فيما يقولون أو يفعلون، فما العقبى إلا لَك بالنصر والظفر.

.تفسير الآيات (97- 98):

{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98)}
وقال: {يَضِيقُ صَدْرُكَ} ولم يقل يضيق قلبك؛ لأنه كان في محل الشهود، ولا راحة للمؤمن دون لقاء الله، ولا تكون مع اللقاء وحشة.
ويقال هَوَّنَ عليه ضيق الصدر بقوله: {ولقد نعلم} ويقال إن ضاق صدرُك بسماع ما يقولون فيك من ذمِّكَ فارتفع بلسانك في رياض تسبيحنا، والثناءِ علينا، فيكون ذلك سبباً لزوال ضيق صدرك؛ وسلوة لك بما تتذكر من جلال قدرنا وتقديسنا، واستحقاق عِزِّنا.

.تفسير الآية رقم (99):

{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)}
قف على بساط العبودية معتنقاً للخدمة، إلى أَنْ تَجلس على بِساط القربة، وتطالَبَ بآداب الوصلة.
ويقال التزِمْ شرائطَ العبودية إلى أنْ تَرْقَى بل تُكْفَى بصفات الحرية. ويقال في: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ}: إن أشرف خصالك قيامك بحقِّ العبودية.

.سورة النحل:

.تفسير الآية رقم (1):

{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)}
صيغة أتى للماضي، والمراد منه الاستقبال لأنه بشأن ما كانوا يستعجلونه من أمر الساعة، والمعنى سيأتي أمر القيامة، والكائناتُ كلُّها والحادثات بأَسْرِها من جملة أمره، أي حصل أمرُ تكوينه وهو أمر من أموره لأنه حاصلٌ بتقديره وتيسيره، وقَضَائه وتدبيره؛ فما يحصل من خير وشرَّ، ونفع وضرِّ، وحلو ومُرِّ. فذلك من جملة أمره تعالى.
{فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} وأصحاب التوحيد لا يستعجلون شيئاً باختيارهم لأنهم قد سقطت عنهم الإرادات والمطالبات، وهم خامدون تحت جريان تصريف الأقدار؛ فليس لهم إيثار ولا اختيار فلا يستعجلون أمراً، وإذا أَمَّلوا شيئاً، أو أُخْبِروا بحصول شيءٍ فلا استعجال لهم، بل شأنهم التأنِّي والثباتُ والسكونُ، وإذا بَدَا من التقدير حُكمٌ فلا استعجالَ لهم لما يَرِدُ عليهم، بل يتقبلون مفاجأةَ التقدير بوجهٍ ضاحك، ويستقبلون ما يبدو من الغيب من الردِّ والقبول، والمنع والفتوح بوصف الرضا، ويحمدون الحق- سبحانه وتعالى- على ذلك.
{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}: تعالى عما يشركون بربهم، والكفار لم ييسر لهم حتى أَنَّه لا سكَنَ لقلوبهم من حديثه.

.تفسير الآية رقم (2):

{يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2)}
ينزل الملائكة على الأنبياء- عليهم السلام- بالوحي والرسالة، وبالتعريف والإلهام على أسرار أرباب التوحيد وهم المُحَدَّثًُون. وإنزالُ الملائكةِ على قلوبهم غيرُ مردودٍ لكنهم لا يُؤْمَرُون أن يتكلموا بذلك، ولا يكملون رسالةً إلى الخَلْق.
ويُراد بالروح الوحي والقرآن، وفي الجملة الروح ما هو سبب الحياة؛ إمَّا حياة القلب أو حياة الدنيا.

.تفسير الآية رقم (3):

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3)}
خَلَقَها بالحق، ويَحكُم فيها بالحق، فهو مُحِقٌّ في خَلْقِها لأنَّ له ذلك ويدخل في ذلك أمرُه بتكليف الخَلْق، وما يَعْقُبْ ذلك التكليفَ من الحَشْرِ والنَّشْرِ، والثواب والعقاب.
{وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}: تقديساً وتشريفاً له عن أن يكون له شريك أو معه مليك.

.تفسير الآية رقم (4):

{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4)}
تَعرًّفَ إلى العقلاء بكمال قدرته حيث أخبر أنه، قدر على تصوير الإنسان على ما فيه من التركيب العجيب، والتأليف اللطيف؛ من نطفةٍ متماثلة الأجزاء، متشاكلة في وقت الإنشاء، مختلفة الأعضاء وقت الإظهار والإبداء، والخروج من الخفاء. ثم رَكَّبَ فيه تمييز وعقل، ويَسَّرَ له النقطَ والفعل، والتدبير في الأمور والاستيلاء على الحيوانات على وجه التسخير.

.تفسير الآية رقم (5):

{وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)}
ذكَّرهم بما تفَّضل عليهم، وأخبرهم بما للحيوانات من النِّعم، وما لهم فيها من وجوه الانتفاع في جميع الأحوال، كالحْمِل وكالسفر عليها وقطع المسافات، والتوصُّل على ظهورها إلى مآربهم، وما لِنَسْلِها ولدرِّها من المنافع.

.تفسير الآيات (6- 7):

{وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)}
الغنيُّ له جمال بماله، والفقير له استقلال بحاله.. وشتَّان ما هما! فالأغنياء يتجملون بأنعامهم حين يريحون وحين يسرحون، والفقراء يستقبلون بمولاهم حين يصبحون وحين يمسون. أولئك تحمل أثقالَهم جِمالُهم، وهؤلاء يحمل الحقُّ عن قلوبِهم أثقالَهم.
{لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ}: قومٌ أحوالهم مقاساة الشدائد؛ يَصلُون سيرهم بسُراهم، وقومٌ في حمل مولاهم؛ بعيدون عن كّدِّ التدبير، مستريحون بشهود التقدير، راضون باختيار الحقّ في العسير واليسير.

.تفسير الآية رقم (8):

{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)}
فالنفوس في حَمْلها كالدواب، والقلوب معتقة عن التغنِّي في الأسباب. {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ}: كما أن أهل الجنة من المؤمنين يجدون في الآخرة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بَشَرٍ فكذلك أرباب الحقائق يجدون- اليومَ- ما لم يخطر قطُّ على بال، ولا قرأوا في كتاب، ولا تلقنوه من أستاذ، ولا إِحاطة بما أخبر الحق أنه لا يعلم تفصيله سواه.. وكيف يعلم من أخبر الحقُّ- سبحانه- أنه لا يعلم؟.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)}
قومٌ هداهم السبيل، وعرَّفَهم الدليل، فصرفَ عن قلوبهم خواطر الشكِّ، وَعصَمَهم عن الجُحْدِ والشِّرْك، وأَطْلَعَ في قلوبهم شمسَ العرفان، وأفردهم بنور البيان. وآخرون أضلّهم وأغواهم، وعن شهود الحُجَجِ أعماهم، وفي سابقُ حكْمِه من غير سببٍ أَذَلَّهم وقمعهم، ولو شاء لعرَّفهم وهداهم.

.تفسير الآيات (10- 11):

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)}
أنزل المطر وجعل به سُقيا النبات، وأجرى العادة بأن يديمَ به الحياة، وينبت به الأشجار، ويخرج الثمار، ويجري الأنهار.
ثم قال: {إِنَّ في ذَلِكَ لأَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ثم قال بعده بآيات: {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}، ثم قال بعده: {لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}، وعلى هذا الترتيب تحصل المعرفة؛ فأولاً التفكر ثم العلم ثم التذكر، أولاً يضع النظر موضعه فإذا لم يكن في نظره خَلَلٌ وجب له العلم لا محالة، ولا فرق بين العلم والعقل في الحقيقة، ثم بعده استدامة النظر وهو التذكر.
ويقال إنما قال: {لأَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}: على الجمع لأنه يحصل له كثير من العلوم حتى يصير عارفاً بربِّه آياتُ ودلائل، لأن دليل هذه المسألة خلاف دليل تلك المسألة، فبدليل واحد يعلم وَجْهَ النظر، وبأدلة كثيرة يصير عارفاً بربه.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)}
قوله جلّ ذكره: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ}.
الليل والنهار ظرفا الفعل، والناس في الأفعال مختلفون: فموفَّقُ ومخذول؛ قالموفَّق يجري وقته في طاعة ربه، والمخذول يجري وقته في متابعة هواه.
العابد، يكون في فَرْضِ يقيمه أو نَفْلٍ يديمه، والعارف في ذكره وتحصيل أوراده بما يعود على قلبه فيؤنسه، وأما أرباب التوحيد فهم مُخْتَطَفُون عن الأحيان والأوقات بغلبة ما يَرِدُ عليهم من الأحوال كما قيل:
لستُ أدري أطال لَيْلِي أم لا ** كيف يدري بذاك مَنْ يَتَقَلَّى

لو تَفَرَّغْتُ لاستطالة لَيْلِي ** ورعيت النجومَ كنت مُخِلاَّ

قوله جلّ ذكره: {وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتُ بِأَمْرِهِ إِنَّ في ذَلِكَ لأَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.
هذا في الظاهر، وفي الباطن نجوم العلم وأقمار المعرفة وشموس التوحيد.

.تفسير الآية رقم (13):

{وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13)}
أقوامٌ خَلَقَ لهم في الأرض الرياضَ والغياض، والدور والقصور، والمساكن والمواطن، وفنون النِّعم وصنوف القِسَم.. وآخرون لا يقع لهم طير على وكر، ولا لهم في الأرض شِبْر؛ لا ديار تملكهم، ولا علاقة تُمْسِكُهُم- أولئك ساداتُ الناس وضياء الحق.

.تفسير الآية رقم (14):

{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)}
سخر البحر في الظاهر، وسهّل ركوبه في الفُلْك، ويَسَّر الانتفاع بما يستخرج منه من الحُلِيِّ كاللؤلؤ والدُّرِّ، وما يقْتَاتُ به من السمك وحيوان البحر.
ومن وجوه المعاني خلق صنوفاً من البحر، فقومٌ غَرْقَى في بحار الشغل وآخرون في بحار الحزن، وآخرون في بحار اللهو. فالسلامةُ من بحر الشغل في ركوب سفينة التوكل، والنجاة من بحر الحزن في ركوب سفينة الرضا، والسلامة من بحر اللهو في ركوب سفينة الذكر، وأنشد بعضهم.

.تفسير الآية رقم (15):

{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15)}
الرواسي في الظاهر الجبال، وفي الإشارة الأولياء الذين هم غياث الخَلْق، بهم يرحمهم، وبهم يغيثهم.. ومنهم أبدال ومنهم أوتاد ومنهم القطب. وفي الخبر: «الشيخ في قومه كالنبي في أمته» وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33]، كما قال تعالى: {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤمنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ}، [الفتح: 45] وأنشد بعضهم:
واحسرتا من فراق قوم ** هم المصابيح والأمن والمزن

.تفسير الآية رقم (16):

{وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)}
الكواكبُ نجومَ السماء ومنها رجومٌ للشياطين، والأولياء نجومٌ في الأرضِ. وكذلك العلماء وهم أئمة في التوحيد وهم رجومٌ للكُفَّار والملحدين.
ويقال فرْقٌ بين نجوم يهْتَدَى في فِجَاج الدنيا، ونجومٍ يُهْتَدَى بهم إلى الله تعالى.

.تفسير الآية رقم (17):

{أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17)}
تدل هذه الآية على نفي التشيبه بينه- سبحانه- وبين خَلْقِه. وصفاتُ القِدَم لله مُسْتَحَقَّة، وما هو من خصائصِ الحدثان وسِماتِ الخْلق يتقدَّس الحقُّ- سبحانه- عن جميع ذلك. ولا تُشَبّه ذاتُ القديم بذواتِ المخلوقين، ولا صفاتُه بصافتِهم، ولا حُكمُه بحُكمِهم، وأصلُ كلِّ ضلالةٍ التشبيهُ، ومِنْ قُبْحِ ذلك وفسادِه أنَّ كلَّ أحدٍ يتبرَّأْ منه وستنكِفُ من انتحاله.

.تفسير الآية رقم (18):

{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)}
الموجوداتُ لا تحصوها لِتقاصُرِ علومِكم عنها، وما هو من نِعمَ الدفع نهاية له، وهو غفور رحيم حيث يتجاوز عنكم إذا عجزتم عن شكره، ويرضى بمعرفتكم (....) لكم عن شكره.

.تفسير الآية رقم (19):

{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19)}
ما تُسِرُّون من الإخلاص وملاحظة الأشخاص.. فلا يخفى عليه حسبان، وما تعلنون من الوفاق والشقاق، والإحسان والعصيان. والآيةُ توجِبُ تخويف أَربابِ الزَّلاَّت، وتشريفَ أصحاب الطاعات.