فصل: سورة المعارج:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التيسير في التفسير أو التفسير الكبير المشهور بـ «تفسير القشيري»



.تفسير الآيات (24- 27):

{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)}
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَآ أَسْلَفْتُمْ في الأَيَّامِ الخَالِيَةِ}.
ويقال لهؤلاء: اسمعوا واشهدوا... اسمعوا منَّا.... وانظروا إلينا، واستأنِسوا بقُرْبنا، وطالعوا جمالَنا وجلالَنا.... فأنتم بنا ولنا.
قوله جلّ ذكره: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ: يَالَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ}.
هناك- اليومَ- أقوامٌ مهجورون تتصاعد حسارتُهم، ويتضاعف أنينُهم- ليلَهم ونهارَهم- فليلُهم ويلٌ ونهارهم بُعَاد؛ تكدَّرتْ مشاربُهم، وخربت أوطانُ أُنْسِهم، ولا بكاؤهم يُرْحَم، ولا أنينُهم يُسْمَع , فعِنْدَهم أنهم مُبْعَدون , وهم في الحقيقة من اللَّهِ مرحومون، أسبلَ عليهم السترَ فَصَغَّرَهم في أعينهم- وهم أكرمُ أهل القصة! كما قالوا:
لا تُنْكِرنْ جحدي هواكَ فإنما ** ذاك الجحودُ عليك سترٌ مُسْبَلُ

.تفسير الآيات (38- 40):

{فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40)}
قوله جلّ ذكره: {فَلآَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ}.
لا: صلة والمعنى: أُقْسِم؛ كأنه قال: أقسم بجميع الأشياء، لأنه لا ثالثَ لما يبصرون وما لا يبصرون. وجوابُ القَسَم.
{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}..
أي وجيهٍ عند الله. وقولُ الرسولِ الكريم هو القرآنُ أو قراءةُ القرآن.
وما هو بقول شاعر ولا بقول كاهن أي أَن محمداً ليس شاعراً ولا كاهناً بل هو: {تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ}

.تفسير الآيات (44- 46):

{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)}
قوله جلّ ذكره: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}.
أي لو كان محمدٌ يكذب علينا لمنعناه منه وعصمناه عنه، ولو تعمَّد لعذَّبناه. والقول بعصمة الأنبياء واجب. ثم كان لا ناصرَ له منكم ولا من غيركم، وهذا القرآن.

.تفسير الآيات (48- 51):

{وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51)}
{وََإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكّذِّبِينَ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الكَافِرِينَ وَإِنَّهُ لَحَقُّ اليَقِينِ}.
حقُّ اليقين هو اليقين فالإضافة هكذا إلى نفس الشيء.
وعلوم الناس تختلف في الطرق إلى اليقين خفاءً وجلاءً؛ فما يقال عن الفرق بين علم اليقين وعين اليقين وحقِّ اليقين يرجع إلى كثرة البراهين، وخفاء الطريق وجلائه، ثم إلى كون بعضه ضرورياً وإلى بعضه كسيباً، ثم ما يكون مع الإدراكات.

.سورة المعارج:

.تفسير الآيات (1- 5):

{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5)}
قوله جلّ ذكره: {سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ}.
الباء في {بِعَذَابٍ} بمعنى عن، أي سأل سائلٌ عن هذا العذاب لِمَنْ هو؟ فقال تعالى: {لِّلْكَفِرِينَ لَيْسَ لهُ دَافِعٌ مِّنَ اللَّهِ ذِى الْمَعَارِجِ}.
هذا العذاب للكافرين ليس له دافع {مِّنَ اللَّهِ ذِى الْمَعَارِجِ}؛ فهذا العذابُ من الله.
ومعنى {ذِى الْمَعَارِجِ} ذي الفضل ومعالي الدرجات التي يُبْلِغُ إليها أولياءَه.
قوله جلّ ذكره: {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالْرُّوحُ إِلَيْهِ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}.
{وَالرُّوحُ} أي جبريل، في يومٍ كان مقداره ألف سنة من أيام الدنيا يعني به يوم القيامة.
ويقال: معناه يحاسِبُ الخَلْقَ في يوم قصيرٍ ووقتٍ يسير ما لو كان الناسُ يشتغلون به لكان ذلك خمسين ألف سنة، واللَّهُ يُجْرِي ذلك ويُمضيه في يومٍ واحد.
ويقال: من أسفلِ المخلوقاتِ إلى أعلاها مسيرةُ خمسين ألف سنة للناس؛ فالملائكة تعرج فيه من أَسفله إلى أعلاه في يومٍ واحد.
قوله جلّ ذكره: {فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً}.
فاصبرْ- يا محمد- على مقاساةِ أذاهم صبراً جميلاً. والصبرُ الجميلُ ما لا شكوى فيه.
ويقال: الصبر الجميل ألا تَسْتَثْقِلَ الصبرَ بل تستعذبه.
ويقال: الصبرُ الجميل ما لا ينْتَظِرُ العبدُ الخروجَ منه، ويكون ساكناً راضياً.
ويقال: الصبرُ الجميل أن يكون على شهود المُبْلِي.
ويقال: الصبرُ الجميل ما تجرَّد عن الشكوى والدَّعْوى.

.تفسير الآيات (6- 17):

{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17)}
قوله جلّ ذكره: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً}.
إِنَّ ما هو آتٍ فقريبٌ، وما اسْتَبْعَدَ مَنْ يستَبْعِد إلاَّ لأنّه مُرْتَابٌ؛ فأمّا الواثِقُ بالشيءِ فهو غيرُ مُسْتَبْعِدٍ له.
قوله جلّ ذكره: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَآءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ}.
الإشارة فيه أنه في ذلك اليوم مَنْ كان في سُمُوِّ نخوته ونُبُوِّ صولته يلين ويستكين ويَضْعُفُ مَنْ كان يَشْرُفُ، ويَذَلُّ مَنْ كان يُذِلُّ.
قوله جلّ ذكره: {وَلاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً}.
لا يَتَفَرَّغُ قريبٌ إلى قريبٍ؛ فلكلِّ امرئ منهم يومئذٍ شأنٌ يُغْنيه.
ولا يَتَعَهَّدُ المساكينَ- في ذلك اليوم- إلا الله.
{يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِى مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ التي تُئْوِيِهِ وَمَن في الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ}.
{يُبَصَّرُونَهُمْ} أي يعرفون أقاربهم، ولكن لا تَرِقُّ قلوبُ بعضهم على بعض.
ويتمنَّى المجرمُ يومئذٍ أَنْ يُفتدىَ من عذاب جهنم بأعز مَنْ كان عليه في الدنيا من قريبٍ ونسيب وحميم وولدٍ، وبكلٍّ من الأرض حتى يخلص من العذاب.
{كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى}.
اسم من اسماء جهنم.
{نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى}.
قَلاَّعةٌ للأطراف. تكشط الجِلْدَ عن الوجه وعن العَظْم.
قوله جلّ ذكره: {تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى}.
تقول جهنمٌ للكافرِ والمنافقِ: يا فلان.. إليَّ إليَّ.
والإشارة فيه: أنَّ جهنمَ الدنيا تعلق بقلبِ المرءِ فتدعوه بكلابِ الحِرْصِ إلى نَفْسِه وتجرُّه إلى جمعها حتى يؤثرها على نَفْسه وكلِّ أحد له؛ حتى لقد يَبْخَلُ بدنياه على أولاده وأَعِزَّتهِ , وقليلٌ مَنْ نجا من مكر الدنيا وتسويلاتها.

.تفسير الآيات (19- 26):

{إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26)}
قوله جلّ ذكره: {إِنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً}.
وتفسيره ما يتلوه: {إِذَا مَسَّّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً}.
والهََلَعُ شِدَّةُ الْحِرِصِ مع الجزع. ويقال هلوعاً: متقلِّباً في غمرات الشهوات.
ويقال: يُرْضيه القليلُ ويُسْخِطه اليسير.
ويقال: عند المحنه يدعو، وعند النعمة ينسى ويسهو.
{إِلاَّ الْمُصلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ}.
استثنى منهم المصلين- وهم الذين يُلازِمون ابداً مواطنَ الافتقار؛ مِنْ صَلِيَ بالمكان.
{وَالَّذينَ في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِّلسَّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ}.
وهم المُتَكفِّف والمُتَعَفِّف.
وهم على أقسام: منهم مَنْ يُؤْثر بجميع مالِه؛ فأموالُهم لكلِّ مَنْ قَصَدَ، لا يخصُّون سائِلاً من عائل. ومنهم مَن يعطي ويمسك- وهئلاء منهم- ومنهم مَنْ يرى يَدَه يَدَ الأمانه فلا يتكلِّف باختياره، وإنما ينتظر ما يُشَار عليه به من الأمر؛ إِمَّا بالإمساك فيقف أو ببذْلِ الكُلِّ أو البعضِ فيستجيب على ما يُطَالَبُ به وما يقتضيه حُكْمُ الوقت..... وهؤلاءِ أَتَمُّهُم.
{وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ}.
وأماراتهُم الاستعدادُ للموتِ قبل نزوله، وأن يكونوا كما قيل:
مستوفزون على رِجْلٍ كأَنهمو ** فقد يريدون أن يمضوا فيرتحلوا

.تفسير الآيات (29- 32):

{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32)}
قوله جلّ ذكره: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ}.
وإنما تكون صحبتُهم مع أزواجهم للتَّعَفُّفِ وصَوْنِ النَّفْسِ، ثم لابتغاء أن يكونَ له وَلَدٌ من صلبه يذكر الله. وشَرْطُ هذه الصحبة: أن يعيش معها على ما يهون، وألا يجرَّها إلى هَوَى نَفسِه ويحملها على مرادِه وهواه.
قوله جلّ ذكره: {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}.
يحفظون الأمانات التي عندهم للخَلْق ولا يخونون فيها. وأمانات الحق التي عندهم أعضاؤهم الظاهرة- فلا يُدَنِّسُونها بالخطايا؛ فالمعرفة التي في قلوبهم أمانة عندهم من الحق، والأسرارُ التي بينهم وبين الله أماناتٌ عندهم. والفرائضُ واللوازمُ والتوحيدُ.... كل ذلك أماناتٌ.
ويقال: من الأمانات إقرارُهم وقتَ الذّرِّ. ويقال: من الأمانات عند العبد تلك المحبة التي أودعها اللَّهُ في قلبه.

.تفسير الآية رقم (33):

{وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33)}
شهادتهم لله بالوحدانية، وفيما بينهم لبعضهم عند بعض- يقومون بحقوق ذلك كله.

.تفسير الآيات (36- 37):

{فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37)}
والإهطاع أن يُقْبِلَ ببصره إلى الشيءِ فلا يرفعه عنه، وكذلك كانوا يفعلون عند النبي صلى الله عليه وسلم {عِزينَ}: أي خَلْقاً خَلْقاً، وجماعةً جماعة.

.تفسير الآية رقم (38):

{أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38)}
كلا... إنك لا تدعو عن هذا! وليس هذا بصوابٍ؛ فإنهم- اليوم- كفار، وغداً يعاملون بما يستوجبون.
{فَلآَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} لا- هنا صلة، والمعنى أقسم. وقد مضى القولُ في المشارق وْالمغارب- {إِنَّا لَقَادِرُونَ} على ذلك.

.تفسير الآية رقم (42):

{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42)}
{فّذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} غاية التهديد والتوبيخ لهم.

.تفسير الآية رقم (43):

{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43)}
{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً} كأَنهم يسرعون إلى أصنامهم، شبَّه إسراعهم حين قاموا من القبور بإسراعهم إلى النُّصُبِ- اليومَ- كي يقوموا بعبادتهم إياها.

.سورة نوح:

.تفسير الآيات (1- 7):

{إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4) قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7)}
قوله جلّ ذكره: {إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
أرسلنا نوحاً بالنبوَّةِ والرسالة. {أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ} أي بأن أنذرهم وإرسالُ الرُّسُل من الله فضلٌ، وله بحق مُلْكه ان يفعل ما أراد، ولم يجبْ عليه إرسالُ الرُّسُلِ لأن حقيقته لا تقبل الوجوب.
وإرسالُ الرسلِ إلى مَنْ عَلِمَ أنه لا يَقْبَل جائز، وتكليفُهم من ناحية العقل جائز فنوحٌ- عَلِمَ منهم أَنهم لا يقبلون.. ومع ذلك بَلَّغ الرسالة وقال لهم: {إِنِّى لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}.
قوله جلّ ذكره: {قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّى لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.
{يغفر لكم من ذنوبكم} مِنْ هنا للجنس لا للتبعيض كقوله تعالى: {فَاجْتَنِبُواْ الرِّجسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [الحج: 30].
ويقال: ما عملوه دون ما هو معلوم أنهم سيفعلونه؛ لأنه لو أخبرهم بأنه غفر لهم ذلك كان إغراءً لهم.. وذلك لا يجوز. فأبوا أن يَقْبَلوا منه، فقال: {قَالَ رَبِّ إِنِّى دَعَوْتُ قَوْمِى لَيْلاً وَنَهَاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآءِى إِلاَّ فِرَاراً}.
بَيّنَ أَنّ الهداية ليست إليه، وقال: إنْ أَرَدْتَ إِيمانَهم فقلوبُهم بقدرتك- سبحانك.
قوله جلّ ذكره: {وَأَصَرُّواْ وَاسْتَكْبَرُواْ اسْتِكْبَاراً}.
وإِنِّي ما ازدَدْتُ لهم دعاءً إلا ازدادوا إصراراً واستكباراً.
ويقال: لمَّا دام بينهم إصرارُهم تَولَّدَ من الإصرار استكبارُهم، قال تعالى: {فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُبُهُمْ} [الحديد: 16].