فصل: تفسير الآيات (47- 48):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآيات (45- 46):

{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (46)}
قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ} يعني التوراة {فَاخْتُلِفَ فِيهِ} أي آمن به قوم وكذب به قوم. والكناية ترجع إلى الكتاب، وتسلية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي لا يحزنك اختلاف قومك في كتابك، فقد اختلف من قبلهم في كتابهم. وقيل الكناية ترجع إلى موسى. {وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} أي في إمهالهم. {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} أي بتعجيل العذاب. {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ} من القرآن {مُرِيبٍ} أي شديد الريبة. وقد تقدم.
وقال الكلبي في هذه الآية: لولا أن الله أخر عذاب هذه الأمة إلى يوم القيامة لأتاهم العذاب كما فعل بغيرهم من الأمم.
وقيل: تأخير العذاب لما يخرج من أصلابهم من المؤمنين. قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ} شرط وجوابه {وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها}. والله جل وعز مستغن عن طاعة العباد، فمن أطاع فالثواب له، ومن أساء فالعقاب عليه. {وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} نفى الظلم عن نفسه جل وعز قليله وكثيره، وإذا انتفت المبالغة انتفى غيرها، دليله قوله الحق: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً} [يونس: 44] وروى العدول الثقات، والأئمة الأثبات، عن الزاهد العدل، عن أمين الأرض، عن أمين السماء، عن الرب جل جلاله: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» الحديث. وأيضا فهو الحكيم المالك، وما يفعله المالك في ملكه لا اعتراض عليه، إذ له التصرف في ملكه بما يريد.

.تفسير الآيات (47- 48):

{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48)}
قوله تعالى: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} أي حين وقتها. وذلك أنهم قالوا: يا محمد إن كنت نبيا فخبرنا متى قيام الساعة فنزلت: {وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ} {مِنْ} زائدة أي وما تخرج ثمرة. {مِنْ أَكْمامِها} أي من أوعيتها، فالأكمام أوعية الثمرة، واحدها كمة وهي كل ظرف لمال أو غيره، ولذلك سمي قشر الطلع أعني كفراه الذي ينشق عن الثمرة كمة، قال ابن عباس: الكمة الكفرى قبل أن تنشق، فإذا انشقت فليست بكمه. وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة الرحمن. وقرأ نافع وابن عامر وحفص {مِنْ ثَمَراتٍ} على الجمع. الباقون {ثمرة} على التوحيد والمراد الجمع، لقوله: {وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى} والمراد الجمع، يقول: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} كما يرد إليه علم الثمار والنتاج. {وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ} أي ينادي الله المشركين {أَيْنَ شُرَكائِي} الذين زعمتم في الدنيا أنها آلهة تشفع. {قالُوا} يعني الأصنام.
وقيل: المشركون. ويحتمل أن يريدهم جميعا العابد والمعبود {آذَنَّاكَ} أسمعناك وأعلمناك. يقال: آذن يؤذن: إذا أعلم، قال:
آذنتنا ببينها أسماء ** رب ثاو يمل منه الثواء

{ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ} أي نعلمك ما منا أحد يشهد بأن لك شريكا. لما عاينوا القيامة تبرءوا من الأصنام وتبرأت الأصنام منهم كما تقدم في غير موضع. {وَضَلَّ عَنْهُمْ} أي بطل عنهم {ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ} في الدنيا {وَظَنُّوا} أي أيقنوا وعلموا {ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} أي فرار عن النار. و{ما} هنا حرف وليس باسم، فلذلك لم يعمل فيه الظن وجعل الفعل ملغى، تقديره: وظنوا أنهم مالهم محيص ولا مهرب. يقال: حاص يحيص. حيصا ومحيصا إذا هرب.
وقيل: إن الظن هنا الذي هو أغلب الرأي، لا يشكون في أنهم أصحاب النار ولكن يطمعون أن يخرجوا منها. وليس يبعد أن يكون لهم ظن ورجاء إلى أن يؤيسوا.

.تفسير الآيات (49- 51):

{لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (50) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (51)}
قوله تعالى: {لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ} أي لا يمل من دعائه بالخير. والخير هنا المال والصحة والسلطان والعز. قال السدى: والإنسان ها هنا يراد به الكافر.
وقيل: الوليد بن المغيرة.
وقيل: عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأمية بن خلف.
وفي قراءة عبد الله {لا يسأم الإنسان من دعاء المال}. {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ} لا لفقر والمرض {فَيَؤُسٌ} من روح الله {قَنُوطٌ} من رحمته.
وقيل: {يئوس} من إجابة الدعاء {قنوط} بسوء الظن بربه.
وقيل: {يئوس} أي يئس من زوال ما به من المكروه {قنوط} أي يظن أنه يدوم، والمعنى متقارب.
قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا} عاقبة ورخاء وغنى {مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} ضر وسقم وشدة وفقر. {لَيَقُولَنَّ هذا لِي} أي هذا شيء أستحقه على الله لرضاه بعملي، فيرى النعمة حتما واجب على الله تعالى، ولم يعلم أنه ابتلاه بالنعمة والمحنة، ليتبين شكره وصبره.
وقال ابن عباس: {هذا لِي} أي هذا من عندي. {وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى} أي الجنة، واللام للتأكيد. يتمنى الأماني بلا عمل. قال الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب: للكافر أمنيتان أما في الدنيا فيقول: {لَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى}، وأما في الآخرة فيقول: {يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27] و{يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً} [النبأ: 4 0]. {فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا} أي لنجزينهم. قسم أقسم الله عليه. {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ} شديد. قوله تعالى: {وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ} يريد الكافر {أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ} وقال ابن عباس: يريد عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف أعرضوا عن الإسلام وتباعدوا عنه. ومعنى {نَأى بِجانِبِهِ} أي ترفع عن الانقياد إلى الحق وتكبر على أنبياء الله.
وقيل: {نأى} تباعد. يقال: نائتة ونأيت عنه نأيا بمعنى تباعدت عنه، وأنأيته فانتأى أبعدته فبعد، وتناءوا تباعدوا، والمنتأى الموضع البعيد، قال النابغة:
فإنك كالليل الذي هو مدركي ** إن خلت أن المنتأى عنك واسع

وقرا يزيد بن القعقاع و{ناء بجانبه} بالألف قبل الهمزة. فيجوز أن يكون من {ناء} إذا نهض. ويجوز أن يكون على قلب الهمزة بمعنى الأول. {وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ} أي أصابه المكروه {فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ} كثير، والعرب تستعمل الطول والعرض في الكثرة. يقال: أطال فلان في الكلام وأعرض في الدعاء إذا أكثر.
وقال ابن عباس: {فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ} فذو تضرع واستغاثة. والكافر يعرف ربه في البلاء ولا يعرفه في الرخاء.

.تفسير الآيات (52- 54):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)}
قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ} أي قل لهم يا محمد {أَرَأَيْتُمْ} يا معشر المشركين. {إِنْ كانَ} هذا القرآن {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ} أي فأي الناس أضل، أي لا أحد أضل منكم لفرط شقاقكم وعداوتكم.
وقيل: قوله: {إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} يرجع إلى الكتاب المذكور في قوله: {آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ} [البقرة: 53] والأول أظهر وهو قول ابن عباس. قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ} أي علامات وحدانيتنا وقدرتنا {فِي الْآفاقِ} يعني خراب منازل الأمم الخالية {وَفِي أَنْفُسِهِمْ} بالبلايا والأمراض.
وقال ابن زيد: {فِي الْآفاقِ} آيات السماء {وَفِي أَنْفُسِهِمْ} حوادث الأرض.
وقال مجاهد: {فِي الْآفاقِ} فتح القرى، فيسر الله عز وجل لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللخلفاء من بعده وأنصار دينه في آفاق الدنيا وبلاد المشرق والمغرب عموما، وفي ناحية المغرب خصوصا من الفتوح التي لم يتيسر أمثالها لأحد من خلفاء الأرض قبلهم، ومن الإظهار على الجبابرة والأكاسرة وتغليب قليلهم على كثيرهم، وتسليط ضعفائهم على أقويائهم، وإجرائه على أيديهم أمورا خارجة عن المعهود خارقة للعادات {وَفِي أَنْفُسِهِمْ} فتح مكة. وهذا اختيار الطبري.
وقال المنهال بن عمرو والسدي.
وقال قتادة والضحاك: {فِي الْآفاقِ} وقائع الله في الأمم {وَفِي أَنْفُسِهِمْ} يوم بدر.
وقال عطاء وابن زيد أيضا {فِي الْآفاقِ} يعني أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والرياح والأمطار والرعد والبرق والصواعق والنبات والأشجار والجبال والبحار وغيرها.
وفي الصحاح: الآفاق النواحي، واحدها أفق وافق مثل عسر وعسر، ورجل أفقي بفتح الهمزة والفاء: إذا كان من آفاق الأرض. حكاه أبو نصر. وبعضهم يقول: أفقي بضمها وهو القياس. وأنشد غير الجوهري:
أخذنا بافاق السماء عليكم ** لنا قمراها والنجوم الطوالع

{وَفِي أَنْفُسِهِمْ} من لطيف الصنعة وبديع الحكمة حتى سبيل الغائط والبول، فإن الرجل يشرب ويأكل من مكان واحد ويتميز ذلك من مكانين، وبديع صنعة الله وحكمته في عينيه اللتين هما قطرة ماء ينظر بهما من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام، وفى أذنيه اللتين يفرق بهما بين الأصوات المختلفة. وغير ذلك من بديع حكمة الله فيه.
وقيل: {وَفِي أَنْفُسِهِمْ} من كونهم نطفا إلى غير ذلك من انتقال أحوالهم كما تقدم في المؤمنون بيانه.
وقيل: المعنى سيرون ما أخبرهم به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الفتن وأخبار الغيوب {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} فيه أربعة أوجه:
أحدها أنه القرآن.
الثاني: الإسلام جاءهم به الرسول ودعاهم إليه.
الثالث: أن ما يريهم الله ويفعل من ذلك هو الحق.
الرابع: أن محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الرسول الحق. {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} في موضع رفع بأنه فاعل بـ {يكف} و{أنه} بدل من {ربك} فهو رفع إن قدرته بدلا على الموضع، وجر {إن} قدرته بدلا على اللفظ. ويجوز أن يكون نصبا بتقدير حذف اللام، والمعنى أو لم يكفهم ربك بما دلهم عليه من توحيده، لأنه {عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} وإذا شهده جازى عليه.
وقيل: المعنى {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} في معاقبته الكفار.
وقيل: المعنى {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} يا محمد أنه شاهد على أعمال الكفار.
وقيل: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} شاهدا على أن القرآن من عند الله.
وقيل: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ} مما يفعله العبد {شَهِيدٌ} والشهيد بمعنى العالم، أو هو من الشهادة التي هي الحضور {أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ} في شك {مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ} في الآخرة.
وقال السدي: أي من البعث. {أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} أي أحاط علمه بكل شي.
قاله السدي.
وقال الكلبي: أحاطت قدرته بكل شي.
وقال الخطابي: هو الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه، وهو الذي أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا. وهذا الاسم أكثر ما يجئ في معرض الوعيد، وحقيقته الإحاطة بكل شي، واستئصال المحاط به، وأصله محيط نقلت حركة الياء إلى الحاء فسكنت. يقال منه: أحاط يحيط إحاطة وحيطة، ومن ذلك حائط الدار، يحوطها أهلها. وأحاط ت الخيل بفلان: إذا أخذ مأخذا حاصرا من كل جهة، ومنه قوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: 42] والله أعلم بصواب ذلك.