فصل: تفسير الآية رقم (6):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآية رقم (6):

{ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6)}
قوله تعالى: {ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ} أي علم ما غاب عن الخلق وما حضرهم. و{ذلِكَ} بمعنى أنا. حسبما تقدم بيانه في أول البقرة.
وفي الكلام معنى التهديد والوعيد، أي أخلصوا أفعالكم وأقوالكم فإني أجازي عليها.

.تفسير الآيات (7- 9):

{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (9)}
قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: {خلقه} بإسكان اللام. وفتحها الباقون. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم طلبا لسهولتها. وهو فعل ماض في موضع خفض نعت ل {شَيْءٍ}. والمعنى على ما روي عن ابن عباس: أحكم كل شيء خلقه، أي جاء به على ما أراد، لم يتغير عن إرادته. وقول آخر- أن كل شيء خلقه حسن، لأنه لا يقدر أحد أن يأتي بمثله، وهو دال على خالقه. ومن أسكن اللام فهو مصدر عند سيبويه، لان قوله: {أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} يدل على: خلق كل شيء خلقا، فهو مثل: {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88] و{كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24]. وعند غيره منصوب على البدل من {كُلَّ} أي الذي أحسن خلق كل شي. وهو مفعول ثان عند بعض النحويين، على أن يكون معنى: {أَحْسَنَ} أفهم وأعلم، فيتعدى إلى مفعولين، أي أفهم كل شيء خلقه.
وقيل: هو منصوب على التفسير، والمعنى: أحسن كل شيء خلقا.
وقيل: هو منصوب بإسقاط حرف الجر، والمعنى: أحسن كل شيء في خلقه. وروي معناه عن ابن عباس و{أَحْسَنَ} أي أتقن وأحكم، فهو أحسن من جهة ما هو لمقاصده التي أريد لها. ومن هذا المعنى قال ابن عباس وعكرمة: ليست است القرد بحسنة، ولكنها متقنة محكمة.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد {أحسن كل شيء خلقه} قال: أتقنه. وهو مثل قوله تبارك وتعالى: {الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ} [طه: 50] أي لم يخلق الإنسان على خلق البهيمة، ولا خلق البهيمة على خلق الإنسان. ويجوز: {خلقه} بالرفع، على تقدير ذلك خلقه.
وقيل: هو عموم في اللفظ خصوص في المعنى، والمعنى: حسن خلق كل شيء حسن.
وقيل: هو عموم في اللفظ والمعنى، أي جعل كل شيء خلقه حسنا، حتى جعل الكلب في خلقه حسنا، قاله ابن عباس.
وقال قتادة: في است القرد حسنة. قوله تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ} يعني آدم. {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ} تقدم في {المؤمنون} وغيرها. قال الزجاج: {مِنْ ماءٍ مَهِينٍ} ضعيف.
وقال غيره: {مَهِينٍ} لا خطر له عند الناس. {ثُمَّ سَوَّاهُ} رجع إلى آدم، أي سوى خلقه {وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} ثم رجع إلى ذريته فقال: {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ} وقيل: ثم جعل ذلك الماء المهين خلقا معتدلا، وركب فيه الروح وأضافه إلى نفسه تشريفا. وأيضا فإنه من فعله وخلقه كما أضاف العبد إليه بقوله: {عبدي}. وعبر عنه بالنفخ لان الروح في جنس الريح. وقد مضى هذا مبينا في {النساء} وغيرها. {قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ} أي ثم أنتم لا تشكرون بل تكفرون.

.تفسير الآية رقم (10):

{وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (10)}
هذا قول منكري البعث، أي هلكنا وبطلنا وصرنا ترابا. وأصله من قول العرب: ضل الماء في اللبن إذا ذهب. والعرب تقول للشيء غلب عليه غيره حتى خفى فيه أثره: قد ضل. قال الأخطل:
كنت القذى في موج أكدر مزبد ** قذف الأتي به فضل ضلالا

وقال قطرب: معنى ضللنا غبنا في الأرض. وأنشد قول النابغة الذبياني:
فآب مضلوه بعين جلية ** وغودر بالجولان حزم ونائل

وقرا ابن محيصن ويحيى بن يعمر: {ضللنا} بكسر اللام، وهي لغة. قال الجوهري: وقد ضللت أضل قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي} [سبأ: 50]. فهذه لغة نجد وهي الفصيحة. واهل العالية يقولون: {ضللت}- بكسر اللام- أضل. وهو ضال تال، وهي الضلالة والتلالة. وأضله أي أضاعه وأهلكه. يقال: أضل الميت إذا دفن. قال:
فآب مضلوه

البيت.
ابن السكيت. أضللت بعيري إذا ذهب منك. وضللت المسجد والدار: إذا لم تعرف موضعهما. وكذلك كل شيء مقيم لا يهتدى له.
وفي الحديث: «لعلي أضل الله» يريد أضل عنه، أي أخفى عليه، من قوله تعالى: {أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ} أي خفينا. وأضله الله فضل، تقول: إنك تهدي الضال ولا تهدي المتضال. وقرأ الأعمش والحسن: {صللنا} بالصاد، أي أنتنا. وهي قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه. النحاس: ولا يعرف في اللغة صللنا ولكن يقال: صل اللحم واصل، وخم وأخم إذا أنتن. الجوهري: صل اللحم يصل- بالكسر- صلولا، أي أنتن، مطبوخا كان أو نيئا. قال الحطيئة:
ذاك فتى يبذل ذا قدره ** لا يفسد اللحم لديه الصلول

واصل مثله. {إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} أي نخلق بعد ذلك خلقا جديدا؟ ويقرأ: {أينا}. النحاس: وفي هذا سؤال صعب من العربية، يقال: ما العامل في {إِذا}؟ و{إن} لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. والسؤال في الاستفهام أشد، لان ما بعد الاستفهام أجدر، ألا يعمل فيما قبله من {إن} كيف وقد اجتمعا. فالجواب على قراءة من قرأ: {إِنَّا} أن العامل {ضَلَلْنا}، وعلى قراءة من قرأ: {أينا} أن العامل مضمر، والتقدير انبعث إذا متنا. وفية أيضا سؤال آخر، يقال: أين جواب {إِذا} على القراءة الأولى لان فيها معنى الشرط؟ فالقول في ذلك أن بعدها فعلا ماضيا، فلذلك جاز هذا. {بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ} أي ليس لهم جحود قدرة الله تعالى عن الإعادة، لأنهم يعترفون بقدرته ولكنهم اعتقدوا أن لا حساب عليهم، وأنهم لا يلقون الله تعالى.

.تفسير الآية رقم (11):

{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)}
فيه مسألتان:
الأولى: قوله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} لما ذكر استبعادهم للبعث ذكر توفيهم وأنه يعيدهم. {يَتَوَفَّاكُمْ} من توفى العدد والشيء إذا استوفاه وقبضه جميعا. يقال: توفاه الله أي استوفى روحه ثم قبضه. وتوفيت مالي من فلان أي استوفيته. {مَلَكُ الْمَوْتِ} واسمه عزرائيل ومعناه عبد الله، كما تقدم في البقرة. وتصرفه كله بأمر الله تعالى وبخلقه واختراعه. وروي في الحديث أن: «البهائم كلها يتوفى الله أرواحها دون ملك الموت» كأنه يعدم حياتها، ذكره ابن عطية. قلت: وقد روي خلافه، وأن ملك الموت يتوفى أرواح جميع الخلائق حتى البرغوث والبعوضة. روى جعفر بن محمد عن أبيه قال: نظر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارفق بصاحبي فإنه مؤمن فقال ملك الموت عليه السلام: يا محمد، طب نفسا وقر عينا فإني بكل مؤمن رفيق واعلم أن ما من أهل بيت مدر ولا شعر في بر ولا بحر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات حتى لأنا أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم. والله يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها». قال جعفر ابن علي: بلغني أنه يتصفحهم عند مواقيت الصلوات، ذكره الماوردي. وذكر الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن محمد الخلال قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال حدثنا أبو بكر حامد المصري قال حدثنا يحيى بن أيوب العلاف قال حدثنا سليمان بن مهير الكلابي قال: حضرت مالك بن أنس رضي الله عنه فأتاه رجل فسأله: أبا عبد الله، البراغيث أملك الموت يقبض أرواحها؟ قال: فأطرق مالك طويلا ثم قال: إلها أنفس؟ قال نعم. قال: ملك الموت يقبض أرواحها، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها} [الزمر: 42]. قال ابن عطية بعد ذكره الحديث: وكذلك الامر في بني آدم، إلا أنه نوع شرف بتصرف ملك وملائكة معه في قبض أرواحهم. فخلق الله تعالى ملك الموت وخلق على يديه قبض الأرواح، واستلالها من الأجسام وإخراجها منها. وخلق الله تعالى جندا يكونون معه يعملون عمله بأمره، فقال تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ} [الأنفال: 50]، وقال تعالى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا} [الأنعام: 61] وقد مضى هذا المعنى في الأنعام. والبارئ خالق الكل، الفاعل حقيقة لكل فعل، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها} [الزمر: 42]. {الذي خلق الموت والحياة} [الملك: 2]. {يُحيِي وَيُمِيتُ} [الأعراف: 158]. فملك الموت يقبض والأعوان يعالجون والله تعالى يزهق الروح. وهذا هو الجمع بين الآي والأحاديث، لكنه لما كان ملك الموت متولي ذلك بالوساطة والمباشرة أضيف التوفي إليه كما أضيف الخلق للملك، كما تقدم في الحج. وروي عن مجاهد أن الدنيا بين يدي ملك الموت كالطست بين يدي الإنسان يأخذ من حيث شاء. وقد روي هذا المعنى مرفوعا، وقد ذكرناه في كتاب التذكرة. وروي أن ملك الموت لما وكله الله تعالى بقبض الأرواح قال: رب جعلتني أذكر بسوء ويشتمني بنو آدم. فقال الله تعالى له: «إني أجعل للموت عللا وأسبابا من الأمراض والاسقام ينسبون الموت إليها فلا يذكرك أحد إلا بخير». وقد ذكرناه في التذكرة مستوفى- وقد ذكرنا أنه يدعو الأرواح فتجيئه ويقبضها، ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة أو العذاب- بما فيه شفاء لمن أراد الوقوف على ذلك.
الثانية: استدل بهذه الآية بعض العلماء على جواز الوكالة من قوله: {وُكِّلَ بِكُمْ} أي بقبض الأرواح. قال ابن العربي: وهذا أخذ من لفظه لا من معناه، ولو اطرد ذلك لقلنا في قوله تعالى: {قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} [الأعراف: 158]: إنها نيابة عن الله تبارك وتعالى ووكالة في تبليغ رسالته، ولقلنا أيضا في قوله تبارك وتعالى: {وَآتُوا الزَّكاةَ} [النور: 56] إنه وكالة، فإن الله تعالى ضمن الرزق لكل دابة وخص الأغنياء بالأغذية وأوعز إليهم بأن رزق الفقراء عندهم، وأمر بتسليمه إليهم مقدارا معلوما في وقت معلوم، دبره بعلمه، وأنفذه من حكمه، وقدره بحكمته. والأحكام لا تتعلق بالألفاظ إلا أن ترد على موضوعاتها الأصلية في مقاصدها المطلوبة، فإن ظهرت في غير مقصدها لم تعلق عليها. ألا ترى أن البيع والشراء معلوم اللفظ والمعنى، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111] ولا يقال: هذه الآية دليل على جواز مبايعة السيد لعبده، لان المقصدين مختلفان. أما إنه إذا لم يكن بد من المعاني فيقال: إن هذه الآية دليل على أن للقاضي أن يستنيب من يأخذ الحق ممن هو عليه قسرا دون أن يكون له في ذلك فعل، أو يرتبط به رضا إذا وجد ذلك.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (12)}
قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} ابتداء وخبر. قال الزجاج: والمخاطبة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخاطبة لامته. والمعنى: ولو ترى يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب. ومذهب أبي العباس غير هذا، وأن يكون المعنى: يا محمد، قل للمجرم وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ لندمت على ما كان منك. {ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ} أي من الندم والخزي والحزن والذل والغم. {عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي عند محاسبة ربهم وجزاء أعمالهم. {رَبَّنا} أي يقولون ربنا. {أَبْصَرْنا} أي أبصرنا ما كنا نكذب. {وَسَمِعْنا} ما كنا ننكر.
وقيل: {أَبْصَرْنا} صدق وعيدك. و{سَمِعْنا} تصديق رسلك. أبصروا حين لا ينفعهم البصر، وسمعوا حين لا ينفعهم السمع. {فَارْجِعْنا} أي إلى الدنيا. {نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} أي مصدقون بالبعث، قاله النقاش.
وقيل: مصدقون بالذي جاء به محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه حق، قاله يحيى بن سلام. قال سفيان الثوري: فأكذبهم الله تعالى فقال: {وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ}.
وقيل: معنى {إِنَّا مُوقِنُونَ} أي قد زالت عنا الشكوك الآن، وكانوا يسمعون ويبصرون في الدنيا، ولكن لم يكونوا يتدبرون، وكانوا كمن لا يبصر ولا يسمع، فلما تنبهوا في الآخرة صاروا حينئذ كأنهم سمعوا وأبصروا.
وقيل: أي ربنا لك الحجة، فقد أبصرنا رسلك وعجائب خلقك في الدنيا، وسمعنا كلامهم فلا حجة لنا. فهذا اعتراف منهم، ثم طلبوا أن يردوا إلى الدنيا ليؤمنوا.