فصل: تفسير الآية رقم (22):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآية رقم (22):

{تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)}
قوله تعالى: {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ} أي خائفين {مِمَّا كَسَبُوا} أي من جزاء ما كسبوا. والظالمون ها هنا الكافرون، بدليل التقسيم بين المؤمن والكافر. {وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ} أي نازل بهم. {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ} الروضة: الموضع النزه الكثير الخضرة. وقد مضى في {الروم}. {لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي من النعيم والثواب الجزيل. {ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} أي لا يوصف ولا تهتدي العقول إلى كنه صفته، لان الحق إذا قال كبير فمن ذا الذي يقدر قدره.

.تفسير الآية رقم (23):

{ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)}
قوله تعالى: {ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا} قرئ {يبشر} من بشره، {ويبشر} من أبشره، {ويبشر} من بشره، وفية حذف، أي يبشر الله به عباده المؤمنين ليتعجلوا السرور ويزدادوا منه وجدا في الطاعة. قوله تعالى: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} أي قل يا محمد لا أسألكم على تبليغ الرسالة جعلا. {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} قال الزجاج: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ} استثناء ليس من الأول، أي إلا أن تودوني لقرابتي فتحفظوني. والخطاب لقريش خاصة، قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد وأبو مالك والشعبي وغيرهم. قال الشعبي: أكثر الناس علينا في هذه الآية فكتبنا إلى ابن عباس نسأله عنها، فكتب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أوسط الناس في قريش، فليس بطن من بطونهم إلا وقد ولده، فقال الله له: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} إلا أن تودوني في قرابتي منكم، أي تراعوا ما بيني وبينكم فتصدقوني. ف {الْقُرْبى} ها هنا قرابة الرحم، كأنه قال: اتبعوني للقرابة إن لم تتبعوني للنبوة. قال عكرمة: وكانت قريش تصل أرحامها فلما بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطعته، فقال: «صلوني كما كنتم تفعلون». فالمعنى على هذا: قل لا أسألكم عليه أجرا لكن أذكركم قرابتي، على أنه استثناء ليس من الأول، ذكره النحاس.
وفي البخاري عن طاوس عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد، فقال ابن عباس: عجلت! إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال: إلا أن تصلوا ما بينكم من القرابة. فهذا قول.
وقيل: القربى قرابة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي لا أسألكم أجرا إلا أن تودوا قرابتي واهل بيتي، كما أمر بإعظامهم ذوي القربى. وهذا قول علي بن حسين وعمرو بن شعيب والسدي.
وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس: لما أنزل الله عز وجل: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين نودهم؟ قال: «علي وفاطمة وأبناؤهما». ويدل عليه أيضا ما روي عن علي رضي الله عنه قال: شكوت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حسد الناس لي. فقال: «أما ترضى أن تكون رابع أربعة أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا وذريتنا خلف أزواجنا». وعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ومن اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقيني يوم القيامة».
وقال الحسن وقتادة: المعنى إلا أن يتوددوا إلى الله عز وجل ويتقربوا إليه بطاعته. ف {القربى} على هذا بمعنى القربة. يقال: قربة وقربى بمعنى، كالزلفة والزلفى.
وروى قزعة بن سويد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قل لا أسألكم على ما آتيتكم به أجرا إلا أن توادوا وتقربوا إليه بالطاعة».
وروى منصور وعوف عن الحسن {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} قال: يتوددون إلى الله عز وجل ويتقربون منه بطاعته.
وقال قوم: الآية منسوخة وإنما نزلت بمكة، وكان المشركون يؤذون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزلت هذه الآية، وأمرهم الله بمودة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصلة رحمه، فلما هاجر آوته الأنصار ونصروه، وأراد الله أن يلحقه بإخوانه من الأنبياء حيث قالوا: {وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ} [الشعراء: 109] فأنزل الله تعالى: {قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} [سبأ: 47] فنسخت بهذه الآية وبقوله: {قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]، وقوله. {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: 72]، وقوله: {أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} [الطور: 40]، قاله الضحاك والحسين بن الفضل. ورواه جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. قال الثعلبي: وليس بالقوي، وكفى قبحا بقول من يقول: إن التقرب إلى الله بطاعته ومودة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واهل بيته منسوخ، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من مات على حب آل محمد مات شهيدا. ومن مات على حب آل محمد جعل الله زوار قبره الملائكة والرحمة. ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه أيس اليوم من رحمة الله. ومن مات على بغض آل محمد لم يرح رائحة الجنة. ومن مات على بغض آل بيتي فلا نصيب له في شفاعتي». قلت: وذكر هذا الخبر الزمخشري في تفسيره بأطول من هذا فقال: وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من مات على حب آل محمد مات شهيدا ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الايمان. ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير. ألا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة. ألا ومن مات في حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة. ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة. ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه أيس من رحمة الله. ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا. ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة». قال النحاس: ومذهب عكرمة ليست بمنسوخة، قال: كانوا يصلون أرحامهم فلما بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطعوه فقال: «قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا أن تودوني وتحفظوني لقرابتي ولا تكذبوني». قلت: وهذا هو معنى قول ابن عباس في البخاري والشعبي عنه بعينه، وعليه لا نسخ. قال النحاس: وقول الحسن حسن، ويدل على صحته الحديث المسند عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما حدثنا أحمد بن محمد الأزدي قال أخبرنا الربيع بن سليمان المرادي قال أخبرنا أسد ابن موسى قال حدثنا قزعة- وهو ابن يزيد البصري- قال حدثنا عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا أسئلكم على ما أنبئكم به من البينات والهدى أجرأ إلا أن توادوا الله عز وجل وأن تتقربوا إليه بطاعته». فهذا المبين عن الله عز وجل قد قال هذا، وكذا قالت الأنبياء صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبله: {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} [سبأ: 47].
الثانية: واختلفوا في سبب نزولها، فقال ابن عباس: لما قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة كانت تنوبه نوائب وحقوق لا يسعها ما في يديه، فقالت الأنصار: إن هذا الرجل هداكم الله به وهو ابن أخيكم، وتنوبه نوائب وحقوق لا يسعها ما في يديه فنجمع له، ففعلوا، ثم أتوه به فنزلت.
وقال الحسن: نزلت حين تفاخرت الأنصار والمهاجرون، فقالت الأنصار نحن فعلنا، وفخرت المهاجرون بقرابتهم من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى مقسم عن ابن عباس قال سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا فخطب فقال للأنصار: «ألم تكونوا أذلاء فأعزكم الله بي. ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي. ألم تكونوا خائفين فآمنكم الله بي ألا تردون علي؟ فقالوا: بم نجيبك؟ قال. تقولون ألم يطردك قومك فآويناك. ألم يكذبك قومك فصدقناك فعدد عليهم. قال: فجثوا على ركبهم فقالوا: أنفسنا وأموالنا لك، فنزلت: {قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}».
وقال قتادة: قال المشركون لعل محمدا فيما يتعاطاه يطلب أجرا، فنزلت هذه الآية، ليحثهم على مودته ومودة أقربائه. قال الثعلبي: وهذا أشبه بالآية، لان السورة مكية. قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً} أي يكتسب. واصل القرف الكسب، يقال: فلان يقرف لعياله، أي يكسب. والاقتراف الاكتساب، وهو مأخوذ من قولهم: رجل قرفة، إذا كان محتالا. وقد مضى في الأنعام القول فيه.
وقال ابن عباس: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً} قال المودة لآل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً} أي نضاعف له الحسنة بعشر فصاعدا. {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} قال قتادة: {غفور} للذنوب {شكور} للحسنات.
وقال السدي: {غفور} لذنوب آل محمد عليه السلام، {شكور} لحسناتهم.

.تفسير الآية رقم (24):

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (24)}
قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} الميم صلة، والتقدير أيقولون افترى. واتصل الكلام بما قبل، لان الله تعالى لما قال: {وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب} [الشورى: 15]، وقال: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ} [الشورى: 17] قال إتماما للبيان: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} يعني كفار قريش قالوا: إن محمدا اختلق الكذب على الله. {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ} شرط وجوابه {عَلى قَلْبِكَ} قال قتادة: يطبع على قلبك فينسيك القرآن، فأخبرهم الله أنه لو افترى عليه لفعل بمحمد ما أخبرهم به في هذه الآية.
وقال مجاهد ومقاتل: {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ} يربط على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يدخل قلبك مشقة من قولهم.
وقيل: المعنى إن يشأ يزل تمييزك.
وقيل: المعنى لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لطبع على قلبك، قاله ابن عيسى.
وقيل: فإن يشأ الله يختم على قلوب الكفار وعلى ألسنتهم وعاجلهم بالعقاب. فالخطاب له والمراد الكفار، ذكره القشيري. ثم ابتدأ فقال: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ} قال ابن الأنباري: {يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ} تام.
وقال الكسائي: فيه تقديم وتأخير، مجازه: والله يمحو الباطل، فحذف منه الواو في المصحف، وهو في موضع رفع. كما حذفت من قوله: {سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ} [العلق: 18]، {وَيَدْعُ الْإِنْسانُ} [الاسراء: 11] ولأنه عطف على قوله: {يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ}.
وقال الزجاج: قول: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} تمام، وقوله: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ} احتجاج على من أنكر ما أتى به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي لو كان ما أتى به باطلا لمحاه كما جرت به عادته في المفترين. {وَيُحِقُّ الْحَقَّ} أي الإسلام فيثبته {بِكَلِماتِهِ} أي بما أنزله من القرآن. {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ} عام، أي بما في قلوب العباد. وقيل خاص. والمعنى أنك لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لعلمه وطبع على قلبك.

.تفسير الآية رقم (25):

{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (25)}
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ} قال ابن عباس: لما نزل قوله تعالى: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} قال قوم في نفوسهم: ما يريد إلا أن يحثنا على أقاربه من بعده، فأخبر جبريل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنهم قد اتهموه فأنزل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} الآية، فقال القوم: يا رسول الله، فإنا نشهد أنك صادق ونتوب. فنزلت: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ}. قال ابن عباس: أي عن أوليائه واهل طاعته. والآية عامة. وقد مضى الكلام في معنى التوبة وأحكامها، ومضى هذا اللفظ في {براءة} {وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ} أي عن الشرك قبل الإسلام. {وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ} أي من الخير والشر. وقرأ حمزة والكسائي وحفص وخلف بالتاء على الخطاب، وهي قراءة ابن مسعود وأصحابه. الباقون بالياء على الخبر، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، لأنه بين خبرين: الأول وهو {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ} والثاني {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}.