فصل: تفسير الآيات (30- 31):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآيات (30- 31):

{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (31)}
قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ} أي الجنة {ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ} أي فيقال لهم ذلك. وهو استفهام توبيخ. {فَاسْتَكْبَرْتُمْ} عن قبولها. {وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ} أي مشركين تكسبون المعاصي. يقال: فلان جريمة أهله إذا كان كاسبهم، فالمجرم من أكسب نفسه المعاصي. وقد قال الله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: 35] فالمجرم ضد المسلم فهو المذنب بالكفر إذا.

.تفسير الآية رقم (32):

{وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)}
قوله تعالى: {وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أي البعث كائن. {وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها} وقرأ حمزة {والساعة} بالنصب عطفا على {وَعْدَ}. الباقون بالرفع على الابتداء، أو العطف على موضع {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ}. ولا يحسن على الضمير الذي في المصدر، لأنه غير مؤكد، والضمير المرفوع إنما يعطف عليه بغير تأكيد في الشعر. {قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ} هل هي حق أم باطل. {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} تقديره عند المبرد: إن نحن إلا نظن ظنا. وقيل لا التقدير إن نظن إلا أنكم تظنون ظنا وقيل أي وقلتم إن نظن إلا ظنا {وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} أن الساعة آتية.

.تفسير الآية رقم (33):

{وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (33)}
قوله تعالى: {وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا} أي ظهر لهم جزاء سيئات ما عملوا. {وَحاقَ بِهِمْ} أي نزل بهم وأحاط. {ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} من عذاب الله.

.تفسير الآية رقم (34):

{وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (34)}
قوله تعالى: {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ} أي نترككم في النار كما تركتم لقاء يومكم هذا، أي تركتم العمل له. {وَمَأْواكُمُ النَّارُ} أي مسكنكم ومستقركم. {وما لكم من ناصرين} من ينصركم.

.تفسير الآية رقم (35):

{ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)}
قوله تعالى: {ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ} يعني القرآن. {هُزُواً} لعبا. {وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا} أي خدعتكم بأباطيلها وزخارفها، فظننتم أن ليس ثم غيرها، وأن لا بعث. {فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها} أي من النار. {وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} يسترضون. وقد تقدم. وقرأ حمزة والكسائي {فاليوم لا يخرجون} بفتح الياء وضم الراء، لقوله تعالى:
{كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها} [السجدة: 20] الباقون بضم الياء وفتح الراء، لقوله تعالى: {رَبَّنا أَخْرِجْنا} [فاطر: 37] ونحوه.

.تفسير الآيات (36- 37):

{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)}
قوله تعالى: {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ} قرأ مجاهد وحميد وابن محيصن {رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ} بالرفع فيها كلها على معنى هو رب. {وَلَهُ الْكِبْرِياءُ} أي العظمة والجلال والبقاء والسلطان والقدرة والكمال. {فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} والله أعلم.

.سورة الأحقاف:

سورة الأحقاف مكية في قول جميعهم. وهي أربع وثلاثون آية، وقيل خمس.

.تفسير الآيات (1- 3):

{حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)}
قوله تعالى: {حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} تقدم {ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ} تقدم أيضا. {وَأَجَلٍ مُسَمًّى} يعني القيامة، في قول ابن عباس وغيره. وهو الأجل الذي تنتهي إليه السموات والأرض.
وقيل: إنه هو الأجل المقدور لكل مخلوق. {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا} خوفوه {مُعْرِضُونَ} مولون لا هون غير مستعدين له. ويجوز أن تكون {ما} مصدرية، أي عن إنذارهم ذلك اليوم.

.تفسير الآية رقم (4):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (4)}
فيه خمس مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي ما تعبدون من الأصنام والأنداد من دون الله. {أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} أي هل خلقوا شيئا من الأرض {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ} أي نصيب {فِي السَّماواتِ} أي في خلق السموات مع الله. {ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا} أي من قبل هذا القرآن.
الثانية: قوله تعالى: {أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}. قراءة العامة {أو أثارة} بألف بعد الثاء. قال ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هو خط كانت تخطه العرب في الأرض»، ذكره المهدوي والثعلبي.
وقال ابن العربي: ولم يصح.
وفي مشهور الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك» ولم يصح أيضا. قلت: هو ثابت من حديث معاوية بن الحكم السلمي، خرجه مسلم. وأسند النحاس: حدثنا محمد بن أحمد يعرف بالجرايجي قال حدثنا محمد بن بندار قال حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان الثوري عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله عز وجل: {أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} قال: «الخط» وهذا صحيح أيضا. قال ابن العربي: واختلفوا في تأويله، فمنهم من قال: جاء لاباحة الضرب، لان بعض الأنبياء كان يفعله.
ومنهم من قال جاء للنهي عنه، لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «فمن وافق خطه فذاك» ولا سبيل إلى معرفة طريق النبي المتقدم فيه، فإذا لا سبيل إلى العمل به. قال:
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصا ** ولا زاجرات الطير ما الله صانع

وحقيقته عند أربابه ترجع إلى صور الكواكب، فيدل ما يخرج منها على ما تدل عليه تلك الكواكب من سعد أو نحس يحل بهم، فصار ظنا مبنيا على ظن، وتعلقا بأمر غائب قد درست طريقه وفات تحقيقه، وقد نهت الشريعة عنه، وأخبرت أن ذلك مما اختص الله به، وقطعه عن الخلق، وإن كانت لهم قبل ذلك أسباب يتعلقون بها في درك الأشياء المغيبة، فإن الله قد رفع تلك الأسباب وطمس تيك الأبواب وأفرد نفسه بعلم الغيب، فلا يجوز مزاحمته في ذلك، ولا يحل لاحد دعواه. وطلبه عناء لو لم يكن فيه نهي، فإذ وقد ورد النهي فطلبه معصية أو كفر بحسب قصد الطالب. قلت: ما اختاره هو قول الخطابي. قال الخطابي: قوله عليه السلام: «فمن وافق خطه فذاك» هذا يحتمل الزجر إذ كان ذلك علما لنبوته وقد انقطعت، فنهينا عن التعاطي لذلك. قال القاضي عياض: الأظهر من اللفظ خلاف هذا، وتصويب خط من يوافق خطه، لكن من أين تعلم الموافقة والشرع منع من التخرص وادعاء الغيب جملة- فإنما معناه أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون إصابته، لا أنه يريد إباحة ذلك لفاعله على ما تأوله بعضهم.
وحكى مكي في تفسير قوله: «كان نبي من الأنبياء يخط» أنه كان يخط بإصبعه السبابة والوسطى في الرمل ثم يزجر.
وقال ابن عباس في تفسير قوله: «ومنا رجال يخطون» هو الخط الذي يخطه الحازي.
فيعطى حلوانا فيقول: اقعد حتى أخط لك، وبين يدي الحازي غلام معه ميل ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط الأستاذ خطوطا معجلة لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو على مهل خطين خطين، فإن بقي خطان فهو علامة النجح، وإن بقي خط فهو علامة الخيبة. والعرب تسميه الأسحم وهو مشئوم عندهم.
الثالثة: قال ابن العربي: إن الله تعالى لم يبق من الأسباب الدالة على الغيب التي أذن في التعلق بها والاستدلال منها إلا الرؤيا، فإنه أذن فيها، وأخبر أنها جزء من النبوة وكذلك الفأل، وأما الطيرة والزجر فإنه نهى عنهما. والفأل: هو الاستدلال بما يسمع من الكلام على ما يريد من الامر إذا كان حسنا، فإن سمع مكروها فهو تطير، أمره الشرع بأن يفرح بالفأل ويمضي على أمره مسرورا. وإذا سمع المكروه أعرض عنه ولم يرجع لأجله، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك». وقد روى بعض الأدباء:
الفأل والزجر والكهان كلهم ** مضللون ودون الغيب أقفال

وهذا كلام صحيح، إلا في الفأل فإن الشرع استثناه وأمر به، فلا يقبل من هذا الشاعر ما نظمه فيه، فإنه تكلم بجهل، وصاحب الشرع أصدق وأعلم وأحكم. قلت: قد مضى في الطيرة والفأل وفي الفرق بينهما ما يكفي في المائدة وغيرها. ومضى في الأنعام أن الله سبحانه منفرد بعلم الغيب، وأن أحدا لا يعلم ذلك إلا ما أعلمه الله، أو يجعل على ذلك دلالة عادية يعلم بها ما يكون على جري العادة، وقد يختلف. مثاله إذا رأى نخلة قد أطلعت فإنه يعلم أنها ستثمر، وإذا رآها قد تناثر طلعها علم أنها لا تثمر. وقد يجوز أن يأتي عليها آفة تهلك ثمرها فلا تثمر، كما أنه جائز أن تكون النخلة التي تناثر طلعها يطلع الله فيها طلعا ثانيا فتثمر. وكما أنه جائز أيضا ألا يلي شهره شهر ولا يومه يوم إذا أراد الله إفناء العالم ذلك الوقت. إلى غير ذلك مما تقدم في الأنعام بيانه.
الرابعة: قال ابن خويز منداد: قوله تعالى: {أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} يريد الخط. وقد كان مالك رحمه الله يحكم بالخط إذا عرف الشاهد خطه. وإذا عرف الحاكم خطه أو خط من كتب إليه حكم به، ثم رجع عن ذلك حين ظهر في الناس ما ظهر من الحيل والتزوير. وقد روي عنه أنه قال: يحدث الناس فجورا فتحدث لهم أقضيه. فأما إذا شهد الشهود على الخط المحكوم به، مثل أن يشهدوا أن هذا خط الحاكم وكتابه، أشهدنا على ما فيه وإن لم يعلموا ما في الكتاب. وكذلك الوصية أو خط الرجل باعترافه بمال لغيره يشهدون أنه خطه ونحو ذلك- فلا يختلف مذهبه أنه يحكم به.
وقيل: {أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} أو بقية من علم، قاله ابن عباس والكلبي وأبو بكر بن عياش وغيرهم.
وفي الصحاح {أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} بقية منه. وكذلك الأثرة بالتحريك. ويقال: سمنت الإبل على أثارة، أي بقية شحم كان قبل ذلك. وأنشد الماوردي والثعلبي قول الراعي:
وذات أثارة أكلت عليها ** نباتا في أكمته ففارا

وقال الهروي: والإثارة والأثر: البقية، يقال: ما ثم عين ولا أثر.
وقال ميمون بن مهران وأبو سلمة بن عبد الرحمن وقتادة: {أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} خاصة من علم.
وقال مجاهد: رواية تأثرونها عمن كان قبلكم.
وقال عكرمة ومقاتل: رواية عن الأنبياء.
وقال القرظي: هو الاسناد. الحسن: المعنى شيء يثار أو يستخرج.
وقال الزجاج: {أَوْ أَثارَةٍ} أي علامة. والإثارة مصدر كالسماحة والشجاعة. واصل الكلمة من الأثر، وهي الرواية، يقال: أثرت الحديث آثره أثرا وأثارة وأثرة فأنا آثر، إذا ذكرته عن غيرك. ومنه قيل: حديث مأثور، أي نقله خلف عن سلف. قال الأعشى:
إن الذي فيه تماريتما ** بين للسامع والآثر

ويروى {بين} وقرئ: {أو أثرة} بضم الهمزة وسكون الثاء. ويجوز أن يكون معناه بقية من علم. ويجوز أن يكون معناه شيئا مأثورا من كتب الأولين. والمأثور: ما يتحدث به مما صح سنده عمن تحدث به عنه. وقرأ السلمي والحسن وأبو رجاء بفتح الهمزة والثاء من غير ألف، أي خاصة من علم أوتيتموها أو أوثرتم بها على غيركم. وروي عن الحسن أيضا وطائفة {أثرة} مفتوحة الالف ساكنة الثاء، ذكر الأولى الثعلبي والثانية الماوردي.
وحكى الثعلبي عن عكرمة: أو ميراث من علم. {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}.
الخامسة: قوله تعالى: {ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} فيه بيان مسالك الادلة بأسرها، فأولها المعقول، وهو قوله تعالى: {
قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ} وهو احتجاج بدليل العقل في أن الجماد لا يصح أن يدعى من دون الله فإنه لا يضر ولا ينفع. ثم قال: {ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا} فيه بيان أدلة السمع {أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}.