فصل: تفسير الآية رقم (11):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآية رقم (11):

{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)}
قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ} اختلف في سبب نزولها على ستة أقوال: الأول- أن أبا ذر الغفاري دعاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام بمكة فأجاب، واستجار به قومه فأتاه زعيمهم فأسلم، ثم دعاهم الزعيم فأسلموا، فبلغ ذلك قريشا فقالوا: غفار الحلفاء لو كان هذا خيرا ما سبقونا إليه، فنزلت هذه الآية، قاله أبو المتوكل.
الثاني- أن زنيرة أسلمت فأصيب بصرها فقالوا لها: أصابك اللات والعزى، فرد الله عليها بصرها. فقال عظماء قريش: لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة، فأنزل الله تعالى هذه الآية، قاله عروة بن الزبير.
الثالث- أن الذين كفروا هم بنو عامر وغطفان وتميم وأسد وحنظلة وأشجع، قالوا لمن أسلم من غفار وأسلم وجهينة ومزينة وخزاعة: لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقتنا إليه رعاة البهم إذ نحن أعز منهم، قاله الكلبي والزجاج، وحكاه القشيري عن ابن عباس.
وقال قتادة: نزلت في مشركي قريش، قالوا: لو كان ما يدعونا إليه محمد خيرا ما سبقنا إليه بلال وصهيب وعمار وفلان وفلان. وهو القول الرابع. القول الخامس- أن الذين كفروا من اليهود قالوا للذين آمنوا يعني عبد الله بن سلام وأصحابه: لو كان دين محمد حقا ما سبقونا إليه، قاله أكثر المفسرين، حكاه الثعلبي.
وقال مسروق: إن الكفار قالوا لو كان خيرا ما سبقتنا إليه اليهود، فنزلت هذه الآية. وهذه المعارضة من الكفار في قولهم: لو كان خيرا ما سبقونا إليه من أكبر المعارضات بانقلابها عليهم لكل من خالفهم، حتى يقال لهم: لو كان ما أنتم عليه خيرا ما عدلنا عنه، لو كان تكذيبكم للرسول خيرا ما سبقتمونا إليه، ذكره الماوردي. ثم قيل: قوله: {ما سَبَقُونا إِلَيْهِ} يجوز أن يكون من قول الكفار لبعض المؤمنين، ويجوز أن يكون على الخروج من الخطاب إلى الغيبة، كقوله تعالى: {حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]. {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ} يعني الايمان. وقيل القرآن. وقيل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ} أي لما لم يصيبوا الهدى بالقرآن ولا بمن جاء به عادوه ونسبوه إلى الكذب، وقالوا هذا إفك قديم، كما قالوا: أساطير الأولين. وقيل لبعضهم: هل في القرآن: من جهل شيئا عاداه؟ فقال نعم؟ قال الله تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ} ومثله {بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [يونس: 39].

.تفسير الآية رقم (12):

{وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (12)}
قوله تعالى: {وَمِنْ قَبْلِهِ} أي ومن قبل القرآن {كِتابُ مُوسى} أي التوراة {إِماماً} يقتدى بما فيه و{وَرَحْمَةً} من الله.
وفي الكلام حذف، أي فلم تهتدوا به. وذلك أنه كان في التوراة نعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والايمان به فتركوا ذلك. و{إِماماً} نصب على الحال، لان المعنى: وتقدمه كتاب موسى إماما. {وَرَحْمَةً} معطوف عليه.
وقيل: انتصب بإضمار فعل، أي أنزلناه إماما ورحمة.
وقال الأخفش: على القطع، لان كتاب موسى معرفة بالإضافة، لان النكرة إذا أعيدت أو أضيفت أو أدخل عليها ألف ولام صارت معرفة. {وَهذا كِتابٌ} يعني القرآن {مُصَدِّقٌ} يعني للتوراة ولما قبله من الكتب.
وقيل: مصدق للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {لِساناً عَرَبِيًّا} منصوب على الحال، أي مصدق لما قبله عربيا، و{لِساناً} توطئة للحال أي تأكيد، كقولهم: جاءني زيد رجلا صالحا، فتذكر رجلا توكيدا.
وقيل: نصب بإضمار فعل تقديره: وهذا كتاب مصدق أعني لسانا عربيا.
وقيل: نصب بإسقاط حرف الخفض تقديره: بلسان عربي.
وقيل: إن لسانا مفعول والمراد به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي وهذا كتاب مصدق للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه معجزته، والتقدير: مصدق ذا لسان عربي. فاللسان منصوب بمصدق، وهو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ويبعد أن يكون اللسان القرآن، لان المعنى يكون يصدق نفسه. {لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} قراءة العامة {لِيُنْذِرَ} بالياء خبرا عن الكتاب، أي لينذر الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية.
وقيل: هو خبر عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقرأ نافع وابن عامر والبزي بالتاء، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، على خطاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال الله تعالى: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ} [الرعد: 7]. {وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ} {بُشْرى} في موضع رفع، أي وهو بشرى.
وقيل: عطفا على الكتاب، أي وهذا كتاب مصدق وبشرى. ويجوز أن يكون منصوبا بإسقاط حرف الخفض، أي لينذر الذين ظلموا وللبشرى، فلما حذف الخافض نصب.
وقيل: على المصدر، أي وتبشر المحسنين بشرى، فلما جعل مكان وتبشر بشرى أو بشارة نصب، كما تقول: أتيتك لازورك، وكرامة لك وقضاء لحقك، يعني لازورك وأكرمك وأقضي حقك، فنصب الكرامة بفعل مضمر.

.تفسير الآيات (13- 14):

{إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (14)}
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا} الآية تقدم معناها.
وقال ابن عباس: نزلت في أبي بكر الصديق. والآية تعم. {جزاء} نصب على المصدر.

.تفسير الآية رقم (15):

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)}
فيه سبع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً} بين اختلاف حال الإنسان مع أبويه، فقد يطيعهما وقد يخالفهما، أي فلا يبعد مثل هذا في حق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقومه حتى يستجيب له البعض ويكفر البعض. فهذا وجه اتصال الكلام بعضه ببعض، قاله القشيري.
الثانية: قوله تعالى: {حسنا} قراءة العامة {حسنا} وكذا هو في مصاحف أهل الحرمين والبصرة والشام. وقرأ ابن عباس والكوفيون {إِحْساناً} وحجتهم قوله تعالى في سورة الأنعام وبني إسرائيل: {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} [الأنعام: 151] وكذا هو في مصاحف الكوفة. وحجة القراءة الأولى قول تعالى في سورة العنكبوت: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً} [العنكبوت: 8]
ولم يختلفوا فيها. والحسن خلاف القبح. والإحسان خلاف الإساءة. والتوصية الامر. وقد مضى القول في هذا وفيمن نزلت.
الثالثة: قوله تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً} أي بكره ومشقة. وقراءة العامة بفتح الكاف. واختاره أبو عبيد، قال: وكذلك لفظ الكره في كل القرآن بالفتح إلا التي في سورة البقرة {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] لان ذلك اسم وهذه كلها مصادر. وقرأ الكوفيون {كرها} بالضم. قيل: هما لغتان مثل الضعف والضعف والشهد والشهد، قاله الكسائي، وكذلك هو عند جميع البصريين.
وقال الكسائي أيضا والفراء في الفرق بينهما: إن الكره بالضم ما حمل الإنسان على نفسه، وبالفتح ما حمل على غيره، أي قهرا وغصبا، ولهذا قال بعض أهل العربية: إن كرها بفتح الكاف لحن.
الرابعة: قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} قال ابن عباس: إذا حملت تسعة أشهر أرضعت إحدى وعشرين شهرا، وإن حملت ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهرا. وروي أن عثمان قد أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر، فأراد أن يقضي عليها بالحد، فقال له علي رضي الله عنه: ليس ذلك عليها، قال الله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} وقال تعالى: {وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ} [البقرة: 233] فالرضاع أربعة وعشرون شهرا والحمل ستة أشهر، فرجع عثمان عن قوله ولم يحدها. وقد مضى في البقرة.
وقيل: لم يعد ثلاثة أشهر في ابتداء الحمل، لان الولد فيها نطفة وعلقة ومضغة فلا يكون له ثقل يحس به، وهو معنى قوله تعالى: {فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: 189]. والفصال الفطام. وقد تقدم في {لقمان} الكلام فيه. وقرأ الحسن ويعقوب وغيرهما {وفصله} بفتح الفاء وسكون الصاد. وروي أن الآية نزلت في أبي بكر الصديق، وكان حمله وفصاله في ثلاثين شهرا، حملته أمه تسعة أشهر وأرضعته إحدى وعشرين شهرا.
وفي الكلام إضمار، أي ومدة حمله ومدة فصاله ثلاثون شهرا، ولولا هذا الإضمار لنصب ثلاثون على الظرف وتغير المعنى.
الخامسة: قوله تعالى: {حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قال ابن عباس: ثماني عشرة سنة.
وقال في رواية عطاء عنه: إن أبا بكر صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثماني عشرة سنة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن عشرين سنة، وهم يريدون الشام للتجارة، فنزلوا منزلا فيه سدرة، فقعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ظلها، ومضى أبو بكر إلى راهب هناك فسأله عن الدين. فقال الراهب: من الرجل الذي في ظل الشجرة؟ فقال: ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. فقال: هذا والله نبي، وما استظل أحد تحتها بعد عيسى. فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، وكان لا يكاد يفارق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أسفاره وحضره. فلما نبئ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن أربعين سنة، صدق أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمانية وثلاثين سنة. فلما بلغ أربعين سنة قال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ} الآية.
وقال الشعبي وابن زيد: الأشد الحلم.
وقال الحسن: هو بلوغ الأربعين. وعنه قيام الحجة عليه. وقد مضى في الأنعام الكلام في الآية.
وقال السدي والضحاك: نزلت في سعد بن أبي وقاص. وقد تقدم.
وقال الحسن: هي مرسلة نزلت على العموم. والله أعلم.
السادسة: قوله تعالى: {قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي} أي ألهمني. {أَنْ أَشْكُرَ} في موضع نصب على المصدر، أي شكر نعمتك {عَلَيَّ} أي ما أنعمت به علي من الهداية {وَعَلى والِدَيَّ} بالتحنن والشفقة حتى ربياني صغيرا.
وقيل: أنعمت علي بالصحة والعافية وعلى والدي بالغنى والثروة.
وقال علي رضي الله عنه: هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه! أسلم أبواه جميعا ولم يجتمع لاحد من المهاجرين أن أسلم أبواه غيره، فأوصاه الله بهما ولزم ذلك من بعده. ووالده هو أبو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم. وأمه أم الخير، واسمها سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد. وام أبيه أبي قحافة قيلة بالياء المعجمة باثنتين من تحتها. وامرأة أبي بكر الصديق اسمها قتيلة بالتاء المعجمة باثنتين من فوقها بنت عبد العزى. {وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ} قال ابن عباس: فأجابه الله فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون في الله منهم بلال وعامر بن فهيرة، ولم يدع شيئا من الخير إلا أعانه الله عليه.
وفي الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر أنا. قال: فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا. قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة».
السابعة: قوله تعالى: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} أي اجعل ذريتي صالحين. قال ابن عباس: فلم يبق له ولد ولا والد ولا والدة إلا آمنوا بالله وحده. ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسلم هو وأبواه وأولاده وبناته كلهم إلا أبو بكر.
وقال سهل بن عبد الله: المعنى اجعلهم لي خلف صدق، ولك عبيد حق.
وقال أبو عثمان: اجعلهم أبرارا لي مطيعين لك.
وقال ابن عطاء: وفقهم لصالح أعمال ترضى بها عنهم.
وقال محمد بن علي: لا تجعل للشيطان والنفس والهوى عليهم سبيلا.
وقال مالك بن مغول: اشتكى أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف، فقال: استعن عليه بهذه الآية، وتلا {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}. {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ} قال ابن عباس: رجعت عن الامر الذي كنت عليه. {وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} أي المخلصين بالتوحيد.