فصل: تفسير الآية رقم (10):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآية رقم (10):

{فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ (10)}
قوله تعالى: {فَما لَهُ} أي للإنسان مِنْ قُوَّةٍ أي منعة تمنعه. وَلا ناصِرٍ ينصره مما نزل به. وعن عكرمة فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ قال: هؤلاء الملوك ما لهم يوم القيامة من قوة ولا ناصر.
وقال سفيان: القوة: العشيرة. والناصر: الحليف.
وقيل: فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ في بدنه. وَلا ناصِرٍ من غيره يمتنع به من الله. وهو معنى قول قتادة.

.تفسير الآيات (11- 16):

{وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16)}
قوله تعالى: {وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ} أي ذات المطر. ترجع كل سنة بمطر بعد مطر. كذا قاله عامة المفسرين.
وقال أهل اللغة: الرجع: المطر، وأنشدوا للمتنخل يصف سيفا شبهه بالماء:
أبيض كالرجع رسوب إذا ** ما ثاخ في محتفل يختلى

ثاخت قدمه في الوحل تثوخ وتثيخ: خاضت وغابت فيه، قاله الجوهري. قال الخليل: الرجع: المطر نفسه، والرجع أيضا: نبات الربيع.
وقيل: ذاتِ الرَّجْعِ. أي ذات النفع. وقد يسمى المطر أيضا أوبا، كما يسمى رجعا، قال:
رباء شماء لا يأوي لقلتها ** إلا السحاب وإلا الأوب والسبل

وقال عبد الرحمن بن زيد: الشمس والقمر والنجوم يرجعن في السماء، تطلع من ناحية وتغيب في أخرى.
وقيل: ذات الملائكة، لرجوعهم إليها بأعمال العباد. وهذا قسم. {وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ} قسم آخر، أي تتصدع عن النبات والشجر والثمار والأنهار، نظيره {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} [عبس: 26] الآية. والصدع: بمعنى الشق، لأنه يصدع الأرض، فتنصدع به. وكأنه قال: والأرض ذات النبات، لان النبات صادع للأرض.
وقال مجاهد: والأرض ذات الطرق التي تصدعها المشاة.
وقيل: ذات الحرث، لأنه يصدعها.
وقيل: ذات الأموات: لانصداعها عنهم للنشور. {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} على هذا وقع القسم. أي إن القرآن يفصل بين الحق والباطل. وقد تقدم في مقدمة الكتاب ما رواه الحارث عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «كتاب فيه خبر ما قبلكم وحكم ما بعدكم، هو الفصل، ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله».
وقيل: المراد بالقول الفصل: ما تقدم من الوعيد في هذه السورة، من قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ}. {وَما هُوَ بِالْهَزْلِ} أي ليس القرآن بالباطل واللعب. والهزل: ضد الجد، وقد هزل يهزل. قال الكميت.
يجد بنا في كل يوم ونهزل

{إِنَّهُمْ} أي إن أعداء الله {يَكِيدُونَ كَيْداً} أي يمكرون بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه مكرا. {وَأَكِيدُ كَيْداً} أي أجازيهم جزاء كيدهم.
وقيل: هو ما أوقع الله بهم يوم بدر من القتل والأسر.
وقيل: كيد الله: استدراجهم من حيث لا يعلمون. وقد مضى هذا المعنى في أول البقرة، عند قوله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15]. مستوفي.

.تفسير الآية رقم (17):

{فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17)}
قوله تعالى: {فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ} أي أخرهم، ولا تسأل الله تعجيل إهلاكهم، وارض بما يدبره في أمورهم. ثم نسخت بآية السيف {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]. {أَمْهِلْهُمْ} تأكيد. ومهل وأمهل: بمعنى، مثل نزل وأنزل. وأمهله: أنظره، ومهله تمهيلا، والاسم: المهلة. والاستمهال: الاستنظار. وتمهل في أمره أي اتأد. واتمهل اتمهلالا: أي اعتدل وانتصب. والاتمهلال أيضا: سكون وفتور. ويقال: مهلا يا فلان، أي رفقا وسكونا. رُوَيْداً أي قريبا، عن ابن عباس. قتادة: قليلا. والتقدير: أمهلهم إمهالا قليلا. والرويد في كلام العرب: تصغير رود. وكذا قاله أبو عبيد. وأنشد:
كأنها ثمل يمشي على رود

أي على مهل. وتفسير {رُوَيْداً}: مهلا، وتفسير: رويدك: أمهل، لان الكاف إنما تدخله إذا كان بمعنى أفعل دون غيره، وإنما حركت الدال لالتقاء الساكنين، فنصب نصب المصادر، وهو مصغر مأمور به، لأنه تصغير الترخيم من إرواد، وهو مصدر أرود يرود. وله أربعة أوجه: اسم للفعل، وصفه، وحال، ومصدر، فالاسم نحو قولك: رويد عمرا، أي أرود عمرا، بمعنى أمهله. والصفة نحو قولك: ساروا سيرا رويدا. والحال نحو قولك: سار القوم رويدا، لما اتصل بالمعرفة صار حالا لها. والمصدر نحو قولك: رويد عمرو بالإضافة، كقوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقابِ} [محمد: 4]. قال جميعه الجوهري. والذي في الآية من هذه الوجوه أن يكون نعتا للمصدر، أي إمهالا رويدا. ويجوز أن يكون للحال، أي أمهلهم غير مستعجل لهم العذاب. ختمت السورة.

.سورة الأعلى:

سورة الأعلى مكية في قول الجمهور. وقال الضحاك: مدنية. وهي تسع عشرة آية.

.تفسير الآية رقم (1):

{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}
يستحب للقارئ إذا قرأ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى أن يقول عقبه: سبحان ربي الأعلى، قاله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقاله جماعة من الصحابة والتابعين، على ما يأتي.
وروى جعفر ابن محمد عن أبيه عن جده قال: إن لله تعالى ملكا يقال له حزقيائيل، له ثمانية عشر ألف جناح، ما بين الجناح إلى الجناح مسيرة خمسمائة عام، فخطر له خاطر: هل تقدر أن تبصر العرش جميعه؟ فزاده الله أجنحة مثلها، فكان له ستة وثلاثون ألف جناح، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام. ثم أوحى الله إليه: أيها الملك، أن طر، فطار مقدار عشرين ألف سنة، فلم يبلغ رأس قائمة من قوائم العرش. ثم ضاعف الله له في الأجنحة والقوة، وأمره أن يطير، فطار مقدار ثلاثين ألف سنة أخرى، فلم يصل أيضا، فأوحى الله إليه: أيها الملك، لو طرت إلى نفخ الصور مع أجنحتك وقوتك لم تبلغ ساق عرشي. فقال الملك: سبحان ربي الأعلى، فأنزل الله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجعلوها في سجودكم». ذكره الثعلبي في {كتاب العرائس} له.
وقال ابن عباس والسدي: معنى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى أي عظم ربك الأعلى. والاسم صلة، قصد بها تعظيم المسمى، كما قال لبيد:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

وقيل: نزه ربك عن السوء، وعما يقول فيه الملحدون. وذكر الطبري أن المعنى نزه اسم ربك عن أن تسمى به أحدا سواه.
وقيل: نزه تسمية ربك وذكرك إياه، أن تذكره إلا وأنت خاشع معظم، ولذكره محترم. وجعلوا الاسم بمعنى التسمية، والأولى أن يكون الاسم هو المسمى. روى نافع عن ابن عمر قال: لا تقل على اسم الله، فإن اسم الله هو الأعلى.
وروى أبو صالح عن ابن عباس: صل بأمر ربك الأعلى. قال: وهو أن تقول سبحان ربك الأعلى. وروي عن علي رضي الله عنه، وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبي موسى وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم: أنهم كانوا إذا افتتحوا قراءة هذه السورة قالوا: سبحان ربي الأعلى، امتثالا لأمره في ابتدائها. فيختار الاقتداء بهم في قراءتهم، لا أن سبحان ربي الأعلى من القرآن، كما قاله بعض أهل الزيغ.
وقيل: إنها في قراءة أبي: سبحان ربي الأعلى. وكان ابن عمر يقرؤها كذلك.
وفي الحديث: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قرأها قال: {سبحان ربي الأعلى}. قال أبو بكر الأنباري: حدثني محمد بن شهريار، قال: حدثنا حسين بن الأسود، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال: حدثنا عيسى ابن عمر، عن أبيه، قال: قرأ علي بن أبي طالب عليه السلام في الصلاة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، ثم قال: سبحان ربي الأعلى، فلما انقضت الصلاة قيل له: يا أمير المؤمنين، أتزيد هذا في القرآن؟ قال: ما هو؟ قالوا: سبحان ربي الأعلى. قال: لا، إنما أمرنا بشيء فقلته، وعن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجعلوها في سجودكم». وهذا كله يدل على أن الاسم هو المسمى، لأنهم لم يقولوا: سبحان اسم ربك الأعلى.
وقيل: إن أول من قال: سبحان ربي الأعلى ميكائيل عليه السلام.
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجبريل: «يا جبريل أخبرني بثواب من قال: سبحان ربي الأعلى في صلاته أو في غير صلاته؟ فقال: يا محمد، ما من مؤمن ولا مؤمنة يقولها في سجوده أو في غير سجوده، إلا كانت له في ميزانه أثقل من العرش والكرسي وجبال الدنيا، ويقول الله تعالى: صدق عبدي، أنا فوق كل شي، وليس فوقي شي، اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت له، وأدخلته الجنة فإذا مات زاره ميكائيل كل يوم، فإذا كان يوم القيامة حمله على جناحه، فأوقفه بين يدي الله تعالى، فيقول: يا رب شفعني فيه، فيقول قد شفعتك فيه، فاذهب به إلى الجنة».
وقال الحسن: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} أي صل لربك الأعلى.
وقيل: أي صل بأسماء الله، لا كما يصلي المشركون بالمكاء والتصدية.
وقيل: ارفع صوتك بذكر ربك. قال جرير:
قبح الاله وجوه تغلب كلما ** سبح الحجيج وكبروا تكبيرا

.تفسير الآيات (2- 5):

{الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (4) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (5)}
قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} قد تقدم معنى التسوية في الانفطار وغيرها. أي سوى ما خلق، فلم يكن في خلقه تثبيج.
وقال الزجاج: أي عدل قامته. وعن ابن عباس: حسن ما خلق.
وقال الضحاك: خلق آدم فسوى خلقه.
وقيل: خلق في أصلاب الآباء، وسوى في أرحام الأمهات.
وقيل: خلق الأجساد، فسوى الافهام.
وقيل: أي خلق الإنسان وهيأه للتكليف. {الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى} قرأ علي رضي الله عنه السلمي والكسائي {قدر} مخففة الدال، وشدد الباقون. وهما بمعنى واحد. أي قدر ووفق لكل شكل شكله. فَهَدى أي أرشد. قال مجاهد: قدر الشقاوة والسعادة، وهدى للرشد والضلالة. وعنه قال: هدى الإنسان للسعادة والشقاوة، وهدى الأنعام لمراعيها.
وقيل: قدر أقواتهم وأرزاقهم، وهداهم لمعاشهم إن كانوا إنسا، ولمراعيهم إن كانوا وحشا. وروي عن ابن عباس والسدي ومقاتل والكلبي في قوله فَهَدى قالوا: عرف خلقه كيف يأتي الذكر الأنثى، كما قال في طه: {أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى} [طه: 50] أي الذكر للأنثى.
وقال عطاء: جعل لكل دابة ما يصلحها، وهداها له.
وقيل: خلق المنافع في الأشياء، وهدى الإنسان لوجه استخراجها منها. وقيل قَدَّرَ فَهَدى: قدر لكل حيوان ما يصلحه، فهداه إليه، وعرفه وجه الانتفاع به. يحكى أن الأفعى إذا أتت عليها ألف سنة عميت، وقد ألهمها الله أن مسح العين بورق الرازيانج الغض يرد إليها بصرها، فربما كانت في برية بينها وبين الريف مسيرة أيام، فتطوي تلك المسافة على طولها وعلى عماها، حتى تهجم في بعض البساتين على شجرة الرازيانج لا تخطئها، فتحك بها عينيها وترجع باصرة بإذن الله تعالى. وهدايات الإنسان إلى ما لا يحد من مصالحه، وما لا يحصر من حوائجه، في أغذيته وأدويته، وفي أبواب دنياه ودينه، وإلهامات البهائم والطيور وهوام الأرض باب واسع، وشوط بطين، لا يحيط به وصف واصف، فسبحان ربي الأعلى.
وقال السدي: قدر مدة الجنين في الرحم تسعة أشهر، وأقل وأكثر، ثم هداه للخروج من الرحم.
وقال الفراء: أي قدر، فهدى وأضل، فاكتفى بذكر أحدهما، كقوله تعالى: {سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81]. ويحتمل أن يكون بمعنى دعا إلى الايمان، كقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ} [الشورى: 52]. أي لتدعو، وقد دعا الكل إلى الايمان.
وقيل: فَهَدى أي دلهم بأفعاله على توحيده، وكونه عالما قادرا. ولا خلاف أن من شدد الدال من قَدَّرَ أنه من التقدير، كقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} [الفرقان: 2]. ومن خفف فيحتمل أن يكون من التقدير فيكونان بمعنى. ويحتمل أن يكون من القدر والملك، أي ملك الأشياء، وهدى من يشاء. قلت: وسمعت بعض أشياخي يقول: الذي خلق فسوى وقدر فهدى. هو تفسير العلو الذي يليق بجلال الله سبحانه على جميع مخلوقاته. قوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى} أي النبات والكلأ الأخضر. قال الشاعر:
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ** وتبقى حزازات النفوس كما هيا

{فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى} الغثاء: ما يقذف به السيل على جوانب الوادي من الحشيش والنبات والقماش. وكذلك الغثاء بالتشديد. والجمع: الاغثاء، قتادة: الغثاء: الشيء اليابس. ويقال للبقل والحشيش إذا تحطم ويبس: غثاء وهشيم. وكذلك للذي يكون حول الماء من القماش غثاء، كما قال:
كأن طمية المجيمر غدوة ** من السيل والاغثاء فلكة مغزل

وحكى أهل اللغة: غثا الوادي وجفا. وكذلك الماء: إذا علاه من الزبد والقماش ما لا ينتفع به. والأحوى: الأسود، أي أن النبات يضرب إلى الحوة من شدة الخضرة كالأسود. والحوة: السواد، قال الأعشى:
لمياء في شفتيها حوة لعس ** وفي اللثات وفي أنيابها شنب

وفي الصحاح: والحوة: سمرة الشفة. يقال: رجل أحوى، وامرأة حواء، وقد حويت. وبعير أحوى إذا خالط خضرته سواد وصفرة. وتصغير أحوى أحيو، في لغة من قال أسيود. ثم قيل: يجوز أن يكون أَحْوى حالا من الْمَرْعى، ويكون المعنى: كأنه من خضرته يضرب إلى السواد، والتقدير: أخرج المرعى أحوى، فجعله غثاء يقال: قد حوي النبت، حكاه الكسائي، وقال:
وغيث من الوسمي حو تلاعه ** تبطنته بشيظم صلتان

ويجوز أن يكون أَحْوى صفة ل غُثاءً. والمعنى: أنه صار كذلك بعد خضرته.
وقال أبو عبيدة: فجعله أسود من احتراقه وقدمه، والرطب إذا يبس أسود.
وقال عبد الرحمن زيد: أخرج المرعى أخضر، ثم لما يبس أسود من احتراقه، فصار غثاء تذهب به الرياح والسيول. وهو مثل ضربه الله تعالى للكفار، لذهاب الدنيا بعد نضارتها.