فصل: تفسير الآية رقم (138):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ أبو عبد الرَّحْمن السلمي، والحسن البصري، وعبد الملك قَاضِي الجند صَاحِب أن عامِر: {زُيِّن} مبْنِيًا للمفعُول، {قَتْلُ} رفعًا على ما تقدَّم، {أوْلادِهم} خفْضًا بالإضافة، {شُرَكَاؤهم} رفْعًا، وفي رفْعِه تخريجان:
أحدهما- وهو تَخْريج سيبويه: أنه مَرْفُوع بفعل مُقَدَّر، تقديره: زَيَّنَه شركَاؤهُم، فهو جواب لِسُؤال مقدر كأنَّه قيل: مَنْ زَيَّنة لَهُم؟ فقيل: {شركَاؤُهُم}؛ وهذا كقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رجَالٌ} [النور: 36] أي: يُسَبِّحُهُ.
وقال الآخر: [الطويل]
لِيُبْكَ يَزِيدُ ضَارعٌ لِخُصُومَةٍ

والثاني: خرجه قُطْرُب- أن يكُون {شُرَكَاؤهُم} رفعًا على الفاعليَّة بالمَصْدَر، والتقدير: زُيِّن للمشركِين أن قَتْلَ أوْلادهم شُركَاؤُهُم؛ كما تَقُول: حُبِّب لِي رُكوبُ الفرسِ زَيْدٌ تقديره: حُبِّب لِي أنْ ركب الفَرَس زَيْد، والفرق بني التَّخْرِيجَيْن: أن التَّخريج الأوَّل يؤدِّي إلى أن تكُونَ هذه القِرَاءةُ في المَعْنَى، كالقراءة المَنْسُوبة للعَامَّة في كون الشُّركَاء مُزَيِّين للقَتْلِ، وليسوا قَاتِلِين.
والثاني: أن يكون الشُّركاء قَاتِلين، ولكن ذلك على سبيل المجازِ؛ لأنهم لما زيَّنُوا قَتْلَهم لآباَائِهِم، وكانوا سَبَبًا فيه، نُسِبَ إليهم القَتْل مجازًا.
وقال أبو البقاء: ويمكن أن يَقَع القَتْل منهم حَقِيقَة، وفي نظر؛ لقوله- تبارك وتعالى: {زَيَّن} والإنْسَان إنما يُزَيَّن له فِعْل نَفْسِه؛ كقوله تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [فاطر: 8] وقال غير أبي عُبَيْد: وقرأ أهْل الشام كقِرَاءة ابن عامر، إلا أنهم خفَضُوا الأولاد أيضًا، وتخريجها سَهْل؛ وهو أن تَجْعَل {شُرَكَائِهم} بدلًا من {أولادِهِم} بمعنى أنهم يُشْرِكُونهم في النَّسب، والمالِ، وغير ذلك.
قال الزَّجَّاج: وقد رُوِيت {شُركَائِهم} بالياء في بَعْض المصاحفِ، ولكن لا يَجُوز إلاَّ على أن يكُون {شُركَاؤُهم} من نَعْت الأولاد؛ لأن أولادهم شُرَكَاؤهُم في أمْوالهم.
وقال الفراء بعد أنْ ذكر قِرَاءة العامَّة وهي {زَيَّن} مبنيًا للفاعل، {شركَاؤُهُم} مرفوعًا على أنَّه فاعِل- وقراءة {زُيِّن} مبنيًا للمفعُول، {شركَاؤُهُم} رَفْعًا على ما تقدَّم من أنه بإضْمار فعل، وفي مُصْحَف أهْل الشَّام {شُركَايهم} بالياء، فإن تكُن مُثْبتة عن الأوَّلين، فينبغي أن تقرأ زُيِّن ويكون الشُّركَاء هم الأوْلاَد؛ لأنهم مِنءهُم في النَّسْب والمِيراث.
وإن كانوا يَقْرَءُون: زَيِّن- يعني بفتح الزاي- فَلَسْت أعرف جِهَتَهَا إلا أن يكُونُوا فيها آخِذِين بلُغَة قَوءم يَقُولون: أتْيتُها عَشَايَانَا، ويقولون في تثنية حَمْراء: حَمْرَايَان فهذا وَجْه أن يكُونُوا أرَادُوا: زَيَّن لكثير من المشْرِكِين قتل أوْلادهم شُركَايُهم، يعني بياء مَضْمُومة؛ لأن {شركَاؤُهُم} فاعل كما مَرَّ في قرَاءة العَامَّة.
قال: وإن شِئْتَ جَعَلْتَ زَيَّن فعلًا إذا فَتَحْتَهُ لا يُلبس، ثم تَخْفِض الشركاء بإتباع الأولاد.
قال أبو شامة: يعني تَقْدير الكلام: زَيَّن مُزَيّنٌ فقد أتَّجَه شركَائِهِم بالجرِّ أن يكون نعتًا للأوْلاَد، سواءٌ قُرئ زَيّن بالفتح أو الضم.
وقرأت فِرْقة من أهْل الشَّامِ- ورُوِيَتْ عن ابن عامر أيضًا- زِينَ بكسر الزاي بعدها ياء سَاكِنة؛ على أنه فِعْل مبْنِيّ للمْجُهول على حَدِّ قِيلَ وبيعَ.
وقيل: مَرْفُوع على ما يُسَمَّ فَاعِله، و{أولادهُم} بالنصب، و{شُرَكَائِهِم} بالخَفْضِ، والتَّوْجه واضح مما تقدَّم، فهي والقراءة الأولى سواء، غاية ما في البابِ:
أنَّه أُخذ مِنْ زَانَ الثُّلاثِي، وبين للمَفْعُول، فاعِلَّ بما قد عَرَفْتَهُ في أول البَقَرة.
واللام من قوله: {لِكثير من المشْركينَ} متعلِّقة بـ {زَيَّن}، وكذلك اللاَّمُ في قوله: {ليُرْدُوهُم}.
فإن قيل: كيف تُعَلَّق حرفَيْ جر بلفْظٍ واحِد وبمعنى واحد بعامل واحد، من غَيْر بَدَلِيَّة ولا عَطْف؟.
فالجواب: أن مَعْنَاها مختلِفٌ؛ فإن الأولى للتَعْدِيَة والثَّانية للعِلِّيَّة.
قال الزمخشري: إن كان التَّزيين من الشَّياطين، فهي على حقيقةِ التَّعْليل، وإن كان من السَّدنَةِ، فهي للصَّيْرُورة يعني: ان الشَّيْطَان يَفْعَل التَّزْيين وغرضُه بذلك الإرْدَاءُ، فالتعْلِيل فيه واضِحٌ، وأمَا السَّدَنةُ فإنهم لم يُزَيِّنوا لهم ذَلِك، وغرضهم إهْلاكُهم، ولكن لما مآل حَالِهِم إلى الإرْدَاءِ، أتى باللاَّم الدَّالَّة على العَاقِبة والمآل.

.فصل في بيان ما كان عليه أهل الجاهلية:

كان أهْل الجَاهِليَّة يدْفِنُون بَنَاتَهم أحْياء خَوْفًا من الفَقْر والتَّزْويج، واخْتلفُوا في المراد بالشُّركَاءِ.
فقال مجاهد: شُرَكَاؤُهم شَيَاطينُهم أمَرُوهم بأن يَقْتُلوا أولادَهم خَشْيَة الغِيلَة، وسمِّيت الشَّياطين شُرَكَاء؛ لأنهم اتخذوها شُرَكَاء لقوله- تبارك وتعالى: {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ مِن دُونِ اللهِ} [الأنعام: 22].
وقال الكَلْبِيّ: الشركاء سَدَنة آلِهَتِهم وخُدَّامهم، وهُمُ الَّذِين كَانُوا يُزَيِّنُون للكُفَّار قَتْل أولادهم، وكان الرَّجُل يَقُوم في الجَاهلِيَّة فيحلف باللَّه إن ولد له كَذَا غُلامًا لَيَنْحَرَنَّ أحدهم، كما حلف عَبْد المُطَلِّب على ابْنه عبد الله، وسُمِّيت السَّدَنَة شُرَكَاء كما سُمِّيت الشَّياطِين شُرَكَاء في قَوْل مُجَاهِد، وقوله: {لِيُرْدُوهُم} الإرْدَاء في لُغة القُرْآن الإهلاك {إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ} [الصافات: 56].
قال ابن عبَّاس: لِيُرْدُوهم في النَّار واللاَّم هاهنا لام العَاقِبة؛ كقوله: {فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8].
{ولِيلبِسُوا عَلَيْهِم دِينَهُم} أي: يَخْلِطُوا عليه دِينَهُم.
قال ابن عبَّاس- رضي الله عنهما- ليُدْخِلُوا عليهم الشَّك في دينهم، وكانوا على دِين إسْمَاعيل فَرَجَعُوا عنه بلبس الشَّياطين.
قوله: {وليَلْبِسُوا} عطف على ليُرْدُوا علل التَّزْيين بشَيْئَيْن:
بالإراداء وبالتخليط وإدْخَال الشُّبْهَة عليهم في دينهم.
والجمهور على {وليَلْبِسُوا} بكسر الباء مِنْ لَبَسْتُ عليه الأمْر ألبِسُه، بفتح العَيْن في المَاضِي وكَسْرِها في المُضَارع؛ إذا أدْخَلْتَ عليه فيه الشُّبْهَة وخَلَطْتَهُ فيه.
وقد تقدَّم بَيَانُه في قوله: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9].
وقرأ النخعي: {وليلبسوا} بفتح الباء فقيل: هي لغة في المعنى المذْكُور، تقول: لَبِسْتُ عليه الأمْر بفتح الباء وكسرها ألْبَسه وألبَسَهُ والصَّحِيح أن لَبِس بالكَسْر بمعنى لَبِس الثياب، وبالفَتْح بمعْنى الخَلْط، فالصَّحيح أنه اسْتَعار اللِّبَاس لشِدَّة المخالطة الحَاصِلَة بَيْنَهم وبين التَخْليط؛ حتى كأنَّهم لَبْسُوا كالثياب، وصارت مُحِيطة بهم.
قوله: {وَلَوْ شَاءَ الله مَا فَعَلُوهُ} والضَّمير المرفُوع لكَثِير والمنصُوب للقَتْل للتصريح به، ولأنَّه المسُوق للحديث عنه.
وقيل: المَرْفُوع للشُّركاء والمنْصُوب للتَّزِيين.
وقيل: المَنْصُوب لِلَّبْسِ المَفْهُوم من الفِعْل قَبْله وهو بَعِيد.
وقال الزَّمَخْشَري: لما فَعَل المُشْرِكُون ما زُيِّن لَهُم من القَتْلِ، أو لما فَعَل الشَّياطين أو السَّدَنَة التَّزْيين أو الإرْدَاء أو اللِّبْس، أو جَمِيع ذلِك إن جَعلْتَ الضمير جَاريًا مَجْرَى اسم الإشارة.
قوله: {فَذَرْهُم وما يَفْتَرُون} تقدَّم نظيره. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في الزين:

الزِّينة: ما يُتزيَّن به.
وكذلك الزِّيان.
والزَّين: ضدّ الشَيْن، والجمع أَزيان.
وزانة وأَزانَه وأَزْيَنه بمعنى، فتزَّين هو وازدان وازَّيَّنَ وازْيَانَّ وازْيَنَّ.
وقمرٌ زَيَانٌ: حَسَنٌ، وامرأَةٌ زائن: متزيّنة.
والزِّينة في الحقيقة: ما لا يَشين الإِنسانَ في شيء من أَحواله، لا في الدُّنيا ولا في الآخرة.
فأَمّا ما يزينه في حالة دون حالة فهو من وجهٍ شَيْن.
والزِّينة بالقول المجمل ثلاث: زينة نفسيّة؛ كالعلم والاعتقادات الحسنة، وزينة بدنيَّة، كالقوّة وطول القامة وتناسب الأَعضاءِ.
وزينة خارجيّة؛ كالمال والجاه.
وقوله تعالى: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} هو من الزينة النفسيّة.
وقوله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} حُمِل على الزِّينة الخارجيَّة، وذلك أَنَّه قد رُوى أَنَّ أَقوامًا كانوا يطوفون بالبيت عُراةً، فنُهوا عن ذلك بهذا الآية.
وقيل: بل زينة الله في هذه الآية هي الكَرَم المذكور في قوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
وقوله: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} هي الزينة الدّنيوية: من الأَثاث والمال والجاه.
وقد نسب الله تعالى تزيين الأَشياءِ إِلى نفسه في مواضع، وإِلى الشيطان في مواضع، وفى أَماكن ذكره عن مُسَمَّى فاعلُه.
قال تعالى في الإِيمان: {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}، وفى الكفر: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}.
وممّا نسبه إِلى الشيطان: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}.
ممّا لم يسمَّ فاعله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}، {وَكَذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} أي زَيّنَهُ شركاؤهم.
وقوله: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}، {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}، {وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} إِشارة إِلى الزِّينة المدرَكة بالبصر للخاصّة والعامّة، وإِلى الزينة المعقولة التي تعرفها الخاصّة، وذلك إِحكامها وسيرها.
وتزيين الله تعالى للأَشياءِ قد يكون بإِداعها مزيَّنة كذلك.
قال الشاعر:
الرّوض يزدان بالأَنوار فاغِمة ** والحُرّ بالبرّ والإِحسان يزدانُ

وقال آخر:
وإِذا الدُرّ زان حُسْنَ وجوهٍ ** كان للدُرّ حسنُ وجهك زينا

وقال:
لكلّ شيى حسن زينة ** وزينة العاقل حسن الأَدب

قد يشرِّف المرءُ بآدابه ** يومًا وإِن كان وضيع النَّسب

وقد وردت الزِّينة في القرآن على عشرين وجها:
الأَول: زينة الدّنيا: {وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ}.
الثَّانى: زينة بالملابس: {تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} أي ثيابها.
الثالث: زينة ستر العورة: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.
الرّابع: زينة قارُون بماله ورجاله: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ}.
الخامس: زينة النّساء بالْحُلِىّ: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، {مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}.
السادس: زينة العجائز بالثياب الفاخرة: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ}.
السابع: زينة العيد: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ}.
الثامن: زينة عاريّة القِبْط: {حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ}.
التاسع: زينة آل فرعون: {آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً}.
العاشر: زينة أَهل الدّنيا فيها: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
الحادى عشر: زينة المسافرين بالمراكب: {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}.
الثانى عشر: زينة حبّ الشَّهوات: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}، أي حُسِّنَ في أَعينهم وقلوبهم.
الثانى عشر أيضا: زينة العصيان في أَعين ذو الخذلان: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا}.
الثالث عشر: زينة قتل الوِلدان: {وَكَذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}.
الرابع عشر: زينة الحياة لذوي الطغيان: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}.
الخامس عشر: زينة أَحوال الماضين والباقين في عيون الكفَّار استدراجًا لهم: {فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}.
السادس عشر: زينة الشَّيطان الضلال لمتَّبعيه: {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ}.
{فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}.
السابع عشر: زينة الله لأَعدائه خذلانهم: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}.
الثامن عشر: زينة السّماء لأُولى الأَبصار: {وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ}.
التاسع عشر: زينة الأَرض بالنَّبات والرياحين: {أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ} أي تلوّنت بالأَلوان.
العشرون: زينة الفَلَك بالكواكب: {زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}.
الحادى والعشرون: زينة الأَفلاك السّبع بالسّيّارات السّبع: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}.
الثانى والعشرون: زينة الإِيمان في قلوب العارفين: {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}.
أُنشِدنا لبعض المحدَثين:
سبحان مَنْ زيّن الأَفلاك بالقمر ** وزيّن الأَرض بالأَنهار والشَجَر

لا كالسّراج والا كالشَّمس زاهرة ** لا كالجواهر والياقوت والدُررِ

وجَنَّة الخلد بالأَنوار زيَّنها ** والقصرُ زيَّنه بالحُور والسُرُور

وزيَّن النفس بالأَعضاءِ مستويا ** والرأْس زيَّنه بالسمع والبصر

وزيَّن القلبَ بالأَنوار نوّره ** لا كالنجوم ولا كالشمس والقمر

. اهـ.

.تفسير الآية رقم (138):

قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما ذكر إقدامهم على ما قبحه الشرع، ولامه على تقبيحه العقلُ من قتل الأولاد، أتبعه إحجامهم عما حسنه الشرع من ذبح بعض الأنعام لنفعهم، وضم إليه جملة مما منعوا أنفسهم منه ودانوا به لمجرد أهوائهم فقال: {وقالوا} أي المشركون سفهًا وجهلًا {هذه} إشارة إلى قطعة من أموالهم عينوها لآلهتهم {أنعام وحرث حجر} أي حرام محجور عليه فلا يصل أحد إليه، وهو وصف يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات {لا يطعمها} أي يأكل منها {إلا من نشاء} أي من السدنة ونحوهم {بزعمهم} أي بتقولهم بمجرد الهوى من غير سند عن الله الذي له ملكوت السماوات والأرض، وهم كاذبون في هذا الزعم في أصل التحريم وفي نفوذ المنع، فلو أراد الله أن تؤكل لأكلت ولم يقدروا على منع {وأنعام}.
ولما كان ذمهم على مجرد التجريم لا على كونه من معين، بني للمجهول قوله: {حرمت ظهورها} يعني البحائر وما معها فلا تركب {وأنعام لا يذكرون} أي هؤلاء المتقولون على الله: {اسم الله} الذي حاز جميع العظمة {عليها} أي في الذبح أو غيره {افتراء} أي تعمدًا للكذب {عليه}.
ولما كان هذا لعظمه من جهة أنه تعمد للكذب على ملك الملوك موضع تشوف السامع إلى ما يكون عنه، استأنف قوله: {سيجزيهم} أي بوعد صادق لا خلف فيه {بما} أي بسبب ما {كانوا} أي جبلة وطبعًا {يفترون} أي يتعمدون من الكذب، أما بعد إظهار الحق فواضح، وأما قبله فلكونه في غاية ما يكون من ظهور الفساد. اهـ.