فصل: تفسير الآية رقم (151):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: {وهو الذي أنشأ جنات} في القلوب {معروشات} من شجرة الإسلام والإيمان والإحسان {وغير معروشات} هي الصفات الروحانية التي جبلت القلوب عليها كالسخاء والحياء والوفاء والمودة والفتوة والشفقة والعفة والعلم والحلم والعقل والشجاعة والقناعة ونخل الإيمان وزرع الأعمال الصالحة وزيتون الأخلاق الحميدة ورمان الإخلاص بالشواهد والأحوال {متشابهًا} أعمالها {وغير متشابه} أحوالها {كلوا من ثمره} انتفعوا من ثمار الإيمان والأعمال والإخلاص بالشواهد والأحوال لا بالدعاوى والقيل والقال. {وآتوا حقه} وحقه دعوة الخلق وتربيتهم بالحكمة والمواعظة الحسنة و{يوم حصاده} أوان بلوغ السالك مبلغ الرجال البالغين عند إدراك ثمرة الكمال للواصلين دون السالك الذي يتردد بعد بين المنازل والمراحل. {ولا تسرفوا} بالشروع في الكلام في غير وقته والحرص على الدعوة قبل أوانها. {ومن الأنعام} أي ومن الصفات الحيوانية التي هي مركوزة في الإنسان ما هو مستعد لحمل الأمانة وتكاليف الشرع، ومنها ما هو مستعد للأكل والشرب لصلاح القالب وقيام البشرية. {كلوا مما رزقكم الله} فرزق القلب هو التحقيق من حيث البرهان، ورزق الروح هو المحبة بصدق التحرز عن الأكوان، ورزق السر هو شهود العرفان يلحظ العيان، فانتفعوا من هذه الأرزاق بقدر ما ينبغي. {إنه لكم عدو مبين} يخرجكم بالتفريط والإفراط إلى ضد المقصود. ثم إن الصفات الحيوانية ثمان بعضها ذكور وبعضها إناث يتولد منها صفات أخر كلها محمودة إذ استعملت في محالها، وبمقدار ما ينبغي {من الضأن اثنين ومن المعز اثنين} والضأن والمعز من جنس الفرشية كما أن الإبل والبقر من جنس الحمولية.
والذكر من الضأن والمعز هما صفة شهوة البطن والفرج والأنثى منهما صفة حسن الخلق عند الاستمتاع بها وصفة التسليم عند تحمل الأذى، والذكر من الإبل والبقر صفتا الظلومية والجهولية، وأنثاهما الحمولية والاستسلام للاستعمال فبهذه الصفات الإنسانية صار الإنسان حامل أعباء الأمانة التي أبت المكونات عن حملها وهن أيضًا حملة عرش القلب فافهم، وقد أحل الله تعالى استعمالها واستعمال المتولد منها على قانون الشرعية والطريقة، ومن زعم أنه يجب تركها وفصلها بالكلية فقد افترى {لو شاء الله ما أشركنا} الكلام في نفسه حق وصدق إلا أنهم لما ذكروه في معرض الإلزام دفعًا للأذية والآلام كذبوا فيما قالوا والله سبحانه أعلم بالصواب. اهـ.

.تفسير الآية رقم (151):

قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما أبطل دينهم كله أصولًا وفروعًا في التحريم والإشراك، وبين فساده بالدلائل النيرة، ناسب أن يخبرهم بالدين الحق مما حرمه الملك الذي له الخلق والأمر ومن غيره، فليس التحريم لأحد غيره فقال: {قل تعالوا} أي أقبلوا إليّ صاعدين من حضيض الجهل والتقليد وسوء المذهب إلى أوج العلم ومحاسن الأعمال؛ قال صاحب الكشاف: هو من الخاص الذي صار عامًا، يعني حتى صار يقوله الأسفل للأعلى {أتل} أي أقرأ، من التلاوة وهي اتباع بعض الحروف بعضًا.
ولما كان القصد عموم كل أحد بالتلاوة وإنما خص المخاطبين بالذكر لاعتقادهم خلاف ذلك، وكان المحرم أهم، قدمه فقال: {ما حرم ربكم} أي المحسن إليكم بالتحليل والتحريم {عليكم} فسخطه منكم، وما وصاكم به إقدامًا وإحطامًا فرضيه لكم من قبيلي الأصول والفروع؛ ثم فسر فعل التلاوة ناهيًا عن الشرك، وما بعده من مضمون الأمر إنما عدي عنها، فقال: {ألا تشركوا به شيئًا} الآيات مرتبًا جملها أحسن ترتيب، فبدأ بالتوحيد في صريح البراءة من الشرك إشارة إلى أن التخلي عن الرذائل قبل التحلي بالفضائل، فإن التقية بالحمية قبل الدواء، وقرن به البر لأنهما من باب شكر المنعم وتعظيمًا لأمر العقوق، ثم أولاه القتل الذي هو أكبر الكبائر بعد الشرك، وبدأه بقتل الولد لأنه أفحشه وأفحش من مطلقه فعله خوف القلة، فلما وصى بأول واجب للمنعم الأول الموجد من العدم، أتبعه ما لأول منعم بعده بالتسبب في الوجود، فقال ناهيًا عن الإساءة في صورة الأمر بالإحسان على أوكد وجه لما للنفوس من التهاون في حقهما، وكذا جميع المأمورات ساقها هذا السياق المفهم لأن أضدادها منهي عنها ليكون مأمورًا بها منهيًا عن أضدادها، فيكون ذلك أوكد لها وأضخم: {وبالوالدين} أي افعلوا بهما {إحسانًا}.
ولما أوصى بالسبب في الوجود، نهى عن التسبب في الإعدام وبدأ بأشده فقال: {ولا تقتلوا أولادكم} ولما كان النهي عامًا، وكان ربما وجب على الولد قتل، خص لبيان الجهة فقال: {من إملاق} أي من أجل فقر حاصل بكم، ثم علل ذلك، ولأجل أن الظاهر هو حصول الفقر قدم الآباء فقال: {نحن نرزقكم} بالخطاب، أي أيها الفقراء، ثم عطف عليه الأبناء فقال: {وإياهم} وظاهر قوله في الإسراء {خشية إملاق} [الإسراء: 31] أن الآباء موسرون ولكنهم يخشون من إطعام الأبناء الفقر، فبدأ بالأولاد فقال: {نحن نرزقهم} ثم عطف الآباء فقال: {وإياكم}- نبه عليه أبو حيان.
ولما كان قتلهم أفحش الفواحش بعد الشرك، أتبعه النهي عن مطلق الفواحش، وهي ما غلظت قباحته، وعظم أمرها بالنهي عن القربان فضلًا عن الغشيان فقال: {ولا تقربوا الفواحش} ثم أبدل منها تأكيدًا للتعميم قوله: {ما ظهر منها} أي الفواحش {وما بطن} ثم صرح منها بمطلق القتل تعظيمًا له بالتخصيص بعد التعميم فقال: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله} أي الملك الأعلى عليكم قتلها {إلا بالحق} أي الكامل، ولا يكون كاملًا إلا وهو كالشمس وضوحًا لا شبهة فيه، فصار قتل الولد منهيًا عنه ثلاث مرات؛ ثم أكد المذكور بقوله: {ذلكم} أي الأمر العظيم في هذه المذكورات.
ولما كانت هذه الأشياء شديدة على النفس، ختمها بما لا يقوله إلا المحب الشفوق ليتقبلها القلب فقال: {وصّاكم به} أمرًا ونهيًا؛ ولما كانت هذه الأشياء لعظيم خطرها وجلالة وقعها في النفوس لا تحتاج إلى مزيد فكر قال: {لعلكم تعقلون} أي لتكونوا على رجاء من المشي على منهاج العقلاء، فعلم من ذكر الوصية أن هذه المذكورات هي الموصى بها والمحرمات أضدادها، فصار شأنها مؤكدًا من وجهين: التصريح بالتوصية بها، والنهي عن أضدادها. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما بين فساد ما يقول الكفار أن الله حرم علينا كذا وكذا، أردفه تعالى ببيان الأشياء التي حرمها عليهم، وهي الأشياء المذكورة في هذه الآية. اهـ.

.اللغَة:

{أَتْلُ} أقرأ وأقص {إمْلاَقٍ} فقر يقال أملق الرجل إِذا افتقر {أَشُدَّهُ} قوته وهو بلوغ سن النكاح والرشد، والأشدُّ جمعٌ لا واحد له {بالقسط} بالعدل بلا بخس ولا نقصان {السبل} جمع سبيل وهي الطريق {شِيَعًا} فرقًا وأحزابًا جمع شيعة وهي الفرقة تتشيع وتتعصب لمذهبها {قِيَمًا} مستقيمًا لا عوج فيه {نُسُكِي} النُّسُك جمع نسيكة وهي الذبيحة وقال الزجاج: عبادتي ومنه الناسك الذي يتقرب إِلى الله بالعبادة. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قال صاحب الكشاف: تعال من الخاص الذي صار عامًا، وأصله أن يقوله من كان في مكان عالٍ لمن هو أسفل منه، ثم كثر وعم، وما في قوله: {مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} منصوب، وفي ناصبه وجهان: الأول: أنه منصوب بقوله: {اتل} والتقدير: أتل الذي حرمه عليكم، والثاني: أنه منصوب بحرم، والتقدير: أتل الأشياء التي حرم عليكم.
فإن قيل: قوله: {ألاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وبالوالدين إحسانا} كالتفصيل لما أجمله في قوله: {مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} وهذا باطل، لأن ترك الشرك والإحسان بالوالدين واجب، لا محرم.
والجواب من وجوه:
الأول: أن المراد من التحريم أن يجعل له حريمًا معينًا، وذلك بأن بينه بيانًا مضبوطًا معينًا، فقوله: {أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} معناه: أتل عليكم ما بينه بيانًا شافيًا بحيث يجعل له حريمًا معينًا، وعلى هذا التقرير فالسؤال زائل، والثاني: أن الكلام تم وانقطع عند قوله: {أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ} ثم ابتدأ فقال: {عَلَيْكُمْ أَن لا تُشْرِكُواْ} كما يقال: عليكم السلام، أو أن الكلام تم وانقطع عند قوله: {أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} ثم ابتدأ فقال: {أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} بمعنى لئلا تشركوا، والتقدير: أتل ما حرم ربكم عليكم لئلا تشركوا به شيئًا.
الثالث: أن تكون أن في قوله: {أَن لا تُشْرِكُواْ} مفسرة بمعنى: أي، وتقدير الآية: أتل ما حرم ربكم عليكم، أي لا تشركوا، أي ذلك التحريم هو قوله: {لا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا}.
فإن قيل: فقوله: {وبالوالدين إحسانا} معطوف على قوله: {أَن لا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} فوجب أن يكون قوله: {وبالوالدين إحسانا} مفسرًا لقوله: {أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} فيلزم أن يكون الإحسان بالوالدين حرامًا، وهو باطل.
قلنا: لما أوجب الإحسان إليهما، فقد حرم الإساءة إليهما. اهـ.
قال الفخر:
إنه تعالى أوجب في هذه الآية أمور خمسة: أولها: قوله: {أَن لا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا}.
واعلم أنه تعالى قد شرح فرق المشركين في هذه السورة على أحسن الوجوه، وذلك لأن طائفة من المشركين يجعلون الأصنام شركاء لله تعالى، وإليهم الإشارة بقوله حكاية عن إبراهيم {وَإِذْ قَالَ إبراهيم لأَبِيهِ ءازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا ءالِهَةً إِنّى أَرَاكَ وَقَوْمَكَ في ضلال مُّبِينٍ} [الأنعام: 74].
والطائفة الثانية: من المشركين عبدة الكواكب، وهم الذين حكى الله عنهم، أن إبراهيم عليه السلام أبطل قولهم بقوله: {لا أُحِبُّ الأفلين} [الأنعام: 76].
والطائفة الثالثة: الذين حكى الله تعالى عنهم: {أَنَّهُمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء الجن} [الأنعام: 100] وهم القائلون بيزدان وأهرمن.
والطائفة الرابعة: الذين جعلوا لله بنين وبنات، وأقام الدلائل على فساد أقوال هؤلاء الطوائف والفرق، فلما بين بالدليل فساد قول هؤلاء الطوائف.
قال ههنا: {أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا}.
النوع الثاني: من الأشياء التي أوجبها هاهنا قوله: {وبالوالدين إحسانا} وإنما ثنى بهذا التكليف، لأن أعظم أنواع النعم على الإنسان نعمة الله تعالى، ويتلوها نعمة الوالدين، لأن المؤثر الحقيقي في وجود الإنسان هو الله سبحانه وفي الظاهر هو الأبوان، ثم نعمهما على الإنسان عظيمة وهي نعمة التربية والشفقة والحفظ عن الضياع والهلاك في وقت الصغر.
النوع الثالث: قوله: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أولادكم مّنْ إملاق نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} فأوجب بعد رعاية حقوق الأبوين رعاية حقوق الأولاد وقوله: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أولادكم مّنْ إملاق} أي من خوف الفقر وقد صرح بذكر الخوف في قوله: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إملاق} [الإسراء: 31] والمراد منه النهي عن الوأد، إذ كانوا يدفنون البنات أحياء، بعضهم للغيرة، وبعضهم خوف الفقر، وهو السبب الغالب، فبين تعالى فساد هذه العلة بقوله: {نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}، لأنه تعالى إذا كان متكفلًا برزق الوالد والولد، فكما وجب على الوالدين تبقية النفس والاتكال في رزقها على الله، فكذلك القول في حال الولد، قال شمر: أملق، لازم ومتعد.
يقال: أملق الرجل، فهو مملق، إذا افتقر، فهذا لازم، وأملق الدهر ما عنده، إذا أفسده، والإملاق الفساد.
والنوع الرابع: قوله: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} قال ابن عباس: كانوا يكرهون الزنا علانية، ويفعلون ذلك سرًا، فنهاهم الله عن الزنا علانية وسرًا، والأولى أن لا يخصص هذا النهي بنوع معين، بل يجري على عمومه في جميع الفواحش ظاهرها وباطنها لأن اللفظ عام والمعنى الموجب لهذا النهي وهو كونه فاحشة عام أيضًا ومع عموم اللفظ والمعنى يكون التخصيص على خلاف الدليل، وفي قوله: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} دقيقة، وهي: أن الإنسان إذا احترز عن المعصية في الظاهر ولم يحترز عنها في الباطن دل ذلك على أن احترازه عنها ليس لأجل عبودية الله وطاعته، ولكن لأجل الخوف من مذمة الناس، وذلك باطل، لأن من كان مذمة الناس عنده أعظم وقعًا من عقاب الله ونحوه فإنه يخشى عليه من الكفر، ومن ترك المعصية ظاهرًا وباطنًا، دل ذلك على أنه إنما تركها تعظيمًا لأمر الله تعالى وخوفًا من عذابه ورغبة في عبوديته.
والنوع الخامس: قوله: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق}.
واعلم أن هذا داخل في جملة الفواحش إلا أنه تعالى أفرده بالذكر لفائدتين: إحداهما: أن الإفراد بالذكر يدل على التعظيم والتفخيم، كقوله: {وَمَلَائِكَتِهِ وَجِبْرِيلَ وميكال} [البقرة: 98] والثانية: أنه تعالى أراد أن يستثني منه، ولا يتأتى هذا الاستثناء في جملة الفواحش.
إذا عرفت هدا فنقول: قوله: {إِلاَّ بالحق} أي قتل النفس المحرمة قد يكون حقًا لجرم يصدر منها.
والحديث أيضًا موافق له وهو قوله عليه السلام: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس بغير حق» والقرآن دل على سبب رابع، وهو قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الذين يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الأرض فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ} [المائدة: 33].
والحاصل: أن الأصل في قتل النفس هو الحرمة وحله لا يثبت إلا بدليل منفصل ثم إنه تعالى لما بين أحوال هذه الأقسام الخمسة أتبعه باللفظ الذي يقرب إلى القلب القبول، فقال: {ذلكم وصاكم بِهِ} لما في هذه اللفظة من اللطف والرأفة، وكل ذلك ليكون المكلف أقرب إلى القبول، ثم أتبعه بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي لكي تعقلوا فوائد هذه التكاليف، ومنافعها في الدين والدنيا. اهـ.