فصل: تفسير الآية رقم (30):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)}.
إنهم لم يأخذوا في أثناء حياتهم الإيمان كإيمان استدلال بكوْن منظم مرتب محكم التكوين، إنهم لم يلتفتوا إلى أن هذا النظام أو الإحكام والترتيب موجود في علاقات البشر بعضهم ببعض سواء أكانوا مؤمنين أم ملاحدة، ونعلم أن هناك صفات يشترك في كراهتها كل الناس مؤمنهم وملحدهم؛ فالملحد إن سرق من زميله، ألا يعاقب؟ إنه يتلقى العقاب من مجتمعه، وفي كل المجتمعات هناك ثواب وعقاب، بل هناك جزاء بإحسان. والإيمان لا يمنع أن يصطلح الناس على شيء من الإحسان، والمحرومون من الإيمان تلجئهم الأحداث أن يضعوا القانون لينظموا الثواب والعقاب.
إننا نجد أن تجريم المخالف للخير والجمال وإصلاح الكون هو أمر فطري وضروري للإنسان؛ فهم يجرمون أفعال السوء بعد أن تعضهم الأحداث ولا يلتفتون إلى أن المنهج السماوي جاء بالثواب والعقاب على كل فعل يحمي كرامة الإنسان. ويوم القيامة يقفون في صَغار وفي اضطرار ليروا ما فعلوا: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28].
فهم لو رُدُّوا إلى الدنيا بما كان لهم فيها من اختيار فسيفعلون مثلما فعلوا، ولم يقولوا مثل هذا القول في اليوم الآخر إلا أنهم مقهورون. وكانوا من قبل يقولون: {وقالوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [الأنعام: 29].
ففي دنياهم كانوا لا يؤمنون إلا بحياة واحدة هي الدنيا. ولم يلتفتوا إلى أن الإنسان يحيا في الدنيا على قدر قوته، وويل للضعيف من القوي. والقوي إنما يخاف من قانون يعاقبه، أو يخاف من إله سيعاقبه على الذنب مهما أخفاه، ولذلك نجد القاضي المؤمن يقول دائمًا: لئن عمَّيتم على قضاء الأرض، فلا تعمّوا على قضاء السماء.
ومن غباء أهل الكفر أنهم يسمون الحياة على الأرض الحياة الدنيا وهي في حقيقتها دنيا، وما داموا قد حكموا وعرفوا أنها دنيا فلابد أن يقابلها حياة عليا. إنّ كل ذلك يحدث لهم عندما يقفون على النار، والنار جند من جنود الجبار، فما بالك بهم حين يقفون أمام خالق النار ورب العالمين؟. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {وقالوا} هل هذه الجملة مَعْطُوفة على جواب {لو} والتقدير ولو رُدُّوا لعادوا ولقالوا، أو هي مُسْتأنَفَةٌ ليس دَاخِلَةٌ في خبر، أو هي معطوفة على قوله: {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون} [الأنعام: 28] ثلاثة أوجه:
ذكر الزمخشري الوجهين الأوَّل والأخير، فإنه قال: {وقالوا} عطف على {لعادوا}، أي لو رُدُّوا لكفروا، ولقالوا: إن هي إلاَّ حياتنا الدنيا، كما كانوا يقولون قبل مُعايَنةِ القيامة، ويجوز أن يُعْطَفَ على قوله: {وإنهم لكاذبون} على معنى: وإنهم لَقَوْمٌ كاذبون في كل شيء.
والوجه الأول منقول عن ابن زيد، إلاَّ أن ابن عَطِيَّة ردَّهُ فقال: وتوقِيفُ الله تعالى لهم في الآية بَعدها فيه دلالةٌ على البَعْثِ والإشارة إليه بقوله: {أليس هذا بالحقِّ} يردُّ على هذا التأويل، وقد يُجَابُ عن هذا باختلاف حالين: فإنَّ إقرارهم بالبعث حقيقة، إنما هو في الآخرة، وإنكارهم ذلك إنما هو في الدنيا بتقدير عَوْدهمْ إلى الدنيا، فاعرافهم به في الدار الأخرة غَيْرُ مُنَافٍ لإنكارهم إيَّاهُ في الدنيا.
قوله: {إنْ هيَ إلا حَيَاتُنَا} {إن} نافية، و{هي} مبتدأ و{حَيَاتُنَا} خبرها، ولم يكتفوا بمجرد الإخبار بذلك حتى أبرزوها محصورةً في نفي وإثباتٍ، و{هي} ضمير مُبْهَمٌ يفسِّره خبره، أي: ولا نعلم ما يُرَادُ به إلاَّ بذكر خبره، وهو من الضمائر التي يفسِّرها ما بعدها لفظًا ورتبة وقد تقدم ذلك عند قوله: {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البقرة: 29] وكون هذا مما يفسره ما بعده لفظًا ورتبةً فيه نظر، إذ لقائل أن يقول: {هي} تعود على شيء دلَّ على سياقِ الكلام، كأنهم قالوا: إنَّ العادة المستمرة، أو إن حَالَتَنَا وما عَهِدْنَا إلاِّ حياتنا الدنيا، واستند هذا القائل إلى قول الزَّمخشري: هذا ضميرٌ لا يُعْلمَمُ ما يُرَادُ به إلاَّ بذكر ما بعده.
ومثَّل الزمخشري بقول العرب هِيَ النَّفْسُ تَتَحَمَّلُ ما حُمَّلَتْ وهي العرب تقول ما شاءت.
وليس فيما قاله الزمخشري دَلِيلٌ على أن الخبر مُفَسِّرٌ للضمير.
ويجوز أن يكون المعنى: إن الحَيَاة إلا حياتنا الدُّنْيَا، فقوله: {إلا حياتنا الدنيا} دالٌّ على ما يُفَسِّرُ الضمير، وهو الحَيَاةُ مُطْلقًا، فصدق عليه أنه لا يعلم ما يُرَادُ ما يعود عليه الضمير إلاَّ بذكر ما بعده من هذه الحَيْثِيَة لا من حيثيَّة التفسير، ويَدُلُّ على ما قلنا قول أبي البقاء رحمه الله تعالى: هي كِنَايَةٌ عن الحياة، ويجوز أن يكون ضمير القِصَّة.
قال شهاب الدين رحمه الله تعالى: أمَّا أوَّل كلامه فصحيح، وأمَّا آخره وهو قوله: إن هي ضمير القصّة فليس بشيء؛ لأن ضمير القصِّة لا يفسَّرُ إلاَّ بجملةٍ مُصَرَّحٍ بجزْأيْهَا.
فإن قيل: الكوفي يجوزُ تفسيره بالمفرد، فيكون نَحَا نَحْوهُمْ؟
فالجواب أنَّ الكوفيَّ إنما يُجَوِّزهُ بمفرد عامل عمل الفعل، نحو: إنه قائم زيد وظَنَنْتُهُ قائمًا زيدٌ لأنه في صورة الجملة إذ في الكلام مُسْنَدٌ ومُسْنَدٌ إليه.
أما نحو هو زيد فلا يجيزه أحدٌ، على أن يكون هو ضمير شأن لا قصّة، والدنيا صفة الحياة، وليست صِفَةً مزيلةً اشتراكًا عارضًا، يعني: أن ثَمَّ حياةً غير دنيا يُقرُّون بها؛ لأنها لا يعرفون إلاَّ هذه، فيه صَفَةٌ لمجرد التوكيد، كذا قيل، ويعنون بذلك أنها لا مَفْهُومَ لها، وإلاَّ قحقيقةُ التوكيد غَيْرُ ظاهرةٍ بخلاف {نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} [الحاقة: 13].
والباء في قوله: {بمبعوثين} زائدةٌ لتأكيد الخبر المفني، ويحتمل مجرورها أن يكون مَنْصُوبَ المَحَلِّ على أنَّ ما هاهنا حجازيةٌ، أو مرفوعةٌ على أنها تميمية. اهـ.

.تفسير الآية رقم (30):

قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

وقوله: {ولو ترى} متصل بذلك، أي قالوا هذا القول لما أخبرتهم بالبعث، فساءك ذلك من قولهم والحال أنك لو رأيت اعترافهم به إذا سألهم خالقهم لسرك ذلك من ذلهم وما يؤول إليه أمرهم، وعبر بالمضارع تصويرًا لحالهم ذلك، وقولُه: {إذ وقفوا على ربهم} مجازًا عن الحبس في مقام من مقامات الجلال بما اقتضاه إضافة الرب إليهم، أي الذي طال إحسانه إليهم وحلمه عنهم، فأظهر لهم ما أظهر في ذلك المقام من تبكيتهم وتوبيخهم وتقريعهم، وأطلعهم بما يقتضيه أداة الاستعلاء- على ما له سبحانه من صفات العظمة من الكبرياء والانتقام من التربية إذ لم يشكروا إحسانه في تربيتهم، وسياق الآية يقتضي أن يكون الجواب: لرأيتهم قد منعتهم الهيبة وعدم الناصر وشدة الوجل من الكلام، فكأن سائلًا قال: المقام يرشد إلى ذلك حتى كأنه مشاهد فهل يكلمهم الله لما يشعر به التعبير بوصف الربوبية؛ قيل: نعم، لكن كلام إنكار وإخزاء وإذلال {قال أليس هذا} أي الذي أتاكم به رسولي من أمر البعث وغيره مما ترونه الآن من دلائل كبريائي {بالحق} أي الأمر الثابت الكامل في الحقية الذي لا خيال فيه ولا سحر {قالوا} أي حين إيقافهم عليه، فكان ما أراد: {بلى}، وزادوا على ما أمروا به في الدنيا القسم فقالوا: {وربنا} أي الذي أحسن إلينا بأنواع الإحسان، وكأن كلامهم هذا منزل على حالات تنكشف لهم فيها أمور بعد أخرى، كل أمر أهول مما قبله، ويوم القيامة- كما قال ابن عباس رضي الله عنهما- ذو ألوان: تارة لا يكلمهم الله، وتارة يكلمهم فيكذبون، وتارة يسألهم عن شيء فينكرون، فتشهد جوارحهم، وتارة يصدقون كهذا الموقف ويحلفون على الصدق.
ولما أقروا قهرًا بعد كشف الغطاء وفوات الإيمان بالغيب بما كانوا به يكذبون، تسبب عنه إهانتهم، فلذا قال مستأنفًا: {قال} أي الله مسببًا عن اعترافهم حيث لا ينفع، وتركهم في الدنيا حيث كان ينفع {فذوقوا العذاب} أي الذي كنتم به توعدون {بما كنتم تكفرون} أي بسبب دوامكم على ستر ما دلتكم عليه عقولكم من صدق رسولكم، ولا شك أن الكلام- وإن كان على هذه الصورة- فيه نوع إحسان، لأنه أهون من التعذيب مع الإعراض في مقام {اخسؤوا فيها ولا تكلمون} [المؤمنون: 108] ولذلك كان ذلك آخر المقامات. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما حكى عنهم في الآية الأولى إنكارهم للحشر والنشر والبعث والقيامة بيّن في هذه الآية كيفية حالهم في القيامة، فقال: {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبّهِمْ} واعلم أن جماعة من المشبهة تمسكوا بهذه الآية، وقالوا ظاهر هذه الآية يدل على أن أهل القيامة يقفون عند الله وبالقرب منه، وذلك يدل على كونه تعالى بحيث يحضر في مكان تارة ويغيب عنه تارة أخرى.
واعلم أن هذا خطأ وذلك لأن ظاهر الآية، يدل على كونهم واقفين على الله تعالى، كما يقف أحدنا على الأرض، وذلك يدل على كونه مستعليًا على ذات الله تعالى وأنه بالاتفاق باطل، فوجب المصير إلى التأويل وهو من وجوه:
التأويل الأول: هو أن يكون المراد {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى} ما وعدهم ربهم من عذاب الكافرين وثواب المؤمنين وعلى ما أخبرهم به من أمر الآخر.
التأويل الثاني: أن المراد من هذا الوقوف المعرفة، كما يقول الرجل لغيره وقفت على كلامك أي عرفته.
التأويل الثالث: أن يكون المراد أنهم وقفوا لأجل السؤال فخرج الكلام مخرج ما جرت به العادة، من وقوف العبد بين يدي سيده والمقصود منه التعبير عن المقصود بالألفاظ الفصيحة البليغة. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

المقصود من هذه الآية أنه تعالى حكى عنهم في الآية الأولى، أنهم ينكرون القيامة والبعث في الدنيا، ثم بيّن أنهم في الآخرة يقرون به فيكون المعنى أن حالهم في هذا الإنكار سيؤل إلى الإقرار وذلك لأنهم شاهدوا القيامة والثواب والعقاب، قال الله تعالى: {أَلَيْسَ هذا بالحق}.
فإن قيل: هذا الكلام يدل على أنه تعالى يقول لهم أليس هذا بالحق؟ وهو كالمناقض لقوله تعالى: {وَلاَ يُكَلّمُهُمُ الله} [البقرة: 174] والجواب أن يحمل قوله: {وَلاَ يُكَلّمُهُمُ} أي لا يكلمهم بالكلام الطيب النافع، وعلى هذا التقدير يزول التناقض ثم إنه تعالى بيّن أنه إذا قال لهم أليس هذا بالحق؟ قالوا بلى وربنا المقصود أنهم يعترفون بكونه حقًا مع القسم واليمين.
ثم إنه تعالى يقول لهم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وخص لفظ الذوق لأنهم في كل حال يجدونه وجدان الذائق في قوة الاحساس وقوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} أي بسبب كفركم.
واعلم أنه تعالى ما ذكر هذا الكلام احتجاجًا على صحة القول بالحشر والنشر لأن ذلك الدليل قد تقدم ذكره في أول السورة في قوله: {هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} [الأنعام: 2] على ما قررناه وفسرناه، بل المقصود من هذه الآية الردع والزجر عن هذا المذهب والقول. اهـ.

.قال أبو حيان:

{ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا} جواب {لو} محذوف كما حذف في قوله: {ولو ترى} أولًا وذلك مجاز عن الحبس والتوبيخ والسؤال كما توقف العبد الجاني بين يدي سيده ليعاقبه وقد تعلق بعض المشبهة بهذه الآية، وقال: ظاهرها يدل على أن الله في حيز ومكان لأن أهل القيامة يقفون عنده وبالقرب منه، وذلك يدل على كونه بحيث يحضر في مكان تارة ويغيب عنه أخرى.
قال أبو عبد الله الرازي: وهذا خطأ لأن ظاهر الآية يدل على كونهم واقفين على الله كما يقف أحدنا على الأرض، وذلك يدل على كونه مستعليًا على ذات الله تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا وأنه باطل بالاتفاق فوجب المصير إلى التأويل، فيكون المراد وقفوا على ما وعدهم ربهم من عذاب الكافرين وثواب المؤمنين وعلى ما أخبر به من أمر الآخرة، أو يكون المراد وقوف المعرفة؛ انتهى.
وهذان التأويلان ذكرهما الزمخشري.
وقال ابن عطية: على حكمه وأمره؛ انتهى.
وقيل: على مسألة ربهم إياهم عن أعمالهم.
وقيل: المسألة ملائكة ربهم.
وقيل: على حساب ربهم قال: {أليس هذا بالحق} الظاهر أن الفاعل بقال هو الله فيكون السؤال منه تعالى لهم.
وقيل: السؤال من الملائكة، فكأنه عائد على من وقفهم على الله من الملائكة أي قال: ومن وقفهم من الملائكة.
وقال الزمخشري قال: مردود على من قول قائل قال ماذا قال لهم ربهم إذ وقفوا عليه؟ فقيل: {أليس هذا بالحق} وهذا تعيير من الله لهم على التكذيب وقولهم لما كانوا يسمعون من حديث البعث والجزاء ما هو بحق وما هو إلا باطل؛ انتهى.
ويحتمل عندي أن تكون الجملة حالية التقدير {إذ وقفوا على ربهم} قائلًا لهم {أليس هذا بالحق} والإشارة بهذا إلى البعث ومتعلقاته.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: أليس هذا العذاب بالحق وكأنه لاحظ قوله قال: {فذوقوا العذاب} {قالوا بلى وربنا} تقدم الكلام على {بلى} وأكدوا جوابهم باليمين في قولهم: {وربنا} وهو إقرار بالإيمان حيث لا ينفع وناسب التوكيد بقولهم: {وربنا} صدر الآية في {وقفوا على ربهم} وفي ذكر الرب تذكار لهم في أنه كان يربيهم ويصلح حالهم، إذا كان سيدهم وهم عبيده، لكنهم عصوه وخالفوا أمره.
{قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} أي بكفركم بالعذاب والباء سببية فقيل متعلق الكفر البعث أي بكفركم بالبعث.
وقيل: متعلقه العذاب أي بكفركم بالعذاب والذوق في العذاب استعارة بليغة والمعنى باشروه مباشرة الذائق إذ هي أشد المباشرات. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبِّهِمْ} {وُقِفُواْ} أي حُبِسوا {على رَبِّهِمْ} أي على ما يكون من أمر الله فيهم.
وقيل: على بمعنى عند أي عند ملائكته وجزائه؛ وحيث لا سلطان فيه لغير الله عزّ وجلّ؛ تقول: وقفت على فلان أي عنده؛ وجواب لو محذوف لعظم شأن الوقوف.
{قَالَ أَلَيْسَ هذا بالحق} تقرير وتوبيخ أي أليس هذا البعث كائنًا موجودًا؟! {قَالُواْ بلى} ويؤكدون اعترافهم بالقسَم بقولهم: {وَرَبِّنَا}.
وقيل: إن الملائكة تقول لهم بأمر الله أليس هذا البعث وهذا العذاب حقًا؟ فيقولون: {بلى وَرَبِّنَا} إنه حق.
{قَالَ فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ}. اهـ.