فصل: تفسير الآية رقم (35):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)} يعني إنَّ مَنْ سَلَكَ سبيلَنا صبر على ما أصابه من حديثنا، فلا خَسِرَتْ فينا صفقتُه، ولا خَفِيَتْ علينا حالتُه، وما قَابَلَ حُكْمَنَا مَنْ عَرَفَنَا إلا بالمُهج، وما حملوا ما لقوا فينا إلا على الحدق:
إنَّ الأُلى ماتوا على دين الهوى ** وجدوا المنيةَ منهلًا معسولا

. اهـ.

.من فوائد القاسمي في الآية:

قال رحمه الله:
{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ}.
افتنان في تسليته عليه الصلاة والسلام، فإن عموم البلية ربما يهون أمرها بعض تهوين. وإرشاده صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بمن قبله من الرسل الكرام، في الصبر على ما أصابهم من أممهم، من فنون الأذية. وعِدَة ضمينة له صلى الله عليه وسلم بمثل ما مُنِحُوه من النصر. وتصديرُ الكلام بالقسم، لتأكيد التسلية. وتنوين (رسل) للتفخيم والتكثير- أفاده أبو السعود-.
قال الزمخشري: في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ} دليل على أن قوله: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ} ليس بنفي لتكذيبه، وإنما هو من قولك لغلامك: ما أهانوك، ولكنهم أهانوني! انتهى.
وناقشه الناصر في الانتصاف بأنه لا دلالة فيه، لأنه مؤتلف مع نفي التكذيب أيضًا، وموقعه حينئذ من الفضيلة أبين. أي: هؤلاء لم يكذبوك، فحقك أن تصبر عليهم، ولا يحزنك أمرهم. وإذا كان من قبلك من الأنبياء قد كذبهم قومهم، فصبروا عليهم، وأنت إذ لم يكذبوك أجدر بالصبر. فقد ائتلف، كما ترى، بالتفسيرين جميعًا. ولكنه من غير الوجه الذي استدل به، فيه تقريب لما اختاره، وذلك أن مثل هذه التسلية قد وردت مصرحًا بها في نحو قوله تعالى: {وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ} فسلاّه عن تكذيبهم له، بتكذيب غيرهم من الأمم لأنبيائهم. وما هو إلا تفسير حسن مطابق للواقع، مؤيد بالظاهر- والله أعلم-.
{فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا} أي: على تكذيبهم وإيذائهم، فتأسّ بهم: {حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} أي: لمواعيده، من قوله: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ} [الصافات: 171- 172]، وقوله: {كَتَبَاللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21].
{وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ} أي: من خبرهم في مصابرة الكافرين، وما منحوه من النصر، فلابد أن نزيل حزنك بإهلاكهم، وليس إمهالهم لإهمالهم، بل لجريان سنته تعالى بتحقق صبر الرسل وشكرهم. اهـ.

.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا}.
فإذا كان الرسل الذين سبقوك قد كُذِّبوا وصبروا على ذلك، وهم رسل لقومهم أو لأمة خاصة، ولزمان خاص، فماذا عنك يا خاتم الرسل وأنت للناس كافة وللأزمان عامة؟ إن عليك أن تتحمل هذا؛ لأن الحق سبحانه وتعالى قد اختارك لهذه المهمة وهو العليم أنك أهل لها. والحق كفيل بنصر رسله فلا يتأتى أن يترك الشر أو الباطل ليغلب الرسل، وما دام سبحانه وتعالى قد بعث الرسول فلابد أن ينصره. فهو القائل: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون} [الصافات: 171- 173].
وما دامت قد سبقت كلمة الله للرسل فلا مبدل لكلمات الله، ولا أحد بقادر على أن يعدِّل في المبادئ التي وضعها الله بقوله سبحانه وتعالى: {وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله وَلَقدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ المرسلين} [الأنعام: 34].
وقد قص الحق سبحانه على رسوله قصص المرسلين، ولم يكتف بالقول لرسوله أن الرسل السابقين عليه قد كذبتهم أقوامهم، ولكن أورد الحق لرسوله ما حدث لكل رسول ممن جاء ذكرهم بالقرآن الكريم وماذا حدث للرسول- أي رسول- من ثبات أمام الأعداء، ثم بيّن أن كلمة الحق قد انتصرت دائمًا. وقد روى الحق بعضًا من قصص الرسل فقال: {مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر: 78]. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {من قبلك} متعلّق بـ {كَذَّبت}.
ومنع أبو البقاء يكون صفة لـ {رسل}؛ لأنه زَمَانٌ، والزَّمَانُ لا تُوصَفُ به الجُثَثُ، وقد تقدَّم البَحْثُ في ذلك في البقرة، وهنا عند قوله: {وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا} [الأنعام: 6].
قوله: {وأوذُوا} يجوز فيه أربعة أوجه:
أظهرها: أنه عَطْفٌ على قوله: {كُذِّبَتْ} أي: كُذِّبت الرُّسُولُ، فصربروا على ذلك.
والثاني: أنه مَعْطُوفٌ على {صَبَرُوا} أي: فَصَبَرُوا وأوذوا.
والثالث، وهو بَعِيدٌ: أن يكون مَعْطُوفًا على {كُذِّبوا}، فيكون دَاخِلًا في صلة الحرف المَصْدَرِيّ، والتَّقْدِير فيه: فصبروا على تكذيبهم وإيذائهم.
والرابع: أن يكون مُسْتَأنفًا.
قال أبو البقاء: ويجوز أن كون الوَقْفُ ثَمَّ على قوله: {كُذِّبوا}، ثم استأنف فقال: {وأوذُوا}.
وقرأ الجُمْهُور: {وأوذُوا} بواو بعد الهمزة؛ من آذى يؤذي رباعيًا.
وقرأ ابن عامر في رواية شاذّةِ: وأذُوا من غير واو بعد الهمزة وهو من أذَيْتُ الرجل ثلاثيًا لا من آذيت رباعيًا.
قوله: {حتى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} الظَّاهر أن هذه الغايةَ متعلقةٌ بقوله: {فصبروا}، أي: كان غَايَةُ صَبْرِهمْ نَصْرَ الله إياهم، وإن جَعَلْنَا {وأوذُوا} عَطْفًا عليه غَايَةٌ لهما؛ وهو أوضح وإن جعلناه مُسْتَأنَفًا كانت غَايَةً له فقط، وإن جعلناه معطوفًا على كَذَّبت فتكون الغايةُ للثلاثة، والنصر مُضَافًا لفاعله ومفعوله مَحْذُوفٌ، أي: نَصْرُنَا أتَاهم، وفيه التِفَاتٌ من ضمير الغَيْبَةِ إلى ضمير المتكلِّم، إذ قَبْله {بآيات الله}، فلو جاء على ذلك لقيل نصره.
وفائدة الالتِفَاتِ إسْنَادُ النصر إلى ضمير المتكلّم المشعر بالعظمة.
قوله: {وَلَقدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ المرسلين} أي: خبرهم في القرآن كيف أنجيناهم ودمَّرنا قومهم.
وفي فاعل جاء وجهان:
أحدهما: هو مُضْمرٌ، واختلفوا فيما يَعُودُ عليه هذا الضمير، فقال ابن عطية الصَّوابُ عندي أن يقدر جلاء أو بيان.
وقال الرُّمَّاني: تقديره: نبأ.
وقال أبو حيَّان: الذي يظهر لي أنَّهُ يعود على ما دلَّ عليه المعنى من الجملة السَّابقة، أي: ولقد جاءك هذا الخَبَرُ من تكذيب أتْبَاع الرُّسُلِ للرُّسُلِ، والصَّبْر والإيذاء إلى أن نُصِرُوا.
وعلى هذه الأقوال يكون {من نبأ المرسلين} في مَحَلِّ نصب على الحال وعاملها هو جاء؛ لأنه عامل في صاحبها.
والثاني: أنَّ من نبأ هو الفاعل.
ذكر الفارسي، وهذا إنما يَتَمشَّى له على أري الأخفش؛ لأنه لا يشترط في زيادتها شيئًا، وهذا- كما رأيت- كلامٌ مُوجبٌ، والمجرور بمِنْ معرفةٌ.
وضُعفَ أيضًا من جهة المعنى بأنه لم يَجئه كُلُّ نبأ للمرسلين؛ لقوله: {مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر: 78]، وزيادة مِنْ تؤدِّي إلى أنه جاءه جميع الأنبياء؛ لأنه اسم جنس مُضَاف، والأمْرُ بخلافه.
ولم يتعرّض الزمخشري للفاعل إلاَّ أنه قال: ولقد جاءك من نبأ المرسلين بعضُ أنبائهم وقصصهمْ وهذا تفسير معنى لا تفسير إعراب؛ إذ مِنْ لا تكون فاعله، ولا يجوز أن يكون من نبأ صِفَةً لمخذوف هو الفاعل، أي: ولقد جاءكَ نبأ من نبأ المرسلين؛ لأن الفاعل لا يُحْذّفُ بحالٍ إلاَّ في مواضعَ ذُكِرَت، كذا قالوا.
قال أبو البقاء: ولا يجوز عند الجميع أن تكون من صفة لمحذوف، لأن الفاعل لا يُحْذَفُ، وحرف الجر إذا لم يكون زائدًا لم يصحَّ أن يكون فاعلًا؛ لأن حرف الجر يُعَدّي كل فعل يعمل في الفاعل من غير تعدِّ.
يعني بقوله: لم يصح أن يكون فاعلًا لم يصح أن يكون المجرور بذلك الحرف، وإلاَّ فالحرفُ لا يكونُ فاعلًا ألْبَتَّةَ. اهـ. باختصار.

.تفسير الآية رقم (35):

قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما سلاه بما هو في غاية الكفاية في التسلية، أخبره بأنه لا حيلة له غير الصبر، فقال عاطفًا على ما تقديره: فتسلّ واصبر كما صبروا، وليصغر عندك ما تلاقي منهم في جنب الله: {وإن كان كبر} أي عظم جدًا {عليك إعراضهم} أي عما يأتيهم به من الآيات الذي قدمنا الإخبار عنه بقولنا {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} [الأنعام: 4] وأردت أن تنتقل- في إخبارنا لك بأنه لا ينفعهم الآيات المقترحات- من علم اليقين إلى عين اليقين {فإن استطعت أن تبتغي} أي تطلب بجهدك وغاية طاقتك {نفقًا} أي منفذًا {في الأرض} تنفذ فيه إلى ما عساك تقدر على الانتهاء إليه {أو سلمًا في السماء} أي جهة العلو لترتقي فيه إلى ما تقدر عليه {فتأتيهم بآية} أي ما اقترحوا عليك فافعل لتشاهد أنهم لا يزدادون عند إتيانك بها إلا إعراضًا كما أخبرناك، لأن الله قد شاء ضلال بعضهم، والمراد بهذا بيان شدة حرصه صلى الله عليه وسلم على هدايتهم بأنه لو قدر على أن يتكلف النزول إلى تحت الأرض أو فوق السماء فيأتيهم بما يؤمنون به لفعل.
ولما كان هذا السياق ربما أوهم شيئًا في القدرة، نفاه إرشادًا إلى تقدير ما قدرته فقال: {ولو شاء الله} أي الذي له العظمة الباهرة والقدرة الكاملة القاهرة {لجمعهم على الهدى} أي لأن قدرته شاملة، وإيمانهم في حد ذاته ممكن، ولكنه قد شاء افتراقهم بإضلال بعضهم؛ ولما كان صلى الله عليه وسلم- بعد إعلام الله له بما أعلم من حكمه بأن الآيات لا تنفع من حتم بكفره- حريصًا على إجابتهم إلى ما يقترحونه رجاء جمعهم على الهدى لما طبع عليه من مزيد الشفقة على الغريب فضلًا عن القريب، مع ما أوصاه الله به ليلة الإسراء من غير واسطة- كما أفاده الحرالي- من إدامة الشفقة على عباده والرحمة لهم والإحسان إليهم واللين لهم وإدخال السرور عليهم، فتظافر على ذلك الطبع والإيصاء حتى كان لا يكف عنه إلا لأمر جازم أو نهي مؤكد صارم، سبب عن ذلك قوله: {فلا تكونن} فأكد الكلام سبحانه ليعلم صلى الله عليه وسلم أنه قد حتم بافتراقهم، فيسكن إلى ذلك ويخالف ما جبل عليه من شدة الشفقة عليهم {من الجاهلين} أي إنك أعلم الناس مطلقًا ولك الفراسة التامة والبصر النافذ والفكرة الصافية بمن لم تعاشره، فكيف بمن بلوتهم ناشئًا وكهلًا ويافعًا! فلا تعمل بحجة ما أوصاك الله به من الصبر والصفح، وجبلك عليه من الأناة والحلم في ابتغاء إيمانهم بخلاف ما يعلم من خسرانهم، فلا تطمع نفسك فيما لا مطمع فيه، فإن ما شاءه لا يكون غيره، فهذه الآية وأمثالها- مما في ظاهره غلظة- من الدلالة على عظيم رتبته صلى الله عليه وسلم ومن لطيف أمداح القرآن له- كما يبين إن شاء الله تعالى في سورة التوبة عند قوله تعالى: {عفا الله عنك} [التوبة: 43]. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أتى النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قريش، فقالوا: يا محمد ائتنا من عند الله كما كانت الأنبياء تفعل فإنا نصدق بك فأبى الله أن يأتيهم بها فأعرضوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فشق ذلك عليه، فنزلت هذه الآية، والمعنى، وإن كان كبر عليك إعراضهم عن الإيمان بك، وصحة القرآن، فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض أو سلمًا في السماء فافعل.
فالجواب محذوف وحسن هذا الحذف لأنه معلوم في النفوس.
والنفق سرب في الأرض له مخلص إلى مكان آخر، ومنه نافقاء اليربوع لأن اليربوع يثقب الأرض إلى القعر، ثم يصعد من ذلك القعر إلى وجه الأرض من جانب آخر، فكأنه ينفق الأرض نفقًا، أي يجعل له منفذًا من جانب آخر.
ومنه أيضًا سمي المنافق منافقًا لأنه يضمر غير ما يظهر كالنافقاء الذي يتخذه اليربوع وأما السلم فهو مشتق من السلامة، وهو الشيء الذي يسلمك إلى مصعدك، والمقصود من هذا الكلام أن يقطع الرسول طمعه عن إيمانهم، وأن لا يتأذى بسبب إعراضهم عن الإيمان وإقبالهم على الكفر. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ} أي عظم عليك إعراضهم وتوليهم عن الإيمان.
{فَإِن استطعت} قدرت {أَن تَبْتَغِيَ} تطلب {نَفَقًا فِي الأرض} أي سَرَبًا تخلص منه إلى مكان آخر، ومنه النافِقاء لجحر الْيَرْبُوع، وقد تقدّم في البقرة بيانه، ومنه المنافق وقد تقدم.
{أَوْ سُلَّمًا} معطوف عليه، أي سببًا إلى السماء؛ وهذا تمثيل لأن السّلم الذي يُرْتقى عليه سبب إلى الموضع، وهو مذكّر، ولا يُعرف ما حكاه الفرّاء من تأنيث السّلم.
قال قَتَادة: السلم الدَّرج.
الزجاج: وهو مشتق من السلامة كأنه يسلِمك إلى الموضع الذي تريد.
{فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ} عطف عليه أي ليؤمنوا فافعل؛ فأُضمِر الجواب لعلم السامع.
أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ألا يشتدّ حزنه عليهم إذا كانوا لا يؤمنون؛ كما أنه لا يستطيع هداهم. اهـ.