فصل: تفسير الآية رقم (36):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيًّا} أي ناصرًا ومعينًا {فَاطِرَ السموات والأرض} أي مبدعهما فهي ملكه سبحانه ونسبة المملوك إلى المالك نسبة اللاشيء إلى الشيء {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ} فهو الغني المطلق وغيره جل شأنه محتاج بحت وطلب المحتاج من المحتاج سفه في رأيه وضلة من عقله {قُلْ إِنّى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} نفسه لربه عز شأنه، والمراد بالأمر بذلك الأمر الكوني أي: قل إني قيل لي: كن أول من أسلم فكنت، وذلك قبل ظهور هذه التعينات وإليه الإشارة بما شاع من قوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين» فأول روح ركضت في ميدان الخضوع والانقياد والمحبة روح نبينا صلى الله عليه وسلم وقد أسلم نفسه لمولاه بلا واسطة وكل إخوانه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما أسلموا نفوسهم بواسطته عليه الصلاة والسلام، فهو صلى الله عليه وسلم المرسل إلى الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام في عالم الأرواح وكلهم أمته وهم نوابه في عالم الشهادة، ولا ينافي ذلك أمره عليه الصلاة والسلام باتباع بعضهم في النشأة الجسمانية لأن ذلك لمحض استجلاب المعتقدين بأولئك البعض على أحسن وجه {وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المشركين} [الأنعام: 14] أي وقيل لي: لا تكونن ممن أشرك مع الله تعالى أحدًا بشيء من الأشياء.
{وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ} بإفنائهم والتصرف بهم كيف شاء {وَهُوَ الحكيم} أي الذي يفعل ما يفعل في عباده بالحكمة {الخبير} [الأنعام: 18] الذي يطلع على خفايا الأحوال ومراتب الاستحقاق {قُلْ أي شيء أَكْبَرُ شهادة قُلِ الله شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 19] بإظهار المعجزات، وأعظم من ذلك عند العارفين ظهور أنوار الله تعالى في مرآة وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم {الذين آتيناهم الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ} [الأنعام: 20] وذلك بالصفات التي وجدوها في كتابهم لا بالنور المتلألئ على صفحات ذلك الوجه الكريم {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا} بإثبات وجود غيره تعالى أو كذب بآياته فأظهر صفات نفسه {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} [الأنعام: 21] لاحتجابهم بما وضعوه في موضع ذات الله تعالى وصفاته جل وعلا {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} وهو يوم القيامة الكبرى وعين الجمع {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ} بإثبات الغير {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعم: 22] أنهم شركاء ولهم وجود {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} أي نهاية شركهم عند ظهور الأمر وبروز الكل لله الواحد القهار {إِلاَّ أَن قَالُواْ والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] لامتناع وجود شيء نشركه {انظر كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ} بنفي الشرك عنها مع رسوخ ذلك الاعتقاد فيها {وَضَلَّ} أي ضاع {عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 24] فلم يجدوه {وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} من حيث أنت {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} حسبما اقتضاه استعدادهم {أَن يَفْقَهُوهُ} وهي ظلمات النفس الأمارة {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ} وهو وقر الضلالة {وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ} [الأنعام: 25] لأن على أبصارهم غشاوة العجب والجهل {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار} وهي نار الحرمان {فَقَالُواْ ياليتنا ياليتنا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذّبَ بآيات رَبّنَا} من تجليات صفاته {وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين} [الأنعام: 72] أي الموحدين {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ} في أنفسهم من الملكات الرديئة والهيئات المظلمة والصفات المهلكة {وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا لِمَا نُهُواْ عَنْهُ} لرسوخ ذلك فيهم {وَإِنَّهُمْ لكاذبون} [الأنعام: 28] في الدنيا والآخرة لأن الكذب عن ملكة فيهم {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبّهِمْ} [الأنعام: 30] الآية قال بعض أهل التأويل: هذا تصوير لحالهم في الاحتجاب والبعد وإن كانوا في عين الجمع المطلق، والوقوف على الشيء غير الوقوف معه فإن الأول: لا يكون إلا كرهًا والثاني: يكون طوعًا ورغبة، فالواقف مع الله سبحانه بالتوحيد لا يوقف للحساب، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {واصبر نَفْسَكَ مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُم بالغداة والعشى يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28] {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شيء} [الأنعام: 52] ويثاب هذا بأنواع النعيم في الجنان كلها.
ومن وقف مع الغير بالشرك وقف على الرب تعالى وعذب بأنواع العذاب لأن الشرك ظلم عظيم.
ومن وقف مع الناسوت بمحبة الشهوات وقف على الملكوت وعذب بنيران الحرمان وسلط عليه زبانية الهيئات المظلمة وقرن بشياطين الأهواء المردية، ومن وقف مع الأفعال وقف على الجبروت وعذب بنار الطمع والرجاء ورد إلى مقام الملكوت، ومن وقف مع الصفات وقف على الذات وعذب بنار الشوق والهجران.
وليس هذا هو الوقوف عل الرب لأن فيه حجاب الأنية وفي الوقوف على الذات معرفة الرب الموصوف بصفات اللطف.
والمشرك موقوف أولًا على الرب فيحجب بالرد والطرد {اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ} [المؤمنون: 108] ثم على الجبروت فيطرد بالسخط واللعن {وَلاَ يُكَلّمُهُمُ الله وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القيامة} [آل عمران: 77] ثم على الملكوت فيزجر بالغضب واللعن {قِيلَ ادخلوا أبواب جَهَنَّمَ} [الزمر: 72] ثم على النار يسجرون فيعذب بأنواع النيران أبدًا فيكون وقفه على النار متأخرًا عن وقفه على الرب تعالى معلولًا له كما قال تعالى: {ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ العذاب الشديد بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ} [يونس: 70] وأما الواقف مع الناسوت فيوقف للحساب على الملكوت ثم على النار.
وقد ينجو لعدم السخط وقد لا ينجو لوجوده.
والواقف مع الأفعال لا يوقف على النار أصلًا بل يحاسب ويدخل الجنة.
وأما الواقف مع الصفات فهو من الذين رضي الله تعالى عنهم ورضوا عنه انتهى.
فتأمل فيه {قَدْ خَسِرَ الذين كَذَّبُواْ بِلِقَاء الله حتى إِذَا جَاءتْهُمُ الساعة بَغْتَةً} وهي القيامة الصغرى أعني الموت.
حكي عن بعض الكبار أنه قيل له: إن فلانًا مات فجأة فقال: لا عجب إذ من لم يمت فجأة مرض فجأة فمات {قَالُواْ ياحسرتنا على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} أي في حق تلك الساعة بترك العمل النافع {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ} [الأنعام: 31] تصوير لحالهم {وَمَا الحياة الدنيا} أي الحياة الحسية فإن المحسوس أدنى وأقرب من المعقول {إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ} لا أصل له ولا حقيقة سريع الفناء والانقضاء {وللدار الآخرة} أي عالم الروحانيات أي عالم الروحانيات {خَيْرٌ لّلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأنعام: 32] وهم المتجردون عن ملابس الصفات البشرية واللذات البدنية {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ} لمقتضى البشرية {الذى يَقُولُونَ} ما يقولون {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذّبُونَكَ} في الحقيقة {ولكن الظالمين بآيات الله} التي تجلى بها {يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33] فهو سبحانه ينتقم منهم {وَلَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ على مَا كُذّبُواْ وَأُوذُواْ حتى أتاهم نَصْرُنَا} فتأس بهم وانتظر الغاية {وَلاَ مُبَدّلَ لكلمات الله} [الأنعام: 34] التي يتجلى بها لعباده فليطمئن قلبك ولا تكونن من الجاهلين الذين لا يطلعون على حكمة تفاوت الاستعدادات فتتأسف على احتجاب من احتجب وتكذيب من كذب.
والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل. اهـ.

.تفسير الآية رقم (36):

قوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما أفهم هذا القضاء الحتم أنه قد صار حالهم حال من حتم بالموت، فلا يمكن إسماعه إلا الله، ولا يمكن أن يستجيب عادة، قال: {إنما يستجيب} أي في مجاري عاداتكم {الذين يسمعون} أي فيهم قابلية السمع لأنهم أحياء فيتدبرون حينئذ ما يلقى إليهم فينتفعون به، وهؤلاء قد ساووا الموتى في عدم قابلية السماع للختم على مشاعرهم {والموتى} أي كلهم حسًا ومعنى {يبعثهم الله} أي الملك المحيط علمًا وقدرة، فهو قادر على بعثهم بإفاضة الإيمان على الكافر وإعادة الروح إلى الهالك فيسمعون حينئذ، فالآية من الاحتباك: حذف من الأول الحياة لدلالة {الموتى} عليها، ومن الثاني السماع لدلالة {يسمعون} عليه.
ولما قرر أن من لا يؤمن كالميت، حثًا على الإيمان وترغيبًا فيه، وقدر قدرته على البعث، خوَّفَ من سطواته بقوله: {ثم إليه} أي وحده {يرجعون} أي معنى في الدنيا فإنه قادر على كل ما يشاء منهم، لا يخرج شيء من أحوالهم عن مراده أصلًا وحسًا بعد الموت، فيساقون قهرًا إلى موقف يفصل فيه بين كل مظلوم وظالمه. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى بيّن السبب في كونهم بحيث لا يقبلون الإيمان ولا يتركون الكفر فقال: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ} يعني أن الذين تحرص على أن يصدقوك بمنزلة الموتى الذين لا يسمعون، وإنما يستجيب من يسمع، كقوله: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى} [النمل: 80] قال علي بن عيسى: الفرق بين يستجيب ويجيب، أن يستجيب في قبوله لما دعيَ إليه، وليس كذلك يجيب لأنه قد يجيب بالمخالفة كقول القائل: أتوافق في هذا المذهب أم تخالف؟ فيقول المجيب: أخالف.
وأما قوله: {والموتى يَبْعَثُهُمُ الله} ففيه قولان: الأول: أنه مثل لقدرته على إلجائهم إلى الاستجابة والمراد: أنه تعالى هو القادر على أن يبعث الموتى من القبور يوم القيامة ثم إليه يرجعون للجزاء، فكذلك هاهنا أنه تعالى هو القادر على إحياء قلوب هؤلاء الكفار بحياة الإيمان وأنت لا تقدر عليه.
والقول الثاني: أن المعنى: وهؤلاء الموتى يعني الكفرة يبعثهم الله ثم إليه يرجعون، فحينئذ يسمعون وأما قبل ذلك فلا سبيل إلى استمعاهم، وقرئ {يَرْجِعُونَ} بفتح الياء.
وأقول: لا شك أن الجسد الخالي عن الروح يظهر منه النتن والصديد والقيح وأنواع العفونات، وأصلح أحواله أن يدفن تحت التراب، وأيضًا الروح الخالية عن العقل يكون صاحبها مجنونًا يستوجب القيد والحبس والعقل بالنسبة إلى الروح كالروح بالنسبة إلى الجسد، وأيضًا العقل بدون معرفة الله تعالى وصفاته وطاعته كالضائع الباطل، فنسبة التوحيد والمعرفة إلى العقل كنسبة العقل إلى الروح، ونسبة الروح إلى الجسد فمعرفة الله ومحبته روح روح الروح فالنفس الخالية عن هذه المعرفة تكون بصفة الأموات، فلهذا السبب وصف الله تعالى أولئك الكفار المصرين بأنهم الموتى. والله أعلم. اهـ.

.قال السمرقندي:

{إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ} يعني: يطيعك، ويصدقك الذين يسمعون منك كلام الهدى والمواعظ.
قال الزجاج يعني: يسمع سماع قابل.
فالذي لا يقبل كأنه أصم.
كما قال القائل: أصم عما ساءه سميع.
ويقال: {فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجاهلين} بأنه يؤمن بك بعضهم، ولن يؤمن بك البعض.
وإنما يؤمن بك الذي وفقه الله للهدى وهو أهل لذلك.
وقال: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ} يعني: يعقلون الموعظة.
ثم قال: {والموتى يَبْعَثُهُمُ الله} أي: كفار مكة سماهم الله موتى، لأنه لا منفعة لهم في حياتهم {يَبْعَثُهُمُ الله} يعني يحييهم بعد الموت {ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} يعني الكفار في الآخرة فينبئهم، فهذا تهديد لهم. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} الاستجابة هي القبول، والفرق بينها وبين الجواب: أن الجواب قد يكون قبولًا وغير قبول.
وقوله: {الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} فيه تأويلان:
أحدهما: يعني الذين يعقلون، قاله الكلبي.
والثاني: الذين يسمعون طلبًا للحق، لأن الاستجابة قد تكون من الذين يسمعون طلبًا للحق، فأما من لا يسمع، أو يسمع لكن لا بقصد طلب الحق، فلا يكون منه استجابة.
{وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ} فيه قولان:
أحدهما: أن المراد بالموتى هنا الكفار، قاله الحسن، وقتادة ومجاهد.
ويكون معنى الكلام: إنما يستجيب المؤمنون الذين يسمعون، والكفار لا يسمعون إلا عند معاينة الحق اضطرارًا حين لا ينفعهم حتى يبعثم الله كفارًا ثم يحشرون كفارًا.
والقول الثاني: أنهم الموتى الذين فقدوا الحياة، وهو مثل ضربه الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، ويكون معنى الكلام: كما أن الموتى لا يستجيبون حتى يبعثهم الله فكذلك الذين لا يسمعون. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله عز وجل: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ}.
هذا من النمط المتقدم في التسلية أي لا تحفل بمن أعرض فإنما يستجيب لداعي الإيمان الذين يقيمون الآيات ويتلقون البراهين بالقبول، فعبر عن ذلك كله ب {يسمعون} إذ هو طريق العلم بالنبوة والآيات المعجزة، وهذه لفظة تستعملها الصوفية إذا بلغت الموعظة من أحد مبلغًا شافيًا قالوا سمع، ثم قال تعالى: {والموتى} يريد الكفار، فعبر، عنهم بضد ما عبر عن المؤمنين وبالصفة التي تشبه حالهم في العمى عن نور الله تعالى والصمم عن وعي كلماته، قاله مجاهد وقتادة والحسن، و{يبعثهم الله} يحتمل معنيين قال الحسن معناه يبعثهم الله بأن يؤمنوا حين يوقفهم.
قال القاضي أبو محمد: فتجيء الاستعارة في هذا التأويل، في الوجهين في تسميتهم موتى وفي تسمية إيمانهم وهدايتهم بعثًا، والواو على هذا مشركة في العامل عطفت {الموتى} على {الذين}، و{يبعثهم الله} في موضع الحال، وكأن معنى الآية إنما يستجيب الذين يرشدون حين يسمعون فيؤمنون والكفار حين يرشدهم الله بمشيئته، فلا تتأسف أنت ولا تستعجل ما لم يقدر، وقرأ الحسن {ثم إليه يرجعون} فتناسبت الآية، وقال مجاهد وقتادة: {والموتى} يريد الكفار، أي هم بمثابة الموتى حين لا يرون هدى ولا يسمعون فيعون، و{يبعثهم الله} أي: يحشرهم يوم القيامة {ثم إليه} أي إلى سطوته وعقابه {يرجعون} وقرأت هذه الطائفة يرجعون بياء والواو على هذا عاطفة جملة كلام على جملة، {الموتى} مبتدأ و{يبعثهم الله} خبره، فكأن معنى الآية إنما يستجيب الذين يسمعون فيعون والكفار سيبعثهم الله ويردهم إلى عقابه، فالآية على هذا متضمنة الوعيد للكفار، والعائد على {الذين} هو الضمير في {يسمعون}، والضمير في {قالوا} عائد على الكفار. اهـ.