فصل: تفسير الآية رقم (64):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من النوم وقال: «انصرفوا أيها الناس فقد عصمني الله».
وعندما قرأت المرأة الأوربية هذه الحكاية في تاريخ محمد صلى الله عليه وسلم وأحسنت الفهم لها أعلنت إسلامها على الفور قائلة: لو كان محمد يخدع الناس جميعًا ما خدع نفسه في حياته. لقد أدركت هذه المرأة بالفطنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ليصرف عنه الحرس لو لم يثق تمام الثقة في أن الله يحميه، وأنه سبحانه قادر على أن يحفظه. والإنسان لحظة الخطر إنما يدعو الله تضرعًا وخفية. والدعاء- كما علمنا- يحتاج إلى قول وفعل ووجدان. وهذه الأركان الثلاثة تتوافر في قوله الحق: {تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هذه لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين} [الأنعام: 63].
فكلمة {تدعونه}: قول و{تضرعا}: فعل لأنه خشوع وخضوع- و{خفية}: انكسار القلب وخشيته و{أنجانا} تدل على التعدد؛ لأن الفعل للتجدد والحدوث وأيضًا قوله: {قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ} يدل على التكثير، أي أنه لا ينجِّي مرة واحدة ولكنه ينجِّي لمرات كثيرة. ويأتي لنا سبحانه بصور كثيرة لقدرته على أن ينجِّينا إما بتكرار النجاة أو بتعدي النجاة من موقف لموقف. وتكرار النجاة هو أن يكون الحدث واحدًا وينجي الحق فيه أفرادًا كثيرين، أو يكون الحدث واحدًا والطالب للنجاة منه فردًا واحدًا، ويكرر الله نجاته من هذا الحدث. إن الحق سبحانه ينجِّي الفرد أو الجماعة من الأحداث أو الكوارث المختلفة. وسبحانه القائل: {وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إلى ضُرٍّ مَّسَّهُ} [يونس: 12].
إن الإنسان إذا ما أصابه الضر في نفسه أو ماله أو نحو ذلك، أحس بضعفه ودعا ربه في أي حالة من حالاته- سواء أكان مضطجعًا أم قاعدًا أم قائمًا- حتى يكشف الله عنه هذا البلاء، وعندما يستجيب الله لدعاء هذا الإنسان ينسى هذا الإنسان فضل الله عليه كأنه لم يدع الله أن يزيل عنه الضر.
والحق سبحانه يقول: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر فِي البحر ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى البر أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنسان كَفُورًا} [الإسراء: 67].
وسبحانه- هنا- يُذكِّر المشركين ومن كان على شاكلتهم أنهم عندما يصيبهم الضر في البحر يغيب عنهم كل من كانوا يدعونه سواء من الأصنام أو غيرها ولا يلجأون إلا الله حتى ينجيهم من الغرق ويخرجهم إلى البر، ومن بعد ذلك يعودون إلى الشرك بالله والجحود بنعمته سبحانه.
وكذلك هنا في هذه الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها.
{قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ البر والبحر تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هذه لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين} [الأنعام: 63].
لقد دعوا الله بالتضرع والتذلل أن ينِّجيهم من ظلمات البر والبحر، ووعدوا أن يكونوا من الشاكرين، ولكن ماذا كان موقفهم بعد أن أنجاهم الله؟
يقول الحق سبحانه: {قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ...}. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قرأ السبعة هذه مشدّدة: {قُلِ الله يُنَجِّيكُم} [الأنعام: 64] قرأها الكوفيون وهشام بن عامر عن ابن عامر كالأول.
وقرأ الثِّنْتينِ بالتخفيف من أنْجَى حُمَيْدُ بن قيس، ويعقوب، وعلي بن نَصْرٍ عن أبي عمرو، وتحصَّل من ذلك أن الكوفيين وهشامًا يثقلون في الموضعين، وأن حميدًا ومن مَعَهُ يُخَفِّفُونَ فيهما، وأن نافعًا، وابن كثير، وأبا عمرو، وابن ذكوان عن ابن عامرٍ يُثَقِّلُون الأولى، ويُخَفِّفُون الثانية، والقراءات واضحة، فإنها من: نجَّى وأنْجى، فالتضعيف والهمزة كلاهما للتَّعديَةِ.
فالكوفيون وهشام التَزَمُوا التَّعْديةَ بالتضعيف، وحميد وجماعته التَزَمُوهَا بالهمزة.
والباقون جمعوا بين التَّعديتين جمعًا بين اللُّغَتَيْنِ كقوله تعالى: {فَمَهِّلِ الكافرين أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق: 17].
والاستفهام للتقرير والتَّوْبيخ، وفي الكلام حَذفُ مضاف، أي: مِنْ مهالِكِ ظُلُمات، أو من مخاوفها، والظلمات كِنَايةٌ عن الشدائد والأهوال إذا سافروا في البرِّ والبَحْرِ.
قوله: {تَدْعُونَهُ} في مَحَلِّ نصب على الحال، إما من مفعول {ينجيكم}، وهو الظاهر، أي: ينجيكم داعين إيَّاه، وإما من فاعله، أي: مدعُوًّا من جهتكم.
قوله: {تَضَرُّعًا وخُفْيَةٌ} يجوز فيها وجهان:
أحدهما: إنهما مصدران في موضع الحالِ، أي: تدعونه مُتَضَرِّعين ومُخْفِينَ.
والثاني: أنها مصدارن من معنى العامل لا من لفظه كقولك: قعدت جُلُوسًا.
وقرأ الجمهور: {خُفْيَةً} بضم الخاء، وقرأ أبو بكر بكسرها، وهما لغتانِ، كالعُدْوِةِ والعِدْوةِ، والأسْوَة والإسْوَة.
وقرأ الأعمش: {وخيفة} كالتي في الأعراف وهي من الخَوْفِ، قُلِبَتْ الواو ياء لانكسار ما قبلها وسكونها، ويظهر على هذه القراءة أن يكون مفعولًا من أجله لولا ما يَأبَاهُ {تَضرُّعًا} من المعنى.
قوله: {لَئِنْ أنْجَيْتَنَا} الظاهر أن هذه الجملة القسميَّةَ تفسير للدُّعاءِ قبلها ويجوز أن تكون مَنْصُوبَةً المَحلِّ على إضمار القول، ويكون ذلك القول في محلِّ نصب على الحال من فاعل {تدعونه} أي: تدعونه قائلين ذلك، وقد عرف مما تقدَّم غير مرَّةٍ كيفية اجتماع الشرط والقسم.
وقرأ الكوفيون {أنْجَانَا} بلفظ الغَيْبَةِ مُرَعَاةً لقوله: {تَدْعُونَهُ} والباقون {أنجيتَنَا} بالخطاب حكاية لخطابِهِمْ في حالة الدعاء، وقد قرأ كُلُّ بما رسم في مصحفه، فإن في مصاحف الكوفة: {أنْجَانَا}، وفي غيرها: {أنْجَيْتَنَا}.
قوله: {مِنْ هَذِهِ} متعلِّقٌ بالفعل قَبْلَهُ، ومِنْ لابتداء الغاية، وهذه إشارةٌ إلى الظُّلماتِ، لأنها تجري مجرى المؤنثة الواحدة، وكذلك في منها تعود على الظلمات. اهـ.

.تفسير الآية رقم (64):

قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
{قل الله} أي الذي له جميع العظمة {ينجيكم منها} أي من تلك الشدة {ومن كل كرب} أي وقعتم فيه، وما أعظم موقع قولُه: {ثم أنتم} مع التزام الإخلاص في وقت الكرب ومع التزام الشكر {تشركون} مشيرًا إلى استبعاد نقضهم بأداة التراخي مع ما فيه من الجِناس لما كان ينبغي لهم من أنهم يشكرون. اهـ.

.اللغة:

{كرب} الكرب: الغم الذي يأخذ بالنفس.
{شيعا} الشيعة: الفرقة تتبع الأخرى ويجمع على شيع وأشياع.
{أبسلوا} الإبسال: تسليم الإنسان نفسه للهلاك.
{عدل} فدية.
{حميم} الحميم: الماء الحار.
{حيران} الحيرة: التردد في الأمر لا يهتدي إلى مخرج منه.
{الغيب} ما غاب عن الحواس.
{الشهادة} ما كان مشاهدا ظاهرا للعيان.
{تحشرون} تجمعون. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

ثم بين تعالى أنه ينجيهم من تلك المخاوف، ومن سائر موجبات الخوف والكرب.
ثم إن ذلك الإنسان يقدم على الشرك، ونظير هذه الآية قوله: {ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ} وقوله: {وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ} وبالجملة فعادة أكثر الخلق ذلك.
إذا شاهدوا الأمر الهائل أخصلوا، وإذا انتقلوا إلى الأمن والرفاهية أشركوا به. اهـ.

.قال أبو حيان:

{قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون} الضمير في {منها} عائد على ما أشير إليه بقوله: {من هذه} ومن كل معطوف على الضمير المجرور أعيد معه الخافض وأمره تعالى بالمسابقة إلى الجواب ليكون هو صلى الله عليه وسلم أسبق إلى الخير وإلى الاعتراف بالحق ثم ذكر أنه تعالى ينجي من هذه الشدائد التي حضرتهم ومن كل كرب فعم بعد التخصيص ثم ذكر قبيح ما يأتون بعد ذلك وبعد إقرارهم بالدعاء والتضرع ووعدهم إياه بالشكر من إشراكهم معه في العبادة.
قال ابن عطية: وعطف ب {ثم} للمهلة التي تبين قبح فعلهم أي ثم بعد معرفتكم بهذا كله وتحققه أنتم تشركون؛ انتهى.
وقيل: معنى {تشركون} تعودون إلى ما كنتم عليه من الإشراك وعبادة الأصنام ولا يخفى ما في هذه الجملة الإسمية من التقبيح عليهم إذ ووجهوا بقوله: {ثم أنتم} كقوله: {ثم أنتم} هؤلاء بعد قوله: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم} وإذا كان الخبر {تشركون} بصيغة المضارع المشعر بالاستمرار والتجدد في المستقبل كما كانوا عليه فيما مضى. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله تعالى: {قل الله ينجيكم} الآية: سبق في المجادلة إلى الجواب، إذ لا محيد عنه، {ومن كل كرب} لفظ عام أيضًا ليتضح العموم الذي في الظمات، ويصح أن يتأول من قوله: {ومن كل كرب} تخصيص الظلمات قبل، ونص عليها لهولها، وعطف في هذا الموضع ب {ثم} للمهلة التي تبين قبح فعلهم، أي ثم بعد معرفتكم بهذا كله وتحققكم به أنتم تشركون. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ} وقرأ الكوفيون {يُنَجِّيكُمْ} بالتشديد، الباقون بالتخفيف.
قيل: معناهما واحد مثل نجا وأنجيته ونجّيته.
وقيل: التشديد للتكثير.
والكرب: الغم يأخذ بالنفس؛ يقال منه: رجل مكروب.
قال عنترة:
ومكروبٍ كشفتُ الكرب عنه ** بطعنةِ فَيْصَلٍ لما دعانِي

والكُرْبة مشتقة من ذلك.
قوله تعالى: {ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ} تقريع وتوبيخ؛ مثل قوله في أوّل السورة {ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ}.
لأن الحجة إذا قامت بعد المعرفة وجب الإخلاص، وهم قد جعلوا بدلًا منه وهو الإشراك؛ فحسُن أن يُقرَّعوا ويُوَبَّخُوا على هذه الجهة وإن كانوا مشركين قبل النجاة. اهـ.

.قال أبو السعود:

{قُلِ الله يُنَجّيكُمْ مّنْهَا وَمِن كُلّ كَرْبٍ} أُمر صلى الله عليه وسلم بتقرير الجواب مع كونه من وظائفهم للإيذان بأنه متعيِّنٌ عندهم، ولبناءِ قولِه تعالى: {ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ} عليه، أي الله تعالى وحده ينجيكم مما تدعونه إلى كشفه من الشدائد المذكورةِ وغيرِها من الغموم والكُرَبِ ثم أنتم بعد ما تشاهدون هذه النعمَ الجليلةَ تشركون بعبادته تعالى غيره. اهـ.

.قال الألوسي:

{قُلِ الله يُنَجّيكُمْ مّنْهَا وَمِن كُلّ كَرْبٍ} أي غم يأخذ بالنفس، والمراد به إما ما يعم ما تقدم والتعميم بعد التخصيص كثير أو ما يعتري المرء من العوارض النفسية التي لا تتناهى كالأمراض والأسقام، وأمره صلى الله عليه وسلم بالجواب مع كونه من وظائفهم للإيذان بظهوره وتعينه أو للإهانة لهم مع بناء قوله سبحانه: {ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ} عليه أي الله تعالى وحده ينجيكم مما تدعونه إلى كشفه ومن غيره ثم أنتم بعدما تشاهدون هذه النعم الجليلة تعودون إلى الشرك في عبادته سبحانه ولا توفون بالعهد.
ووضع {تُشْرِكُونَ} موضع لا تشكرون الذي هو الظاهر المناسب لوعدهم السابق المشار إليه بقوله تعالى: {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين} [الأنعام؛ 63] للتنبيه على أن من أشرك في عبادة الله تعالى فكأنه لم يعبده رأسًا إذ التوحيد ملاك الأمر وأساس العبادة، وقيل: لعل المقصود التوبيخ بأنهم مع علمهم بأنه لم ينجهم إلا الله تعالى كما أفاده تقديم المسند إليه أشركوا ولم يخصوا الله تعالى بالعبادة فذكر الإشراك في موقعه، وكلمة ثم ليس للتراخي الزماني بل لكمال البعد بين إحسان الله تعالى عليهم وعصيانهم، ولم يذكر متعلق الشرك لتنزيله منزلة اللازم تنبيهًا على استبعاد الشرك في نفسه.
وقرأ أهل الكوفة وأبو جعفر وهشام عن ابن عامر {يُنَجّيكُمْ} بالتشديد والباقون بالتخفيف. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وجملة: {قل الله ينجيكم منها} تلقين لجواب الاستفهام من قوله: {مَنْ يُنجّيكم} أن يُجيب عن المسؤولين، ولذلك فصلت جملة {قل} لأنَّها جارية مجرى القول في المحاورة، كما تقدّم في هذه السورة.
وتولَّى الجواب عنهم لأنّ هذا الجواب لا يسعهم إلاّ الاعتراف به.
وقدّم المسند إليه على الخبر الفعلي لإفادة الاختصاص، أي الله ينجيكم لا غيره، ولأجل ذلك صرّح بالفعل المستفهم عنه.
ولولا هذا لاقتصر على {قل الله}.
والضمير في {منها} للظلمات أو للحادثة.
وزاد {مِنْ كلّ كرب} لإفادة التعميم، وأنّ الاقتصار على ظلمات البرّ والبحر بالمعنيين لمجرّد المثال.
وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وهشام عن ابن عامر، ويعقوب {يُنجيكم} بسكون النون وتخفيف الجيم على أنَّه من أنجاه، فتكون الآية جمعت بين الاستعمالين.
وهذا من التفنّن لتجنّب الإعادة.
ونظيره {فمهِّل الكافرين أمْهِلْهُم} [الطارق: 17].
وقرأه ابن ذكوان عن ابن عامر، وأبو جعفر، وخلف، وعاصم، وحمزة، والكسائي {يُنجِّيكم} بالتشديد مثل الأولى.
و{ثم} من قوله: {ثم أنتم تشركون} للترتيب الرتبي لأنّ المقصود أنّ إشراكهم مع اعترافهم بأنَّهم لا يلجأون إلاّ إلى الله في الشدائد أمر عجيب، فليس المقصود المهلة.
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي لمجرّد الاهتمام بخبر إسناد الشرك إليهم، أي أنتم الذين تتضرّعون إلى الله باعترافكم تُشركون به من قَبل ومن بعد، من باب {ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم} [البقرة: 85]، ومن باب: لو غيرُك قالها، ولو ذاتُ سِوار لَطَمَتْنِي.
وجيء بالمسند فعلًا مضارعًا لإفادة تجدّد شركهم وأنّ ذلك التجدّد والدوامَ عليه أعجب.
والمعنى أنّ الله أنجاكم فوعدتم أن تكونوا من الشاكرين فإذا أنتم تشركون.
وبيْن {الشاكرين} و{تشركون} الجناس المحرّف. اهـ.