فصل: فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مطلب حكاية بنكتة وعظيم فضل اللّه:

كان السيد محمود الألوسي رحمه اللّه صاحب تفسير روح البيان اجتمع بأحد متعصبي الشيعة وكان اسمه حمد وقد روى الحديثين المذكورين آنفا وجعل بدل واحدة في الحديث الأول وصلته في الحديث الثاني (فرقة) وقال إن فيها إشارة إلى نجاة الشيعة وأنهم هم المرادون بالفرقة الناجية من الثلاث والسبعين، قال والحجة على هذا أن عدد حروف فرقة بالجمل وعدد حروف شيعة سواء فكأنه عليه الصلاة والسلام قال إلا شيعة والمشهور في هذا العنوان هم الشيعة الإمامية لا غير، فأجابه على الفور دون أن يتعرض لتبديل كلمة واحدة وفرقة وملة: يلزم من هذا أن تكون كلبا وحاشاك لأن عدد حروف كلب بحروف الجمل مثل عدد حروف حمد، فألقم الحجر ولم ينبس ببنت شفة قال تعالى: {إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} وحده في تفرقهم وتعصبهم لبعضهم ليس لك يا سيد الرسل فأنا وليهم إن شئت عذبتهم في الدنيا والاخرة وإن شئت هديتهم في الدنيا وعفوت عنهم في الآخرة، وإن شئت عذبتهم في الدنيا والاخرة وإن شئت هديتهم في الدنيا ونعمتهم في الاخرة فاتركهم فان أمرهم اليّ في الدنيا ومرجعهم إلي في الآخرة {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ 159} لا يعزب عن علمه شيء من أعمالهم وأنه سيجازيهم عليها الشر بمثله والخير بأحسن منه قال تعالى: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ} في هذه الدنيا {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها} في الآخرة وقد يضاعفه إلى سبعمئة وإلى ما لا يحصى {وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ} فيها {فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها} فيها وهذا من عظيم فضل اللّه على عباده إذ يفيض على الطائعين من جوده العميم ويقاصص العاصين بمقدار عصيانهم {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ 160} في ذلك إذ لا يزاد في عقابهم كما لا ينقص من ثواب الطائعين، وهذا عدل منه جلّ عدله في حق العاصي وفضل منه في حق الطائع، على أن له تعالى أن يعذب الطائع ويرحم العاصي لأن الكل ملكه يتصرف فيه كيف يشاء، فإذا أراد إبلاغ ثواب الطائع إلى ما لا يحصى وعقاب المسيء إلى ما لا يطاق فعل ولا راد لقضائه ولا يسأل عما يفعل، وهذه الآية عامة في كل حسنة وسيئة والتقدير ليس للتحديد لأن اللّه يضاعف لمن يشاء، فالثواب فضل منه والعقاب عدل منه.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال صلّى اللّه عليه وسلم إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها حتى يلقى اللّه تعالى.
وروى مسلم عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول اللّه تبارك وتعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها وأغفر، ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة بعد أن لا يشرك بي شيئا لقيته بمثلها مغفرة.
وهذا من أحاديث الصفات وهي كآيات الصفات التي أشرنا إليها في الآية 158 المارة من هذه السورة وفي مواضع كثيرة قبلها وفي الآية 30 من سورة ق في ج 1 وبيتنا أن السلف الصالح يتركونها على حالها والخلف الناجح يؤولونها فيقولون في مثل هذا الحديث: من تقرب إلي بالطاعات تقربت برحمتي ومن أتاني أتته رحمتي أو خيري وبركتي بحسب ما يناسب المقام، وإذا أردت أن تقف على هذا راجع الآيات التي أشرنا إليك عنها آنفا وما تدلك عليها.
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: يقول اللّه تبارك وتعالى وإذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها بعشر أمثالها إلى سبعمائة.
هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة وإن لم يعملها فإن عملها فأنا أكتبها له بعشر أمثالها، وإذا تحدث عبدي بأن يعمل سيئة فأنا أغفر له ما لم يعملها، فإن عملها فأنا أكتبها له بمثلها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قالت الملائكة رب ذلك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به، فقال ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة، فإنما تركها من جرائي.
زاد الترمذي: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.
وقدمنا ما يتعلق في هذا في الآية 20 من سورة يوسف المارة وفيها أيضا ما يرشدك للمواقع المتعلق فيها هذا البحث فراجعها، فنعم الرب ربكم أيها الناس هذا لطفه بكم ورأفته عليكم، فأين المتعرض لألطافه المتطلب لرحماته، فياويل الظالمين من مشهد يوم عظيم، ويا خسارة المفرطين من انعام رب العالمين، فيا أكرم الرسل {قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} موصل إلى النجاة، ثم بين هذا الطريق بقوله: {دِينًا قِيَمًا} عدلا لا عوج فيه بالتخفيف وجاء في الآية الثانية من سورة الكهف الآتية قيما بالتشديد وجاء معرفا ومشددا في الآية 30 من سورة الروم الآتية والآية 37 من سورة التوبة في ج 3 {مِلَّةَ إِبْراهِيمَ} السوية السهلة التي ملتم عنها واختلفتم فيها أيها المشركون والمجوس وأهل الكتابين، وقد اتبعتها أنا لكونه أي سيدنا إبراهيم كان {حَنِيفًا} مائلا عن الضلال إلى الاستقامة وعن الباطل إلى الحق وكانت العرب تسمي كل من حج واختتن حنيفا إعلاما بأنه على دين إبراهيم عليه السلام الذي كان مسلما مؤمنا {وَما كانَ} من يوم وعيه {مِنَ الْمُشْرِكِينَ 161} قط وهو الذي سمى المؤمنين به مسلمين، راجع الآية الأخيرة من سورة الحج في ج 3، نزلت هذه الآية في كفار قريش لأنهم يزعمون أنهم على دين إبراهيم مع أنهم يعبدون الأوثان وعبادتها شرك محض، فرد اللّه عليهم بأن إبراهيم ما كان مشركا ولم يعبد الصنم قط، وأنتم مشركون تعبدون الأوثان، فادعاؤكم أنكم على دينه بهت واختلاق، وإنما ذكرنا المجوس وأهل الكتابين مع أن الآية مكية ولا يوجد في مكة مجوس ولا يهود ونصارى وقع لهم مجادلة مع حضرة الرسول في ذلك، بل لأنهم داخلون في معنى الآية بسبب ما هم عليه من التفرقة في دينهم وتعصب بعضهم لبعض فيشملهم إطلاق لفظها، إذ لا مقيد لها، تدبر.
قال تعالى: {قُلْ} يا سيد الرسل موبخا مقرعا من عاندك في توحيد اللّه أو جادلك في إثبات الشرك بوحدانية اللّه المقدسة وهو مع سفه عقله وقلة إدراكه يتوقع موافقتك لاتباع دينه الباطل {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} حجي وذبحي وكل عبادتي {وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ 162} وحده {لا شَرِيكَ لَهُ} في ذاته ولا في شيء من صفاته جلت حضرته عما يقول الكفرة وتنزهت مما تصفه، فإذا أردتم الخير لأنفسكم أيها الناس في الدارين فأخلصوا له الدين الذي أرسلت به إليكم {وَبِذلِكَ} الإخلاص والتوحيد والتنزيه {أُمِرْتُ} من قبل ربي عزّ وجل: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ 163} في هذه الأمة لأن إسلام النبي متقدم على إسلام أمته وقومه، وإن هذه الآية دليل على أن جميع العبادات يجب أن تؤدي على وجه التمام والكمال، لأن ما كان للّه لا ينبغي إلا أن يكون كاملا تاما مع إخلاص ليكون مقبولا عند اللّه، ولذلك أمر رسوله صلّى اللّه عليه وسلم أن يصرح بذلك ويقول إن حياته للّه فهو يملكها، وما كان للّه فينبغي أن يقضيها في عبادته وموته للّه على الإيمان الكامل به، ليكون حياته حياة طيّبة ومماته ميتة طيبة ولا يقبل اللّه إلا الطيب {قُلْ} يا أكرم الرسل لمن يريد أن توافقه على طريقه المعوج ويريدك على عبادة الصنم الذي اتخذه ربا وهو جماد لا يعقل {أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ} مربي ومالك ومدبر {كُلِّ شَيْءٍ} وسيده لا يشاركه في ربوبيته أحد وهو الواحد في ذاته المنفرد في ألوهيته المختص بصفاته، وأنت يا حببي بعد أن أبلغتهم ما أمرت به لا يهمك شأنهم وعدم قبولهم، فدغهم يكون وبالهم عليهم {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ} من الأوزار {إِلَّا عَلَيْها} إثمه وعقابه كما أن ما تكسبه من الخير يكون لها أجره وثوابه، قال ابن عباس: كان الوليد بن المغيرة يقول لكفار مكة اتبعوا سبيلي أحمل عنكم أوزاركم، كما أشار اللّه إليه في قوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} الآية 12 من سورة العنكبوت الآتية فأكذبه اللّه تعالى بما أنزله في هذه الآية بقوله: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} وهذه الآية مكررة في الآية 38 من سورة والنجم والآية 38 من سورة فاطر والآية 88 من سورة الإسراء المارات في ج 1 والآية 7 من سورة الزمر الآتية، أي لا يؤاخذ أحد بذنب غيره عما يرتكبه في هذه الدنيا بل يكون هو نفسه رهين بما كسب ضمين لما اقترف، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} الآية 20 من سورة المدثر المارة في ج 1، وسيتبين لكم يوم القيامة المحق من المبطل والمضل من المهتدي عند ما يصدر أمره المطاع وهو قوله جل قوله: {وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} الآية 60 من سورة يس المارة، ولهذا يقول اللّه تعالى: {ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ} في الآخرة {فَيُنَبِّئُكُمْ} في الموقف على رؤوس الأشهاد {بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 164} من الأديان وغيرها وما كنتم تتفرقون من أجله ويتعصب بعضكم لبعض في غير الحق ويجازي كلا يحسبه ويدخل المؤمن الجنة والكافر النار، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ} لمن قبلكم من الأمم في {الْأَرْضِ} لأنكم آخر الأمم ورسولكم خاتم الرسل {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ} في المال والجاه والعقل والخلق والقوة والفضل والولد والرزق والشرف {دَرَجاتٍ} كثيرة وجعل بينكم تفاوتا عظيما كما بين العالم والجاهل والحسن والقبيح والشريف والوضيع والغني والفقير والمريض والصحيح، وهو قادر على أن يجعلكم متساوين في ذلك كله، ولكن فعل ما فعل بمقتضى الحكمة {لِيَبْلُوَكُمْ} يختبركم ويمتحنكم {فِي ما آتاكُمْ} من ذلك وليظهر للناس هل يصرفونه في طرق الخير شكرا لنعمته أو تضيعونه في الشر كفرا لربوبيته ليطلعوا على مناقبكم ومثالبكم حتى يصفوكم بالمزايا أو الرذائل، وإلا فاللّه تعالى عالم بكم وبما وقع منكم ولكن ليعلم الناس من منكم يحمد على الطاعة ويذم على المعصية، ومن يصرف نعم اللّه لما خلقت له ومن يضعها بغير موضعها فيكون الثواب والعقاب من اللّه على حسب أعمالكم ونياتكم في كل ما خولكم به، لأن اللّه لا يعجزه أن يجعلكم سواسية في الرزق وغيره ولا ينقص من جوده مثقال ذرة وإنما لم يفعل لما تقدم من الأسباب وليعرف الناس الصابر منكم من الجازع والشاكر من الكافر {إِنَّ رَبَّكَ} يا محمد {سَرِيعُ الْعِقابِ} لأعدائه في الدنيا والآخرة إذا أراد، وان ما ترونه من الإمهال فهو لحكمة قدرها في الأزل وان مقدوراته تعالى لا تغير عن أوقاتها ولا تبدل بغيرها {وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ} لذنوب أوليائه وأهل طاعته الشاكرين نعمه {رَحِيمٌ 165} بعباده أجمع، قال ابن عباس لما نزلت هذه السورة جملة (عدا الآيات المدنيات) ليلا بمكة وحولها سبعون ألف ملك قد سدوا ما بين الخافقين لهم زجيل بالتسبيح والتحميد، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم وخر ساجدا، قال البغوي: وروي عنه مرفوعا من قرأ سورة الأنعام صلى عليه أولئك السبعون ألف ملك ليله ونهاره.
وتسمى هذه السورة المشيعة وهكذا كل سورة وآية نزل معها ملائكة غير جبريل والحفظة الأربعة الذين ينزلون معه عند نزول كل آية وسورة شاهدين وحافظين كسورة يس وآية الكرسي وآية: {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا} الآية 45 من سورة الزخرف الآتية، وما لم ينزل معها إلا جبريل والحفظة تسمى المفردة، وقد ختمت سورتا المزمل والأحزاب بما ختمت به هذه السورة فقط، هذا واللّه أعلم وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلى اللّه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة الأنعام مكية.
{يعدلون} تام.
{قضى أجلا} حسن وقال أبو عمرو كاف وهذا الأجل أجل الحياة والأجل في قوله: {وأجل مسمى عنده} أجل ما بين الموت والبعث.
{تمترون} حسن وقال أبو عمرو تام.
{وفي الأرض} حسن.
{وجهركم} جائز.
{تكسبون} وقال أبو عمرو تام.
{معرضين} كاف.
{يستهزؤن} تام.
{بذنوبهم} صالح وقال أبو عمرو كاف.
{آخرين} حسن وكذا {سحر مبين} وقال أبو عمرو فيهما تام.
{عليه ملك} صالح.
{لا ينتظرون} تام وكذا {يلبسون} و{يستهزؤن} و{المكذبين}.
{قل الله} كاف وكذا {الرحمة} {لا ريب فيه} تام.
{لا يؤمنون} حسن وقال أبو عمرو تام.
{والنهار} كاف.
{العليم} {ولا يطعم} كاف.
{من أسلم} صالح وقال أبو عمرو كاف.
{من المشركين} حسن وكذا {عظيم} وقال أبو عمرو فيهما وفي بقية رؤس الآي الآتية تام.
{فقد رحمه} كاف وكذا {المبين}.
{إلا هو} صالح.
{قدير} حسن.
{فوق عباده} صالح.
{الخبير} حسن.
{أكبر شهادة} مفهوم وقال أبو عمرو كاف.
{بيني وبينكم} كاف.
{ومن بلغ} حسن وكذا {قل لا أشهد} وقال أبو عمرو فيهما كاف.
{مما تشركون} تام.
{أبنائهم} حسن وقال أبو عمرو كاف.
{لا يؤمنون} تام.
{بآياته} كاف.
{الظالمون} حسن.
{تزعمون} كاف.