فصل: فصل في معاني السورة كاملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة الأنعام:
الحمد: هو الثناء الحسن والذكر الجميل، والظلمة: الحال التي يكون عليها كل مكان لا نور فيه، والنور قسمان: حسى وهو ما يدرك بالبصر، ومعنوى عقلى يدرك بالبصيرة، والجعل: هو الإنشاء والإبداع كالخلق، إلا أن الجعل مختص بالإنشاء التكويني كما في هذه الآية، والتشريعي كما في قوله: {ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ} الآية، والخلق عام.
ولم يذكر النور في القرآن إلا مفردا والظلمة إلا جمعا، لأن النور واحد وإن تعددت مصادره، والظلمة تحدث مما يحجب النور من الأجسام غير النيرة وهى كثيرة وكذلك النور المعنوي شيء واحد، والظلمات متعددة فالحق واحد لا يتعدد والباطل الذي يقابله كثير، والهوى واحد والضلال المقابل له كثير، فالتوحيد يقابله التعطيل، والشرك في الألوهية بأنواعه والشرك في الربوبية بضروبه المختلفة.
وقدمت الظلمات في الذكر على النور لأن جنسها مقدم في الوجود فقد وجدت مادة الكون وكانت دخانا مظلما أو سديما كما يقول علماء الفلك، ثم تكونت الشموس بما حدث فيها من الاشتعال لشدة الحركة، وإلى هذا يشير حديث عبد اللّه بن عمرو عند أحمد والترمذي: «إن اللّه خلق الخلق في ظلمة، ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه نوره اهتدى، ومن أخطأه ضل».
وكذلك الظلمات المعنوية أسبق وجودا، فإن نور العلم والهداية كسبى في البشر، وغير الكسبي منه كالوحى، فتلقيه كسبى، وفهمه والعمل به كسبيان أيضا، وظلمات الجهل والأهواء سابقة على هذا النور {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
و{يعدلون} أي يعدلون به غيره، أي يجعلون عديلا مساويا له في العبادة والدعوة لكشف الضر وجلب النفع، فهو بمعنى يشركون به ويتخذون له أندادا، والأجل هو المدة المضروبة للشيء أي المقدار المحدود من الزمان وقضاء الأجل: تارة يطلق على الحكم به، وضربه للشيء كما قضى شعيب عليه السلام أجلا لخدمة موسى له ثمانى سنوات وأجلا اختيار يا سنتين، ويطلق أخرى على القيام بالشيء وفعله كما قال: {فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ} الآية، و{تمترون} أي تشكّون في البعث.
الآيات هنا: آيات القرآن المرشدة إلى آيات الأكوان والمثبتة لنبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم، والإعراض: التولي عن الشيء، والحق: هو دين اللّه الذي جاءهم به خاتم رسله من عقائد وعبادات ومعاملات وآداب، والأنباء: ما في القرآن من وعد بنصر اللّه لرسله وإظهار لدينه. ووعيد لأعدائه بخذلانهم في الدنيا وعذابهم في الآخرة، والقرن من الناس: القوم المقترنون في زمن واحد وجمعه قرون، وقد جاء في القرآن مفردا وجمعا.
ومكنه في الأرض أو في الشيء: جعله متمكنا من التصرف فيه، ومكن له: أعطاه أسباب التمكن في الأرض كقوله: {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ} وقوله: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا} والسماء: المطر والمدرار: الغزير.
الكتاب: الصحيفة المكتوبة ومجموعه الصحف في غرض واحد، والقرطاس (مثلث القاف) الورق الذي يكتب فيه، واللمس كالمس: إدراك الشيء بظاهر البشر وقد يستعمل بمعنى طلب الشيء والبحث عنه، ويقال لمسه والتمسه وتلمسه، ومنه: {أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ} و{سحر}: أي خداع وتمويه يرى ما لا حقيقة له في صورة الحقائق، {لقضي الأمر} أي لتم أمر هلاكهم، {لا ينظرون} أي لا يمهلون، اللبس: الستر والتغطية.
يقال لبس الثوب يلبسه (بكسر الباء في الأول وفتحها في الثاني) ولبس الحق بالباطل يلبسه (بفتح الباء في الأول وكسرها في الثاني) بمعنى ستره به، أي جعله مكانه ليظن أنه الحق، ولبست عليه أمره أي جعلته بحيث يلتبس عليه فلا يعرفه.
الهزؤ: (بضمتين أو ضم فسكون) والاستهزاء: السخرية. والاستهزاء بالشخص:
احتقاره وعدم الاهتمام بأمره، وحاق به المكروه يحيق حيقا: أحاط به فلم يكن له منه مخلص.
{كتب على نفسه}: أي أوجب إيجاب فضل وكرم، {سكن}: من السكون ضد الحركة، وفيه اكتفاء بما ذكر عما يقابله أي له ما سكن وما تحرك كما جاء في قوله تعالى: {سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أي والبرد، والولي: الناصر، ومتولى الأمر: المتصرف فيه، {فاطر السموات والأرض} أي مبدعهما على غير مثال سابق، وأصل الفطر: الشّق ومنه: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ} {وهو يطعم ولا يطعم} أي هو الرازق لغيره ولا يرزقه أحد، {يصرف عنه} أي يبعد عنه، {رحمه} أي بإنجائه من الهول الأكبر، المس: أعم من اللمس فيقال مسه السوء والكبر والعذاب والتعب أي أصابه، والضر: الألم والحزن والخوف وما يفضى إليها أو إلى أحدها، والنفع اللذة والسرور وما يفضى إليهما أو إلى أحدهما، والخير: ما كان فيه منفعة حاضرة أو مستقبلة، والشر: ما لا منفعة فيه البتة أو ما كان ضره أكبر من نفعه، قال تعالى: {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} والقهر: الغلبة والإذلال، وشهادة الشيء: حضوره ومشاهدته، والشهادة به: الإخبار به عن علم ومعرفة واعتقاد مبنى على المشاهدة بالبصر أو بالعقل والوجدان، والإنذار: التخويف، واكتفى به عن ذكر البشارة لمناسبته للمقام أي لأنذركم به يا أهل مكة وسائر من بلغه القرآن ووصل إليه من الأسود والأحمر، أو لأنذركم به أيها الموجودون ومن سيوجد إلى يوم القيامة، {مما تشركون} أي من الأصنام.
الأكنة واحدها كنان كأسنة وسنان: وهو الغطاء، والوقر (بِالْفَتْحِ) الثقل في السمع، والآية: العلامة الدالة على صدق الرسول، يجادلونك: يخاصمونك وينازعونك، والأساطير واحدها إسطارة وأسطورة: وهى الخرافات والترهات، والنأى عنه: يشمل الإعراض عن سماعه، والإعراض عن هدايته.
يقال وقف الرجل على الأرض وقوفا، ووقف على الشيء: عرفه وتبينه، ووقف نفسه على كذا وقفا حبسها كوقف العقار على الفقراء.
الساعة في اللغة: الزمن القصير المعين، ثم أطلق على الوقت الذي ينقضى به أجل هذه الحياة ويخرب العالم وما يتبع ذلك من البعث والحساب، سمى بذلك لسرعة الحساب فيه كأنه ساعة، وبغتة: فجأة، يقال بغته إذا هجم عليه من غير شعور، والحسرة الغم على ما فات والندم عليه كأنّ المتحسر قد انحسر وانكشف عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكب، والتفريط: التقصير ممن قدر على الجد والتشمير، من الفرط وهو السبق ومنه الفارط والفرط وهو الذي يسبق المسافرين لإعداد الماء لهم، والأوزار جمع وزر (بالكسر) وهو الحمل الثقيل، ووزره (بزنة وعده) حمله على ظهره ثم أطلق في الدين على الإثم والذنب كأنه لثقله على صاحبه كالحمل الذي يثقل الظهر، واللعب:
الفعل الذي لا يقصد به فاعله مقصدا صحيحا من تحصيل منفعة أو دفع مضرة كأفعال الصبيان التي يتلذذون بها، واللهو: ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه، وقد يسمى كل ما به استمتاع لهوا، ويقال لهوت بالشيء ألهو به لهوا وتلهيت به إذا تشاغلت وغفلت به عن غيره.
الحزن: ألم يحلّ بالنفس عند فقد محبوب، أو امتناع مرغوب، أو حدوث مكروه ولا سبيل لعلاجه إلا التسلي والتأسى كما قالت الخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولى ** على إخوانهم لقتلت نفسى

وما يبكون مثل أخى ولكن ** أسلّى النفس عنه بالتأسى

وكذّبه: رماه بالكذب، والجحود والجحد: نفى ما في القلب إثباته أو إثبات ما في القلب نفيه، ويقال جحده حقه وبحقه، وكلمات اللّه: هي وعده ووعيده، ومن ذلك وعده للرسل بالنصر ووعيده لأعدائهم بالغلب والخذلان كقوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} وقوله: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ} والنبأ: الخبر ذو الشأن العظيم، وكبر على فلان الأمر أي عظم عنده وشق عليه وقعه، والإعراض: التولي والانصراف عن الشيء رغبة عنه أو احتقارا له، واستطعت الشيء: صار في طوعك منقادا لك باستيفاء الأسباب التي تمكنك من فعله، والابتغاء: طلب ما في طلبه كلفة ومشقة من البغي وهو تجاوز الحد.
ويكون في الخير كابتغاء رضوان اللّه وهو غاية الكمال، وفى الشر كابتغاء الفتنة وهو غاية الضلال، والنفق: السرب في الأرض، وهو حفرة نافذة لها مدخل ومخرج، والسلم: المرقاة من السلامة، لأنه الذي يسلمك إلى مصعدك، وتذكيره أفصح من تأنيثه، والآية: المعجزة، والجهل هنا: ضد العلم، وليس كل جهل عيبا، لأن المخلوق لا يحيط بكل شيء علما، وإنما يذم الإنسان بجهل ما يجب عليه علمه، ثم بجهل ما ينبغى له ويعدّ كمالا في حقه إذا لم يكن معذورا في جهله.
أجاب الدعوة: إذا أتى مادعى إليه من قول أو عمل، وأجاب الداعي واستجاب له واستجاب دعاءه: إذا لبّاه وقام بما دعاه إليه.
والقرآن الكريم استعمل أفعال الإجابة في المواضع التي تدل على حصول المسئول.
كله بالفعل دفعة واحدة، واستعمل أفعال الاستجابة في المواضع المفيدة لحصول المسئول بالتهيؤ والاستعداد كقوله: {الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ} إذ الآية نزلت في وقعة حمراء الأسد بعد وقعة أحد فالمرد أنهم تهيئوا للقتال، أو المفيدة للدلالة على حدوث الفعل بالتدريج كاستجابة دعوة الدين التي تبدأ بالنطق بالشهادتين ثم بباقي أعماله بالتدريج.
والاستجابة من اللّه يعبر بها في الأمور التي تقع في المستقبل ويكون من شأنها أن تقع بالتدريج كاستجابة الدعاء بالوقاية من النار بالمغفرة وتكفير السيئات وإيتاء ما وعد به المؤمنين في الآخرة كما قال: {فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ} الآية.
والسمع والسماع: يطلق على إدراك الصوت، وعلى فهم ما يسمع من الكلام وهو ثمرة السمع، وعلى قبول ما يفهم والعمل به وهذا ثمرة الثمرة، والمراد بالموتى هنا:
الكفار الراسخون في الكفر المطبوع على قلوبهم الميئوس من سماعهم سماع تدبر تتبعه الاستجابة للداعى. والبعث: لغة إنارة الشيء وتوجيهه يقال بعثت البعير أي أثرته من مبركه وسيّرته إلى المرعى ونحوه، ولولا: كلمة تفيد الحث على حصول ما بعدها، والآية لمعجزة المخالفة لسنن اللّه في خلقه.
الدابة: كل ما يدب على الأرض من الحيوان، والدبّ والذبيب المشي الخفيف والطائر: كل ذى جناح يسبح في الهواء وجمعه طير كراكب وركب، والأمم واحدها أمة: وهى كل جماعة يجمعهم أمر كدين واحد أو زمان واحد أو مكان واحد أو صفات وأفعال واحدة، والتفريط في الأمر التقصير فيه وتضييعه حتى يفوت، يقال فرّطه وفرّط فيه، والكتاب هنا: هو اللوح المحفوظ. وقيل القرآن، والحشر: الجمع والسّوق.
{أرأيتكم} أي أخبرونى، وهو أسلوب يذكر للتعجيب والتنبيه إلى أن ما يذكر بعده غريب عجيب تقوم به الحجة على المخالف، {يكشف} أي يزيل ما تدعونه إلى كشفه إن شاء، والبأساء: تطلق على الحرب والمشقة، والبأس: الشدة في الحرب، والعذاب الشديد، والقوة، والشجاعة، والضراء من الضر ضد النفع، والتضرع: إظهار الضراعة والخضوع بتكلف، والأخذ بالبأساء والضراء: إنزالهما بهم، {مبلسون} أي متحسرون يائسون من النجاة، {دابر القوم}: آخرهم الذي يكون في أدبارهم، وقطع دابرهم أي هلكوا واستأصلوا بالعذاب ولم يبق منهم أحد.
{نصرف الآيات} أي نكررها على وجوه مختلفة، ومنه تصريف الرياح، ويصدفون: يعرضون عن ذلك. والمس: اللمس باليد، ويطلق على ما يصيب المدرك مما يسوءه غالبا من ضر وشر وكبر ونصب وعذاب.
الخزائن واحدها خزينة أو خزانة: وهى ما يخزن فيها الشيء الذي يراد حفظه ومنع التصرف فيه: {وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} والغيب: ما غيّب علمه عن الناس بعدم تمكينهم من أسباب العلم به، وهو قسمان:
(1) غيب حقيقى: وهو ما غاب عن جميع الخلق حتى الملائكة وهو المعنىّ بقوله عز اسمه: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}.
(2) غيب إضافى: وهو ما غاب علمه عن بعض المخلوقين دون بعض كالذى يعلمه الملائكة من أمر عالمهم وغيره ولا يعلمه البشر.
أما ما يعلمه بعض البشر بتمكينهم من أسبابه واستعمالهم لها ولا يعلمه غيرهم لجهلهم بتلك الأسباب أو عجزهم عن استعمالها فليس بداخل في عموم الغيب الوارد في كتاب اللّه.
وهذه الأسباب ضروب:
(1) ما هو علمى كالدلائل العقلية والعلمية، فعلماء الرياضة يستخرجون من دقائق المجهولات ما يعجز عنه أكثر الناس ويضبطون ما يقع من الخسوف والكسوف بالدقائق والثواني قبل وقوعه بألوف الأعوام.
(2) ما هو عملى كالبرق الأثيرى (التلغراف اللاسلكى) الذي يعلم به المرء ما يقع في أقاصى البلاد من وراء البحار وبينه وبينها ألوف الأميال.
(3) ما هو إدراكات نفسية خفية تصل إلى مرتبة العلم كالفراسة والإلهام، وأكثر هذا النوع هواجس تلوح للنفس ولا يجزم بها الإنسان إلا بعد وقوعها. والأعمى والبصير: هنا الضال والمهتدى، والإنذار: العظة والتخويف، الطرد: الإبعاد، والغداة والغدوة كالبكرة: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والعشى: آخر النهار أو من المغرب إلى العشاء: و{حسابهم}: أي حساب إيمانهم وأعمالهم الباطلة. و{فتنا}: أي ابتلينا واختبرنا: و{من بيننا}: أي من دوننا.
{منّ اللّه عليهم}: أي أنعم عليهم بنعم كثيرة.