فصل: فصل في معاني السورة كاملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة التكوير:
تكوير الشمس: لفها كتكوير العمامة والمراد منه اختفاؤها عن الأعين وذهاب ضوئها، وانكدار النجوم: انتثارها وتساقطها حتى تذهب ويمحى ضوؤها، وتسيير الجبال يكون حين الرجفة التي تزلزل الأرض، فتقطّع أوصالها وتفصل منها أجبالها، وتقذفها في الفضاء و{العشار}: واحدها عشراء (بضم العين وفتح الشين) وهى الناقة التي مضى على حملها عشرة أشهر، وهى أكرم مال لدى المخاطبين وقت التنزيل، قال الأعشى في المدح:
هو الواهب المائة المصطفا ** ة إما مخاضا وإما عشارا

وتعطيلها: إهمالها وذهابها حيث تشاء، لعظم الهول وشدة الكرب، {حشرت}: أي ماتت وهلكت، وتسجير البحار: تفجير الزلزال ما بينها حتى تختلط وتعود بحرا واحدا، {زوجت}: أي قرنت الأرواح بأجسادها، {الموءودة}: هي التي دفنت وهى صغيرة، وقد كان ذلك عادة فاشية فيهم في الجاهلية، وكان ذوو الشرف منهم يمنعون من هذا حتى افتخر بذلك الفرزدق فقال:
ومنا الذي منع الوائدات ** وأحيا الوئيد فلم توءد

يريد جدّه صعصعة، وكان يشتريهن من آبائهن، فجاء الإسلام وقد أحيا سبعين موءودة، والمراد بالصحف صحف الأعمال التي تنشر على العباد حين يقفون للحساب، {كشطت}: أي كشفت وأزيلت عما فوقها كما يكشط جلد الذبيحة عنها، {سعرت}: أي أوقدت إيقادا شديدا، {أزلفت}: أي أدنيت من أهلها وقربت منهم، {ما أحضرت}: أي ما أعدّ لها من خير أو شر.
{الخنس}: واحدها خانس، وهو المنقبض المستخفى يقال خنس فلان بين القوم إذا انقبض واختفى، والكنّس واحدها كانس أو كانسة من قولهم: كنس الظبى إذا دخل كناسه وهو بيته الذي يتخذه من أغصان الشجر والمراد بـ: {الخنس} {الجوار الكنس}: جميع الكواكب، وخنوسها: غيبوبتها عن البصر نهارا، وكنوسها: ظهورها للبصر ليلا، فهى تظهر في أفلاكها، كما تظهر الظباء في كنسها.
و{عسعس}: أي أدبر، وتنفس: أسفر وظهر نوره، قال علقمة بن قرط:
حتى إذا الصبح لها تنفّسا ** وانجاب عنها ليلها وعسعسا

والرسول: هو جبريل عليه السلام، و{كريم}: أي عزيز على اللّه، {ذى قوة}: أي في حفظه، {مكين}: أي ذى مكانة وجاه عند ربه يعطيه ما سأله يقال مكن فلان لدى فلان إذا كانت له عنده حظوة ومنزلة، ثمّ (بفتح الثاء) أي هناك، {أمين}: أي على وحيه ورسالاته، {صاحبكم}: هو محمد صلى الله عليه وسلم، {بالأفق المبين}: أي بالأفق الواضح، و{ضنين}: أي بخيل، {رجيم}: أي مرجوم مطرود من رحمة اللّه، {فأين تذهبون}: أي أي مسلك تسلكون وقد قامت عليكم الحجة، {أن يستقيم}: أي على الطريق الواضح. اهـ.. باختصار.

.قال الفراء:

سورة التكوير:
{إِذَا الشَّمْسُ كورت}
قوله عز وجل: {إِذَا الشَّمْسُ كورت...} ذهب ضوءُها.
{وَإِذَا النُّجُومُ انكدرت}
وقوله تبارك وتعالى: {وَإِذَا النُّجُومُ انكدرت...}.
أى: انتثرت وقعت على وجه الأرض.
{وَإِذَا الْعِشَارُ عطلت}
وقوله جل وعز: {وَإِذَا الْعِشَارُ عطلت...}.
والعشار: لُقُح الإبل عطلها أهلها لاشتغالهم بأنفسهم.
{وَإِذَا الوحوش حشرت} وقوله عز وجل: {وَإِذَا الوحوش حشرت...}.
حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: حدثنى أبو الأحوص سلام إبن سليم عن سعيد بن مسروق عن عكرمة قال: حشرها: موتها.
{وَإِذَا الْبِحَارُ سجرت}
وقوله عز وجل: {وَإِذَا الْبِحَارُ سجرت...}.
أفضى بعضها إلى بعض فصارت بحرا واحدا.
{وَإِذَا النُّفُوسُ زوجت وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَىِّ ذَنبٍ قتلت}
وقوله عز وجل: {وَإِذَا النُّفُوسُ زوجت...}.
حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: حدثنى أبو الأحوص سلام ابن سليم عن سعيد بن مسروق أبى سفيان عن عكرمة في قوله: {وَإِذَا النُّفُوسُ زوجت} قال: يقرن الرجل بقرينه الصالح في الدنيا في الجنة، ويقرن الرجل الذي كان يعمل العمل السيئ بصاحبه الذي كان يعينه على ذلك في النار، فذلك تزويج الأنفس.
قال الفراء: وسمعت بعض العرب يقول: زوجت إبلى، ونهى الله أن يقرن بين اثنين، وذلك أن يقرن البعير بالبعير فيعتلفان معا، ويرحلان معا.
حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: حدثنى حِبَّان عن الكلبى عن أبى صالح عن أبيه عن ابن عباس، وحدثنى على بن غراب عن ابن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس أنه قرأ: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ... بِأَىِّ ذَنبٍ قتلت...} وقال: هي التي تسأل ولا تسأل.
وقد يجوز أن يَقرأ: {بِأىِّ ذَنبٍ قتلت}، والمعنى: بأى ذنب قتلت. كما تقول في الكلام: عبد الله بأى ذنب ضرِبَ، وبأى ذنب ضُرِبْتُ. وقد مرّ له نظائر من الحكاية، من ذلك قول عنترة:
الشاتِمى عِرضى ولم أشتمها ** والناذرين إذا لقيتهما دمى

والمعنى: أنهما كانا يقولان: إذا لقينا عنترة لنقتلنه. فجرى الكلام في شعره على هذا المعنى واللفظ مختلف، وكذلك قوله:
رَجْلان من ضَبة أخبرانا ** إنا رأينا رجلا عريانا

والمعنى: أخبرانا أنهما، ولكنه جرى على مذهب القول، كما يقول: قال عبد الله: إنه إنه لذاهب وإنى ذاهب، والذهاب له في الوجهين جميعا.
ومن قرأ: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ...} ففيه وجهان: سئلتْ: فقيل لها: {بِأَىِّ ذَنب قتلت...} ثم يجوز قتلت. كما جاز في المسألة الأولى، ويكون سئلت: سئل عنها الذين وأدُوها. كأنك قلت: طلبتْ منهم، فقيل: أين أولادُكم؟ وبأى ذنب قتلتموهم؟ وكل الوجوه حسنٌ بيّنٌ إِلاَّ أن الأكثر {سُئلتْ} فهو أحبُّها إلىّ.
{وَإِذَا الصحف نشرت}
وقوله عز وجل: {وَإِذَا الصحف نشرت...}.
شدّدها يحيى بن وثاب، وأصحابه، وخففها آخرون من أهل المدينة وغيرهم. وكلٌّ صواب، قال الله جل وعز: {صُحُفاً مُّنَشَّرَةً}، فهذا شاهد لمن شدّد، ومنشورة عربي، والتشديد فيه والتخفيف لكثرته، وأنه جمع؛ كما تقول: مررت بكباش مذبّحة، ومذبوحةٍ، فإذا كان واحدا لم يجز إلا التخفيف، كما تقول: رجل مقتول، ولا تقول: مُقَتَّل.
{وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ}
وقوله جل وعز: {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ...}.
نُزعت وطويت، وفى قراءة عبد الله: {قشطت} بالقاف، وهما لغتان، والعرب تقول: القافور والكافور، والقَفُّ والكَفُّ- إذا تقارب الحرفان في المخرج تعاقبا في اللغات: كما يقال: جدف، وجدث، تعاقبت الفاء الثاء في كثير من الكلام، كما قيل: الأثافى والأثائى، وثوب فُرْقبى وثُرقبى، ووقعوا في عاثورِ شَرّ، وعافور شر.
{وَإِذَا الجحيم سعرت}
وقوله عز وجل: {وَإِذَا الجحيم سعرت...}.
خففها الأعمش وأصحابه، وشددها الآخرون.
{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ}
وقوله تبارك وتعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ...}.
جواب لقوله: {إِذَا الشَّمْسُ كورت} ولما بعدها، {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ} قربت.
{فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ}
وقوله عز وجل: {فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ...}.
وهى النجوم الخمسة تَخنُس في مجراها، ثم ترجع وتكنِس: تستتر كما تكنس الظباء في المغار، وهو الكِناسُ. والخمسة: بَهرام، وزُحَل، وعُطارد، والزُّهَرة، والمشترى.
وقال الكلبى: البِرْجيس: يعنى المشترى.
{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}
وقوله عز وجل: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ...}.
اجتمع المفسرون: على أن معنى {عسعس}: أدبر: وكان بعض أصحابنا يزعم أن {عسعس}: دنا من أوله وأظلم، وكان أبو البلاد النحوى ينشد فيه:
عَسْعَسَ حتى لو يشاءُ ادّنا ** كان له من ضوئهِ مَقْبسُ

يريد: إذ دنا، ثم يلقى همزة إذ، ويُدغم الذال في الدال، وكانوا يرون أن هذا البيت مصنوع.
{وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}
وقوله: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ...}.
إذا ارتفع النهار، فهو تنفس الصبح.
{إِنَّهُ لَقول رَسُولٍ كَرِيمٍ}
وقوله عز وجل: {إِنَّهُ لَقول رَسُولٍ كَريمٍ...}.
يعنى: جبريل صلى الله عليه، وعلى جميع الأنبياء.
{وَمَا هُوَ على الغيب بضنين}
وقوله: {وَمَا هُوَ على الغيب بضنين...}.
حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: حدثنى قيس بن الربيع عن عاصم ابن أبى النجود عن زر بن حبيش قال: أنتم تقرءون: {بضنين} ببخيل، ونحن نقرأ {بظنين} بِمتَّهم. وقرأ عاصم وأهل الحجاز وزيد بن ثابت {بضنين} وهو حسن، يقول: يأتيه غيب السماء، وهو منفوس فيه فلا يضن به عنكم، فلو كان مكان: على- عن- صلح أو الباء كما تقول: ما هو بضنين بالغيب. والذين قالوا: بظنين. احتجوا بأن على تقوّى قولهم، كما تقول: ما أنت على فلان بمتهم، وتقول: ما هو على الغيب بظنين: بضعيف، يقول: هو محتمل له، والعرب تقول للرجل الضعيف أو الشيء القليل: هو ظنون. سمعت بعض قضاعة يقول: ربما دلّك على الرأى الظنون، يريد: الضعيف من الرجال، فإن يكن معنى ظنين: ضعيفاً، فهو كما قيل: ماءٌ شريب، وشروب، وقرونى، وقرينى، وسمعت: قرونى وقرينى، وقرُونتى وقرينتى- إلا أنّ الوجه ألاّ تدخِل الهاء. وناقة طعوم وطعيم، وهى التي بين الغثّة والسمينة.
{فَأيْنَ تَذْهَبُونَ}
وقوله عز وجل: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ...}.
العرب تقول: إلى أينَ تذهب؟ وأينَ تذهب؟ ويقولون: ذهبت الشامَ، وذهبت السوق، وانطلقت الشام، وانطلقت السوق، وخرجت الشام- سمعناه في هذه الأحرف الثلاثة: خرجت، وانطلقت، وذهبت.
وقال الكسائى: سمعت العرب تقول: انطُلِقَ به الفورَ، فتنصب على معنى إلقاء الصفة، وأنشدنى بعض بنى عُقَيل.
تَصيحُ بنا حَنيفةُ إذ رأتنا ** وأىّ الأرض تذهبُ للصِّياح

يريد: إلى أي الأرض تذهب واستجازوا في هؤلاء الأحرف إلقاءَ (إلى) لكثرة استعمالهم إياها. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة التكوير:
التكوير: التلفيف على جهة الاستدارة، من كور العمامة. أي: طويت الشمس.
{انكدرت} [2] انقضت.
{وإذا العشار} [4] جمع العشراء، وهي الناقة أتت من لقاحها عشرة أشهر، وهي أعز أموالهم، قال:
فإن تنكحوني بنت هند فإنني ** سأمنحها ألفي مشوف على الصدر

وأنحر من كوم العشار قلائصاً ** تفري المدى منها الملوى من النحر.

{عطلت} [4] أهملت.
{سجرت} [6] ملئت ناراً.
{زوجت} [7] ضم الشكل إلى شكله.
قال عمر رضي الله عنه: (الفاجر مع الفاجر، والصالح مع الصالح).
وقيل: قرنت بجزائها وأعمالها.
{وإذا الموءودة} [8] المثقلة بالتراب.
قال قتادة: كان أحدهم يقتل بنته، ويغذو كلبه، فأبى الله ذلك عليهم.
{كشطت} [11] الكشط: النزع عن شدة التزاق.
{علمت نفس ما أحضرت} [14] أي: عملت من خير وشر.
{فلا أقسم بالخنس} [15] الخمسة السيارة، لأنها تخنس في سيرها وتتردد في مواضعها، وربما وقفت مدة، أو رجعت القهقرى. ومعنى رجوعها: مسيرها إلى خلاف التوالي في أسافل التدوير، فترى متحركة إلى خلاف التدوير. ومعنى وقوفها: إبطاؤها في حالتي الاستقامة والرجوع حتى يبلغ حد الوقوف على الحركة بالرؤية شكاً في ما يرى من مسير جرمها على محيط التدوير إلى خلاف التوالي، ومسير مركز التدوير إلى التوالي.
{الجواري الكنس} [16] ويستتر العلوي منها بالسفلي عند القرآنات، كما تستتر الظباء في كنايسها، كما قال أوس:
ألم تر أن الله أنزل مزنة ** وعفر الظباء في الكناس تقمع

لفظ (الكنس) تضمنت أبواباً عظيمة من علم التنجيم. منها: باب الاجتماع، وباب الكسوف، وباب القرآنات، وباب اختلاف المناظر، وباب مقادير الأقطار في المناظر، وباب دقائق السقوط والمكث،
وباب الانحرافات، وباب الحال المسماة طرف الليل، وباب الاحتراق، وباب التصميم، وباب تحت الشعاع، إلى غير ذلك مع كثرة الفصاحة، وحسن الموازنة بين {الخنس} و{الكنس}.
{والليل إذا عسعس} [17] أظلم وأدبر، من الأضداد.
قال الراجز:
حتى إذا ما ليلهن عسعسا

ركبن من حد الظلام حندسا

وقال:
حتى إذا الصبح لها تنفسا

وانجاب عنها ليلها وعسعسا

{وما هو على الغيب بظنين} [24] بمتهم، كما قال الشماخ:
كلا يومي طوالة وصل أروى ** ظنين آن مطرح الظنين

وما أروى ولو كرمت علينا ** بأدنى من موقفة حرون

وقيل: معناه ليس بضعيف، كما قال الرياحي:
وإن علالتي وجراء حول لذو ** شق على الضرع الظنين

عذرت البزل إن هي صاولتني ** فما بالي وبال ابني لبون

تمت سورة التكوير. اهـ.